press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

WhatsApp Image 2025 07 07 at 2.00.18 PM

بعد سقوط نظام أسد في سوريا، شهدت البلاد عودة جماعية للسوريين إلى مناطقهم وبلداتهم وقراهم. فقد قُدّر عدد العائدين من خارج سوريا بنحو نصف مليون، بينما عاد حوالي مليون و200 ألف نازح داخلي، وذلك في الفترة الممتدة بين ديسمبر 2024 حتى مايو 2025.
أمام هذه العودة الجماعية، تشهد البلاد أزمة سكنية عارمة وارتفاعاً جنونياً في إيجارات المنازل، بينما أصبح تملك منزل جديد حلماً يراود عامة العوائل السورية، وخاصة في المدن الرئيسية مثل دمشق وحلب، التي تشهد أسعارها ارتفاعاً غير مسبوق مع تزايد الطلب.
أما المناطق المنكوبة والمدمّرة بفعل قصف النظام على مدار 14 سنة، فإن كثيراً من الأهالي غير قادرين على صيانة منازلهم أو إعادة إعمارها، بسبب التكلفة العالية للصيانة وعدم توفر السيولة اللازمة، مع وصول النسبة الأكبر من أهل سوريا إلى درجة الفقر المدقع.
وفي ظل هذه الظروف المأساوية التي يشهدها السوريون، نتساءل: من المسؤول عن حل مشكلة السكن في البلاد؟ وما هي الحلول الشرعية المطروحة لحل هذه المشكلة بشكل جذري وتأمين السكن الكريم للمحتاجين؟
أولاً، يجب أن نعرف أن تأمين المسكن هو من واجبات الدولة في الإسلام، لأنه من الحاجات الأساسية التي لا يمكن للإنسان أن يستغني عنها. وبالتالي، يجب على الدولة أن تمكّن رعاياها من تملك منزل أو استئجاره، دون أن يتسبب ذلك في عبء مالي كبير على الإنسان، أي أن يكون قادراً على تسديد إيجار بيته مع بقاء فائض من المال يستطيع العيش به والادخار منه لاحتياجات مستقبلية.
ولمساعدة رعايا الدولة على امتلاك منزل أو استئجاره، تقوم الدولة بالخطوات التالية:
1. تأمين فرص عمل لجميع رعاياها، مسلمين وأهل ذمة، تدر عليهم دخلاً جيداً.
2. استغلال موارد الملكية العامة من نفط وغاز وغيرها من الثروات الباطنية، لدعم تمكين الرعية من السكن، وعدم جواز استثمار الملكية العامة أو ملكية الدولة للربح من الرعية عبر الاستثمار العقاري.
3. تقديم تسهيلات لشراء المنازل، من خلال بناء مجمعات سكنية وبيعها بالتقسيط بسعر التكلفة، وبدون أرباح.
4. تقديم قروض بدون فوائد ربوية للراغبين في شراء منزل، مع إمكانية سدادها على أقساط مريحة.
5. توزيع أراضٍ زراعية من ملكية الدولة مجاناً لمن يسعى للبناء عليها، مع تقديم قروض تُقتطع أقساطها من الراتب الشهري.
6. اعتماد سياسة إحياء الموات، بحيث يُمنح من يحيي أرضًا مواتًا ملكيتها، مع توفير الدعم التقني والمالي لمن يريد إحياء أرض لبناء بيت أو إنشاء قرية أو بلدة جديدة.
7. دعم التصميمات المعمارية الذكية التي تقلل من تكاليف البناء والتدفئة والتبريد، مع تقديم استشارات عقارية مجانية من المصلحة العقارية.
8. تشجيع البناء الجماعي التعاوني، بدعم مبادرات الأهالي الراغبين في بناء مجمعات سكنية تعاونية، وتقديم الأراضي مجانًا أو بأسعار رمزية، والإشراف الهندسي، وتسهيلات في مواد البناء.
9. منع احتكار المنازل الفارغة من أصحابها الذين يرفضون عرضها للبيع أو الإيجار بهدف رفع السعر، مع إلزامهم بعرضها للبيع أو الإيجار.
10. بناء وحدات سكنية مؤقتة للفئات الأشد احتياجاً، مثل من فقدوا منازلهم بسبب الحروب والكوارث، تُدار من قبل الدولة بشكل مؤقت حتى يستقر حالهم.
هذه بعض الأفكار التي يمكن من خلالها حل مشكلة السكن في الإسلام. وهذا لا يمكن تطبيقه إلا من خلال النظام الاقتصادي الإسلامي، الذي هو جزء من النظام الإسلامي الشامل، والذي يجب أن يُحكم به المسلمون، وليس عبر النظام الاقتصادي الرأسمالي والنظام الجمهوري السياسي، لذلك فلا نستغرب أن يتم استثمار الملكية العامة من نفط وغاز وفوسفات من قبل شركات أجنبية وغربية، وبيعها لعقود طويلة دون أن يكون للشعب أي نصيب منها، في وقت هو بأمسّ الحاجة إليها لإعادة الإعمار وتأهيل المساكن المدمرة.
ففي النظام الاقتصادي الرأسمالي البعيد كل البعد عن الإسلام ومعالجاته، وبدل العمل على مساعدة الناس في إعادة الإعمار، نرى فرض ضرائب على مواد البناء، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها، بدلاً من إعفاء الناس من هذه الضرائب كما يوجب الحكم الشرعي الذي يمنع أخذ المكوس.
ومن الكوارث ما نراه مؤخراً من أموال تخصص لمشاريع كمالية بدل أن تذهب هذه الأموال لحل المشكلة السكنية وإيواء مئات آلاف الأشخاص الذين ما زالوا يقطنون المخيمات في الشمال السوري.

إن حل المشكلة السكنية، وسائر المشاكل التي يعاني منها الشعب السوري، لا يمكن أن يتم إلا من خلال التطبيق الشامل للإسلام في نظام الحكم والاقتصاد، وتبني المعالجات المستنبطة من الشرع، ورفض الحلول المستوردة من النظام الرأسمالي الذي أثبت فشله في الغرب نفسه.
وعلى الإدارة السياسية الجديدة في سوريا أن تدرك أن تجاهل مطالب الناس سيؤدي إلى انفجار شعبي قادم لا محالة، ما لم يُسرع إلى تبني منهج الإسلام، وجعل سوريا نواة لدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي توحد طاقات الأمة، وتستثمر ثرواتها المهملة، وتنهض بها من جديد، وتحل مشاكلها حلاً جذرياً يرضي الله ويرعى شؤون عباده.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
أحمد الصوراني