الخبر:
بالتزامن مع دخول بلدة مضايا السورية شهرها السادس في الحصار الذي يفرضه النظام عليها، تزداد معاناة المحاصرين فيها من أقسى ظروف إنسانية تمر على البلدة في تاريخها، فلا تزال البلدة محرومة من المواد الغذائية والطبية، وتُمنع كل المنظمات الإنسانية من دخولها على الرغم من أن اتفاق الزبداني الفوعة - الذي تم البدء بتنفيذه مؤخرا - نصّ بشكل أساسي على ذلك. ويسكن في البلدة المحاصرة حوالي 40 ألف شخص، وتودع بشكل شبه يومي أحد سكانها، وقد ذكرت النقاط الطبية الميدانية الموجودة هناك أنها تستقبل يوميا نحو 50-60 حالة إغماء بسبب الجوع أو سوء التغذية. ويعتمد أكثر من 40 ألف مدني على أوراق الأشجار وأعشاب الأرض والماء المغلي الممزوج بالبهارات في تأمين وجبة يومية واحدة على الأكثر، وذلك مع الانعدام التام لأية مواد غذائية في البلدة.
ويتحدث أبو حسن رئيس المجلس المحلي في مضايا عن أن الحصار وصل حدا لا يطاق حيث أُدخل أهالي البلدة في مجاعة لا يمكن وصفها أو تصورها، إذ إن أكثر من 25 شخصا قضوا في مضايا جوعا أو بسبب سوء التغذية، وفي محاولة لمواجهة هذا الوضع، يؤكد أبو حسن أنه تم تسجيل بعض الحالات لتناول القطط من قبل بعض الأهالي في البلدة بسبب عدم مقدرتهم على تأمين الطعام لأطفالهم وذويهم وذلك بعد فقدانهم الأمل بشكل نهائي من أي تدخل إنساني للأمم المتحدة أو المنظمات الإنسانية. (الجزيرة نت)
التعليق:
إن حال إخواننا المحاصرين في بلدة مضايا بريف دمشق ليس بحاجة لطول شرح وتفصيل فما ذكر في الخبر أعلاه يعطينا صورة واضحة عن الحال المأساوي الذي وصل إليه أهلنا هناك، حصار وبرد وأمراض ومجاعة شديدة أودت بحياة الكثيرين منهم ودفعت آخرين للمخاطرة بأنفسهم والاقتراب من حواجز النظام بحثاً عن طريق للخروج لتأمين الغذاء لذويهم، إلا أن قيام قوات النظام وحزب إيران في لبنان بزرع الألغام في محيط البلدة أدى لقتل العديد من الشباب ووقوع أكثر من عشرين حالة بتر لأطراف شباب البلدة.
ولعل مما يجسد هذا الواقع المؤلم الذي وصل إليه أهل مضايا المحاصرون، تداول رواد مواقع التواصل صورة لسيارة أحد سكان مضايا والتي عرضها للبيع مقابل 5 كيلو حليب أو 10 كيلو أرز، ثم أعلن فيما بعد عن وفاته مع من قضوا جوعاً! فلا حول ولا قوة إلا بالله
إن ما يعانيه إخواننا في بلدة مضايا، لهو دليل واضح على أن الهدن التي أبرمت مع النظام المجرم، ليست إلا لإطالة عمره، وليست لحماية المدنيين ونقلهم لمناطق آمنة، كما أنه دليل على أن هذا النظام المجرم لا يحترم عهوده ومواثيقه، ففك الحصار عن مضايا كان شرطاً في اتفاق الزبداني - الفوعة، والذي نص أيضاً على إدخال مساعدات ومواد غذائية لأهالي مضايا والزبداني المحاصرين في بلدة مضايا، ولكن النظام لم يفك الحصار، ومنع أي منظمة إنسانية من الوصول إلى البلدة.
فيا ليت قادة الفصائل يتعظون مما يحصل ويوقنون أن نظام بشار وأسياده لا عهد لهم ولا ذمة، وأن آخر ما يفكرون به هو حياة المدنيين الأبرياء، وأنهم لا يريدون خيراً لسوريا وأهلها، ولو أن الأوراق التي كتبت عليها اتفاقات الهدن والمؤتمرات التي عقدت بخصوص سوريا أرسلت إلى المحاصرين والنازحين واللاجئين ليستخدموها للتدفئة لكان منها فائدة لهم على الأقل.
فأين أمة الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، من معاناة أهلنا في سوريا؟! أيجوع أهل الشام ولا يجدون إلا القطط والأعشاب ليأكلوها وبلاد المسلمين مليئة بالخيرات و الثروات؟! أيعقل أن يموت أهل الشام من البرد في مخيمات اللجوء ولا يجدون من ينتصر لهم من المسلمين؟! فإلى أي حد وصلنا من الذل والهوان في ظل الحكام المجرمين؟! وإلى أي حد من تكالب الأمم علينا وصلنا؟!
إن الأرواح الطاهرة التي أزهقت في سوريا تحت القصف، أو التي قضت من الجوع والبرد، هي أمانة في أعناق الحكام المتآمرين على الشام وأهله، وأمانة في أعناق الأمة وعلمائها الذين يسكتون على هذه الأنظمة العميلة المجرمة، وأمانة في أعناق جيوش المسلمين الذين يستطيعون نصرتهم ورفع الظلم عنهم وإنهاء معاناتهم.
فيا جيوش المسلمين إن خصيمكم يوم القيامة طفل أو امرأة أو شيخ من أهل الشام يقول يا ربِّ خذلتني جيوش المسلمين، خذلتني جيوش المسلمين.
فهلا تحركتم لنصرتهم ونصرة المسلمين المستضعفين في كل مكان، وإلا فإننا نحذركم من خذلان الله لكم في موضع تنتظرون فيه نصرته، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ».
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أختكم براءة مناصرة
25 ربيع الأول 1437هـ
05
16م