press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

صورة واتساب بتاريخ 1446 11 22 في 04.15.40 c639ac21

 

 

مقالة:
السياق من أهم القرائن!

السياق العام للكلام هو الذي يحدد معنى أية كلمة، فمثلاً: كلمة "سبحان الله"، هذه الكلمة إن استخدمتها في غير موضعها الأصلي قد تصبح معصية، فلو قالها شاب عندما يرى فتاة جميلة، فهنا تصبح معصية، لأنه قصد بها معاكسة البنت، وليس تسبيح الله وليس ذكر الله. ومثل ذلك ما ذكره الجاحظ في البيان والتبيين (2/ 294). قال التابعي طاووس: ما ظننت أن قول سبحان الله معصية لله حتى كان اليوم، فقد كنت عند الأمير محمد بن يوسف، فأبلغه رجل من بعض أعدائه كلاماً، فقال رجل من القوم: سبحان الله، ليظهر استعظام الذي كان من الرجل ليوقع به الأمير فيعذبه أو يسجنه ...

فانظر الى هذين المثالين، أليست "سبحان الله" فيهما معصية رغم أنها ذكر لله؟!
والسبب في اعتبارها معصية هو السياق، فالسياق هو من أهم القرائن في تحديد معاني الكلمات. ومثال ذلك كلمة فرح، فالفرح ورد على سبيل المدح ضمن سياق معين: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]. ووردت على سبيل الذم ضمن سياق آخر {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص: 76].

ومثلها كلمة حزب، فقد وردت ضمن سياق معين على سبيل المدح: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 56]. ووردت ضمن سياق آخر على سبيل الذم: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة: 19]. فلذلك من زعم ان وجود أحزاب في الإسلام حرام باعتبار أن الشرع ذم التحزب، فزعمه هذا غير صحيح، لأن الحزب يأخذ حكمه من حكم عمله ومنهجه وأفكاره، فإن كان حزبا يدعو للوطنية والقومية وما شاكلها من أفكار تخالف الإسلام، فهذا الحزب حرام والانتماء له حرام، وإن كان الحزب يدعو لإقامة حكم الله تعالى وللعمل على إقامة شرعه سبحانه واستئناف الحياة الإسلامية والصراع الفكري والكفاح السياسي ضد الأنظمة الظالمة، فهذا الحزب ممدوح ومطلوب وجوده شرعاً في الأمة. فالكلمة تأخذ معناها من السياق الذي جاءت فيه.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمود عبد الرحمن