السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحال الذي وصلنا إليه ووصلت إليه ثورتنا لا يخفى عليكم، وما فاجعة داريا عنكم ببعيدة، ولئن بقينا على ما نحن عليه فإننا جميعاً وثورتنا في خطر، وسنحصد المر وتضيع التضحيات مالم نعمل لتقويم مسارنا وتصحيح أوضاعنا وتدارك الخطر المحدق بنا.
وإن أهم من تقع عليهم المسؤولية فيما حصل ومن ثم العمل لتغييره، هو أنتم كأهل حل وعقد ووجهاء وأصحاب فعاليات، لما تمثلونه ولما لكم من دور وتأثير في المجتمع، فكان لابد أن تضطلعوا بمسؤولياتكم وتصححوا الأخطاء كي ننقذ المركب قبل أن نغرق جميعاً.
فإن الواقع المرَّ الذي نعيشه ليشهد أن الأموال الخبيثة التي كانت تصل من تركيا والخليج والمنظمات الدولية الاستخباراتية كانت سهاماً مسمومة لم تجلب لنا إلا البؤس والشقاء وأنهار الدماء، فشتت جمعنا وفرقت فيما بيننا، وأشغلتنا ببعضنا عن فعل ما يجب فعله تجاه رص صفوف الأمة خلف قيادة سياسية واعية تحمل مشروع الإسلام العظيم, فتحاسب قادة الفصائل ليخضعوا لما تريده الأمة من خير، لا ليُخضِعوها لما يريده الداعمون ومنظمات الضرار التي تنضح بكل خبيث.
نعم، لقد رأيتم بأم أعينكم حجم الكارثة، فسكتّم وها نحن نحصد ثمار السكوت. إذ ليس دوركم صنع دولة وهمية ولا صنع مؤسساتها، فها هي داريا قد رحلت بكل ما ومن فيها. دوركم الحقيقي هو تنظيم حركة الناس وتصويب نشاطهم لأطرِ من يبغونها عوجاً من قادة الفصائل على الحق أطراً فلا يحيدون عنه بدل انشغالكم بالإغاثة وغيرها مما تشغلكم به منظمات ضرارٍ تخدم أجندات أعداء الإسلام.
أنتم من يجب أن يتحرك ويُحرّك معه الأمة لكل خير لحل المشكلة جذرياً بدل إبر المُسكن وترقيعاتٍ هشة لا تُسمن ولا تغني من جوع. أنتم من يجب أن يقود الأمة إلى النصر بأن تأخذوا دوركم وتمدوا حبل النجاة وطوقه للأمة فتجمعوا شملها حول المشروع الإسلامي (خلافة على منهاج النبوة) يوحد جهود المدنيين والعسكريين للزحف نحو عقر دار الطاغية في قلب العاصمة لإسقاطه وإقامة حكم الإسلام لإنهاء معاناتنا ونزيف دمائنا.
الله الله في دينكم وأعراضكم ودماء شهدائكم .. لا تبخلوا على الأمة بما حباكم الله من فضل وقدرة على قيادة الناس لما فيه خير البلاد والعباد، إذ بأيدينا خلاصنا لا بأيدي أعدائنا، فكونوا في مقدمة صفوف الناس لجمعهم على مشروع الإسلام العظيم الذي يوحد جهودنا وينهي تشرذمنا ويلزم قادة الفصائل بالانصياع لما نريد لنا ولهم من خير فإن أبَوا فالسيادة لشرع الله والسلطان لأمة الإسلام، وقد آن لها أن تقول كلمتها فلا تخشى بعد اليوم في الله لومة لائم.
ونختم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ففيه عبرة وحياة:
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا)
والحمد لله رب العالمين
28 ذو العقدة 1437هـ
116م
حزب التحرير
ولاية سوريا