من جديد تتعرض منطقة ضاحية بيروت الجنوبية لتفجير يطال حيًّا آهلاً بالسكان المدنيين بواسطة تفجير سيارة ملغّمة، ويفضي التفجير إلى جرح أكثر من خمسين شخصًا معظمهم من المدنيين الآمنين في بيوتهم أو أماكن عملهم. وهو التفجير الثاني بعد استهداف الضاحية بصاروخي غراد في شهر أيار الماضي، فضلاً عن الصواريخ التي استهدفت من قبل مناطق في البقاع الشمالي.
وبصرف النظر عن الجهة التي دبّرت هذه التفجيرات، يهمنا أن نؤكّد أنها مُنكرة شرعًا، فهي من المحرّمات لأن من شأنها أن تقتل رجالاً ونساء وأطفالاً حرّم الله تعالى دماءهم أو أن تجرحهم أو أن تضرّ بهم. والله تعالى يقول: (( وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ))، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ». وقال عليه الصلاة والسلام: «لا ضرَرَ ولا ضِرارَ، مَنْ ضارَّ ضَرَّه اللهُ، وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللهُ عَلَيْه».
وعلى فرض أن من دبّر هذا التفجير ونفّذه فعل ما فعل بذريعة أن قادة حزب إيران الذين يناصرون طاغية سوريا ويقتلون معه أهلها يتّخذون من الضاحية مقرًّا لهم وأن أهل الضاحية هم أتباع لهم، فنقول إن الله تعالى حرّم معاقبة أناس بجريرة أناس غيرهم، قال تعالى: ((وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى))، ويقول سبحانه: ((وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)). كما أنه لا يجوز افتراض أن كل من يقطن في الضاحية أو أن كل شيعي هو من أتباع حزب إيران، عدا عن أن هذا الحزب لم يستشر أهل الضاحية حين قرّر نصرة الطاغية وإرسال مقاتليه إلى سوريا. ونحن من جهتنا لن نسلّم لإيران وحزبها بأنهم يمثّلون كل الشيعة لا في لبنان ولا خارجه، وإننا نتطلّع إلى يوم ينكشف فيه انحراف هؤلاء أمام المخدوعين بهم وبسياستهم فيتخلّوا عنهم ويلتحقوا من جديد بقضايا أمتهم وتطلّعاتها التي رسمها لهم الإسلام.
كما لا بدّ لنا في هذه المناسبة من أن نحمّل حزب إيران وقادته المسؤولية الأولى عن هذه التفجيرات، إذ كان متوقَّعًا منذ أول يوم آزروا فيه الطاغية ورفدوه بالمقاتلين فولغوا في دماء أهل سوريا أن يكون لجريمتهم هذه ردود فعل انتقامية تطال المناطق المحسوبة عليهم. وإن على أهل الضاحية وأهل البقاع وسائر المناطق المتضرّرة من هذه الهجمات أن يعلموا أن المسؤول الأول والأكبر عنها هو من أقحم أبناءهم في القتال ضد إخوانهم من أهل سوريا بعد أن كانوا يوجّهون بنادقهم إلى العدوّ (الإسرائيلي). وعليه فليرفعوا أصواتهم في وجه مَن ظلمهم وجار عليهم وعلى إخوانهم، فرسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَتَأْخُذَنَّ عَلَى يَدَيِ الظَّالِمِ، وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ».
التاريخ الهجري 01 من رمــضان 1434
التاريخ الميلادي 2013/07/10م
أحمد القصص
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان