في مقال نُشر في 21/4/2013م في جريدة الشرق الأوسط اللندنية بعنوان "قطط سوداء في الثورة السورية"، كتب الأستاذ فايز سارة: ((..وكان الأخطر في هذا التحول تزايد نفوذ جماعات الإسلام السياسي، التي كان حضورها محدوداً أو غير مرئي قبل الثورة، مثل ...حزب التحرير الإسلامي... ولا شك أن إطلاق وتصاعد العنف بالترافق مع صعود التطرف الديني والمذهبي، يمثلان تعبيراً واضحاً عن تدهور فكري وسياسي في مستوى المجتمع من جهة، وفي مستوى النخبة، وخاصة النخبة السياسية.)) ثم يقول: ((وهو ما ترافق مع صعود شعارات ذات طابع ديني، وهي بالضرورة شعارات فئوية لا تنسجم مع الروح العامة لشعارات الثورة، ولعل الأبرز في تلك الشعارات شعار الدولة الإسلامية، ومثله شعار استعادة دولة الخلافة، وكلاهما لا يتصل بديانة السوريين المعروفة بانفتاحها وتسامحها بقدر ما يتصل بالعمل على أسلمة الدولة، وهو أمر لم يخرج إلى سطح الحركة الفكرية للمجتمع السوري منذ تأسيس الدولة السورية أواسط ثلاثينات القرن الماضي، ولم يتعدَّ في أي مرحلة سابقة أحاديث نخبة محدودة من إسلاميي ... التحريريين.)).
إن المتابع لكلام العلمانيين أمثال الأستاذ سارة ولمقالاتهم وللقاءاتهم التلفزيونية، يدرك تمام الإدراك إفلاسهم الفكري وفراغهم السياسي، فعلاوة على أنهم لايمتلكون أي مشروع سياسي لسوريا المستقبل، ولا يحملون أية رؤية لكيفية حكم بلد تتنوع فيها الأعراق والاتجاهات وتختلف المشارب والمذاهب، فإنهم يمعنون بالتضليل ما أوتوا لذلك من قوة. ولانريد هنا أن نسأل: من أنت؟ ومن أين أتيت؟ وأين كنت يا أستاذ سارة لما كنا لانعتقل لسنتين فقط ونعود لبيوتنا، وإنما يعتقل شبابنا ولا يعودون! ولولا أن الجزيرة والعربية وماتبعهما من أدوات وأبواق الغرب شهرتك وأعطتك "الحق" بالحديث باسم الثورة، لولا ذلك لما عرفك أحد، ولا عرف الترَّهات التي تتحدث بها لتهاجم نظام الإسلام وحملة دعوته على عواهنك دون أن تدرك أن البلد التي تتحدث عنها هي بلد حافظت على أجدادك مئات السنين بالإسلام وبالخلافة، وأن الخلافة التي تسيء لها بوصفك لها بالفكر المتشدد والمتطرف والفئوي هي صاحبة الفضل عليكم أن جعلت منكم رعايا من الدرجة الأولى وليس من الدرجة الثانية كما أنت الآن في فرنسا، وكما عشيرتك الآن في نظام السفاح بشار أسد!
كان أولى بك يا أستاذ سارة أن تصدق مع نفسك ومع أهلك بأن تتحدث عن فضائل الخلافة ونظامها وكم دافعت عنكم على مر العصور والأزمان، حتى الدولة العثمانية وهي في أسوأ حالاتها السياسية صانت أموالكم وأعراضكم، ولعلك مطلع على الحوادث التي هبَّ فيها والي الشام لنجدة النصارى وللحفاظ على أعراضهم ولمنع أي أذى يلحق بهم. ولو كنت أكثر صدقاً لتحدثت كيف أن أوربا أوقعت بكم باسم النصرانية في شراكها فاتخذتكم مطية دون أن تقدم لكم شيئاً ودون أن تعوضكم عن انقلابكم على النظام الإسلامي وتنكركم لعزّ نعمتم وآباؤكم في ظله بشكل لامثيل له.
نؤكد لك ولكل المتنطعين والمتطفلين على ثورة الشام الإسلامية بأنه لن يكون في شام الإسلام إلا نظام وحيد فريد نهضوي متكامل هو نظام الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة إن شاء الله تعالى، هذه الدولة التي ستقوم بإذن الله بمنهاج حزب التحرير وتبنـِّيه ستكون دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة تحقُّ الحقَّ وتقيم العدل وتفتح قلوب أمثالك للدولة إن لم يكن للإسلام. ولو كنت منصفاً أكثر لتركت شيوعيتك الفاشلة وعلمانيتك الفارغة، ولكنت من دعاة الخلافة في سوريا لأنه لن يحمي غير المسلمين فيها إلا هي، ولا أمل بالنهوض والإعمار والتخلص من هيمنة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرهم من دول الغرب الرأسمالي العلماني الفاجر إلا بالخلافة الإسلامية. قال تعالى: { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
12/06/1434هـ
23/04/2013م
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية سوريا
المهندس هشام البابا