press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

 

 

 صورة واتساب بتاريخ 1447 07 06 في 14.11.51 a3ca36bc
بسبب الصراع الذي استمر ضد نظام أسد أربعة عشر عاماً، وما رافقه من قصفٍ متواصل على مساكن المدنيين العزّل، اضطر مئات الآلاف من السوريين إلى ترك ديارهم المدمّرة والنزوح إلى مخيمات تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة؛ فلا هي تقي حرّ الصيف، ولا هي تحمي من برد الشتاء.
وعلى الرغم من سقوط النظام المجرم، إلا أن معاناة النازحين في المخيمات لم تنتهِ. فكثيرٌ منهم لا يستطيع العودة إلى بيته الذي دمّره نظام أسد، إمّا بالقصف، أو عبر تسليط شبيحته ومجرميه الذين قاموا بسحب حديد الأسقف، ونهب الأثاث، وسرقة كل ما يمكن اقتلاعه من المنازل من أبواب ونوافذ وغيرها. كما أن مئات الآلاف من البيوت المدمّرة والمخرّبة باتت غير صالحة للسكن، وتحتاج إلى إعادة إعمار كاملة، في وقتٍ لا يستطيع فيه معظم الناس تحمّل التكاليف المادية الباهظة لإعادة إعمار بيوتهم، خاصة مع غلاء الأسعار، الذي ساهمت الحكومة المؤقتة في تفاقمه عبر فرض ضرائب إضافية على المواد الخام المستوردة، كالحديد والإسمنت.
كما تفاجأ فريقٌ من الناس بأن بيوتهم قد تم الاستيلاء عليها من قبل شبيحة النظام البائد، الذين يرفضون إخلاءها. وعندما لجأ أصحاب البيوت إلى القضاء، صُدموا بأن بعض القضاة هم أنفسهم قضاة النظام البائد، وأن القوانين والأنظمة المعمول بها لم تتغير، ناهيك عن الفساد والمحسوبيات. وهكذا دخل أصحاب الحقوق في دوّامة المحاكم الوضعية، التي لم تُنصف كثيراً منهم حتى اليوم، ولم تمكّنهم من استعادة بيوتهم المسلوبة.
وأمام تقصير الإدارة الجديدة في حل مشكلة المخيمات والبيوت المغتصبة، نرى أن هذا التقصير قد تجاوز حدوده ليجعلها طرفاً في تفاقم الأزمة وإطالة أمدها. فبدلاً من إعلان حالة الطوارئ، وإعطاء أولوية قصوى لحل قضية النازحين، واتخاذ خطوات عملية منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة، كتعويض المتضررين وبناء مجمّعات سكنية – وهو أمر يمكن إنجازه خلال عام واحد لو توفرت الإرادة الحقيقية – نراها تلجأ إلى حملات تبرعات يتم من خلالها تلميع بعض وجوه شبيحة النظام البائد وداعميه الاقتصاديين، وجمع ملايين الدولارات دون أي شفافية حول مصير هذه الأموال أو أوجه إنفاقها، وإن صُرف بعضها فقد صُرف في مشاريع جانبية أقل أهمية من قضية حل مشكلة النازحين.
وقد جاء في تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة (أوتشا) الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، أن سوريا تعاني من واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج 16.5 مليون شخص، من بينهم 7.8 مليون طفل، إلى المساعدة، إضافة إلى 7.4 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 1.2 مليون عائد يحتاجون إلى الخدمات الأساسية.
ولا شك أن السكن الكريم يُعد من الضروريات الأساسية التي يحتاجها الناس، والتي يجب على الدولة تأمينها بأفضل المواصفات وبأسرع وقت ممكن، لا سيما في أوقات الأزمات والحروب. ويقع على عاتق الدولة، كحد أدنى، توفير سكن مؤقت يحفظ كرامة الناس، ريثما يتم بناء مساكن دائمة تؤوي المتضررين.
وكما أسلفنا، فإن غياب الإرادة لدى الحكومة المؤقتة الحالية هو السبب الرئيس في تخبطها في معالجة ملف السكن والمخيمات، بل وفي حل سائر المشكلات التي تواجهها. فهي تخضع لتوجيهات خارجية تُبقيها تحت وطأة الابتزاز السياسي، وتمنعها من اتخاذ قرارات سيادية، كحسم ملف مناطق سيطرة قسد والاستفادة من موارد النفط والغاز فيها، والتي كان من الممكن أن تلعب دوراً مهماً في توفير التمويل اللازم لإعادة الإعمار.
كما لا يُسمح لها ببسط سيطرتها الفعلية على السويداء أو الساحل، ولا بمواجهة يهود الذين توغلوا داخل الأراضي السورية، وسيطروا على قمة جبل الشيخ، ويقومون بشكل شبه يومي باستهداف المدنيين واعتقال بعضهم، في حين تلتزم الحكومة الصمت ولا تحرّك ساكناً.
وأمام هذا الواقع المأساوي، وبعد مضي عام على التحرير، لا نرى بصيص أمل في حدوث تغيير حقيقي أو في حل مشاكل الناس. وكما قيل: ليس هناك دولة متخلفة اقتصادياً، بل دولة متخلفة سيادياً. فمع فقدان السيادة، داخلياً وخارجياً، والارتهان لقوى عظمى معادية، وتبني نظام حكم علماني يقصي الإسلام عن حل مشكلات الناس لا يمكن تحقيق أي تحسن أو نهضة حقيقية للمجتمع.
إذ تكاد تنحصر طموحات الإدارة الحالية في تثبيت حكمها، ولو على حساب معاناة الشعب. وهذا هو حال الحكومات التي فرضها الغرب في بلاد الإسلام، حيث أقصت شريعة الله عن الحكم، وارتهنت للمستعمر الكافر، وظلمت الرعية لإرضاء الغرب والتخبط في معالجات النظام الرأسمالي العالمي.
إن على أهل الشام محاسبة حكّامهم، والاستمرار في المطالبة بتحقيق أهداف الثورة، بإسقاط النظام البائد لا بشخص الرئيس فقط، بل بدستوره وقوانينه وأنظمته ورموزه وأركانه ووسطه السياسي، ليحلّ مكانه نظام الإسلام في الحكم والسياسة، عبر تحكيم الإسلام في جميع نواحي الحياة في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة، عندها فقط تُحل مشاكلنا كافة، من قضية السكن والمخيمات، إلى الفقر والبطالة، مروراً بمشكلات الأقليات، والواقع الاقتصادي المتردي، والقطاعين التعليمي والطبي، وصولاً إلى أي قضية إنسانية قد تواجه الدولة.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
أحمد الصوراني