press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

WhatsApp Image 2025 06 30 at 6.46.28 PM



قال الله تعالى: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[الأعراف: 176].
فالقصص القرآني للتفكر والتدبر واستخلاص العبرة والموعظة، لأن فيها بعض النماذج العملية لما سيمر على المسلمين.
ولنأخذ مثلاً قصة ذي القرنين، قصة الملك العادل الذي مكنه الله تعالى في الأرض، وآتاه أسباب هذا التمكين.
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}.
في هذه القصة نقرأ كيف تعامل هذا الملك الصالح مع هذا التمكين، من حمل للدعوة وجعل العلاقات الخارجية تسير على هذا الأساس أي حمل الدعوة للأمم الأخرى، فلذلك قال الله تعالى: { فَأَتْبَعَ سَبَبًا} [الكهف: 85].
كما أننا نرى في قصة ذي القرنين أن الله تعالى أخبرنا كيفية التعامل مع المجرمين، فذكر أسلوبين لذلك:
الأول: معاقبة المجرمين والمفسدين في الأرض.
الثاني: عزلهم عن المجتمع ومنعهم من الإفساد في الأرض.
والحاكم يتصرف وفق هذين الأسلوبين بما هو أنسب للمسلمين ولحمل الدعوة، وما هو أنفع لهم، وليس بتعويم هؤلاء المجرمين وجعلهم يسرحون ويمرحون في الأرض كيفما يشاؤون. فقد قال الله تعالى عن ذي القرنين {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا } [الكهف: 86 - 88].
فذو القرنين ذكر أنه سيعاقب المجرمين، وأخبر أنه سيعذبهم على جرائمهم، وهذا هو الأسلوب الأول في التعامل مع المجرمين، أي معاقبتهم على جرائمهم ومحاسبتهم على ما اقترفت أيديهم.
وأما إن كان هؤلاء المجرمون يشكلون قوة ضاربة، بحيث لا يمكن محاسبتهم جميعا ولا يمكن معاقبتهم كلهم، فلا يكون التعامل معهم بتعويمهم، ولا بجعلهم يسرحون ويمرحون بين الناس، ولا بجعلهم متنفذين وأصحاب قرار، بل الأسلوب الأمثل للتعامل مع هؤلاء المجرمين هو عزلهم عن المجتمع، ومنعهم من أن يعيثوا فيه فساداً، وهذا ما فعله ذو القرنين مع يأجوج ومأجوج.
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا } [الكهف: 93 - 97].
فيأجوج ومأجوج كانوا قوة ضاربة كبيرة، بحيث لا يمكن محاسبتهم ومعاقبتهم كلهم، فقام ذو القرنين ببناء السد لعزلهم ومنعهم عن الإفساد في الأرض، ولم يقم بتعويمهم بذريعة السلم الأهلي، ولم يقم بمسح جرائمهم بحجة التعايش والسلم الأهلي، بل عزلهم عن الناس ومنعهم من الإفساد في الأرض.
فأكابر المجرمين المفسدين في الأرض لا يكون التعامل معهم بإعادة تدويرهم مثل عملية تدوير النفايات، بل بمحاسبتهم على جرائمهم ومعاقبتهم على ما كسبت أيديهم.
وفي الختام نذكر بقول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111].

 

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمود عبد الرحمن