لقد كشفت ثورة الشام للعالم أجمع؛ عمالة حكام المسلمين، وسيرهم الحثيث في طريق التبعية والخيانة، متسترين برداء الاسلام تارةً؛ وبالحرص على دماء أهل الشام وأرضهم تارةً أخرى، ولعل ما حدث في مؤتمر فيينا الأخير؛ يكشف مدى خبث الدور الذي يلعبه هؤلاء الحكام؛ وخاصةً بعد أن تبنى أعداء الاسلام المجتمعون؛ استراتيجية القضاء على ثورة الشام واجهاضها، وغيروا من أساليبهم الخبيثة؛ بعد فشل كل الأساليب السابقة؛ وعلى رأسها مبادرات المبعوث الدولي "ستيفان دي مستورا" في تجميد القتال.
صرح الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" يوم الأحد 1515م في بيان أصدره المتحدث الرسمي باسمه من نيويورك - إن المشاركين في اجتماع فيينا، الذي عقد السبت 1415م بشأن سوريا، "توصلوا إلى تفاهم مشترك حول العديد من القضايا الرئيسية ،حيث وافقوا على العمل من أجل دعم وتنفيذ وقف لإطلاق النار في سوريا بمجرد أن يبدأ ممثلوا الحكومة السورية والمعارضة في اتخاذ الخطوات الأولى نحو عملية التحول تحت إشراف الأمم المتحدة، استناداً إلى بيان جنيف".
وقد سارع هؤلاء الحكام إلى تنفيذ ما اتفق عليه أعداء الاسلام؛ فكشف الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي الاثنين 1615م عن رغبة السعودية في استضافة وفود من المعارضة المعتدلة خلال الشهر المقبل؛ للاتفاق على أسماء الوفد الذي سيذهب إلى المفاوضات المزمع اجراؤها مع حكومة طاغية الشام في كانون الثاني المقبل، ومعلوم أن هذه المفاوضات تهدف إلى إجهاض ثورة الشام؛ وتحقيق الحل السياسي الأمريكي، ونقلت صحيفة "القدس العربي"، عن مصدر في المعارضة السورية. "أن جهود السعودية تتم بالتنسيق مع تركيا وقطر، وهدفها جمع التشكيلات والتنظيمات السياسية والعسكرية ضمن مؤتمر وطني، بهدف توحيدها ضمن ائتلاف سياسي، تمثله قيادة موحدة"، وهكذا يعمل كل من حكام آل سعود مع حكام قطر والنظام التركي بهدف جمع الفصائل خلف قيادة سياسية عميلة يرضى عنها أسيادهم؛ وتنال ثقة الغرب الكافر في لعب دور المندوب السامي في تحقيق مصالحه على حساب تضحيات المسلمين ودمائهم، ويأتي دور نظام الأردن في وضع قائمة بالمنظمات غير المرضي عنها أمريكياً، والتي يسمونها إرهابية تمهيداً لاستهدافها؛ بعد أن توحد العالم ضد المخلصين في أرض الشام، فقد صرح وزير الخارجية الروسي" سيرغي لافروف"، أنه تم الاتفاق على إعداد قائمة بالمنظمات "الإرهابية" التي سيجري استثنائها من عمليات وقف إطلاق النار. وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف: إن الأردن سيستضيف اجتماعاً لبحث المجموعات السورية التي ستصنف كإرهابية خلال أسبوعين أو ثلاثة.
أيها المسلمون في أرض الشام عقر دار الاسلام:
إن غياب الراعي الذي يحكم بما أنزل الله؛ جعل من هؤلاء الحكام الرويبضات أدوات لتنفيذ مخططات الغرب، وجعل منهم أدوات لمنع أي محاولة للتحرر من هيمنته واستعماره لبلاد المسلمين، بل كانوا خط دفاعه الأول عن حضارته التي تقوم على أساس فصل الدين عن الحياة؛ وما انبثق عنها من أنظمة الدولة والمجتمع، فكان لا بد بعد كل هذه التضحيات الجسام؛ وبعد كل هذا السيل من دماء المسلمين الطاهرة؛ وبعد أن تبين عداؤهم للمسلمين ووقوفهم مع أعداء الله ضد الإسلام وأهله؛ أن نقطع كل الحبائل التي وضعوها للسيطرة على ثورة الشام المباركة واحتوائها، وأن نقف صفاً واحداً ضد هذه الهجمة الشرسة؛ التي تستهدف ديننا وعقيدتنا ونظام حياتنا المبني على أساس شريعة ربنا؛ وتعمل على اخضاع المسلمين ليسكتوا عن بيع دماء شهدائنا؛ في سوق المفاوضات الخيانية، لتحقيق الحل السياسي الأمريكي.
إن المصاب عظيم؛ وإن الخطب جلل، ولكن ليس لنا والله سوى الصبر والثبات؛ وأن نسلك سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، و ليس لنا والله إلا أن نعتصم بحبل الله المتين وبشريعة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (...قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك...)، فأبشروا بعد ذلك الاعتصام بنصر من الله وفتح قريب، فما بعد العسر إلا يسراً؛ وما بعد الضيق إلا الفرج، قال من بيده مفاتيح النصر: { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، وقال جل جلاله:{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
التاريخ الهجري 4 من صفر 1437هـ
التاريخ الميلادي 1715م
رقم الإصدار: 00137
المكتب الإعلامي لحزب التحرير/ولاية سوريا