press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

doc 2023 07 29 08 57 27.وا سعداه صرخة أمة

 

 

لقد كان لصحابة رسول الله ﷺ مواقف جمّة في سبيل دعوة الإسلام والتي مكّنت له دعائمه وأسسه في دولة ظلّت الدولة الأولى في العالم قرابة ١٣ قرناً وغرزت في نفوسهم ونفوس التابعين ومن أتى بعدهم إلى يوم الدين عقليات ونفسيات إسلامية موطّدة على طاعة الله ورسوله وفق منهاج يبعث السعادة والسرور في البشرية جمعاء .
فإذا ذكرت كلمة الدعوة وحملة الدعوة لابد أن يحضر في أذهاننا أن هذه الكلمة كانت كلمة السرّ في حياة الصحابة وحركتهم ونشاطهم وعطائهم في هذه الحياة ، فهم من صفوة الخلق وخيارهم وممن شرّفهم الله سبحانه وتعالى بصحبة النبي ﷺ وشهد عليهم بقوله :
{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } .
وقوله أيضاً :
{ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ } .

وكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تحدثت عن فضل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وعن نصرتهم لدعوة النبي ﷺ .

إنَّ الأمةَ الإسلامية اليوم وهي تعيش حالةً منَ الذُّلِّ والهوان تنظر إلى تاريخها وماضيها لتستمد منه روح العزَّةِ وتستردَّ الثقة بنفسها فتُلبي نداء من يستنصرها في كشمير وبورما وميانمار وفلسطين وافغانستان والعراق و بلاد الشام وغيرها من البلاد التي يستصرخ المسلمون فيها ويستغيثون من اضطهاد حكامهم كما لبى المعتصم نداء الحرة في عمورية فأخذ بثأرها وأظهر عزة الإسلام للعالم أجمع .
 
صحيح أن الأمة الإسلامية اليوم على تفرقها وتشرذمها لا تستطيع نصرة بعضها بعضا وأقصى ما يمكن أن تقدمه لهذه الصرخات وغاية ما تُنجد به هذه الآلامَ والآهات هو التنديد والشجب، إلا أنها بإذن الله تعالى ستنهض من جديد بعد تجمع جهود الصادقين من أبنائها لأن أمةُ الإسلام هي أمة حيّة لا تموت حيث جعلها الله خير أمة أخرجت للناس بحيويتها قال تعالى :
" كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله "
أن تفاعل أبناء هذه الأمةِ مع قضايا المسلمون حول العالم لَهو خَيْر دليلٍ على خيريتها وحيويتها ، وسيأتي اليوم الذي سيهيئ الله لهذه الأمة المؤمنة قوة تلبي استنصارها على أعدائها وتنتقم من جلاَّديها كما لبّى سيدنا سعد بن معاذ ومن معه من الأنصار دعوة النبي ﷺ ونصرها. فسعدٌ رضي الله عنه كان سيد الأوس وقائدهم الذي أسلم على يد الصحابي مصعب بن عمير رضي الله عنه في المدينة قبل الهجرة فترجم إسلامه عملياً ومباشرةً عندما ذهب إلى قومه قائلاً لهم :

« يا بني عبد الأشهل ، كيف تعلمون أمري فيكم ؟ » ، قالوا : « سيدنا فضلاً ، وأيمننا نقيبة » ، قال : « فإن كلامكم علي حرام ، رجالكم ونساؤكم ، حتى تؤمنوا بالله ورسوله » ، فما بقي في دور بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا وأسلموا .
فكان إسلامه ونصرته لدعوة النبي ﷺ انقلاباً نوعياً في مجتمع يثرب سطره التاريخ ليكون سيرة يقتدى بها ويفهم منها كيف تستخدم القوة على وجهها الصحيح في نصرة الإسلام .

فكان عِظَمُ عمل سيدنا سعد بن معاذ هو سبقه في نصرة دعوة الاسلام في حين رفضتها كثير من القبائل عندما خرج إليها النبي ﷺ يطلب منهم القوة والمنعة لنصرة دعوته.

ثم قَدِم سعدٌ ومن معه من الأنصار رضي الله عنهم أجمعين ليبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الثانية.

جاءوا يبايعون النبي ﷺ " فقالوا يا رسول الله علام نبايعك ؟ قال : تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل ، وعلى النفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي على المنكر ، وعلى أن تقولوا في الله ، لا تأخذكم لومة لائم ، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم ، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة. فقمنا نبايعه ، فأخذ بيده أسعد بن زرارة وهذا أصغر السبعين فقال : رويداً يا أهل يثرب ، إنا لم نضرب إليه أكباد المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله ، وإن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة ، وقتل خياركم ، وأن تعضكم السيوف ، فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله ، وإما أنكم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه ، فهو أعذر لكم عند الله. فقالوا : يا أسعد أمط عنا يدك ، فوالله لا نذر هذه البيعة ، ولا نستقيلها ، فقمنا إليه رجلاً رجلاً ، فأخذ علينا و شرط ، يعطينا بذلك الجنة ».

فكانت مبايعة الصحابة للنبي ﷺ على بصيرة وثبات بيعة حرب لإقامة دولة النبي ﷺ التي ستحكم بشرع الله رب العالمين .

ثم كان لسعد رضي الله عنه موقفاً آخراً يجسد فكرة الثبات والطاعة مع إعطاء النصرة والمنعة عندما استشار النبي ﷺ أصحابه قبل معركة بدر ، فأجابه سيدنا سعد رضي الله عنه : « قد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به الحق ، وأعطيناك مواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يا رسول الله لما أردت ، فنحن معك ، فوالذي بعثك بالحق ، لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا ، إنا لصبر عند الحرب ، صدق عند اللقاء ، لعل الله يريك فينا ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركة الله »

كلمات تسطر بماء الذهب وتملئ قلب النبي ﷺ طمأنينة من هؤلاء الرجال الذين سيعتمد عليهم في بناء حضارة جديدة ستكون الحضارة الأولى في العالم .

في الوقت الذي تشتد فيه السواعد وتتضافر الجهود لإعادة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة وفي الوقت الذي ترنو فيه النفوس وتتلهف القلوب لنصر من الله قريب ، تتوجه العقول والأبصار إلى أهل القوة والمنعة تستصرخ نخوتهم وتستنهض هممهم لينصروا الإسلام وحملة دعوته فيتحقق على أيديهم وعد الله بالنصر والتمكين ، وبالرغم من اختلاف الزمان والمكان و الأشخاص فإن النصرة اليوم لازمة للدعوة لزوم الماء للحياة كما أن طريقة الوصول إليها اليوم هي عينها الطريقة التي سلكها النبي ﷺ ونشط لها طيلة ثلاث سنين وأحداث سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام زاخرة بمواقف العز التي وقفها الأنصار الذين آووا رسول الله ونصروه وهي حَريّة بأن تحرك كل صاحب نخوة ونَجْدة من أنصار هذا الزمان لنصرة الإسلام وإزالة الحواجز المادية التي تقف عائقاً أمام الحكم بما أنزل الله.

إن الأمة الإسلامية اليوم تنتظر من يأخذ دور سعد بن معاذ ليلبي نداءها ويرتبط اسمه بصرختها المدوية " واسعدااااه "

 رُبّ واسعداه تدوي* ملء أفواه أمةٍ لم تَنمِ
تحرك نخوة جيش مسلم * فيرد جواباً دون تلعثمِ
ينصرُ الدعوةَ كما نصرها سعدٌ * فيُحيلُ الدربَ نوراً بعد الظُلَمِ
فيا ربّ هيىء لأمتنا نصراً * على يد أحفاد سعدٍ والمعتصمِ

===
عبد الباسط أبو الفاروق