press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

slslh291117

أفكار سلبية هدمت الأمة: خوف الفتنة

 

هذه المقولة بدأت تظهر في الأمة بعد موقعة الحرة التي ارتكبتها جيوش يزيد في المدينة المنورة؛ فبدأ بعض العلماء يسكتون عن جور الحكام، ويسكتون عن السلطان المتغلب؛ ويسكتون عن تقطيع وتمزيق أوصال الأمة الإسلامية إلى دويلات بحجة حقن الدماء وخوف الفتنة؛ ثم تكرست هذه المقولة بعد الممارسات التي ارتكبها الحجاج بعد ما يسمى بثورة القراء والتي راح ضحيتها كثير من القراء والعلماء وعلى رأسهم سعيد بن جبير. علما أن الدماء التي أريقت بعد تقطيع أوصال الأمة الإسلامية، ونتيجة السكوت عن جور الحكام وظلمهم، والرضى بالحكام المتغلبين؛ هذه الدماء كانت أكثر بمئات المرات من الدماء التي كانت ستراق لو بذلت ضد حصول ذلك كله، فيما لو قامت الأمة بواجبها والتزمت حكم ربها.

فالفتنة هي في القعود عما أوجبه الله، وفي الرضا بما يخالف شرع الله ، وفي التقصير بواجب الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر وعدم العمل من أجل إزالة المنكر وتغييره بمبررات عقلية وبداعي خوف الفتنة. والله تعالى يقول: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) [التوبة: 49]... وإننا لنعجب من كثير من العلماء كيف مروا على هذه الآية ثم يقولون بعدها لتبرير السكوت على المنكرات،إنما نسكت خوف الفتنة، وخوف إراقة الدماء.

وفعلا كما قال الله تعالى (أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا)؛ ذلك أن أكبر فتنة يسقط فيها العلماء، هي السكوت على المنكر، وعدم السعي لتغييره وعدم اتخاذ إجراءات عملية لإزالة هذا المنكر باليد أو اللسان كما أوجب علينا الله عز وجل.

فكم من عالم مثلا لم يقاتل المجرم مصطفى كمال حين ألغى الخلافة الإسلامية، ولم يستنفر الأمة لقتاله خوف الفتنة، وإراقة الدماء؛ علما أن الدماء التي أريقت بسبب عدم وجود خليفة للمسلمين كانت أضعافا مضاعفة عشرات المرات للدماء التي كان من الممكن أن تراق فيما لو استنهض هؤلاء العلماء همم الأمة ضد مصطفى كمال حين ألغى الخلافة الإسلامية.

وفي ثورة بلاد الشام اليوم تتكرر المأساة ذاتها؛ فهناك مئات المشايخ والعلماء وهم ليسوا من أتباع السلاطين وليسوا عملاء لهم؛ ونيتهم حسنة؛ ولكن طريقة تفكيرهم جعلتهم عملاء غير مأجورين؛ بل عملاء بحسن نية؛ فمن حيث لا يشعرون خدموا نظام الإجرام خدمات جليلة، وخدموا مجانا دول الكفر خدمة تدفع عليها هذه الدول ملايين الدولارات؛ ذلك أن هؤلاء العلماء والمشايخ قاموا اعتمادا على مفهوم خوف الفتنة بما حذر الله منه من التثبيط ومنع الخروج على الحاكم الذي يحكمنا بغير ما أنزل الله، وعملوا فيما بعد على قتل روح الثورة في نفوس الناس وتخذيلهم ومنعهم من العمل للتغيير كما أمر ربنا جل وعلا.

وهناك صنف آخر ممن يدعي العلم رفض أن تعلن الثورة عن تبني مشروع الإسلام و أن ترفع شعارات إسلامية تنبثق من عقيدتنا بذريعة خوف الفتنة وضرورة المحافظة على النسيج الوطني المتعدد للمعارضة حتى تكون مقبولة دوليا. والسبب في تثبيطهم وتعويقهم وعدم قيامهم بما أمرهم الله به من وجوب الأخذ على يد الظالم، بل والوقوف مع الظالم ضد المظلوم؛ نقول السبب في ذلك كله من وجهة نظرهم هو: خوف الفتنة، لينطبق عليهم قول الله تعالى : (أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا).

سقطوا في الفتنة حينما رضوا بأن يسكتوا عن المنكر؛ وسقطوا في الفتنة حينما منعوا الناس من العمل للتغيير، وسقطوا في الفتنة حينما جعلوا سقف تغييرهم ما ترضاه دول الكفر ومنظمات الإجرام الدولية، وسقطوا في الفتنة حينما رضوا أن يكونوا مع القاعدين عن العمل لإقامة الخلافة الإسلامية؛ وسقطوا في الفتنة حينما وقفوا إلى جانب الظالم ضد المظلوم.

وكانت النتيجة الطبيعية أن الدماء التي أراقها نظام الإجرام البعثي في سوريا كانت أضعافا مضاعفة للدماء التي كانت ستراق لقلع النظام فيما لو وقف هؤلاء المشايخ مع الأمة واصطفوا إلى جانبها في سعييها إلى التغيير وإلى العمل على إقامة الخلافة الإسلامية الراشدة على منهاج النبوة التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
أ‌. معاوية عبد الوهاب