press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

القوة الكامنة لدى المسلم مفاهيمه المنبثقة عن عقيدته

 

 

يروي لنا التاريخ في جنباته عن تحولات جمّة ، مرّ بها المسلمون من ضعفٍ إلى قوة ومن انهزامٍ إلى انتصار ، فما سرُّ هذه النقلات النوعية ، وكيف من الممكن أن تنقلب الأمور مئة وثمانين درجة؟.

لفهم ذلك نضرب على سبيل المثال لا الحصر مثالاً يجسّد لحظة الانتقال العكسي ، ألا وهو ما حدث أيّام المغول ومحارقه بحق المسلمين ، فقد كان كل بلد ينتظر أن تصيبه قارعة الذين من قبله من القتل والدمار ولا يحرك ساكناً .
إذ كيف لرجل من المغول أن يمر في طريق مليء بالمسلمين ، ويقول لهم انتظروا حتى أذهب وأحضر السيف ، فينتظرونه ليأتي ويقتلهم فرداً فرداً .
أيُّ ذلًّ هذا وأيُّ هوان هذا؟؟؟

وبعد عامين من تلك الحادثة الأليمة وما يقرب منها ألماً ، كانت تأتي فرقة مغولية تترية بسيطة تخترق فلسطين من شمالها إلى جنوبها ، بل وتحتل مدينة من أواخر المدن في فلسطين وهي مدينة غزة ولا يعترضها أحد .
ثم وعندما جاء المظفر قطز رحمه الله إلى سهل عين جالوت وبدأت المعركة مع المغول ، فإذا بأعدادٍ غفيرةٍ من المتطوعين المسلمين من أهل فلسطين ، يخرجون من القرى والمدن ليلتحقوا بالجيش المسلم ، مع أنهم كانوا خانعين بالأمس القريب خاضعين فما الذي تغيّر؟

انظر رحمك الله كيف تحوّلت الذلّة إلى عزّة والانكسار إلى همّة .
لا شكّ أن سبب ذلك هو القوة الكامنة في نفوس المسلمين ، فعندما تعود ويضبط المسلم مفاهيمه بعقيدته تصنع المعجزات ، و كمثال على ذلك : مفهوم النصر الوارد في قوله تعالى { وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ } ، وقوله عزّ من قائل { إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ } ، وقوله
{ إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } هذا الربط يفعل الأفاعيل وجدير بأن يغيّر .
إن هؤلاء الرجال غيّروا ما بأنفسهم فغيّر الله حالهم كما في قوله تعالى { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }
ولا يفوتنا أن نذكر دور القيادة في إرجاع الأمور إلى نصابها واتخاذ القرارات المصيرية ، وكيف أن الناس على دين ملوكهم وأنهم عندما كان أمراؤهم متحالفين مع الصليبيين أذلّاء متقاتلين فيما بينهم كان الناس في ذلٍّ وهوان ، وحين جاءت القيادة الصادقة الواعية المخلصة غير المرتبطة إلا بحبل الله ، تحوّل الناس إلى طاقاتٍ هائلةٍ في مواجهة المحن والخطوب .

وما أحوجنا في الشام لإرجاع المفاهيم الصحيحة المرتبطة بالعقيدة الإسلامية ، والتبرؤ من كل فكرٍ دخيلٍ يغيّر وجهة البوصلة الصحيحة من الأفكار الغريبة والغربية ، والتي كانت سبباً في تأخر نصر أهل الشام كالارتباط بالمجتمع الدولي وطلب الحظر الجوي منه ، والتمسك بحبال الدول الغربية بل وحتى الإقليمية ، وخاصة النظام التركي والقطري والسعودي وإدخال المال السياسي القذر الذي كبّل المجاهدين وحرف مسارهم وأوصل الثورة إلى ما وصلت إليه ، فتصحيح الخط واجب وتصحيح المفاهيم واجب واتخاذ قيادة سياسية واعية مخلصة تقود دفة السفينة وتوصلها إلى برّ الأمان أوجب الواجب أيضاً، وعندها يتحقق قوله عز وجل {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}.

---------------------
بقلم: عامر سالم أبو عبيدة