عندما انطلقت جموع الثائرين في أرض الشام المباركة صادعة بالحق ، تهتف حناجرهم بالتكبير والهتاف الصارخ (قائدنا للأبد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ) الذي اتسمت به ثورة الشام المباركة ، إذ بهذه الهتافات والأهداف التي رفعتها جموع الثائرين زلزلت عرش الطاغية المستكبر و نظامه العفن ، وكسرت جدار الخوف الذي بناه في قلوب من حكمهم بالحديد والنار طيلة خمسين سنة ، وما شابهها من مراحل الظلم والاستبداد وأنظمة الكفر والعمالة والخيانة والتبعية ، ومع أول صرخة للثائرين سقط جدار الخوف ، فتداعى دعاة الإصلاح والمبادرات لإعادة الهيبة لولي النعمة والقائد الملهم ، وحذراً من السقوط معه علّه يحفظ جزءاً من مكانتهم .
وهاهي الثورة مع تجددها وصدعها بالحق مرة ثانية في حراكها المبارك ، و الذي يصدع فيه أحرارها بالحق في وجه من أراد إعادة صياغة جُدر الخوف بالترهيب والاعتقال والاستبداد والتحكم بأقوات العباد وإفقارهم ، وعلى نهج من سبقهم يعود مرة أخرى دعاة الإصلاح للعمل على تكرار تجارب سابقة في إعادة ترميم هيبة الطاغية ، و محاولة تقديمه بصورة جديدة ، وكأن الأمهات لم تلد غيره بل مصير الثورة متوقف عليه كما يزعم المطبلون ، و لكنهم لن يفلحوا بإعادة الثائرين إلى مربع الخداع والخوف من جديد .
فمن يقول "هي لله هي لله"و "لن نركع إلا لله" لا يخشى أحداً إلا الله ، فكيف تدعوه لكي يخشى الطاغية و كيف تريد خداعه من جديد بدعوتك للإصلاح الذي لا يرضي الله ؟!!
أهل الشام الكرام بعد كل التضحيات التي بذلوها ، هدموا أسوار الطغاة ومرّغوا أنوفهم بترابها و كشفوا حقيقتهم ، فلا طاغية بعد الآن في الشام ولا أطواق للإصلاح تخدع الثائرين و تنجي الظالمين من غضب أهل الشام بعد الآن.
لقد آن الأوان لاتخاذ قيادة واعية صادقة صاحبة مشروعٍ واضحٍ و طريقة مستقيمة تقود مركب الثورة إلى النجاة ، وإلى خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة حتى يرضى عنا الله سبحانه ، و بها يقام حكم الله في الأرض ، لتشرق شمس الخلافة من جديد بإذن الله .
------------------
عبد الرحمن الجلوي