توالت تصريحات الإدارة الجديدة في سوريا حول نظام الحكم الذي يعتزمون تنفيذه بعد فرار الطاغية، ومن الواضح أنّه ليس النظام الذي شرعه الله تعالى، بل هو النظام العلماني الذي يفصل الدين عن الحياة، بزعم إعطاء الناس الحرية في اختيار نظام الحكم، فيسمحون للمتظاهرات اللواتي يطالبن بالحرية والسفور، ويختطفون المتظاهرات العفيفات اللواتي يطالبن بالإفراج عن ذويهن الذين يطالبون بتحكيم شر.ع الله تعالى! بل إنّهم يعلنون صراحة أنّهم سيتركون أمر اختيار نظام الحكم إلى الناس خلال الفترة الانتقالية، جرياً على النظام الديمقراطي الكا.فر.
إنه لا يصِحُّ إلا الصحيح، ولا يَحِقُّ إلا الحقّ: كلمة حقّ نصدع بها من باب النصح لكل مسلم، ومن منطلق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبناء على حق المحاسبة، نوجّهها للإدارة الجديدة في سوريا والقائمين عليها بأسمائهم وصفاتهم فرداً فرداً، ذلك أنّ الحسابَ يوم القيامة فرديّ، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً﴾، وقال عزّ وجلّ: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾، فليعلم كلّ واحد منكم أنّه سيقف وحيدا بين يدي الجبار، وليتفكر في حديث رسول الله ﷺ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ...»، وليتذكّر كلٌّ منكم ذلك الموقف العظيم، وليحذر الخزي والخسران الأبديّ المبين.
وإنْ لم يعلمْ فليعلم: أنّه لا حق للمسلم في اختيار نظام الحكم - سواء أكان حاكماً أم محكوماً - ودليل ذلك قول الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً﴾.
وأنّه على الحاكم أنْ يحكم بما أنزل الله، وعلى المحكوم أن يتحاكم إلى ما أنزل الله، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكَ﴾، والخطاب للرسول ﷺ خطاب لأمته كما هو معلوم في الأصول.
وأنّه يَحرُم على الحاكم المسلم أن يحكم بغير ما أنزل الله، ومن فعل ذلك معتقدا فقد كف.ر، قال تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، ومن يحكم بغير ما أنزل الله ليس معتقدا فهو ظالم وفاسق، قال تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، وقال: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾. وقد نفى الله عزّ وجلّ الإيمان عمّن لا يحتكم إلى شرعه، فقال: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً﴾. والحكم والاحتكام إلى غير شرع الله هو تحاكم إلى الطاغوت الذي أُمِرْنا أن نكفر به، فقال سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾.
ونحذّركم صادقين مخلصين من مغبة إرضاء أمريكا أو غيرها ممن لا يرقبون فيكم ولا في الإسلام والمسلمين إلا ولا ذمة، واعلموا أنّهم لن يرضوا عنكم حتى تتبعوا كفر.هم، وأنّكم بإرضائكم لهم تتّبعون أهواءهم، مصداقا لقول الحقّ سبحانه وتعالى: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾. ولتوقنوا أنّكم إن حاولتم إرضاءهم باستبعاد الحكم بما أنزل الله، وحكمتم بأنظمتهم الوضعية الكاف.رة؛ فإنّهم سيستخدمونكم لمصالحهم، ولمحاربة الإسلام والمسلمين والخلا..فة والعاملين لها، ثم ينبذونكم نبذ النواة، كما نبذوا مَن قبلَكم، ولكم في من سبقكم من مثل بشار، ومبارك، والقذافي، وعلي صالح، وبن علي، العبرة والعظة، حيث لم يُبالوا بهم، ولم ترحمْهم شعوبهم، ولم تنفعهم أموالهم، ولا إرضاؤهم لسادتهم، ولم يحسبوا حساب آخرتهم؛ فباؤوا بالخزي في الدنيا والآخرة، فاعتبروا يا أولي الأبصار!
وليس لمتعّذر أن يتعذّر بحقوق العرقيات الصغيرة أو حقوق المرأة، حيث لم يُعطِ هؤلاء أحدٌ من الحقوق مثل التي أعطاهم إياها الإسلام، ولم يَحْفظْ أحدٌ لهم حقوقهم كما حفظه لهم المسلمون، وتاريخ الخل..افة خير شاهد على ذلك، بشهادة العدوّ قبل الصديق. فلقد عاش غير المسلمين في ظل الحك.م بالإسلام قروناً طويلة، وتمتعوا بحقوق لم يحلموا بها حتى في نومهم في غير حكم الإسلام؛ ذلك أنّ الله تعالى أنزل شريعته للناس كافّة، وليس للمسلمين فحسب، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً﴾ وعلى هذا سار المسلمون طوال تاريخ الحكم بالإسلام ابتداء بعهد النبوة وانتهاء بالخلا..فة العثمانية، وانعكس هذا التطبيق على غير المسلمين بالرضا والطمأنينة. فلا تتبعوا إملاءات الغرب، فتكونوا من الخاسرين.. ولكم في الحكام الذين اتبعوهم عبرة.. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾.
اللهم إنّا قد بلغنا، اللهم فاشهد
-----------
المكتب الإعلامي المر.كزي لحز.ب التحر.ير
التاريخ الهجري: 25 من جمادى الثانية 1446هـ
رقم الإصدار: 1446هـ / 066
التاريخ الميلادي: الجمعة, 27 كانون الأول/ديسمبر 2024 م