إن قيادة الدولة، وخاصة في المراحل المفصلية، لا يمكن أن تكون بعقلية قيادة الفصيل أو الجماعة أو الحزب، بل لا بد أن تُقاد بعقلية قيادة الدولة ويجب الاعتماد على إمكانيات وطاقات وخبرات أبناء الأمة جميعهم.
ويبدو أن الإدارة الجديدة في دمشق لم تنتقل من عقلية الفصيل إلى عقلية الدولة التي تنظر إلى الأمة كوحدة متكاملة، بما تملك من طاقات شعبية وثورية ومراكز قوة تتجاوز حدود العناصر التنظيمية الضيقة للفصيل.
لذا ما يزال التعامل مع التحديات قائماً على ما تملكه القيادة من عناصر وعدّة وواجهة تنظيمية، لا على ما تملكه الأمة من مخزون قوة وشرعية.
ومن هنا، تُبنى التوازنات السياسية والتحركات الأمنية عند هذه القيادة من إحساس داخلي بالضعف، مصدره عقلية الفصيل التي لا ترى خارج صندوق الفصيل ومصلحته وطاقاته، فتهمل طاقات الأمة من حسابات القوة عندها بل وتخشى الانفتاح على الأمة والاعتراف بأنها صاحبة القوة الحقيقية التي تتجاوز الفصيل وتتماهى فيها، وقد يكون أحد أسباب الاقتصار على عقلية الفصيل اختلاف هوى الأمة عن هوى الفصيل وتعارضهما.
إن المرحلة خطيرة لا تحتمل مزيداً من التجريب، وإنّ القيادة التي تنظر للأمة كجمهور يجب احتواؤه أو ضبطه، أو ترى في الأمة خصماً محتملاً لا حليفاً وسنداً استراتيجياً، لن تستطيع أن تبني كياناً مستقلّاً ولن تتمكن من مواجهة مشاريع الهيمنة والاحتواء وهي مفصولة عن سندها الطبيعي من الأمة.
إن الاستمرار بهذه العقلية مقتلة واستهتار، بينما يتعامل العدو من حولنا بعقلية دول، واستراتيجيات دول، وتحالفات دول، وينظر للخطر فينا على أنه خطر كامن في الأمة والرأي العام فيها لا خطراً في أشخاص الحكم.
اللحظة التاريخية تحتاج قيادة بمستوى الأمة.. قيادة تستمد قوتها من الالتفاف الشعبي حول مشروع مبدئي منبثق من عقيدة الأمة الإسلامية. فالفراغ كبير لا تملؤه إلا قيادة صادقة مبدئية شجاعة وواعية تمتلك مشروعاً، تخشى الله وتسعى لرضاه وحده، لا حسابات المرحلة المبنية على المصلحة العقلية.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
مصطفى سليمان
لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا