publications-cental-media-office

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

472374180 122094335234724588 6892077651819963954 n

 

 

 
تناقلت وسائل الإعلام اعتزام الإدارة السورية الجديدة إجراء ما سمّوه بـ(مؤتمر حوار وطني سوري)، ستنبثق عنه هيئة عامة لاختيار الحكومة الانتقالية ولجنة لصياغة الدستور، وأنّ الدعوات ستُوجّه لكل ممثلي المجتمع السوري للمشاركة في الهيئات واللجان التي ستنبثق عن المؤتمر، وأضافت المصادر أن النقاشات مستمرة مع كل مكوّنات الشعب السوري لتمثيلها في المؤتمر، وسيتم أثناء المؤتمر مناقشة آليات تشكيل لجان تنفيذية لاختيار الحكومة واللجان التشريعية وآليات عملها، كما ستنبثق عن المؤتمر لجنة خبراء للعمل على صياغة دستور جديد يُستفتى عليه الشعب (الجزيرة نت).
إن أول ما يُلاحظ في هذا القرار هو العقلية التي صاغته، عقليّة تستمدّ قراراتها من واقع سايكس بيكو، وذلك واضح في فصل سوريا عن جسمها الإسلاميّ، وجَعْل الحوار سوريّاً سوريّاً؛ فلم يأخذ صاحب القرار بعين الاعتبار كون سوريا جزءاً لا يتجزّأ من البلاد الإسلامية، أو أن تكون سوريا نواة لدولة إسلامية عظمى، ونقطة ارتكاز للخلافة على منهاج النبوة، ولم يُراعِ دورها الحضاريّ، الضارب جذوره في أعماق التاريخ الإسلاميّ منذ قرون، بل أرادها أن تبقى كما جعلها الكفار المستعمرون خرقةً من جملة خرق بلاد المسلمين.
كما يُلاحظ عليه الطاعة المطلقة لرغبات الكفار المستعمرين في إعطاء الدور الكبير للعرقيات الصغيرة، علماً أنّ الأغلبية الساحقة من أهل سوريا هم مسلمون، قام النظام الطائفيّ البائد بهضم حقوقهم واعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم وتشريدهم، فهل غاب عن بال أصحاب هذا القرار أنّ الغرب الكافر بمكره وخبثه يجعل من تلك العرقيات أداة استعمارية لبسط نفوذه في بلادنا، ومنعنا من اتخاذ قرارنا الذي يُرضي ربنا، وهو تحكيم شرعه، والتوحد تحت راية الخلافة على منهاج النبوة؟! وهل نسوا أنّ التاريخ شهد للإسلام بقدرته على صهر الناس كلّهم في بوتقته، ويتمتّع الناس كلهم في ظل حكمه بالمساواة في الحكم والتقاضي ورعاية الشؤون؛ بغضّ النظر عن أديانهم وأعراقهم؟!
ثم علامَ سيتحاور المتحاورون؟! فبحسب الأخبار سيتم أثناء مؤتمر الحوار مناقشة آليات لتشكيل لجان تنفيذية لاختيار الحكومة، واللجان التشريعية وآليات عملها، كما ستنبثق عنه لجنة خبراء للعمل على صياغة دستور جديد يُستفتى عليه الشعب! إنّ الوصف الذي يوصف به صاحب هذا المخطط هو واحد من اثنين؛ أولهما تَخبّط الحائر الذي لا يملك مشروعاً حقيقياً للتغيير، ولا يعرف الأحكام الشرعية التي يفرضها الإسلام على كل مسلم؛ وهي الأحكام المتعلقة بإفراد الله سبحانه وتعالى بالحكم والتشريع، قال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ﴾، فلا يجوز إخضاع الأحكام الشرعية للمناقشة أو الحوار أو الاختيار، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً﴾، والموقف الشرعي الصحيح للمسلم هو الخضوع التامّ لحكم الله تعالى، وبهذا الخضوع يكون الفلاح ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، وبغيره يكون الضلال البعيد والخسران المبين.
وثانيهما هو أنّه تنفيذ لإرادة خارجية، وقد برز ذلك واضحاً في لقاءات الوفود الغربية مع الإدارة الجديدة، فكلّهم طالبوها بحفظ حقوق العرقيات الصغيرة؛ الوفد الأمريكي، ووفد الاتحاد الأوروبي، والوفد البريطاني، وغيرهم، فهل لم تدرك الإدارة الجديدة حقا خبث هؤلاء ومكرهم من وراء هذا الطلب؟! وهل لم تعلم فعلا أنّه أداة من أدواتهم للسيطرة عليها كغيرها من الدول القائمة في بلاد المسلمين؟
ونؤكّد في هذا السياق لأصحاب القرار في الإدارة السورية الجديدة أنّه لا يجتمع إرضاء الله تعالى مع إرضاء الكفار المستعمرين، روى الترمذيّ عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنّ رسول الله ﷺ قال: «مَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَأَرْضَى عَنْهُ النَّاسَ. وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ»، فضلاً عن أنّ الكفار المستعمرين لن يرضَوا عنكم حتى تتبعوا ملّتهم، وأنّ أقصى ما تفعلونه إنّما هو اتّباع أهوائهم، فتفقدون بذلك ولاية الله تعالى ونصرته ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾.
إنّ دستور المسلمين يجب أن يكون مستنبطاً من كتاب الله سبحانه وسنّة رسوله ﷺ، وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس الشرعي، والذي يقوم باستنباطه إنّما هم العلماء، وليس عامة الناس، ولا يخضع للحوار العام، ولا يجوز أنْ يُستفتى عليه، فليس لمؤمن ولا مؤمنة الاختيار إذا قضى الله ورسوله أمراً، بل إنّ عليهم إذا دُعُوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أنْ يقولوا سمعنا وأطعنا، وبهذا وحده الفلاح، وبغيره الضلال والخسران.
ونؤكد أخيراً على ضرورة الفصل بين مسألتين؛ مسألة التشريع والحكم والدستور، ومسألة تمثيل الناس في مجلس الأمة أو مجلس الشورى، فلا يجوز الخلط بينهما، فيجب أولاً وضع الدستور الإسلامي المستنبط من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه موضع التطبيق، ثم بعد ذلك يُسَارُ في تشكيل مجلس للأمة، يختار الناس كلّ الناس ممثّليهم في هذا المجلس؛ ليقوموا بمحاسبة الدولة وإبداء الرأي، فمجلس الأمة جهاز من أجهزة الدولة، وليس هو الذي يضع الدستور!
وأدناه رابط الدستور الذي استنبطه حزب التحرير من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه، الذي يجب أن يطبق في دولة الخلافة التي يعمل الحزب لإعادتها من جديد بعون الله وتوفيقه تحقيقاً لوعد الله سبحانه ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ ولبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم بعد الملك الجبري الذي فيه نعيش.. أخرج أحمد عن حُذَيْفَةُ قَالَ قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «.. ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ».
 
 
 
المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
 
التاريخ الهجري: 4 من رجب 1446هـ
رقم الإصدار: 1446هـ / 068
التاريخ الميلادي: السبت, 04 كانون الثاني/يناير 2025 م