press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

842020raya

 

 

في ظل الحديث عن جائحة كورونا يبرز ملف المعتقلين في سجون الطغاة وتكثر المطالبات بالإفراج عنهم على اعتبار أن خطورة تفشي هذا المرض بينهم تفوق خطورتها على من هم خارج المعتقل، حيث ظروف الاعتقال ومناخه تسمح بشكل كبير لانتقال الأمراض ونشوئها بسبب انعدام الرعاية الصحية وضعف المناعة نتيجة قلة التغذية وسوئها.


وعليه أردت أن ألقي الضوء على المعتقلين لدى نظام أسد المجرم، حيث إن سجون النظام لها تاريخ طويل من دور الأب القاتل حتى وريثه، وقصص السجناء باتت قصة كل حيٍّ وشارع في الشام إن لم تكن قصة كل بيت، فقد بلغ عدد السجناء مئات الآلاف في ظل انعدام آلية لإحصائهم، وقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 129 ألفا و973 شخصا، ما يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى نظام أسد، منذ آذار/مارس 2011.


وتتنوع أساليب التعذيب داخل الزنازين وفي أقبية المعتقلات ولا أكون مبالغاً إن قلت إنه ما من أسلوب قذر للتعذيب في العالم وإلا وتجده عند هذا النظام المجرم، بل هو من يعطي الدروس لغيره من الطغاة في التنكيل بالمعتقلين، يكفي فقط أن تلتقي بشخص واحد سُجن عند النظام ولو لفترة قصيرة حتى تعلم مدى قذارة هذا النظام ولؤمه وحقده على أهل الشام.

ومع أن قضية المعتقلين هي سابقة للثورة في الشام فقد كانت سجون النظام المجرم تمتلئُ قبل الثورة وتحوي بين جدرانها كل من نطق ببنت شفة ينتقد أو يُخطّئُ أو يُعارض فيها النظام، إلا أنه وبعد الثورة أصبحت قضية المعتقلين أضخم وأكبر حيث باتت المعتقلات تغص بالسجناء مما اضطر النظام لافتتاح سجون جديدة وتحويل العديد من المدارس لمعتقلات ناهيك عن تصفية العديد من السجناء.


وعلى هذا أصبح الإفراج عن المعتقلين يُعتبر أحد أهم أهداف الثورة، بل ويُعتبر أحد أسباب انطلاقتها ابتداءً، وعليه بتنا نسمع عبارة "الإفراج عن المعتقلين" في كل محفل سياسي أو مؤتمر يبحث ملف الثورة، كما باتت المعارضة العلمانية التي صنعتها مخابرات الدول ترفع هذا الشعار لتبرر كل خيانة، ولتمرر كل تنازل عن ثوابت الثورة وأهدافها، فتراهم يتنازلون عن إسقاط النظام بحجة أنهم يسعون للإفراج عن المعتقلين، فلا هم أسقطوا النظام ولا أفرجوا عن المعتقلين!

ولعل أبرز من تناول قضية المعتقلين دوليا مؤخرا هو قانون "سيزر" والذي بات البعض يرى فيه أن أمريكا تقف مع الثورة وأنها ستحاسب نظام أسد على جرائمه، رغم أن جرائم أسد عليها آلاف الشهود وموثقة بآلاف الوثائق، ومع ذلك فإن أمريكا كان موقفها داعماً لنظام أسد ولو لم ير ذلك بعض من على أعينهم غشاوة.


وحتى نقف على قانون سيزر قليلا نجد أنه أطلق هذا الاسم نسبة لشخصٍ مجهولٍ وثَّق في آلاف الصور التعذيب الذي مارسهُ نظام أسد في حقِّ شعبه في الشوارع والطرقات العامَّة وداخل السجون منذ اندلاع الثورة ضدّه عام 2011 وحتى عام 2014. ولقد أثارت صور قيصر حين نشرها ضجّة وجدلاً كبيرين؛ فطالبت هيومن رايتس ووتش بالتحقيق في تقرير قيصر ثمَّ أصدرت تقريراً إضافياً بعنوان "إذا كان الموتى يستطيعون الكلام"؛ وفيه عُرضت أدلة فوتوغرافية من تقرير قيصر كما عُرضت تلكَ الأدلة في متحف ذكرى الهولوكوست بالولايات المتحدة وفي الأمم المتحدة.

وبعيدا عن الخوض في تفاصيل إقرار هذا القانون والتي دامت طويلا بينما كان أهل الشام يذوقون الويلات ليس فقط في المعتقلات بل في المدن والقرى حيث تتساقط براميل القتل وصواريخ الإجرام على مرأى من العالم أجمع، بل وأجزم أنه على مشاركة وموافقة من هذه الدول سواء التي أظهرت عداءها أو تلك التي ادّعت صداقتها، وبعد هذا التمديد الطويل وقع ترامب على مشروع قانون سيزر بعد إجماع مجلس النواب الأمريكي عليه وذلك في نهاية عام 2019م.

وبالنظر في تفاصيل القرار تجد أنه لا يختلف عن قرارات أمريكا الناعمة ضد عملائها فهي عقوبات تُفرض على نظام أسد ومن يتعامل معه، عقوبات يُقدرها رئيس أمريكا ويرفعها متى يشاء، لا تمنع اعتقالا ولا توقف قصفا ولا تنتصر لمظلوم، ولم يكن هذا مفاجئا إلا لمن تعلق بحبال أمريكا ورأى فيها القوة المخلِّصة وصدّق رواية النظام بأنه مقاوم ممانع لأمريكا وكيان يهود بينما الحقيقة التي بات يعلمها الكثير أن نظام أسد هو أفضل من حافظ على مصالح أمريكا وكيان يهود في المنطقة.

وعوداً على البداية فإن قضية المعتقلين والإفراج عنهم هي من أهم أهداف الثورة ويجب أن يُعلم أن قضيتهم مرتبطة ارتباطا وثيقا بقضية إسقاط النظام، فلا يُمكن أن يُفرج عنهم دون إسقاط النظام، ولقد رأينا من ادّعى تمثيل الثورة وخاض مع النظام المفاوضات متنازلا عن الثوابت بحجة الإفراج عن المعتقلين، كيف أن النظام قد سلمه معتقلين جدداً جمعهم من الشوارع وكان ذلك مقابل تهجير منطقة هنا، أو فك حصار عن منطقة تتبع للنظام هناك.


ناهيك أن من تسيّد منطقة صغيرة وحكمها من أدعياء الثورة تجد أنهم شابهوا نظام أسد ببناء المعتقلات والزج بالناس ظلما في السجون، فكيف لمن بنى السجون أن يسعى لإسقاط النظام والإفراج عن المعتقلين؟!


وأخيراً فإن سماع قصة واحدة عن معتقل أو معتقلة لهو سبب كافٍ للاستمرار في الثورة والثبات عليها حتى إسقاط النظام وتحكيم الإسلام، فما بالك أن لدى أهل الشام آلاف الأسباب لتجعلهم ثابتين فيما خرجوا له مُصرين على العمل على تحقيق أهداف الثورة ولو كلّف ذلك الغالي والنفيس، وأما من أرهقه المسير واستساغ التنازل فعليه أن يتنحى جانبا تاركا الثورة لأهلها تذود عنها وتدفع بها في طريق النصر مستعينة بربها متوكلة عليه، عسى الله أن يكرمنا بنصر قريب وما ذلك على الله بعزيز.

 

بقلم: الأستاذ منير ناصر
 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

 

جريدة الراية:https://bit.ly/2wrcVFy