
إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وجعل له تشريعا ينظّم به حياته ويشبع رغباته وحاجاته، ولم يترك الأمر لعقله العاجز القاصر. وقد جعل الله لذلك طريقة ثابتة لا تتغير في أي زمان ومكان لأداء ما فرض الله من تشريع، ولم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أوجد لها معالجة وكيفية تنقيذ لتلك المعالجات. قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).
فالواجب على المسلم أن يسيّر كل أعماله وينظم كل علاقاته بينه وبين ربه، ونفسه وغيره، وفق نظام أوجده الله سبحانه وتعالى، وهو نظام متكامل لا يتجزأ ولا يقبل أن يطبق جزء منه ويترك بعضه، كالالتزام بما يخص العبادات الفردية، من صلاة وصوم وزكاة وحج وغيرها، والتوهم أننا نطبق شرع الله باقتصارنا عليها وتركنا للحكم بما أنزل الله.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتُنْقَضَنَّ عُرَى الإسلامِ عُرْوَةً عُرْوَةً، فَكلَّما انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ الناسُ بِالَّتِي تَلِيها، فأولُهُنّ نَقْضًا الحُكْمُ، وآخِرُهُنَّ الصَّلاةُ).
ولم تكتفِ الأمة بنقضها وتركها! بل استبدلت نظاما وتشريعا من عقول البشر بها، وجعلته دستورا يعمل به وجعلت له مجلسا تشريعيا يشرعن ما أقرته تلك العقول.
نعم نحن مسلمون ولكن ما يطبق علينا ليس من جنس عقيدتنا، بل مسميات ديمقراطية وعلمانية وغيرها مخالفة لأمر الله تحت أي حجة وذريعة واهية. فالواجب علينا أن نسعى للحكم بما أنزل الله، ولقد توعدنا الله سبحانه إذا حكمنا بغير شرعه، قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). والأمة الإسلامية ستبقى تعاني الذل والهوان، وتظل عرضة لأطماع الغرب الكافر، يستبيح دماءها وينهب خيراتها ويجعل أرضها مرتعا لأطماعه، ونفوذه يتحكم فيها اقتصاديا وسياسيا وفكريا ما بقيت الأمة معطِّلة لنظام ربها ألا وهو نظام الخلافة الراشدة الذي وعدنا الله به وبشر به نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله: (ثم تكون خلافة على منهاج النبوة). وهذا ما يخشاه الغرب الكافر ويعمل بكل جهده وقوته ومكره لإبعاده عن سدة الحكم، وهو يقبل بأي شي إذا اضطره الأمر لكن لا يقبل بوصول الإسلام السياسي إلى الحكم، لأنه يدرك تماما أن أطماعه ونظامه ومصالحه ستزول.
فما طريق النجاة لأمة الاسلام؟! إنه العمل الجاد لاستئناف الحياة الإسلامية، وإقامة دولة الإسلام وحصنهم الحصين، ليصل الإسلام إلى الحكم وليس فقط وصول مسلم إليه، ويطبق الإسلام كنظام حياة من جديد كما أمرنا الله سبحانه وتعالى، وبذلك فقط تعود للأمة عزتها ومكانتها وريادتها، وتقطع دابر الكافرين، (وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ).
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمود البكري
