لا شك أن دول العالم اتخذت موقف العداء من ثورة الشام المباركة منذ انطلاقتها، وأخذت تمكر بها؛ فتحيك لها المؤامرات، وتنصب لها الفخاخ، بعد أن توازعت الأدوار فيما بينها فصارت فريقين، اختلفا في الشكل واتفقا في المضمون؛ أحدهما يقف مع طاغية الشام ويسانده؛ والآخر يدّعي وقوفه مع الثورة ويدّعي صداقتها؛ وذلك بُغية احتوائها وتكبيلها، وجعلها تسير في مسار إجباري نحو مصيرٍ مظلمٍ، (مسار الحل السياسي الأمريكي)، وهذا كله معلوم وغير مستغرب؛ فالصراع مازال قائما بين الحق والباطل؛ وسياسة المكر لا زالت متبعة ضد أهل الحق، (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ). وقد كان خطر من ادّعى صداقة أهل الشام أعظم بكثير من خطر من وقف ضدهم، فقد استطاع إدخال بعض قادة الفصائل في نوم عميق بأساليبه المختلفة، وجعلهم يعيشون في أحلام الانتصار والتحرر بعد أن وضعهم على درب الهدن والمفاوضات؛ وهو يعدهم ويمنيهم بالوقوف معهم ومساندتهم، (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا). فتناسى هؤلاء القادة أن الغرب الكافر لن يعطيهم إلا الأوهام، وأن المفاوضات ما هي إلا حلقة من حلقات المكر والخداع... وهذا حال فلسطين ماثل أمامكم، فماذا أعادت المفاوضات لأهل فلسطين من حقوق؟! وإلى أين أوصلهم طريقها المحفوف بالشهوات؟!
أيها المسلمون في أرض الشام عقر دار الإسلام:
ها هي ثورتكم تدخل عامها السابع؛ وهي للأسف تنتقل من منحدر إلى منحدر، فقد انحرفت الثورة عن ثوابتها، وتخلت عن شعاراتها، وتحول القتال ضد طاغية الشام إلى اقتتال بين الإخوة، حتى أصبح الظالم آمناً، والمظلوم خائفاً، فمتى يستفيق النائمون؟! متى ستوقظهم صرخات الثكالى وأنات المكلومين، فيقطعوا كلّ ارتباط لهم بالداعمين، ويستجيبوا لنداء رب العالمين؟! متى يستيقظون من وهم المفاوضات ليعيشوا حقيقة الثورة؟!
متى ندرك أن نجاح ثورتنا لن يكون إلا بتمسُّكنا بثوابتها والاعتصام بحبل الله وحده وتبنى المشروع المنبثق من عقيدتنا والذي يقدمه إخوانكم في حزب التحرير، الذين يصلون الليل بالنهار لإنقاذ السفينة قبل أن تغرق، ولإقامة الجدار الذي يريد أن ينقضّ... فقد آن لكم أن تتخلوا عمن صنعهم الغرب الكافر قيادة سياسية لكم لتحقيق أهدافه في حرف الثورة والقضاء عليها والمحافظة على نظام الإجرام العميل، لقد آن لكم أن تُوَّسدوا أمر الثورة إلى أهله، وتسلموا قيادتها السياسية إلى الناصحين الأمناء، حتى يضعوا الأمور في نصابها، ويعيدوا بوصلة الثورة إلى اتجاهها السليم، اتجاه العمل المباشر لإسقاط النظام وإقامة الخلافة الراشدة الثانية، خلافة العدل على منهاج النبوة كما بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا والله هو العزّ في الدنيا، والفلاح في الآخرة.. ولمثل هذا فليعمل العاملون.
(وَاللهُ غَالِبٌ على أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُوْن).
التاريخ الهجري 15 جمادى الآخر 1438م
التاريخ الميلادي 1317م
رقم الإصدار: 1338هـ
المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
التسجيل المرئي: