إن واجب الأمة ان تقوم بدورها وتضطلع بمسؤولياتها المنوطة بها، ومن ذلك محاسبتها للحكام إن حادوا او قصّروا أو ظلموا، لأن الطغاة تُصنع عندما لا تجد من يردعها ...
روى مسلم عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ». فالله سبحانه وتعالى جعل القوامة للأمة في محاسبة الحكام لأن الحاكم يوضع في مكان المسؤولية لرعاية شؤون المسلمين، وإن قصّر في ذلك وجب على المسلمين محاسبته. وعندما أراد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه تحديد المهور حاجّته امرأة قرشية قائلة له: كيف تحدد المهور والله جلَّ شأنه يقول: «وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجࣲ مَّكَانَ زَوۡجࣲ وَءَاتَیۡتُمۡ إِحۡدَاهُنَّ قِنطَارࣰا فَلَا تَأۡخُذُوا۟ مِنۡهُ شَیۡـًٔاۚ أَتَأۡخُذُونَهُۥ بُهۡتَـٰنࣰا وَإِثۡمࣰا مُّبِینࣰا» فقال عمر: «أخطأ عمر وأصابت امرأة».
إذاً فمحاسبة الحكام من الواجبات التي فرضها الله علينا، فالحاكم مؤتمن على الرعيّة إن فعلً خيراً فإنما يفعله لنفسه وإبراءً لذمته أمام الله في المسؤولية التي كُلّف بها، وإن أخطأ فوجب الإنكار والمحاسبة، فإن امتنعت الأمة عن المحاسبة أو قصّرت فستزداد الأخطاء تباعاً، وعليه تزداد فاتورة الصمت مع مرور الوقت..
وإنه في الأمور السياسية لا مجال للعاطفة، فموقفٌ صغير تغفل عنه ربّما يودي بك إلى قاعٍ لا تستطيع الخروج منه. ورأينا ذلك في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، ففي الأمور السياسية لابد من الحزم ولا مجال للعاطفة، فعندما نقض اليهود عهودهم مع النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن هناك مجال للعاطفة، إنما اتخاذ القرار الحاسم بقتال اليهود وإجلائهم من حصونهم واستئصال شرورهم. وكما فعل سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه في حرب الردة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان المصاب كبيرا والخطب جللا إلا أنه وكما أسلفنا أن في الأمور السياسية لا مجال للعاطفة، فقد أعطانا درساً غاية في الأهمية ولم يتوان عن اتخاذ القرار الحاسم، فكان ردّ أبو بكرٍ رضي الله عنه كما ورد: «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لقاتلتهم على منعه...» ...
لذلك لابد من النظر ببصيرة إلى الأحداث السياسية لا بالعاطفة فإنه من ينهض بالعاطفة يقع في الخيبة والخسران.
والأهم من ذلك هو الإدارك الحقيقي لمعنى أن "معيّة الله معنا ما دمنا نلتزم أوامره وننتهي عمّا نهانا عنه".
إن النصر هو فضل الله وكرمه على عباده المؤمنين الذين يتوكلون عليه وحده، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}. وثبات النصر دائماً مَقرون بما يتم العمل به بعد النصر قال تعالى:﴿قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ وهذا يعني أن الإلتزام بما أوجبه الله علينا من إقامة شرعه ونشر رسالته للعالمين والإنتهاء عمّا نهانا عنه شرطٌ أساسي في ثبات النصر وهو ما يضمن للمؤمنين عزّ الدنيا والفوز العظيم في الآخرة، وإن أعرضنا عن ذلك فالعاقبة ستكون وبالاً وخسراناً مبيناً. قال تعالى: ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى﴾ ...
وأخيراً نسأل الله تعالى أن يعجل لنا بقيام دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة ويجعلنا من جنودها وشهودها ومن حملة لوائها ويعيننا على نشر رسالتها للعالمين.
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
علي معاز