press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

3333

 



يوم من أيام الله وفتح عظيم فتحه الله على المجاهدين والأحرار في ثورة الشام المباركة بإسقاط طاغية الشام بشار أسد فجر الثامن من كانون الأول 2024م، أعاد الروح ليس للسوريين فقط بل للأمة الإسلامية جمعاء، ليكون هذا التاريخ منعطفا تاريخيا وإنجازا عظيما حققه المسلمون على طريق الإنجازات والنصر المبين على أعداء الإسلام بإزاحة حكم آل أسد الطائفي عن حكم سوريا بعد ستين سنة ساموا فيها المسلمين سوء العذاب وحكموا بالحديد والنار وكانوا سياط الكافر المستعمر في هذه الحقبة السوداء من تاريخ الأمة الإسلامية.

تكشف جرائم العصابة الأسدية في سجن صيدنايا عن حقائق إجرام ليس له مثيل في التاريخ بحق المسلمين مدعومة من شياطين طهران وموسكو، وكل ظنهم أنهم يستطيعون تحجيم دور المسلمين أهل البلد، فقتلوا مئات الآلاف وشرّدوا الملايين إلى كل أصقاع الأرض، وهم يحلمون بإفراغ الشام من أهلها الأصليين والقيام بالتغيير الديموغرافي لتنفيذ خطط التقسيم وجعل المسلمين طائفة من الطوائف، ولكن خاب ظنهم بعد قيام المجاهدين بقوة الله وعونه وخلال أيام بتغيير الواقع على الأرض، فخلال أيام قليلة انقلبت المعادلة من محاولات التطبيع مع نظام الإجرام وفتح المعابر معه إلى فتح المعارك لتتهاوى أركان الطغاة ويفر رأس النظام لتحل مكانه إدارة جديدة يتحكم فيها الجولاني.

لقد كان لأهل الشام الصامدين الدور الكبير في النصر العظيم الذي تحقق وإسقاط الطاغية بغض النظر عن الظروف الدولية والدوافع والنتائج، لكن كان للتحرك العسكري والشعبي الواسع لأهل الشام والتحامهم مع أبنائهم المجاهدين في الفصائل الدور الكبير في عملية التحرير الكبيرة والسرعة الهائلة التي قطعت أنفاس النظام المجرم وجيشه وأجهزته الأمنية التي كانت تعدّ على الناس أنفاسهم وجعلت من البلاد سجنا كبيرا يمارسون فيه كل أنواع الإذلال والإفقار والتجويع لعقود طويلة.

أما المشهد السياسي في سوريا حاليا فكما يتابع الجميع تتوالى الوفود الأوروبية والأمريكية وآخرها وفد باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأمريكية التي زارت دمشق والتقت إدارة المرحلة هذه الأيام، طبعا كل هذه التحركات لها هدف واحد وهو محاولة احتواء نتائج الثورة واستكشاف إمكانية ترتيب شكل الحكم القادم وإنتاج نظام علماني، يحفظ للنظام الدولي مصالحه ويعيد استعباد أهل الشام مرة أخرى بعد أن كسروا القيد، ويترافق ذلك مع وعود كثيرة بتغيير وضع البلاد وإعادة الإعمار، مترافقة مع دعاية إعلامية هائلة للتغطية على ما يتم ترتيبه خلف الكواليس، بعيدا عن تطبيق حكم الله والترجمة الفعلية لهذا الانتصار العظيم الذي منّ الله به على أهل الشام.

هذا المشهد المعقد الذي عنوانه الضغوط على قادة إدارة المرحلة في سوريا أثمر عدة وعود وقرارات تصب في صالح الولايات المتحدة لجهة تهدئة مخاوفها على حساب أهل الثورة في كثير من الملفات رغم التشابك الكبير.

في الوقت الذي اختفت الدول العربية بشكل عام عن المشهد بسبب حالة الرعب والهلع التي ضربت أركانها بعد سقوط نظام بشار في دمشق، لإدراكهم أن الثورة ستكون لها تداعيات كبيرة على دول المنطقة رغم التطمينات التي يعلنها قادة إدارة المرحلة في سوريا لهم ولكيان يهود بعدم السماح بانتقال الثورة وتصديرها لبلادهم، لكن هذا الأمر لا يستطيع أحد أن يقرره.

سوريا ما بعد الأسد من المؤكد ستكون مختلفة عما كانت عليه، وهي أمام طريقين لا ثالث لهما، وتحتدم المعركة السياسية فيها بشكل كبير: فإما أن يكون نظام الحكم علمانيا مدنيا ديمقراطيا برلمانيا يحقق مصالح الغرب الاستعماري ويعيد استعباد أهل الشام، وإن كان بطريقة ناعمة مختلفة عن إجرام الأسد، وإما أن ينعم أهل الشام بالتحرر والعزة والقوة والكرامة بإقامة نظام الحكم الإسلامي في كافة شؤون حياتهم ويكف يد الدول الاستعمارية عن التدخل بهم، وهذا الأمر يقرره الثوار الصادقون بمواصلة الثورة ومتابعة الكفاح إلى جانب ورشة إعادة بناء ما دمرته الحرب وهو ليس بالأمر السهل، خصوصا أنه يترافق بمكر عظيم بأهل الشام لإبعادهم عما يعينهم حقيقةً في إعادة بناء البلاد بطريقة ترضي الله عبر تحكيم شرعه وإقامة الدولة على أسس الإسلام وليس على أسس الأفكار المنحطة من وطنية وقومية أو النظم الوضعية التي تعيد الشقاء لأهل الشام.

خروج فلول النظام من العلمانيين والبعثيين في ساحة الأمويين مؤشر على الأيدي الخارجية التي لن تدع الأمر يمر بسهولة كما يتصور البعض، وما قامت به أمنيات إدارة المرحلة في حلب من التجرؤ على اعتقال الحرائر بعد مظاهرة في ساحة سعد الله الجابري اللواتي خرجن يطالبن بتحكيم شرع الله والإفراج عن أبنائهن وأزواجهن المعتقلين منذ أكثر من سنة ونصف في سجون إدلب يعطي مؤشرا خطيرا على توجهات إدارة المرحلة وسياستها في تقديم أوراق اعتماد للدول المتآمرة على ثورة الشام.

إن التحديات أمام الثورة كبيرة خصوصا أن الداعمين لهؤلاء نجحوا في تجارب سابقة في مصر وتونس وغيرهما وقادوا الثورة المضادة، وهو ما يُشعر بالخطر في ظل تخبط إدارة المرحلة في اتخاذ قرارات لا تُرضي الحاضنة الشعبية الثورية والذهاب بعيدا في إرضاء الدول بذريعة تحييد الخصوم، وهنا علينا أن ننصحهم بأن يعتمدوا على الأمة صاحبة السلطان الحقيقي في مواجهة الضغوط، لأن المعركة تدخل في القياس النسبي وعليهم ألا ينسوا ذلك، فكل استجابة للخارج يقابلها خسران ونزول نسبة التأييد في الداخل، وشعبنا واعٍ على خطورة المرحلة ويسعى بكل قوة لتحقيق ثوابت ثورته كاملة. وليكون صفا واحدا في إعادة البناء ومواجهة تحديات هذه المرحلة، ولكن ليس على حساب ثوابت الثورة التي حققت أول ثابت وهو إسقاط النظام المجرم، وهناك ثابتان، وهما كف يد الدول المتآمرة والخروج من تحت نفوذها، وإقامة حكم الله الذي تاقت نفوس أهل الشام له، فإن كانت هذه أهداف إدارة المرحلة وتم وضع الخطط لها والعمل مع الحاضنة الشعبية فسيكون النجاح والفلاح، أما إن كان السير في ركاب الدول على حساب أهل الثورة فلن تجدوا من يعينكم في مواجهة الأخطار القادمة عندما تنتهي الدول من جمع تنازلاتكم ويقررون الانقضاض عليكم.

مرحلة جديدة ملؤها التفاؤل بمستقبل واعد لأهل الشام في ظل صعوبات هائلة على كافة الجوانب وتحديات كبيرة ما بعد الحرب سيكون أهل الشام بإذن الله على مستواها وهم من صمد في وجه الطاغية وحلفائه سنوات رغم المكر والخذلان، وسيتابعون طريق تحقيق أهداف الثورة وإنجاز عملية التحرير خطوة خطوة وعيونهم ترتقب اليوم الموعود والإعلان العظيم لعودة حكم الله وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي وحدها ما يكافئ تضحيات أهل الشام ولمثل ذلك فليعمل العاملون.

﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم﴾

--------------
كتبه: الأستاذ أحمد معاز

 

المصدر: https://tinyurl.com/4vh9m4nm