ليس هناك أقليات في الإسلام، فقد نظم العلاقة التي تربط الأفراد المكونين للدولة على أساس رابطة الرعوية الإسلامية التي تقوم على اعتبار المقيمين في الدولة إقامة دائمة هم رعايا الدولة، وقد تجاوزت رابطة الرعوية رابطة الأخوة الدينية التي تصلح فقط لوصف علاقة المسلمين الروحية بعضهم ببعض، تجاوزتها إلى الرابطة السياسية بين رعايا الدولة من المسلمين وغيرهم.
فالإسلام يُحرِّم بناء الرعوية على أساس الدين أو القوم ولو كانوا (أقليات!)، لأن الإسلام قد جعل حق الرعوية هو الفرد نفسه وبصفته الإنسانية المجردة إن أراد الإقامة الدائمية في دار الإسلام، وبالتالي فإن الرعوية هي حق للمرء وليست منحة من الدولة وليست من أعمال السيادة، فهي راجعة للفرد، والدولة لا تمنح الرعوية ولا تسقطها بل تنظمها باتجاه تسهيل إجراءات الحصول عليها.
ومن هنا يظهر البعد الشاسع بين التكييف العنصري الضيق للجنسية ومفهوم المواطنة في النظام الغربي الرأسمالي وبين ما أقرته أحكام الإسلام من تكريم للإنسان بوصفه إنساناً يختار العقيدة التي يرغب في اعتناقها، وكذلك يختار النظام الذي يقبل العيش تحت حكمه وسلطانه بغض النظر عن جنسه ومولده ونسبه. ويتأكد هذا التصور الإسلامي للرعوية من استقراء عدد من المفاهيم والقناعات الإسلامية على اعتبار أنها أحكام شرعية مستنبطة من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه، ومن هذه المفاهيم المؤكدة لخصوصية مفهوم الرعوية في الفكر الإسلامي كما ورد في مشروع دستور دولة الخلافة: ( لا يجوز للدولة أن يكون لديها أي تمييز بين أفراد الرعية في ناحية الحكم أو القضاء أو رعاية الشؤون أو ما شاكل ذلك، بل يجب أن تنظر للجميع نظرة واحدة بغض النظر عن العنصر أو الدين أو اللون أو غير ذلك)[ المادة 6 من مشروع دستور دولة الخلافة صفحة 4].
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمد صالح