في حديث أدلى به لقناة "روسيا 1" السبت 19 كانون الأول 2015م، وفي إجابة عن سؤال حول ما إذا كانت واشنطن تسعى إلى قلب النظام في سوريا، أكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن بلاده "لا تحاول تغيير نظام الحكم في هذا البلد". وأضاف: "هذا لا يعني عموما أننا نريد تبديل جميع جوانب الحكومة السورية. لا، فنحن نريد الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية".
هذا التصريح يكشف بوضوح نفاق السياسة الأمريكية؛ فقد سبق لأوباما في 2011/8/18 أن صرح بأن على الأسد التنحي عن الحكم، ثم تعددت وتكررت التصريحات التي تقول إن "أيام الأسد في الحكم أصبحت معدودة"، وأنه "فقد الشرعية"، وبين هذا التصريح وذاك تستمر الإدارة الأمريكية في التغاضي عن جرائم الأسد التي فاقت العد والحصر، برغم كل الشهادات والتقارير الدامغة، وآخر ذلك تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش بعنوان "لو تكلم الموتى: الوفيات الجماعية و التعذيب في المعتقلات السورية"، نشرته الأربعاء 16 كانون الأول/ديسمبر 2015، وأكدت فيه أنها "وجدت أدلة على تفشي التعذيب و التجويع والضرب و الأمراض في مراكز الاعتقال الحكومية السورية".
وأثبت التقرير بالأدلة الدامغة الجرائم الوحشية التي أدت إلى قتل الآلاف المؤلفة من المعتقلين في سجون الأسد تحت التعذيب الوحشي.
وحتى بعد قرارات مؤتمر فينا في 2015/10/30 فإن النظام المجرم في دمشق ما زال يصب حممه على المدنيين العزل في سوريا، بل ويبزّه شريكه في الإجرام بوتين في قتل المزيد من أهل سوريا بقصف الأسواق الشعبية والمستشفيات والمدارس وغيرها من المرافق، وكل هذا بضوء أخضر أمريكي لا يرى شرًا إلا في فزاعة "تنظيم الدولة"، بل يدعو كيري سفير الإجرام إلى توحد قوى "المعارضة المعتدلة" مع قوات النظام لمحاربة التنظيم.
وفوق جراح أهل الشام يصرح كيري بأن أمريكا تريد الحفاظ على "مؤسسات الدولة السورية". وأي "مؤسسات" يقصد؟ إنها مؤسسات المخابرات والأجهزة القمعية التي خدمت السياسة الأمريكية وفاقت في همجيتها كل ما ذكره التاريخ عن إجرام سابقاتها في أنظمة ستالين و هتلر و بينوشيه وما بينها من أنظمة يندى لجرائمها جبين الإنسانية.
طبعا نحن لا نستغرب هذا الحقد الأمريكي و التآمر الصريح على الأمة الإسلامية، فهذا ديدن الحكومات الأمريكية المتعاقبة منذ طمعت أمريكا في وراثة الاستعمار الأوروبي في بلاد المسلمين، ولكن نتوقف عند تصريح كيري، في المقابلة نفسها، بأن "مفاوضات فينا أظهرت حقيقة أن روسيا والولايات المتحدة وإيران متمسكة بموقف واحد يتمثل في الحل السياسي للأزمة السورية"، فهنيئا لقادة إيران تحالفهم "غير المقدس" مع رأسي الكفر أمريكا وروسيا، ونقول لهم خبتم وخاب مسعاكم وخسئتم في خدمتكم "للشيطان الأكبر" لقمع ثورة الشام، كما نقول لأولئك المهرولين إلى مؤتمرات الرياض واسطنبول و جنيف و فينا و نيويورك: أما آن لكم أن تستحوا على أنفسكم من اللهاث وراء قادة الاستعمار العالمي وخاصة أمريكا التي غطت جرائم النظام البعثي النصيري في سوريا في عهد الوالد والولد؟ أما زلتم تتوهمون أن الأمم "المتحدة في حربها على الله ورسوله" تريد خيرا بسوريا وأهلها أو بالمسلمين أينما كانوا؟؟ من كان منكم فيه ذرة خير فعليه أن ينبذ حبل أمريكا ويعتصم بحبل الله، ومن أصر على استرضاء أمريكا فسيبوء بالخزي والعار في الدنيا قبل الآخرة.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾
عثمان بخاش
مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
التاريخ الهجري 1437-03-11
التاريخ الميلادي الثلاثاء, 22 كانون الأول/ديسمبر 2015م
رقم الإصدار: 1437هـ / 014