السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم يعد يخفى على أحد تكالب دول الكفر واجتماع كلمتها وجمعها لأعوانها على حرب ثورة الشام والتنكيل بأهلها. فأنتم ترون بأم أعينكم الجرائم اليومية التي ترتكب بشتى أنواع الأسلحة، قتل وحصار ودمار وتهجير.
ولو أن الأمر اقتصر على ذلك لهان على أهل الشام, فهم مستعدون لتقديم الغالي والنفيس في سبيل دينهم وتحررهم من الطاغية والطغيان. لكن بعض من ظنهم أهل الشام أملاً لهم ممن تسلموا بعض المواقع والمناصب، رهنوا أنفسهم بمبررات شتى للدول الداعمة، ففقدوا إرادتهم وكبلوا أنفسهم عندما قبلوا المال السياسي القذر.
فأصبحوا يلتزمون الخطوط الحمراء التي تمنعهم من القيام بمعارك حقيقية ضد النظام بل أشغلوا المخلصين من عناصرهم بمعارك جانبية وعملوا على توجيه البندقية إلى صدور إخوانهم والاقتتال فيما بينهم لتراق دماء المقاتلين على أيدي إخوانهم, في الوقت الذي لو بُذلت هذه الدماء من أجل مقاتلة النظام لأرضت ربها وحققت النصر والعز لأمتها.
إن انشغال البعض بالصراع على النفوذ والسلطة حتى في المناطق المحاصرة, وإقامة الأفرع الأمنية على شاكلة أنظمة القمع والتي تضج بالمظلومين والأبرياء الذين يلجون بالدعاء هم وأهلهم على من ظلمهم, ذلك ما أفقدكم الحاضنة الشعبية وأبقى النظام قائماً لينقض على المناطق المحررة منطقة تلو الأخرى، في خطة مرسومة، كما فعل بالأمس في داريا ويحاول فعله اليوم في الوعر وفي غيره. فماذا أنتم فاعلون؟ هل تنتظرون دوركم وفي ذلك خزيكم وتشريد أهلكم وضياع ما حرّره مئات بل آلاف الشهداء بدمائهم الزكية! ولكم فيمن سبقكم عبرة، أم يكون ذلك بداية لصحوتكم وعودتكم لأمتكم وحاضنتكم الشعبية؟ وقبل ذلك إلى ما يرضي ربكم ويحقق عزكم وفوزكم وخلاصكم في الدنيا والآخرة.
إن الأسلحة التي تخزنونها وتمنعونها عن المجاهدين الصادقين الذين يستخدمونها ضد النظام، والمقرات التي تتحصنون بها، والمجموعات الأمنية التي تسخرونها لزرع الرعب في نفوس أهلنا، لن تُغني عنكم من سخط الله وعقابه شيئاً، ولن تمنع المظلومين من الثورة عليكم فقد ثاروا على من هو أكثر منكم عدداً وعدة وأشد بطشاً وتنكيلاً. فحذار حذار من سخط الله وغضبة المظلومين من أهل الشام الذين تكفل رب العزة بهم قال عليه الصلاة والسلام: "إن الله تكفل لي بالشام وأهله".
يا قادة الفصائل في أرض الشام:
إن الالتزام بالخطوط الحمراء التي حمت النظام،وتخاذُل البعض عن نصرة إخوانهم - كما حصل في داريا طوال سنوات حصارها - إثم عظيم لن يمحوه إلا رفض المال السياسي القذر والتحرر من توجيهات الدول الداعمة وامتلاك القرار وإشعال الجبهات وضرب النظام في عقر داره لاقتلاعه من جذوره هو ومن يناصره، والوحدة على مشروع ينبثق من عقيدة الأمة يؤلف بين المجاهدين وحاضنتهم الشعبية ويُمَكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ويبدلهم من بعد خوفهم أمناً ومن بعد ضعفهم قوة ليعودوا خير أمة أخرجت للناس.
قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)
والحمد لله رب العالمين
28 ذي القعدة 1437هـ
116م
حزب التحرير
ولاية سوريا