قالت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء 5 تشرين الأول/أكتوبر إن "خمسة ملايين شخص يتضررون من أزمة المياه المستمرة" في شمال وشمال شرق سوريا، داعية إلى "استجابة متعددة القطاعات" بقيمة 251 مليون دولار لمساعدة 3.4 مليون من الأشخاص الأكثر تأثرا خلال الأشهر الستة المقبلة، وقد تم استلام 51 مليون دولار فقط حتى الآن.
يعجز الناس في الأجزاء الشمالية من سوريا عن الوصول إلى مياه آمنة وكافية على نحو موثوق به بسبب انخفاض مستويات المياه، وتعطل أنظمتها، والقدرة التشغيلية المنخفضة أصلا لمحطات المياه. هذا بالإضافة إلى الآثار الصحيّة الناجمة عن نوعية المياه الرديئة، والتي غالباً ما تجلب الأمراض المنقولة بالمياه وغيرها من المشاكل الصحيّة إلى المخيمات، مثل الإسهال والتهاب الكبد والقوباء والجرب والعديد من الأمراض الأخرى. هذا وقد نبّهت منظمة أطباء بلا حدود إلى أن محدودية الوصول إلى المياه النظيفة في شمال سوريا يفاقم من انتشار الأمراض كما يعيق إجراءات النظافة الأساسية في ظل ارتفاع وتيرة الإصابات بكوفيد-19.
إن أزمة نقص المياه ليست جديدة، ولكنها متكررة على مدى الأزمة السورية لأنها نتيجة السياسة الاستعمارية لترويض الناس بقبول الأمر الواقع. فهم يتحدثون فقط عن الأسباب اللوجستية والمناخية، وكأنها حدث طارئ، ينسبون حدوثه للطبيعة وللمناخ وقلة هطول الأمطار مع ذكر ضعف البنية التحتية على مضض، دون الحديث عن الفساد وعن تآمر الحكام العملاء والوكلاء لإذلال الناس وإخضاعهم باستخدام كافة الطرق والأساليب لذلك كاتهام القوات الكردية مثلاً وبعض منظمات المجتمع المدني السوري، القوات المدعومة والموالية لتركيا بقطع إمدادات المياه بشكل متقطع عن محطة علوك المائية بعد السيطرة عليها أواخر عام 2019 كجزء من عملية عسكرية في شمال سوريا. وبحسب منظمة أنقذوا الأطفال، نادراً ما ضخت محطة علوك المياه بكامل طاقتها خلال هذا العام، ولم تضخ أي مياه لمدة 89 يوماً، بل ضخت أقل من نصف طاقتها لمدة 142 يوماً.
يعرضون هذه الأزمة وكأنهم يتحدثون عن بلد لم تنهكه آلة الحرب المجرمة التي قضت على البشر والشجر والحجر، وما زالت، دون رحمة ورأفة بأطفاله وشيوخه ونسائه. إنها سوريا التي خذلها حكام المسلمين وتآمر عليها الغرب الكافر مع كافة مؤسساته اللاإنسانية التي لا تكف عن التشدق والثرثرة عن المساواة وحقوق المرأة وحقوق الإنسان والحريات وغيرها من العبارات الرنانة التي ما نفعت أهل سوريا بشيء سوى القضاء على كل مقومات الحياة فيها.
إنها أزمة مفتعلة كغيرها من الأزمات المسيسة، أزمة غير إنسانية تديرها كل الأيادي السوداء الملطخة بالدماء وعلى رأسها هذا النظام البعثي المجرم الذي لا يكترث لمعالجة قضية المياه، حيث من الواضح تماما أنه لا يعتبرها قضية، فمع التكنولوجيا المتاحة في العصر الحالي والمليارات التي تجمعها المنظمات الإغاثية، فإنه لن يكون من الصعب إنشاء وتمويل مصدر مستدام للمياه، بدل استمرار معاناة الملايين من الناس الأبرياء، بالإضافة إلى حصول موجات الجفاف التي أصابت الأراضي الزراعية في هذه المنطقة التي تُعد تاريخيا سلة غذاء البلد، مع عدم إمكانية زراعة نصف الأراضي البالغة مساحتها 1.5 مليون هكتار حيث يعتمد أكثر من 70% من سكان شمال شرق سوريا في معيشتهم على القطاع الزراعي.
وكغيرها من المشاكل والأزمات التي يعاني منها المسلمون في مختلف بلاد المسلمين، لن يتم علاج أزمة نقص المياه ووقف معاناة الناس الأبرياء إلّا إذا تم النظر إليها ضمن رعاية شؤون الناس رعاية حقة ينفذها إمام وحاكم صالح عادل، صفات لا نجدها في حكامنا العملاء الحاليين، فالحاكم في النظام الإسلامي يرعى شؤون الناس حسب نظام رباني أساسه العدل وحفظ إنسانية كل فرد من أفراد الرعية.
فليس بكثرة الأموال أيتها المنظمات التجارية ولا بالتقارير الدولية المسيسة يتغير حال البلاد والعباد، بل بماهية النظام الذي يدير ويُدبر شؤون الناس، فلا نسمع بشح المياه أو نضوبها مما يؤدي إلى ارتفاع عدد الوفيات، ولا بجفاف الأراضي الزراعية مما يؤدي إلى حصول كارثة إنسانية.
وهذه السياسة الاستعمارية لا يمكن الخروج منها إلا بدولة مبدئية وهي دولة الخلافة الراشدة الثانية القائمة قريباً بإذن الله. فالإسلام جعل المياه من الملكيات العامة التي يجب أن ينتفع منها الناس لقول النبي ﷺ: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّار».
القسم النسائي
في المكتب الإعلامي المركزي
لحزب التحرير
التاريخ الهجري | 17 من ربيع الاول 1443هـ | رقم الإصدار: 1443هـ / 012 |
التاريخ الميلادي | الأحد, 24 تشرين الأول/أكتوبر 2021 م |
المصدر: https://bit.ly/3nDcPBn