press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

3

 

منذ بداية ثورة الشام، عملت أمريكا على ضربها بالأسلوب الخشن من خلال إيران ومليشياتها وحزبها اللبناني، وعندما أيقنت أنها لن تنجح بذلك، أدخلت روسيا نهاية سنة 2015م إلى سوريا لضرب حاضنة الثورة بيد من حديد، وللمحافظة على رأس النظام القابع في دمشق، ولحمايته من السقوط المدوي.

ولم تكتفِ بذلك، بل استعملت الأسلوب الناعم - وهو أسلوب أخطر من الأسلوب الخشن - من خلال الدول التي تَدَّعي صداقة الشعب السوري! وعلى رأسها تركيا أردوغان، الذي ضرب ثورة الشام في خاصرتها، وكبَّلها بالمال السياسي المسموم، فحاول أن ينقل الثورة من ثورة شعب إلى ثورة فصائل؛ ليسهل بذلك انقيادها وحرفها عن ثوابتها التي خرجت لتحقيقها، وهي إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه، والتحرر من دول الكفر وإنهاء نفوذها، وإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة.

وبذلك ابتليت ثورة الشام بالمنظومة الفصائلية المرتبطة التي رعتها أمريكا وأشرفت عليها مباشرة في شمال وشرق سوريا (قسد)، أو بشكل غير مباشر من خلال النظام التركي في الشمال السوري وغربه، وقبله النظام السعودي وغيره في الجنوب. هذه المنظومة الفصائلية ومخابراتها، التي سامت حاضنة الثورة سوء العذاب؛ من اعتقال وخطف، وانتهاك لحرمات البيوت، وتضييق على الناس في أرزاقهم، إلى أخذ المكوس منهم في الداخل، أو من خلال المعابر بين مناطق سيطرة هذه الفصائل.

ومما زاد الطين بِلَّة، انعدام فرص العمل وانهيار العملة السورية الدراماتيكي أمام الدولار في السنوات الخمس الأخيرة؛ من 500 ليرة سورية أمام الدولار الواحد، إلى أكثر من 10000 ليرة.

وتعويم العملة هذا، كان له الأثر السيئ على الوضع المعيشي للناس، وهو أداة ضغط لتركيع حاضنة الثورة، ومحاولة جعلهم يتخلّون عن ثوابت ثورتهم. ولم تسلم من ذلك البلاء حتى المناطق التي تتعامل بالليرة التركية؛ بسبب فقدانها قيمتها هي الأخرى أمام الدولار.

وعندما ظهر خطر المنظومة الفصائلية التي رعتها أمريكا وأشرفت عليها، سقطت هذه المنظومة من عيون الحاضنة الشعبية، ولكن لم تسقط ثورتهم العظيمة، وما نراه من الحراك الشعبي منذ عدة شهور ضد مواقف وممارسات المنظومة الفصائلية ومخابراتها وشبيحتها، خير دليل على ذلك؛ فالمظاهرات الشعبية المنددة بأفعال مخابرات ما يسمى هيئة تحرير الشام وانتهاكاتها بحق أهل الثورة متواصلة، خرج فيها الرجال والنساء والأطفال، فأعادنا هذا الحراك لبداية ثورة الشام، من شعارات حقيقية، ووضع أسماء للمظاهرات في كل جمعة، وما ذلك إلا دلالة واضحة على أن الثورة مستمرة، وأن المنظومة الفصائلية المرتبطة قد سقطت بعد كشف حقيقتها ودورها.

يا أهلنا في الشام: لقد كان حزب التحرير منذ البداية صادعاً بالحق، راسماً الخط المستقيم بجانب الخطوط العوجاء، مبيناً الطريق الذي يجب أن تسلكوه، والهدف الذي يجب أن تسيروا إليه، ومحذراً من أخطار الطريق، وكاشفا ما ستتعرضون له من مكائد ومؤامرات في خضم بحرٍ من الدول العدوة المتربصة بالإسلام والمسلمين، ومبينا لكم منذ البداية؛ أن الثورة لا تعني تغييراً في الشكل واستبدال ظالم بظالم، بل تعني تغيير الواقع الفاسد في الشكل والمضمون، وقد حذركم في 19 أيلول/سبتمبر 2011م من خطورة الدور التركي، من خلال بيان بعنوان: "انكشاف الدور التركي في سوريا: اختطاف وتسليم الضابط حسين هرموش إلى النظام السوري".

وها هو اليوم يكشف لكم خطر ما وصلت إليه المنظومة الفصائلية وتغولها على المخلصين، وخطر المصالحات مع نظام بشار المجرم التي دعا لها النظام التركي وسارعت المنظومة الفصائلية بتطبيق خطواتها العملية.

ويذكركم أيضا، أن كل من أراد الحق وضحَّى من أجله، فليبقَ ثابتاً على الحق الذي سار عليه، وليُدرك حقيقة الغرب وأتباعه من الحكام، وكذلك عليه أن يُدرك حقيقة الصراع والمعركة؛ معركة الحق والباطل.

وإن كنتم كذلك، فلتعلموا أنكم قادرون على أن تُنقذوا ثورتكم من أيدي العابثين، وتُعيدوا توجيهها وجهتها السليمة، نحو إسقاط النظام المجرم بدستوره وبكافة رموزه وأركانه وقوانينه، والاستعاضة عن جميع ذلك بأحكام الإسلام وقوانينه ونظامه السياسي الذي ارتضاه الله لكم، نظام الخلافة، الذي يقدم لكم مشروعه حزب التحرير، فلا خلاص لكم ولثورتكم إلا بتبني هذا المشروع العظيم.

وليعلم أهل الشام، أن حزب التحرير هو منهم، كما هم جزء من الأمة الإسلامية، وهو كالنذير العُريان؛ حريص على أمته من كل المخاطر؛ والنذير العُريان هو الرجل إذا أراد إنذار قومه وإعلامهم بما يُوجب المخافة، نزع ثوبه وأشار به إليهم، وهو مسرعٌ نحوهم، ليخبرهم بما دهمهم. وإنما يفعل ذلك طليعةُ القوم ورائدُهم؛ ليحثَّهم على التأهب للعدوّ.

وبهذا الوصف وصف النبي ﷺ نفسه وما بُعث به، فعن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ مَا بَعَثَنِيَ اللهُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمَهُ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ إِنِّي رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَيَّ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ، فَالنَّجَاءَ، فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَدْلَجُوا فَانْطَلَقُوا عَلَى مُهْلَتِهِمْ، فنجوا، وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ، فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي وَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ، وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ مَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ» أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

بقلم: الأستاذ محمد صالح

 

المصدر: https://tinyurl.com/ywwmebav