لقد عمل أعداء ثورة الشام على إبعاد أهل الاختصاص عن العمل باختصاصهم بما يعود بالخير على ثورة الشام .
فأول مكر مكروه بها تنصيب قيادة سياسية لها لا علاقة لهم بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد ، بل هي تشكيلة من العقليات المتناقضة المنتفعة التي لا يمكن أن تتفق إلا على بحث كل شخص منهم عن مصلحته الشخصية ، و تنفيذه لمطالب الدول المتآمرة مما جعل الثورة حقيقة بلا قيادة ، بل صُنّعت لها أدوات تتلاعب بها الدول حسب مصالحها .
والمكر الثاني هو إبعاد الضباط المنشقين عن قيادة العمليات العسكرية ، وتجميدهم في مخيمات الضباط في تركيا ، ودعم أشخاص لا علاقة لهم بالعمل العسكري ولا باحترافيته وانضباطه ، مما أسهم في فشل العمل العسكري رغم عظم التضحيات ، بل مما زاد الطين بلة أن هؤلاء القادة العسكريين أخذوا يمارسون أدواراً أخرى غير العسكرة ، فأصبحوا سياسيين و إداريين وأمنيين ، فقد أنشؤوا مجالس محلية وحكومات وإدارات يديرونها ، ويتدخلون بكل شاردة وواردة وفق العقلية العنيفة التي تكونت لديهم من خلال العمل العسكري الأهوج .
والمكر الثالث العمل على عزل وإبعاد أصحاب الاختصاص في السياسة و محاولة فصلهم عن الثورة و حاضنتها ، فحورب حزب التحرير حامل المشروع السياسي الإسلامي العظيم ، وصاحب الخبرة والوعي الفكري والسياسي على قضايا الأمة و قضيتها المصيرية ، والمدرك للموقف الدولي وتآمره على قضايا المسلمين ، وذلك لمنع الثورة من الاستفادة من خبراته والانقياد له ولمشروعه الإسلامي ، بل دفع البعض بعلم أو بجهل لممارسة الخطاب الديماغوجي ضده ، كالطلب منه أن يتحول من حزب سياسي إلى فصيل عسكري أو جمعية خيرية تجمع التبرعات وتوزعها على المحتاجين ، محاولين إخراجه عن اختصاصه ، بل يسأله البعض بكل بلاهة كم معركة خضت أو كم نقطة رباط عندكم بعد إغلاق الجبهات ، وهو سؤال يشبه من يسأل المهندس كم عملية جراحية عملت بدل أن يسأله عن مشروعه الهندسي الإنشائي .
إن الثورة لا يمكن أن تنجح حتى تأخذ بأسباب النجاح ، وهي وضع كل ذي اختصاصٍ باختصاصه والسير على الطريق المستقيم ، وهذا يبدأ باتخاذ قيادة سياسية مختصة كحزب سياسي يحمل مشروعاً سياسياً ينبثق من عقيدة الأمة ، لتدير القيادة السياسية حراك الثورة بإعطاء كل جهة عملها فيما اختصت به وخصوصاً العسكرة .
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وألهمنا اجتنابه ، وأرشدنا لأحسن أمرنا إنك عليم حكيم .
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمد سعيد العبود