قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} [الشورى: 52].
ذكر الله تعالى في هذه الآية صفة القرآن: أنه روح.
أما تسمية القرآن (روحا)
وذلك لأن الروح هي سبب الحياة، والقرآن هو سبب حياة هذه الأمة. فالأمة من دون هذا القرآن كالجثة الهامدة من دون روح، فإذا فارقت الروح الجسد مات وأكله الدود وتعفن وصار عظاماً ورفاتاً لا قيمة له،
وكذلك إذا فارق القرآن هذه الأمة فإنها تموت وتتعفن وتأكلها ديدان الدول الكبرى وتنهب خيراتها وتأكل لحمها وهي لا تشعر.
والأمة إن كانت تحمل القرآن في صدورها، ولكن لا تطبقه في حياتها هي مثل النائم الذي فيه الروح ولكنه غافل عما حوله،
والأمة إن كانت تتلو القرآن بألسنتها، ولكنها لا تتلوه بأفعالها هي مثل المشلول الذي فيه الروح ولكنه لا يستطيع الحركة.
فالقرآن هو حياة الأمة وهو سبب وجودها وهو سبب حركتها، فإذا ذهب القرآن من الأمة ذهبت حياتها ووجودها ومكانتها.
وكذلك سُمّي القرآن روحاً، لكون القرآن سببا للحياة الأخروية الموصوفة في قوله: {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان}. [العنكبوت/ 64]، ولكن هذه الحياة الأخروية لا تتحصل إلا بهذه الحياة الدنيوية، أي بجعل القرآن حياً في القلوب والأقوال والأعمال، في الفرد والمجتمع والدولة.
فالعيش في الحياة الدنيوية مع القرآن وفق أحكامه هو الذي يوصل إلى الحياة الأخروية.
----------
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمود عبدالرحمن