الاهتمام الأمريكي بسوريا لا يخفى على أحد، ونرى مؤخرا سيلاً من المديح والمحبة والاهتمام الزائد وبشكل ملفت للنظر، حتى أن المبعوث الأمريكي، توم باراك، لا يغادر المنطقة، فمن المؤكد أن هذه المحبة المزعومة ليست مجانية ولها مقابل أكبر وأغلى مما يريده الشعب السوري. فأمريكا عدو للإسلام والمسلمين وهي من تدعم يهود في قتل أهلنا في غزة وهي من تساند أنظمة العالم الإسلامي لقهر شعوبهم ونهب خيراتهم، وهي من كانت على مدى سنوات الثورة داعمة لنظام الأسد البائد، وهي وراء كل مصيبة في العالم، وهي من يُوجِد ويُدير بؤر الصراع في العالم ولا تحلها إلا بما يخدم مصلحتها.
هذا المكر الأمريكي بأهل سوريا جعل الحكومة الانتقالية تتراخى أمام المجتمع الدولي وتحرص على رضاه، وبات مفعول الخداع السياسي كبيرا في كافة مفاصل الدولة. فعلى ما يبدو أن الإدارة الحالية تصدق كل التصريحات الآتية من أمريكا ودول الغرب الكافر الخاصة بالدولة والقيادة، وحتى أنك ترى أثرها في العلاقات الخارجية وخاصة دول الجوار . مع العلم أن القاصي والداني يعرف أن أمريكا والغرب الكافر يعاديان الإسلام والمسلمين جميعاً
يقول تعالى :( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ).
فعلى حكومة دمشق أن تحذر ما يحاك وراء الكواليس وأن يحذروا من السم المدسوس بالعسل وأن لا يركنوا ويصدقوا كل ما يسمعونه ويرونه من أمريكا، وعليهم أن يفكروا خارج الصندوق الذي وضعتهم فيه، وأن لا يسارعوا في مرضاتهم والسمع منهم بحجة الحفاظ على سلامة البلاد.
يقول تعالى: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ).
وعلى حكومة دمشق أن تدرك أن أمريكا لا تتقيد بالأعراف الدولية والقيم السياسية، فلا منطق ولا صدق ولا مصداقية في علاقاتها مع دول العالم بل يوجد دهاء ومكر واصطياد في الماء العكر والصافي .
وعلى حكومة دمشق التفكير باستراتيجية قوة الإسلام ومعية الله، فهذا هو البعد الاستراتيجي الحقيقي مع الحفاظ على عقلية الحرب والمعارك والثورة، لأن المعركة لم تنته ولم تضع الحرب أوزارها كما يزعم ساسة دمشق، والحرب لم تنته داخلياً ولا اقليمياً، والواجب عليهم أن يحيطوا أنفسهم بدهاة السياسة والمفكرين الاستراتيجين للحفاظ على الأمن والأمان داخلياً وخارجياً .
وليعلم من هم في الحكم في سوريا أن العلاقات الدولية قائمة على غير الإسلام بل قائمة على أساس السيطرة الرأسمالية على مقدرات الشعوب وكل ما هو في صالح الدول الغربية وأبرز ما يسعون إليه هو الحيلولة دون وجود كيان للمسلمين يتمثل في دولة تقيم حكم الإسلام ونحن أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن نختار رضى الغرب ونسير في ركابه ووفق توجيهاته فنصبح أذلاء تابعين له ننفذ أوامر ونطبق رأسماليته العفنة فنشقى في الدنيا و الآخرة، وإما أن نطلب رضى الله ومعيته باتباع شرعه وإقامة الحكم بما أنزل وفي ذلك عزنا وفوزنا في الدنيا و الآخرة.
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
مصطفى عتيق