بعد ثمان سنوات على أعظم ثورة قام بها الشعب المقيد بحكومة عميلة لا تستطيع إلا أن تنفذ أوامر الأسياد، هذه الثورة التي تمردت على المنظومة الدولية القذرة التي تتزين بشعارات كاذبة مخادعة، كان على رأسها هذه المنظومة أمريكا التي سيّرت الجيوش الدبلوماسية من جهة والآلة العسكرية من جهة مقابلة للحد من تمدد وتوسع هذا الجسم الذي يهدد مصالحهم وأطماعهم بإسقاط الحاكم العميل الذي يسحق شعبه إرضاء لهم.
تمددت هذه الثورة رغم القتل والتدمير واستخدام كافة أنواع الأسلحة المسموحة والمحرمة دوليًا من كيماوي الغوطة إلى مجازر الشمال والجنوب التي يندى لها الجبين، ورغم الدوائر والفخاخ السياسية التي نصبت بأوامر الداعمين الذين كانوا يخدعون ويرواغون تحت عنوان (أصدقاء الشعب السوري) والتي كان دورها أخطر وأقذر من دور الطرف المقابل الذي استخدام آلة القتل والإجرام لتحقيق مراده، ولكن لغياب المشروع الواضح والرؤية السياسية الواعية تمكن الذئاب من تقييدها وحرفها عن مسارها لإسقاط الطاغية عبر مالهم السياسي القذر وصناعة رأس وهمي يقاد في محافل الخزي والعار، فكانت النتيجة تهاويَ المنطقة واحدة تلو الأخرى جراء الخيانات والعمالات، وكان آخرها ما حصل في درعا مهد الثورة التي أُغرقت بالوعود الكاذبة والشعارات الرنانة من العدو المخادع والقريب المحتال، حتى أدخلوها في معاهدة تسوية تفضي إلى التنازل عن الأرض والسلاح لسفاح الشام، وتهجير الرافضين للتسوية إلى الشمال، وإعطاء مهلة ستة أشهر لمن قبل بهذه الشروط.
والآن وبعد مرور فترة على هذه المؤامرة القذرة التي كان أبطالها قادة فصائل خونة تمت صناعتهم بالمال القذر تحت أنظار غرف العمليات المخابراتية كي يفرطوا بالتضحيات بسهولة، وبعد تخطي هذه المرحلة نرى بعض المشاهد في حوران مهد الثورة تعبر عن حقيقة المفاهيم التي زرعتها أعظم ثورة في نفوسهم، تتمثل هذه المشاهد في بعض الأعمال الأمنية، وفي عودة ظاهرة الرجل المجهول "الرجل البخاخ"، هذه الأحداث تبشر بعودة الأمور إلى سابق عهدها، وتنذر بخطر يستشعره من ظن نفسه أنه قد أغلق ملف الجنوب عندما شاهد بعض المرتزقة والمتحولين والخونة يستقبلون المجرمين بالأهازيج والمآدب والوفود.
هذا الأمر يدل على الحقيقة التي حاول المجرمون إخفاءها، ولكن ما لبثت إلا أن ظهرت تعبر عن حيوية الأمة وقابليتها للتضحية من جديد. وهذا التطور الملاحظ علانية بدأ يتوسع يومًا بعد يوم وينتشر كما تنتشر النار في الهشيم وأدخل المتآمرين والمجرمين بدوامة الحيرة، يظهر ذلك من الصدمة التي يدل عليها السكون المعبر عن عجز النظام المجرم وداعميه عن كيفية التعامل مع هذا الإنذار الخطير الذي يكشف حقيقتهم الضعيفة التي تفضح كذبة هذا النظام المجرم ووهمية سيطرته الهشة على تلك المنطقة التي يسعى لتغطيتها، ولكن اتسع الرقع على الراقع!.
يا أهلنا في الشام المبارك عامة وفي حوران خاصة: ما عليكم الآن وفي هذه الفترة إلا إدراك أمر ضروري ألا وهو حقيقة النظام المجرم وهشاشته وضعفه، وأن تسعوا لاستغلال تمدده بهذه الطريقة التي جعلت منه صيدًا سهلًا، وجعلت هذه المناطق عبئًا عليه بعد أن ظن أن هذه المؤامرة ستحقق له الراحة والأمان وأن تكون خطوة لقتل ثورتكم التي ضحيتم بالغالي والنفيس من أجل إسقاط الطاغية المجرم الذي أغرق البلاد بدماء أبنائكم وأغلق السجون على أعراضكم واستعان بأنذال العالم لكسر إرادتكم، ولكن الشعوب لا تقهر إذا تمسكت بحبل الله المتين وأصرت على هدفها الذي خرجت من أجله وجعلت أغلى ما تملك رخيصًا تضحي به لتحقيقه، وعليكم أن تدركوا أنه يجب رفض الارتباط وقطع العلاقات والحبال مع الدول التي انكشف كذبها وخداعها وعداوتها لثورتكم حين تحالفت مع المجرمين ورعت مصالح دول الغرب، غير آبهة بشعارات أطلقتْها وجعجعت بها مثل "المهاجرون والأنصار" وغيره من كلمات فضحتها دماء الشهداء وأنين الجرحى وصرخات الثكالى والنازحين.
وختامًا، عليكم يا إخواننا أن تستفيدوا من الدروس والعبر التي سطرتها ثورة الشام، وأهمها كشف المؤامرات القذرة التي كانت تقودها دول مخادعة كاذبة بمالها السياسي القذر مدعية حرصها وخوفها عليكم، وأوصيكم كذلك بالثبات على الطريق الذي يرضى الله عنه، وابتغاء النصر الذي وعد به عباده الصادقين على الرغم من حقد الحاقدين وقذارة المجرمين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
محمد الحمصي (أبو ذر)