ﺍﻟﺨﺒﺮ:
ذكرت مصادر خاصة في تركيا أنه من المرجح أن يعقد اللقاء الثلاثي بين وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا، في الأيام القادمة، في الإمارات. ما يعزّز هذا الاحتمال وفق المصادر، هو أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، كان قد قال قبل أيام خلال رحلته إلى البرازيل، إن مكان انعقاد اجتماع وزراء الخارجية الثلاثة، لا يزال قيد البحث مع الجانب الروسي، وأضاف بأن هناك دولاً عدة مطروحة كخيارات لعقده، ولكن هذا لا يستثني احتمال عقده في موسكو. ومساء أول أمس الثلاثاء، أجرى جاويش أوغلو، محادثات هاتفية مع نظيره الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان، بحثا فيها ملفّات عدة. فيما أجرى عبد الله بن زايد، يوم أمس الأربعاء، زيارة رسمية للعاصمة السورية دمشق، التقى خلالها بالرئيس السوري بشار الأسد، ونظيره السوري فيصل المقداد. (روسيا اليوم، 2022/12/16).
ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ:
يأمل حكام الإمارات أن تطوى صفحة الماضي فيستيقظ عموم الناس يوما وينسون كل ما حصل بالأمس من مجريات ومنها قتل عشرات الآلاف من الأبرياء المدنيين على يد النظام البعثي الجزار المستحل للدماء الذي أهلك الحرث والنسل، أو أن ينسوا عمليات تهجير الملايين من البشر بدءا بالثمانينات من القرن الماضي وانتهاء بتهجير قسم كبير منهم إلى أوروبا في السنوات الأخيرة.. هذا النظام في دمشق الذي لجأ لجهات خارجية تقوم بهذا الدور القذر أيضا نيابة عنه عندما فشل في إخماد كل صوت يقف في وجه إجرامه، فاستنجد بالنظامين الروسي والإيراني للتخلص ممن أسموهم عناصر "المؤامرة الكونية" وذلك بالقيام بإبادة بشرية بشعة تحكي حقيقة الدول الاستعمارية.
نعم، إن حكام الإمارات يأملون أن تعفو الأمة الإسلامية عن تجاوزات النظام البعثي في إراقة الدماء المعصومة في اللحظة التي يشنون فيها حملة شعواء على الإسلام والمسلمين من خلال مسميات "الأخوة الإنسانية". هذه الحملة التي يتبادر للمشاهد من خلالها أن العقبة الوحيدة أمام بناء أخوة إنسانية بنظرهم هو الإسلام نفسه بما فيه من تشريعات لا تتلاءم مع الحضارة الغربية! ذلك أن الإسلام يتناقض مع فكرة الحريات التي تنبثق منها حرية العقيدة.
أما الدليل على أنهم يرون الإسلام وحده عقبة أمام مقياسهم الخاص للإنسانية فهو ما استحدثوه من مسميات ومصطلحات كوزارة التسامح والتعايش. ولا نظن المقصود منه إلا كسر كل الحواجز التي تحمي العقيدة الإسلامية وتشريعاتها ومنها أحكام الأسرة وأحكام أهل الذمة، ومحاولة إقصاء هذه الأحكام ومحاولة فرض أمر واقع وهو أن الإسلام ليس له في عالم اليوم سوى العبادات الفردية. وكذلك ترك البلاد لقمة سائغة لكل أهل الزيغ والضلال من مختلف بقاع الأرض وتأمين مكان مستقر لهم بكل أنواعهم وتركيز مشاريعهم في البلاد الإسلامية، جاعلين من الإمارات منطلقا لهم لنشر سمومهم وأمراضهم الفتاكة للبشرية تحت مسمى "الديانة الإبراهيمية".
لقد أمل حكام الإمارات أن يأخذ عموم الناس في الشام منحى مشابهاً لقادة حركة حماس والنظام التركي فظنوا أن الناس سيميلون حيث مال هؤلاء فيعطوا الدنية في دينهم ويطأطئون رؤوسهم لنظام الجزار. فماذا كانت النتيجة؟ لقد خرجت قيادة حماس من حسابات الأمة الإسلامية بغير رجعة وانكشف أنها لا تختلف عن الحركات الوطنية بشيء.
أما نظام تركيا فقد كفر بسياساته أهلُ ما يسمى المناطق المحررة. أما عموم المسلمين في العالم الذين وقعوا لفترة ما تحت أثر سم خطابات أردوغان التي كان يظهر فيها عمق الانتماء للأمة الإسلامية فقد خيبهم النظام التركي منذ أن بدأ نهاية عام 2022م باستضافة محمد بن سلمان واسترضائه بألحان أغنية ذات عبارة "السعودي فوق فوق" ما فهم أنه حذف لأية مطالبات سابقة بحق دم المغدور جمال خاشقجي على يد النظام السعودي في إسطنبول.
ثم زاد النظام التركي الطين بلة بطرح موضوع التطبيع مع نظام البعث ضمن حملات انتخابية قبيل إجرائها هذا العام 2023م فأعقب ذلك سخطٌ في عموم الأمة الإسلامية، وقد صاحب ذلك إعلان النظام التركي عن تنسيق أمني يجري بينه وبين النظام البعثي في دمشق بحجة (محاربة الإرهاب) والأحزاب الكردية المسلحة، لكن النظام التركي نفسه فضح تلك الأكاذيب بعرضه تسليم المعابر للمناطق الحدودية للنظام البعثي الجزار.
والآن وبعد زيارة ممثلي حكام الإمارات لدمشق وعرض الوساطة التي تهدف إلى إنعاش النظام البعثي دوليا هل نرى لحكام الإمارات وللبعثيين ولحكام تركيا من باقية؟ إن كان لهم من باقية فهي في الكتب السوداء من تاريخ الأمة الإسلامية و"فوق فوق" حيث «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ، أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ» وذلك كما روى مسلم عن رسول الله محمد ﷺ.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نزار جمال
المصدر: https://tinyurl.com/4edy3hvr