عندما انطلقت ثورة الشام لم تستأذن لاعسكرياً ولامدنياً بل انطلقت بقوة وزخم لامثيل لهما في التاريخ الحديث، حيرت ليس فقط نظام البؤس والإجرام في سوريا بل العالم أجمع، فقرر الغرب المتخبط في مواجهتها، قرر العمل كل مافي وسعه لإجهاضها، ولكنه لم يتنبه إلى أن المخلصين من ابناء الأمة أيضاً كانوا قد عقدوا العزم على إنجاحها وإجهاض كل جهود الغرب الهادفة لشيطنتها بهدف ضربها وسحقها.
"ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" بهذا علم أهل الشام أنهم منتصرون على أمريكا وأذنابها في العالم من بشار والمالكي وحزب إيران في لبنان وروحاني وروسيا وغيرهم، لأن مكرهم مع أنه بحسب وصف القرآن الكريم "وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال" كبير وعظيم إلا أن مكر الله هو خير من مكرهم وأمضى وهو الذي سينتصر به أهل الحق في ثورة الشام بلاشك.
لهذا حيرت ثورتنا الشرق والغرب ووقفت شياطين الجن والإنس منها موقف العداء الجنوني لأنها استعصت عليهم وامتنعت عن محاولاتهم المؤذية التي لم يكن آخرها براميل الموت بل زادت ووصلت إلى زرع مجموعة من الفتن على أرض الثورة لايكن نتيجتها أقل من سفك الدماء الزكية وقتل الأبرياء وترويع الآمنين، وكل ذلك يصب في مكر أولئك الماكرين، رغم أن الأدوات لتنفيذ ذلك هي نفسها الذين خرجوا في سبيل الله بغية إعلاء كلمته، لكن بعضهم سقط في الفتنة.
لم يعد مقبولاً في ظل هذه الأحداث الجسام التي عصفت بالداخل السوري أي تبرير لتوجيه السلاح إلى وجه المسلمين وسفك الدماء لأي سبب أو حجة. لم يعد مقبولاً تقطيع أوصال المدن والرمي بالشبهة ورفع السلاح في وجه الذاهبين والآيبين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعها، وإن كان أخاه لأبيه وأمه. " ولم يعد مقبولاً أن يتحول السلاح من قلع النظام إلى قلع بعضنا بعضاً.
وهنا كانت صرخات الناس اليوم في شوارع حلب والرقة محقة : إلى أين أنتم آخذونا أيها المسلحون؟ يامن سلمناكم أمننا ومدننا وأحسنا الظن بكم؟ هل يحق لكم اتخاذ القرار بشكل فردي دون الرجوع لنا، نحن اهل الثورة؟ هل بأعمالكم هذه تظنون أننا سنبقى حاضنتكم الشعبية؟ ولماذا؟ ألم نعلنها هي لله هي لله؟ فكيف تُغضبون الله بقتلكم بعضكم بعضا وتظنون أننا سنرضى عنكم؟ وهل النصر سيأتيكم بعد أن خذلتم الله بعدم نصركم له بل بنصرة الشيطان على بعضكم؟
لم يعد خافياً على أحد هنا في ثورة الشام، أن أمريكا هي التي تتلاعب مباشرة بثورة الأمة في الشام وأنه لم يبق بأيديها وسيلة إلا هذه أي الاقتتال بين الثوار وسفك الدماء حتى يكره الناس الثورة والثوار ويرضخوا لإرادتها تمنياً منهم بأمن موعود ذهب ولم يعود. فكل من يمعن في غيّه برفع سلاحه وبإطلاق ذخيرته على مسلم في الثورة إنما يصب في مصلحة النظام وبقاءه والرضوخ لإرادة أمريكا وأذنابها. هذا لن تغفر له ليس فقط الأمة وليس فقط الثائرون وإنما رب العالمين الذي قال: "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما".
المهندس هشام البابا l رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا | 8 - 1 - 2014 م