press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

3

 

جريدة الراية:
بناء الدولة في سوريا يجب أن يكون أساسه الوحيد العقيدة الإسلامية

كانت ثقة أهل الشام بنصر الله لهم كبيرة جدا، فساروا في طريق الثورة المباركة لتغيير النظام رغم المخاطر العظيمة المحيطة بهم ورغم إدراكهم ارتباطات النظام البائد وامتداد جذوره في أرض الشام وخارجها، ورغم التدخل الإقليمي والدولي لصالح النظام وكتم أنفاس الثورة ومنع انتصارها وتحقيق أهدافها وعلى رأسها إسقاط النظام المجرم، إلا أن المخزون الإيماني تجسد بأبهى صوره فرزق الله أهل الشام الثبات وأكرمهم بالنصر رغم تزاحم الأعداء.

إن أي عمل يبدأ بفكرة وكل موقف هو نتاج فكرة، وإن الأفكار النابعة من العقيدة الإسلامية كانت السبب في ثبات أهل الشام، ولكن في الوقت نفسه هناك أفكار كثيرة ما زالت تعكّر صفو مسيرة التغيير ومن أهمها فكرة الوطنية التي سقطت في نفوس المسلمين ويحاول الأعداء عبر إعلامهم إعادة تلميعها. والأخطر من فكرة الوطنية هو فكرة مقيتة وهي فكرة السعي لنيل رضا النظام الدولي واعترافه بالدولة السورية الجديدة، وهي من أخطر الأفكار حيث يتم بناءً على هذا الاعتراف بث الأحلام الوردية بإعادة البناء والإعمار على حساب أهداف ثورة الشام وعقيدة أهلها، فأي دولة تقوم في العالم يجب أن تنال اعتراف شعبها لأنه صاحب السلطان؛ ولذلك فالسعي وراء الاعتراف الدولي يخيب أمل أهل الثورة لأنهم يدركون أنه سيكون على حسابهم وحساب تضحياتهم، دون أن ننسى أن هذه الدول التي يتم السعي خلفها للاعتراف بالدولة هي نفسها من كانت تحارب الثورة مع النظام البائد، ولن يضير أهل الشام عدم الاعتراف الدولي بدولتهم التي بذلوا الدماء لإقامتها على أنقاض النظام البائد.

أما فكرة بقاء الدولة هكذا بدون توجه واضح بهدف مغافلة الدول وكسب تأييدها ودعمها فهو في حقيقته مغافلة لأهل الثورة المباركة وتضييع للتضحيات التي بذلت رخيصة لإسقاط النظام وإقامة نظام الإسلام.

إنه بعد مرور أكثر من شهرين على سقوط الطاغية فإن طريقة سير إدارة المرحلة ما زال يعتريها الكثير من الشكوك ففي تصريح مع مجلة الإيكونوميست، صرح أحمد الشرع رئيس المرحلة الانتقالية: "إذا أقر الخبراء الشريعة فمن واجبي أن أطبقها، وإذا لم يقروها فمن واجبي أن أنفذ قرارهم"، وهذا التصريح يعطي صورة واضحة عن المستقبل. فربنا سبحانه وتعالى فرض علينا تطبيق الإسلام ولا ينتظر الأمر إقرارا من لجنة أو من أي أحد مهما كانت صفته، فالسيادة يجب أن تكون للشرع وحده، قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، فالذريعة والحجة بأن بناء الدولة يحتاج للتملص من شرع الله قد دحضه رب العالمين بأن البناء يجب أن يبنى على تقوى من الله ورضوانه وليس مجاراةً لمطالب وحوش النظام الدولي التي فشلت في القضاء على الثورة وهي أفشل في مواجهة دولة تؤسس على تقوى الله ورضاه، على أمة تسعى بكل طاقتها لإرضائه وترى تطبيق شريعته مثالاً حياً للعبودية له وحده وتبذل التضحيات العظيمة للعيش في ظلال حكمه والتحرر الكامل غير المنقوص الذي لن يكون إلا بإقامة حكم الإسلام العادل في كل مناحي الحياة وفيه الحل الناجع لكل المشاكل التي تعترض سير المسلمين في الحياة، أما الرضا بالواقع والحدود المصطنعة والالتزام بها وبشرعة النظام الدولي الظالم الفاجر وتكريس التبعية له لنيل الاعتراف، فهو كما وصفه الله تعالى كمن يؤسس بنيانه على شفا جرف هار، نسأل الله أن يُنجي قادة المرحلة وأتباعهم من المجاهدين والصادقين من نتائجه التي ستكون تبعاتها ليس عليهم فقط وإنما على المسلمين في سوريا والعالم بعامة.

أما فكرة أننا ضعفاء ولا نستطيع فهي فكرة باطلة أصلا وفرعا وشرعا، فالثورة التي مزقتها الولاءات الخارجية المتعددة لقادة فصائلها، قد انتصرت، وهذا دليل على أنها لم تكن ضعيفة، فمخزونها الإيماني والعقائدي بأن النصر من الله كان السبب في الثبات حتى أكرمنا الله بنصره، بينما النظر للمشكلات والتهديدات بمعزل عن الإيمان بالله فهو استسلام يقود للضعف ويدفع القائمين لاستجداء أعدائهم الذين يمرون بأضعف مراحلهم منذ توسدهم قيادة العالم وهذا واضح لكل ذي بصر وبصيرة.

إن المواقف المبدئية والتمسك بالأفكار الإسلامية وتنقيتها من الشوائب التي تعتريها وإبراز قوتها في معالجة ما يعترض المسلمين من عقبات فرض وواجب، حتى لا نقع في الوهن وحب الدنيا والتمسك بالسلطة على حساب العقيدة وأوامر الله ونواهيه، لأن في ذلك الخسران المبين، فأهل الشام الذين اندفعوا بكل قوتهم ووضعوا كل إمكاناتهم وقدموا أموالهم وفلذات أكبادهم لإسقاط النظام البائد وإقامة حكم الإسلام، لن يقبلوا بالتراخي في هذا الشأن لأن كل عمل يُطلب به رضا الناس سيكون على حساب مرضاة الله الذي سعى لأجلها الشهداء الذين قدموا دماءهم مدادا لفتح الطريق لإقامة حكم الله، ولتكون سوريا منطلقا للتحرير الحقيقي وكسر قيود الاستعمار والتبعية والنهوض مرة أخرى، وليس على أي أساس آخر، وما لم تكن الأنظمة والقوانين والأحكام منبثقة من الشريعة، والدستور في أسه وأساسه من العقيدة الإسلامية فإن الفجوة ستتوسع والمشاكل ستزداد.

إن خشيتنا على تضحيات أهل الشام وثوارها الأحرار ومجاهديها الشجعان تدفعنا لمتابعة العمل لاستكمال عملية التغيير وتحقيق كامل أهداف الثورة المباركة، فقد تحقق هدف إسقاط الطاغية، وما زالت هناك أهداف أخرى على رأسها التحرر من التبعية للدول الكافرة المستعمرة بعد أن منّ الله علينا بالنصر وفتح علينا البلاد وأورثنا حكمها ليرى ماذا نصنع ويرى التزامنا بالمواثيق الغليظة التي ألزمنا بها أنفسنا أمامه، فإن كنا على قدر كبير من الوعي والمسؤولية فإننا سنرى من الله جل في علاه ما لا يتخيله عقل من نصر وتمكين وعزة وكرامة، وإن كان غير ذلك فإن أمامنا أياماً صعبة نصنعها بأيدينا في الدنيا ونخذل أنفسنا وينتظرنا حساب عسير في الآخرة.

فما علينا إلا التمسك بحبل الله ونبذ ما سواه، قال تعالى: ﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون﴾. فالأمة موعودة بالنصر بنا أو بغيرنا، والنصر الحقيقي هو تطبيق الإسلام عبر دولته الخلافة، نصر لا يعطيه الله إلا لمن صدقه وكفر بشرعة الغرب ومكره، وستبقى الشام عقر دار الإسلام كما وصفها حبيبنا صلوات ربي وسلامه عليه، عبر أفول الحكم الجبري وبزوغ فجر الخلافة الراشدة التي ستملأ الأرض عدلا وقسطا بعد أن ملأها شذاذ الآفاق ظلما وجورا، وإننا نرى وعد الله لعباده قد اقترب.

كتبه: الأستاذ أحمد معاز

 

المصدر: https://tinyurl.com/3zdjsn7h