هزت صورة الطفل الشهيد إيلان كردي الذي ألقى البحر بجثته الهامدة على شاطئ بودروم في تركيا مشاعر العالم، وتهافتت وسائل الإعلام على تغطية مأساته وغرقه في البحر مع أخيه وأمه، في محاولتهم الهرب من جحيم طاغية الشام بشار إلى ما ظنوه ملجأ آمناً لهم في أوروبا، فكان أن احتضنهم البحر الهادر غرقى!! ليسجلوا بوفاتهم مشهد إدانة لحكام العرب والمسلمين ومن ورائهم حكام الغرب الذين ما زالوا يصرون على تركيع المسلمين في الشام حتى يتنازلوا عن كفاحهم لتطبيق شرع الله، ويقبلوا ببديل علماني عميل لا يقل فجورا وإجراما عن سفاح دمشق المزكى والمغطى من قبل الإدارة الأمريكية التي سبق لها أن غطت جرائم أبيه المقبور حافظ من قبل.
نعم، ليس إيلان وأخوه وأمه أول الشهداء الذين قضوا نتيجة إجرام بشار الذي يشن حرب إبادة على المنتفضين عليه في سوريا:
1. فسفاح دمشق لم يترك وسيلة قتل وفتك وإجرام؛ من البراميل المتفجرة إلى الكيماوي وسائر أعمال التعذيب الهمجية في سجونه، إلا واستخدمها في سعيه لكسر إرادتهم، وهو في ذلك مغطى من قبل الإدارة الأمريكية إلى أن تجد شريكا "معتدلا" في سوريا يخدم مصالحها كما يخدمها بشار، وليباشر هذا المعتدل أو المعدل بالسير في الحل الأمريكي الذي تسميه حلاً سياسياً على مقاس جنيف، وهو الحل الغارق في دماء وأشلاء المنتفضين من أهل سوريا.
2. كما أن إجرام سفاح دمشق مغطى من قبل حاكم تركيا أردوغان الذي خدع أهل الشام مرة بوعده الجازم في حزيران/يونيو 2011 بأنه لن يسمح بحماة ثانية!! ومرة بأن أقام بضعة مخيمات للاجئين من جحيم بشار. ومرة بزعمه أنه يريد إقامة منطقة آمنة، ثم ها هو اليوم يمعن في خداع أهل الشام بأن حمل مسؤولية ضحايا الهجرة، حملها إلى "الدول الأوروبية التي حولت البحر المتوسط إلى مقبرة للمهاجرين" وهو لو كان جاداً لمنع هذه المقبرة بنصرة أهل الشام ضد الطاغية وعندها لما كانوا لجأوا إلى مُرِّ الهجرة! لقد سبق أن وعد بمنع حماة ثانية ولو وفى بوعده لأنهى حمام الدماء من أول يوم من سنة 2011، ولكن أنى له أن يفعل ذلك وهو يخشى حاكم البيت الأبيض ولا يخشى الله؟!
3. وإجرام سفاح دمشق مغطى من قبل حكام العرب الذين تواطؤوا على أهل الشام، فلم ينصروهم بل يرقبوهم بأعينهم ويعدّوا القتلى والجرحى، ويروهم عالقين هنا وهناك، فإذا نجوا من القتل بالمتفجرات وقعوا مرضى أو جرحى نتيجة الظروف الجوية الصعبة التي يتعرضون لها، فمثلاً هل ينقص حكام الخليج مالٌ ليستقبلوا النازحين من سوريا، حتى ولو ضيوفا مؤقتين وهو أضعف الإيمان، وإلا فهم إخوانهم في الدين، واجب عليهم نصرتهم وحفظ دمائهم، فالمسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم... فهذا هو الواجب وهذا هو الأصل، لكن أنى لهؤلاء الحكام وأولئك أن يفعلوا وهم العبيد الخانعون لحكام الغرب الذين يصرون على نهب ثروات المسلمين كاملة إلا حفنة من الدريهمات الملوثة بدماء شهداء المسلمين من فلسطين إلى الشام والعراق يلقونها لهؤلاء الحكام الخونة الذين قامت عروشهم على أنقاض دولة الخلافة.
4. وإجرام سفاح دمشق مغطى من كل من يخذل إخوانه في الشام حين يسكت عن خيانة هؤلاء الحكام، وأول ذلك هم الضباط في الجيوش وأهل القوة والمنعة القادرون على إسقاط هؤلاء الحكام الخونة، وقد جاء في الحديث الصحيح «المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يحقره ولا يسلمه».
5. وإذ يعلمنا القرآن الكريم ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ فما هو الجواب الذي أعده هؤلاء وأولئك لرب العالمين حين يسألهم "إيلان" وغيره ممن سبقه من شهداء المسلمين بأي ذنب قتلوا... وبأي حجة تخلوا عن نصرتهم؟؟
فليعلم الجميع أن ملة الكفر قد اجتمعت على محاربة الله ورسوله، وعزمت على الحيلولة دون عودة الإسلام إلى الحياة بمنع إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، يساعدهم في ذلك عملاؤهم من حكام المسلمين، ولكن هيهات هيهات للثقلين أن يحولوا دون تنفيذ وعد الله بإظهار هذا الدين على ما عداه وتحقيق بشرى رسوله بفتح روما بعد فتح القسطنطينية، ولكن هذا الوعد وهذه البشرى يتحققان على أيدي سواعد متوضئة لا تخشى في الله لومة لائم وتؤثر الآخرة الباقية على الدنيا الفانية، فلبوا نداء داعي الله تفوزوا بعز الدارين وبمرضاة ربكم.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾
التاريخ الهجري 23 من ذي القعدة 1436
التاريخ الميلادي 0715
رقم الإصدار: 1436هـ/073
عثمان بخاش
مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير