press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

22

 

 

بتاريخ 29/3/2025، تم الإعلان، في قصر الشعب بدمشق، عن تشكيلة الحكومة السورية الجديدة التي ضمت 23 وزيراً بينهم امرأة. وقال الرئيس السوري أحمد الشرع إن الإعلان عن تشكيلة الحكومة السورية الجديدة هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة. وأضاف في كلمة خلال مراسم الإعلان عن الحكومة الجديدة، أن سوريا تواجه تحديات كبيرة تتطلب التلاحم والوحدة، وأكد أن أولوية الحكومة الجديدة هي محاربة الفساد، وأنها ستسعى لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس المساءلة والشفافية، كما أكد على أولوية الحكومة بالعمل على بناء "جيش وطني" يحافظ على أمن سوريا.

وقد تفاوتت ردود الأفعال حول تشكيل الحكومة بين مرحب ومتحفظ ومنتقد. وفي ظل موقف أمريكا الذي يكتنفه الغموض والضبابية من الإدارة السورية الجديدة، رغم ترحيبها الجزئي المتحفظ، نشرت وكالة رويترز قائمة بشروط قدمتها ناتاشا فرانشيسكي نائبة مساعد وزير خارجية أمريكا لشؤون الشرق الأدنى وسوريا لوزير خارجية سوريا أسعد الشيباني لتخفيف العقوبات عن سوريا، وذلك خلال لقاء مباشر على هامش مؤتمر المانحين من أجل سوريا في بروكسل، بتاريخ 18 آذار/مارس الماضي، وكان على رأس هذه المطالب التعاون في مجال "مكافحة الإرهاب" وضمان عدم وجود أجانب في مناصب عليا في هياكل الحكم في البلاد وتدمير أي مخزون متبقٍ من الأسلحة الكيميائية. وبحسب تقرير لوكالة رويترز بتاريخ 25 آذار/مارس الماضي، نقلا عن مسؤولين أمريكيين، فقد تعهدت أمريكا في حال تلبية دمشق لجميع الشروط بتخفيف المزيد من العقوبات وإصدار إعفاء جديد وتمديد الإعفاء القائم بالفعل والذي صدر في عهد الرئيس السابق جو بايدن.

وسبق أن تلقى الرئيس السوري أحمد الشرع برقية تهنئة من مدير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بإعلان تشكيل الحكومة السورية الجديدة، فيما سبق لوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك قولها عن تشكيلة الحكومة: "لن ندعم إذا سارت في الاتجاه الخاطئ".

لن نتعمق كثيراً في الحديث عن مكونات الحكومة التي تنوعت بين مسلم وغير مسلم، وكان من مكوناتها السني والعلوي والدرزي والكردي والنصراني، سواء الجديد أو من كان له دور سابق في حكم نظام أسد البائد أو من تمت تجربته في الائتلاف أو المحافل السياسية السابقة، أو من كان وجوده مراعاة لـ"التنوع الطائفي" الذي تنشده الدول. إلا أننا سنتوقف عند بعض النقاط لتوضيحها:

أولا: ليست العبرة فقط بمن سيحكم، إنما الأهم من ذلك هو بمَ سيحكم. فحتى لو كان الوزراء من أتقى الناس وأكثرهم كفاية وإخلاصاً (لو افترضنا ذلك جدلا)، إلا أن العبرة بالدستور الذي سيطبق لأن الحكومة هي التي ستطبقه عملياً، كما أن العبرة أيضاً بالقوانين التي ستسير شؤون الناس وأمور الدولة داخلياً وخارجياً. فما كان عدل عمر رضي الله عنه إلا عندما طبق نظام الإسلام وأحكامه وتشريعاته. فالدستور الذي يرضي الله ويسعد العباد هو الذي يكون أساسه العقيدة الإسلامية لا غير، وهو وحده الذي يمثل تطلعات أهل الشام وثوارها الذين جادوا على مدار 14 عاماً بما يقرب من مليوني شهيد حتى تتوج تضحياتهم بحكم الإسلام ودولته ودستوره وتشريعاته، وتطبيق الإسلام بشكل جذري انقلابي شامل في الحكم والسياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية وغيرها، بأن تكون العقيدة المصدر الوحيد للدستور والقوانين، وأن يكون التشريع لله وحده لا لغيره ممن هم ملتزمون بسن القوانين الوضعية العلمانية وفرض تطبيقها على الناس على غير إرادة منهم.

فتطبيق الشريعة هو الذي يمكننا من التصدي لكل المؤامرات وليس استرضاء الدول بحجة التدرج والخداع والسياسة والمصالح! فالسياسة يجب أن تكون مبنية على الأحكام الشرعية لا على أهواء العقل والمصالح.

ثانياً: لطالما قلنا إن رضا الله الذي أمرنا بتطبيق الإسلام ورضا أمريكا التي تطالب بمحاربة الإسلام تحت ذريعة "مكافحة الإرهاب" ضدان لا يلتقيان. وبالتالي، لا يجدر الالتفات كثيراً لنيل الرضا والقبول من دول الشرق والغرب التي تبتزنا بملف رفع العقوبات، إنما المطلوب هو المواقف المبدئية التي ترضي ربنا ولأنها العلاج الجذري الوحيد لكل قضايانا في كل نواحي الحياة، وذلك بأن تكون سياسة البلاد ورعاية شؤون الناس فيها وفق أحكام الإسلام، لا وفق تشريعات غربية غريبة عن ديننا وأمتنا وهويتنا وثقافتنا وحضارتنا، ولا أن تكون خاضعة لضغوطات الغرب وإملاءاته وتوجهاته المعادية للإسلام وتحكيمه في ظل دولة. ولا يغيب عنا تحذير وزيرة خارجية ألمانيا من دمشق بقولها: أوروبا لن تمول "هياكل إسلامية"، وتحذيرها من إقامة "حكومة إسلامية" عقب إسقاط الطاغية، ولا تغيب عنا شروط أمريكا المعلنة وغير المعلنة لترضى عن الحكم في دمشق، فهي التي تدفع بثقلها حتى يكون الحكم في سوريا علمانياً لا حظ فيه للإسلام وأحكامه، بل إقصاء للإسلام عن الحكم والدولة، وهي التي تحرص على أن يكون لها رجالاتها وأدواتها في السلطة الجديدة حتى تطمئن، إضافة لحرصها على سلامة وأمن ربيبها كيان يهود، وتباكيها على الطوائف والدفع لمنحهم دوراً مؤثراً في الحكم، وحرصها على بقاء الشام حبيسة المفاهيم الوطنية القطرية المقيتة لترسيخ واستمرار الهيمنة الغربية على بلاد الإسلام.

فأي حكومة بعد سقوط الطاغية يجب أن تعكس تطلعات أهل الشام وتعمل لتطبيق ثوابت ثورتهم التي روي غرسها بالدم، لا أن يكون للغرب سلطان علينا يملي علينا ما يجب أن نفعله وما لا نفعله، وهو الذي يحاول أن يثبت تأثيره في الشام عبر ملف العرقيات الصغيرة ومحاولة جذبهم إليه خدمة لمصالحه لا خدمة لمصالحها.

ثالثاً: لقد أثبتت حاضنة الثورة يقيناً أنها جديرة بالاعتماد عليها، فهي التي تحمي الثورة وثوابتها وتطلعات أهلها في كل الأزمات، وهي القوة الضاربة والسند الطبيعي الذي يجب الاعتماد عليه وعدم التفكير مجرد تفكير بالركون إلى من يتربصون بنا الدوائر من الأنظمة والدول، وليست عربدة كيان يهود في غزة والشام، بضوء أخضر بل بتغطية أمريكية كاملة، عنا ببعيدة.

وختاماً: لا بد من التذكير بأنه لا يكافئ التضحيات العظيمة التي بذلت والدماء الزكية التي أريقت على أرض الشام إلا تطبيق الإسلام في دولة عز وقوة ومنعة، تحمل لواء الإسلام ويقودها رجال الإسلام. فمن يمثل تطلعات أهل الشام بحق هم من يرفع لواء رسولهم ﷺ وراية هويتهم وحضارتهم وعزة إسلامهم، لا يمثلهم إلا من يضع رضا الله سبحانه قبل كل رضا ويضع تطبيق شرعه أول الثوابت، وهذا ما جاد أهل الشام بفلذات أكبادهم لأجله. فنسأل الله الذي أكرمنا بنصر مرحلي وأعاننا على إسقاط نظام آل أسد أن يتم نعمته علينا وفضله بإقامة حكم الإسلام في ظل دولة الإسلام التي بشّر رسولنا ﷺ بعودتها بعد الحكم الجبري فقال: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».

---------------
كتبه: الأستاذ ناصر شيخ عبد الحي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

 

 

المصدر: https://tinyurl.com/45efsb7a