press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

22

 

 

حتى نحكم على أي حدث يحصل في حياتنا لنحدد موقفنا الصحيح تجاهه لا بد من وضع هذا الحدث ضمن الإطار العام وربطه بالظروف المحيطة به وبالأحداث الأخرى ذات الصلة، وإلا كان الفهم جزئيا والحكم خاطئاً. لهذا ولتحديد الموقف الصحيح من قضية فتح المعابر مع نظام المجرم أسد، أياً كان مكانها وزمانها والجهة القائمة عليها، ومنها معبر أبو الزندين كان لا بد من سرد الحكاية من أولها وربط أجزائها.
نعم حكاية الصراع بين أمة الإسلام ودول الغرب الكافر، الصراع الذي تجلى في ثـ.ـورة الشام أكثر مما تجلى في غيرها من الثورات في بقية بلاد المسلمين.
من المعلوم بداهةً لدى جميع الشعوب الإسلامية أن الأنظمة القائمة في بلادنا تمت صناعتها غربياً فكانت عميلةً للاستعمار القديم الأوروبي، ثم تغير حال بعض هذه الأنظمة لتصبح عميلةً للاستعمار الجديد الأمريكي، وذلك بعدما تزعمت أمريكا العالم عقب الحرب العالمية الثانية وصارت الدولة الأولى المتحكمة بالنظام والمجتمع الدوليين، ومن بين الأنظمة التي غيرت ولاءها وعمالتها كان نظام أسد بعدما قام بما يعرف بالحركة التصحيحية عام ١٩٧٠، وصار تابعاً ذليلاً لأمريكا وهي الحارسة والحامية له طالما ضمن لها مصالحها.
لهذا ومنذ بدايات ثـ.ـورة الشام صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون أكثر من مرة أن لا حل في سوريا إلا الحل السياسي وليس هناك مجال للحسم العسكري. وأن أمريكا لن تسمح بوجود فراغ سياسي تستغله بعض الجماعات الإرهابية لتنفيذ أجنداتها، معبرةً عن مخاوف أمريكا من الإسلام المتجذر في نفوس أهل الشام.
ومضمون هذه التصريحات يعني منع الثـ.ـورة من إسقاط نظام أسد المجرم عسكريا، وبالتالي لا بد من كبح جماح الثـ.ـورة وإضعاف قدراتها ثم إخضاعها للقبول بحل سياسي يحفظ علمانية النظام في سوريا واستمرار تبعيته لأمريكا.
ولأن أمريكا تقبض على نظام أسد بيمناها كان لا بد لها من القبض على الثـ.ـورة بيسراها، لهذا اتخذت دور الداعم للثـ.ـورة ووزعت المهام التنفيذية على الأنظمة الإقليمية الوظيفية وعلى رأسها تركيا والسعودية وقطر لمباشرة الأعمال التي تحقق هدفها المتمثل بالقضاء على الثـ.ـورة، فكان المال السياسي المسموم هو الأداة البارزة الذي استمالت به قادة مستعدين لبيع تضحيات أهلهم بعرض من الدنيا، وفي الوقت نفسه حيدت القادة المخلصين إما اغتيالا أو إقعادا عن لعب أي دور عسكري مؤثر. والناظر نظرة عميقة يجد أن الدعم الأمريكي ومعه دعم جميع الأنظمة التي تسير في ركابها هو دعم لا يسمن ولا يغني من جوع، ظاهره دعم وحقيقته قيود تنمو رويدا رويدا حتى تقبض هذه الأنظمة ومن خلفها أمريكا على الثـ.ـورة تماما كما تقبض هي على النظام منذ عهد حافظ أسد المجرم.
ولإنعاش الذاكرة لمن نسي نذكره بمنع فتح جبهة الساحل التي ذكرها أكثر من ضابط منشق وأكثر من قائد عسكري، وكذلك منع إمداد الثـ.ـورة بصواريخ مضادة للطيران، ولو صدقوا في دعمهم للثـ.ـورة لأمدوها بصواريخ م.ط بحيث ينتهي التفوق الجوي للنظام.
وقد آلت الأوضاع إلى سيطرة نظام أردوغان على قرار القوى العسكرية، وأصبح بيده تحريكها كيف يشاء؛ إلى أذربيجان وليبيا والنيجر ومناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام بالنسبة لفصائل الشمال، وتجميداً للجبهات بالنسبة لفصائل الجنوب، المهم أن يبعدها عن تهديد وجود وسلامة نظام أسد في دمشق والساحل.
ولاستكمال خطوات الحل السياسي الذي تراه أمريكا محققاً لمصالحها في القضاء على ثـ.ـورة الشام التي لمست فيها توجهها الواضح نحو الإسلام كان لا بد من إخضاع الحاضنة الشعبية ودفعها لقبول فكرة العودة إلى سلطة النظام تحت اسم الحل السياسي والمفاوضات، وهذه الحالة لا يمكن أن تتم إلا بعد مراحل من التضييق المعيشي وإعادة الخوف إلى قلوب الناس الثائرين وتخليهم عن الأفكار التي دفعتهم للثـ.ـورة مثل الكرامة وتحكيم الإسلام، فمارس قادة الفصائل في كل المناطق أعمالا من شأنها أن تحقق المطلوب أمريكياً لدفع الناس للقبول وتنفيذ الحل السياسي الذي يضمن لأمريكا سيادتها على سوريا سواء أبقي بشار أسد على رأس السلطة أو تم استبداله.
وكانت التوجيهات التنفيذية لقادة الفصائل بإشراف تركي مباشر، ثم بدأت التصريحات التركية منذ عام ٢٠٢٢ تتحدث عن ضرورة لقاء تركي سوري وضرورة إنهاء "الصراع" في سوريا، وكانت قبلها لقاءات أمنية، وجاءت التصريحات لجس نبض الشارع الثوري من جهة ولتعويد أهل الشام على طرح مثل هذه الأفكار مع تسويق مبررات كاذبة للقبول بها، وهم يدركون أن القبول لن يكون فورياً وأن خطوات التطبيع تحتاج لوقت كافٍ لإخماد الثـ.ـورة في نفوس أهلها.
ومؤخرا جاءت فكرة فتح معبر أبو الزندين مع نظام أسد المجرم، كخطوة تدفع الناس نحو قبول فكرة الحل السياسي وتطبيع العلاقات معه، وطُرِحَت أولاً باسم المجلس المحلي لمدينة الباب، رغم أن هذا المجلس لا يملك مؤهلات اتخاذ هكذا قرار، لكنه كان بالون اختبار وكبش فداء بحيث إذا وقف الناس في وجهه لا تتحمل وزر هذا العمل أيٌّ مما يسمى بالحكومة المؤقتة أو فصائل ما يسمى الجيش الوطني. وبعدما وقف أهل الثـ.ـورة رافضين لأي خطوة تطبيع مع نظام الإجرام تم إلغاء قرار المجلس المذكور.
ولأنه ليس أمام العبد سوى تنفيذ أوامر سيده عاود النظام التركي واجتمع بقادة المنظومة الفصائلية وأبلغهم قراره بفتح المعبر، وهذه المرة علناً، فما كان من قادة تربوا على الخضوع والتبعية إلا أن قاموا بأعمال استعراضية لقواتهم بهدف إرهـ.ـاب الناس وتخويفهم للإحجام عن أي عمل رافض لفتح المعبر. وبفضل الله تعالى أعاد أهل الشام للثـ.ـورة ألَقها، ثم بفضل المخلصين الواعين الذين حذروا وما زالوا يحذرون أهل الثـ.ـورة من خطورة هذه الأعمال التي تهدف في مجموعها لتنفيذ الحل السياسي الأمريكي الضامن لبقاء نظام بشار أسد المجرم والذي يعني ذهاب التضحيات وسنوات من الآلام أدراج الرياح.
هذا مكر أمريكا ونظام أردوغان وأدواتهم من قادة الارتباط ولكن مكر الله أكبر ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾.
وليس أمام أهل الشام بعدما وضح لهم خطر الدور التركي وقادة فصائله إلا الاستعانة بالله ورفض الركون للأنظمة وأتباعها إيماناً بقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ﴾، وباستعادة القرار العسكري وتفويضه للمخلصين الذين ارتبطوا بمعية الله تعالى لنكمل طريق الثـ.ـورة حتى إسقاط النظام في دمشق وإقامة حكم الإسلام؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، خلافة ترضي الله سبحانه وترعى حق عباده، ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

بقلم: الأستاذ مرعي أبو الحسن

 

المصدر: https://tinyurl.com/mubfjrj3