ومضات: وقفة مع قوله تعالى: ((لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ..))
يسود بين المسلمين تفسير قوله تعالى: ((لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ..))
بأن الله عز وجل لا يطالب المسلمين بأكثر من إمكانياتهم، وبالتالي فمن عجز عن شيء مما أمره الله عز وجل به فلا إثم عليه، وهذا بكل تأكيد فهم سليم، حيث يقول ابن كثير في تفسيره: (أي لا يكلّف أحد فوق طاقته وهذا من لطفه تعالى بخلقه...)، وجاء في معجم كلمات القرآن تفسير كلمة وُسعها: طاقتها وما تقدر عليه.
لكن إذا كان بوسع المسلم أن يقوم بتطبيق أوامر الله عز وجل ولم يفعل فإنه سيكتسب الإثم بكل تأكيد، فالحساب على قدر الطاقة والإمكانية، واليوم حين يرى المسلمون إخوانهم يبادون في حلب فيجب عليهم نصرتهم وعدم خذلانهم وإلا حاقهم من الله عز وجل عذاب آليم، ويختلف وسع المسلمين بحسب وصفهم، فالفرد المسلم له وسع، والجماعة والفصيل والمجتمع لهم وسع، والدول لها وسع مختلف تماماً، فمثلاً: الأفراد وسعهم الدعاء و جمع ما يستطيع من المساعدات لإعطائها للمحتاجين، والجماعة والمجتمع بشكل عام تستطيع التظاهر والضغط على الحكومات والأنظمة، واحتضان اخوانهم المهاجرين، والفصائل المسلحة في سورية تستطيع فتح كل الجبهات لتشتيت قوى النظام وأسياده، و العمل بكل قوة لفك الحصار، أما الدول فتستطيع إرسال جيوشها لنصرة حلب، وإرسال السلاح وخصوصاً مضادات الطيران التي تمتلئ بها مخازنهم، كما تستطيع قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول المجرمة المشاركة في قتل إخوانهم، وهذه كله على سبيل المثال لا الحصر.
وحين يرى المتابع لواقع المسلمين اليوم، يجد أن حكام العالم الإسلامي يصدرون قرارات للتنفيس عن غضب الأمة أقل بكثير من طاقتهم وإمكانياتهم، مثل أن تقوم السعودية بتوجيه أئمة المساجد للدعاء لحلب، وتقوم تركيا بتجهيز مخيمات للاجئين الذين سيقدمون إليها، إن قدر الله عز وجل أن يخرجوا أحياء منها أصلاً، وتلعب دور الوسيط الذي يرعى المفاوضات لتأمين خروج أهل حلب بين الفصائل السورية التابعة لها و روسيا القاتل الأكبر في الشام اليوم، ومن ثم تسليم حلب للنظام.
إن ذكر موقف كل من تركيا والسعودية هنا فقط، هو لأنهما تعتبران في عيون المخدوعين أكبر مناصرين للثورة السورية، وهما الداعمان والمتحكمان الأهم في فصائل الثورة، ولم يتم ذكر الدول الباقية لأن مواقفهم أسوء وأكثر انحطاطاً لدرجة أن نرى بعضها يهلل علناً مبتهجاً بقتل المسلمين في حلب، وإذا كان( أكبر مناصرين للثورة ) لا يزالان على علاقات اقتصادية ودبلوماسية مع كل من روسيا وإيران، بل ونرى أنهم عبر سيطرتهم على الفصائل في سورية بمالهم السياسي قد جمدوا الجبهات، فلم نجد من الفصائل من هب "ليفزع" نصرة لأهل حلب، كما كان أهل سورية سابقاً يتحركون لنصرة بعضهم بعضاً قبل أن يسمم المال السياسي القذر الثورة، فسنعلم أن حكام الدول الإسلامية، وقادة الفصائل المسلحة قد اكتسبوا إثماً عظيماً وخذلاناً كبيراً، ذلك أنهم لم يقوموا بما في وسعهم، بل بذلوا الوسع في تسليم حلب للقتلة المجرمين، وليعلموا أن غضب الله عز وجل سيلاحقهم في الدنيا والآخرة، وأن الله يمهل ولا يهمل.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
مصعب الرشيد الحراكي