تتعرض قصبة الرسولين السورية المتاخمة للحدود التركية والتي تم الاستيلاء عليها من قبل المقاومة منذ يومين للقصف الوحشي من قبل طائرات المجرم بشار الأسد. أما الحقيقة المُرّة فهي أن الظلم الذي تقاسيه هذه القصبة والتي لا تتجاوز مساحتها مساحة حيٍّ من أحياء مقاطعة جيلان بينار التابعة لمدينة شانلي أورفا التركية يمكن رؤيته من الأراضي التركية بكل سهولة ويمكن سماع أصوات الاستغاثة المرتفعة من أزقة قصبة الرسولين من تركيا بكل يسر. لهذا السبب فإن كل القنوات الفضائية قامت بتسليط كاميراتها إلى ما وراء الحدود وذلك لكي تبث الجرائم التي تقع في البلد المجاور ولكي تسجل سبقا صحفيا في بثها للقصف الذي يدور على بعد بضعة أمتار من الحدود.
لقد كانت الكاميرات تتجول في هذه المنطقة قبل أن تقع الثورة في سوريا ضد حكم بشار الأسد وكانت حينها تبث أخبارا عن عبور الأهالي للحدود أثناء الأعياد لغرض زيارة الأقارب من كلا الطرفين. إن وجود العوائل على طرفي الحدود ووجود العلاقات الاجتماعية في هذه الأراضي جعل كُلاًّ من مدينتي جيلان بينار والرسولين لُحمة واحدة وحالة واحدة. إن الشيء الوحيد الذي يفرق هؤلاء الناس الذين ينتمون إلى نفس اللغة والدِّين وأواصر القرابة ويفصلهم عن بعض هو هذه الأسلاك الشائكة التي وُجدت بموجب اتفاقية لوزان وكذلك هذه الحدود الوهمية التي رُسمت بالقلم. إنه في الوقت الذي يقوم فيه أهل المنطقة بسهولة بإزالة هذه الأسلاك الشائكة والتي وُجدت من قبل الكفار لغرض حماية الحدود التي رسموها فإنها تعتبر بنظر حكام تركيا أمر لا يمكن تجاوزه. لأنهم اتخذوا من عدم تجاوز الحدود التي وضعها أسيادهم شعارا لهم ولأنهم رضوا أن يجلسوا على كراسي الحكم مقابل حمايتهم لهذه الحدود، ولهذا السبب فإنهم عاجزون عن إبداء الإرادة الصحيحة والقوية. فبعد أن تم إسقاط الطائرة الحربية التركية من قبل المضادات الجوية السورية أثناء قيام الأولى بجولة استطلاع روتينية في المياه الإقليمية لها دون أن تقوم بعمل عدائي يتجاهل إردوغان الذي صرح بأن "قواعد الاشتباك" للجيش التركي قد تغيرت، وأن كل هدف عسكري تابع للنظام السوري وكل شيء يقترب من حدودنا سيعتبر عنصر تهديد" يتجاهل قصف الطائرات السورية للمسلمين وهي تحلق فوق الحدود وأحيانا تعبرها. أما وزير الدفاع فيقول مخادعا من جديد: "إذا تم تجاوز الحدود فإننا سنتحرك". ونحن بدورنا نتوجه إلى رئيس الوزراء الذي تتناقض أفعاله مع أقواله قائلين له يا رئيس الوزراء:
ألم تعلم أنه يجب عليك أن ترضي ربك وتعمل بكل ما أوتيت من قوة على تنفيذ مشروع أسميته "رؤية 2071"؟
ألم تدرك أن الطريق إلى نوال رضوان الله يمر من خلال الالتزام بالحكم الشرعي؟ لقد لازم المسلمون على مر التاريخ قادتهم الذين جاهدوا أمثال السلطان ألب أسلان غير آبهين بالموت وساروا من ورائهم في جيوش مجاهدة معتبرين الموت في سبيل الله شرفا لهم. ألم تعترف وتُقرّ بنفسك أنك قمت بالتنفيس عن المسلمين لاستهلاك طاقاتهم معتمدا في ذلك على دعم الكفار لك؟ بينما كان أجدادك المسلمون يقاتلون الكفارَ متسلحين بالإيمان وبدعاء إخوانهم لهم! ألم تقم بتسويق العلمانية والديمقراطية للمسلمين متخذا من نفسك نموذجا يُحتذى به؟ بينما كان أجدادك يحملون الإسلام إلى الكفار عن طريق الدعوة والجهاد! ألم تصبح ألعوبة بيد الكفار لتنفيذ مخططاتهم داعما الهيئات التي هي كالدمى أمثال المجلس الوطني السوري وائتلاف قوى المعارضة للثورة السورية، بينما كان أجدادك يقفون مع المظلومين ويقطعون يد الظالم؟
يا رئيس الوزراء:
ألا تظن أن المسؤولية التي ألقاها الله تعالى على عاتقك وكلفك بها تشمل إخوانك المسلمين على الطرف الثاني من الحدود؟ ألا تذكر قول ربك عز وجل وهي تعنيك بالذات بوصفك على رأس سلم الحكم حيث يقول: "وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا" النساء 75. فهل تظن أن الإمكانيات التي تتمتع بها لن تُسأل عنها غدا يوم الحساب لماذا لم تستخدمها لرفع هذا الظلم؟ إن هذا والله لهو خطأ قاتل وغفلة مدمرة أدت بأشياعك من قبل إلى النار، قال عليه الصلاة والسلام: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ :لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ".
29 من ذي الحجة 1434
الموافق 2012/11/14م
حزب التحرير
ولاية تركيا