lectures

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

khabar1211155

الخبر:


 التقى وزير الخارجية التركي تشاووس أوغلو بنظيره الروسي لافروف في بلغراد. وقال لافروف بأنه لم يسمع "شيئا جديدا" في أول هذا اللقاء الذي يعد اللقاء الأول وجها لوجه بعد أزمة الطائرة. فيما قال تشاووس أوغلو بأنه: "متأكد من أنه بعد أن تم تجاوز العاطفة والانفعال، سينتصر الحس السليم وستعود علاقتنا لسابق عهدها القديم". (الجزيرة التركية)

التعليق:


 بغض النظر عن التحليلات السياسية المختلقة المنقسمة، فإن هذا الوضع الحالي في العلاقات التركية الروسية ليس أمرا يمكن تفسيره بناء على أحداث وأزمة الطائرة فحسب. ويمكن القول بأن التطورات في الوضع السوري، ونتائج اجتماع فيينا والهجمات الروسية على الجماعات العسكرية في سوريا عدا تنظيم الدولة، فضلا عن علاقة حزب الاتحاد الديمقراطي بروسيا، كل هذه الأمور تظهر بأن الجانب الروسي اخترق عمدا الحدود. كما تظهر ردود الأفعال الفورية التي صدرت عن الساسة الأتراك بعد إسقاط الطائرة بأنهم لا دخل لهم ولا تأثير في إسقاط الطائرة. تركيا، الغارقة في بحور الأزمة، انقلبت أحوالها رأسا على عقب في محاولة منها لمد قناة اتصال مع روسيا. وأخيرا كان هناك اجتماع، علق فيه لافروف بأنه "لم يسمع شيئا جديدا"، فيما قال فيه تشاووس أوغلو بأنه: "متأكد من أنه بعد أن تم تجاوز العاطفة والانفعال، سينتصر الحس السليم وستعود علاقتنا لسابق عهدها القديم".

إلى أن تم الترتيب لهذا التواصل، عملت روسيا وبعناد على تصعيد التوتر، وأوقعت عددا من العقوبات الاقتصادية على تركيا، فيما ألقي القبض على رجال أعمال أتراك وتم ترحيلهم، وأصبحت الشاحنات التجارية الداخلة لروسيا تفتش بكثافة. بل إن الحدث ذهب أبعد من ذلك بالقول بأن تركيا تشتري النفط من تنظيم الدولة، وبأن أردوغان بصفة مباشرة يتولى ويرعى هذه الأعمال التجارية. وبالإضافة إلى ذلك فقد تم استهداف الرئيس أردوغان مباشرة من خلال نشر أشرطة متعلقة بالفساد كانت قد نشرت سابقا. ولفت هذا الوضع طبعا أنظار المعارضين لأردوغان في محاولة لجعل الرأي العام المحلي لصالح روسيا. وإلى جانب هذا كله، كثفت روسيا العمليات داخل سوريا وبخاصة إلى المناطق الحدودية، بل وقامت بإطلاق النار على شاحنات إغاثة. هذا بالإضافة إلى أنها نقلت صواريخ S-400 إلى سوريا. وكان هذا، عبر اجتياز مضيق الدردنيل بعد يوم واحد فقط من إسقاط الطائرة!

لقد كان البيان بشأن أزمة الطائرة والتي أدلت به أمريكا التي وضعت الأساس السياسي والعسكري للممارسات الروسية والمجازر في سوريا كان أكثر ما يكون تصريح من يمسك العصا من المنتصف. فبينما كانت تصرح بأن "تركيا لديها الحق في حماية حدودها"، كانت من الناحية الأخرى تمهد الطريق أمام فتح قواعد عسكرية في تركيا لتستخدمها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، كما كانت تزيد من الضغط على تركيا لتعمل على تحصين السلامة وتأمينها على طول الحدود السورية. وجنبا إلى جنب مع تكثيف روسيا وجودها في البحر الأبيض المتوسط بسبب أزمة الطائرة، تقدم حلف الناتو وجمَّع سفنه في البحر المتوسط أيضا.

إن تركيا - على وجه الخصوص نظرا لاعتمادها على الغاز الطبيعي وكلفة مناقصة المحطة النووية الباهظة - ليست في وضع مؤاتٍ ضد روسيا. ومع ذلك، ولا سيما في مواجهة هذه الأوقات الصعبة، فإن روسيا لن تتجاهل تركيا. وهنالك شيء واحد مؤكد، وهو أنه عندما انهار الاقتصاد السوفييتي، انهار معه الجيش الأحمر بذات السرعة. ما أقوله هو أن الأجواء المتوترة التي يُسعى إلى خلقها عبر بعض وسائل الإعلام غير واقعية. وتصريحات المسؤولين الروس تؤيد هذا الوضع على أي حال.

وسواء تعلق الأمر بهجمات باريس، أم بأزمة الطائرة، فإن أمريكا قد استفادت من هذين الحدثين من خلال تحويل مسار الجميع وأنظارهم بعيدا عن نظام الأسد إلى ما يسمى الحرب على "الإرهاب". وحتى تركيا التي كانت تطلق الخطب الحماسية بـأن "على الأسد أن يرحل" أصبحت الآن تتحدث عن "التغيير مع أو دون الأسد". وقد كتب تشاووس أوغلو مقالا لصحيفة التايمز البريطانية عنوانه "على روسيا أن تركز على العدو المشترك".

وختاما، فإن روسيا بحجة الأزمة، أصبحت تنشر صواريخ S-400 براحة أكبر، وتمعن في مجازرها في سوريا أكثر مما أمعنت سابقا، كما استطاعت من خلالها إمداد نقطة الضعف التركية، حزب الاتحاد الديمقراطي، بالمزيد من الذخيرة، كما عززت وقوّت يد الأسد أكثر في جنيف. وإذا ما حصل اختراق آخر لحدودها، فإن تركيا لن تفكر في القيام بما قامت به هذه المرة. وفي الواقع، فإن الشرح تلو الشرح عن كون "أننا لو عرفنا أن الطائرة روسية لربما كنا حذرناها بشكل مختلف" و"إننا آسفون" هي إشارات على ما ذكر آنفا. وكان الشيء الوحيد الذي قامت به تركيا في مقابل العقوبات الروسية هو زيارة قطر وأذربيجان من أجل إيجاد "مصدر لشراء الغاز البديل، في حال قامت روسيا بقطع إمدادات الغاز".
وفيما يتعلق بالتركمان الذين كانوا سببا في إسقاط الطائرة.. فلن يتغير شيء بالنسبة لهم. والآن تهاجم روسيا بقسوة وبطش أكبر.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عثمان يلدِيز

1 ربيع الأول 1437
الموافق 2015/12/12م