لقد سبقتنا ثورة تونس ومصر وليبيا واليمن ورأينا كيف تم الالتفاف على ثوراتهم وإعادتهم للمربع الأولى الذي ثاروا عليه، ولذلك أدرك أهل الشام ضرورة عدم الوقوع بنفس ما وقع به إخواننا في هذه البلدان، وكانت شعاراتهم واضحة وثوابتهم معلنة وكان على رأسها إسقاط النظام المجرم بكافة أركانه ورموزه وإقامة حكم الإسلام خلافة على منهاج النبوة على أنقاضه، وهذا ما دفع أمريكا وأشياعها للوقوف في وجه هذه الثورة ومنعها من الوصول لغايتها كما فعلت مع باقي الثورات.
وبفضل وعي أهل الشام لم تتمكن أمريكا ومن معها طيلة ١٤ عاماً من القضاء على الثورة رغم شدة مكرها وتكالب عملائها، فكان النصر حليف أهل الشام بعد صبر طويل، وذلك بفضل من الله عز وجل.
وبعد سقوط النظام البائد سارعت الدول بعد فشلها بهزيمة الثورة عسكريا إلى حرفها سياسيا، وهذا هو بيت القصيد الذي يشغل الغرب وأمريكا، فهم حريصون أشد الحرص على منع عودة الإسلام من خلال دولة، فأوعزت لعملائها بالمنطقة بالتحرك لاحتواء الموقف وتولت متابعة الأمور بنفسها، فأوقعت الإدارة الحالية في شباكها وجعلتها تتعلق بخيوطها للأسف. ولا يليق بمن يقود أهل الشام أن يكون أقلهم وعياً فكيف إذا كانت حقائق لا يمكن تجاهلها أو نسيانها.
إن أهل الشام رأوا وذاقوا على مدى ١٤ عاماً مكر وغدر الدول من جنيف إلى أستانة إلى سوتشي وحل أمريكا السياسي، فهل يعقل أن نلدغ من نفس الجحر الذي لدغ منه إخواننا في باقي الدول، وهل من المعقول الوقوع بحبائل أمريكا التي بات الصغير قبل الكبير يعرف خطرها؟!
إن التغيير الحاصل كما يراه أهل الشام، بعد التضحيات التي بذلت، لا يرقى للمستوى المطلوب ويتنكر لكل الثوابت والشعارات التي رفعها أهل ثورة الشام، فلا يكافئ التضحيات العظيمة التي قدمها أهل الشام إلا خلافة راشدة على منهاج النبوة، وذلك بحاجة لقيادة مبدئية صاحبة مشروع ينبثق من عقيدة الأمة. لا تخشى في الله لومة لائم تقود الناس لتحقيق غايتهم وثوابت ثورتهم.
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
فادي العبود