- التفاصيل
نشر موقع (روسيا اليوم، 2 جمادى الآخرة 1440هـ، 07/02/2019م) خبرا جاء فيه: "كشف وزير خارجية تركيا، مولود تشاووش أوغلو، عن تشكيل قوة مهام مشتركة بين أنقرة وواشنطن، بهدف تنسيق انسحاب القوات الأمريكية من الأراضي السورية.
وجاء تصريح تشاووش أوغلو هذا، في مؤتمر صحفي بالعاصمة الأمريكية واشنطن التي يزورها للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في التحالف الدولي لمكافحة (تنظيم داعش الإرهابي)".
الراية: إن التنسيق السياسي والعسكري بين تركيا وأمريكا ليس غريبا، حيث إن تركيا تدور في فلك أمريكا وتسير سيراً محكماً مع السياسة الأمريكية في سوريا. وما يقال عن انسحاب القوات الأمريكية من شرق سوريا هو عبارة عن تبديل أدوار، فأمريكا وعن طريق تسليم النظام التركي بعض المناطق بحجة حمايتها من التنظيمات الإرهابية (حزب العمال الكردستاني)؛ تريد إعادة هذه المناطق إلى نظام أسد المجرم كما فعل في حلب سابقا.
يجب أن تعلم أمريكا وأتباعها أن أهل الشام قالوا كلمتهم ولن يتراجعوا عن هدفهم المنشود الذي قدموا في سبيله التضحيات الجسام، ألا وهو إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة على أنقاضه. ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.
جريدة الراية: https://bit.ly/2UXumUN
- التفاصيل
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام أعضاء التحالف الدولي "سيتم الإعلان الأسبوع المقبل بأننا سيطرنا رسمياً على مئة في المئة من أرض الخلافة". (بي بي سي).
يتبجح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالسيطرة على أراضي الخلافة المزعومة، وكان ذلك أمام ممثلين لأعضاء التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، وبحضور مسلمين وعرب يمثلون عددا من بلاد المسلمين، لكنهم لم يطأطئوا رؤوسهم خجلاً من نذالتهم أمام عدو الأمة، عدو الإسلام والمسلمين، ولا حياءً من تآمرهم معه في الحرب على بلاد المسلمين، بل وصل بهم الحد في النذالة والخيانة والتآمر أن يفخروا ويتباهوا بمشاركتهم ذلك العدو في تلك الحرب، فقد ساقهم إلى التحالف سَوقَ النعاج إلى الذبح، وساقهم إلى عاصمة الكفر واشنطن ليملأ ماضِغَيه فخراً أمامهم، كالجبان الذي يتباهى بقتل دودة أو حشرة صغيرة...
نعم يتبجح ترامب أمام ذلك الجمع الذين شاهت وجوههم، ولكن بم يتبجح؟ إنه يتبجح بالسيطرة على أكثر الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة، ويَعِدُ بالسيطرة بنسبة مئة في المئة على تلك الأراضي.. ولكن أراضي من؟ أراضي تنظيم أعلن خلافة مزعومة... فيا للعجب!!
ترامب يعلم، كما يعلم الجميع، أنه يتحدث عن مجرد تنظيم، ويعلم هو ويعلم الجميع أنه لم يكن دولة، ولم يكن يملك مقومات الدولة.. فضلاً عن أن يكون دولة كبرى بحجم دولة خلافة حقيقية تدوّي سمعتها في الآفاق، وتبسط نفوذها في القارات، يرهبها القاصي والداني.. ويطمع في عدلها عامة الناس، ويلوذ بقوتها ملوك الأرض يحتمون بسلطانها وهيبتها، كما فعلت فرنسا، فخاطبت خليفة المسلمين لاستنقاذ ملكها المأسور..
أمثالك يا ترامب يلثمون أعتاب الخلافة الحقيقية لو كانت موجودة، ولكنك تعلم - كما نعلم - أنك لم تفعل ما فعلت في أفغانستان والعراق وسوريا إلا خوفاً من الخلافة الحقيقية، فعلت وما زلت تفعل، وأنت تصرح بمثل هذا التصريح أمام شرذمة من السفهاء يقتاتون على فتات الرويبضات، الذين يسترضون العلوج أمثالك للحفاظ على كراسيهم المعوجّة قوائمها...
ولكنك ما أطلقت تلك التصريحات إلا لتشويه صورة الإسلام، وتشويه الخلافة الحقيقية والتقليل من شأنها، وتضليل المسلمين، محاولاً الإمعان في إذلالهم وإخضاعهم، لتصرفهم عما اتخذوه قضية مصيرية لهم من إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، أنت تعلم هذا كما نعلمه نحن علم اليقين، ولكنك لم تجد في الحضور أمامك - من ممثلي البلاد الإسلامية التي شاركتك تحالفك القذر - لم تجد فيهم رجلاً واحداً.. بل كلهم باعوا أنفسهم للشياطين من أمثالك ومن أمثال الحكام الرويبضات في بلادنا، فقدوا الشهامة والنخوة والرجولة من أجل ساقطٍ من المتاع ليبقوا في مناصبهم الزائلة لا محالة.. وهيهات هيهات - يا ترامب - أن تنجح في تشويه صورة الإسلام وصورة الخلافة.. فرغم الآلة الإعلامية المسخّرة لأكاذيبكم وتضليلاتكم، ورغم جيوشكم الجرّارة، ورغم كثرة عملائكم في بلادنا، ورغم التقتيل والتعذيب والتشريد الذي تقومون به في بلادنا؛ رغم كل ذلك فإنكم ترون الأمة الإسلامية تسعى سعياً حثيثاً لإقامة الخلافة الحقيقية، التي هي على منهاج النبوة، فاتخذتها قضية مصيرية لها، فوالله الذي لا إله إلا هو إن الأمة الإسلامية لتمتد يدها إلى رِتاج باب الخلافة لتعلنها خلافة راشدة على منهاج النبوة تحمل الإسلام رسالة إلى العالمين، وتحمل الويل والثبور لأمثالك ممن يتبجحون ويتطاولون على الخلافة وعلى الإسلام والمسلمين.
وليتك من العقلاء لتعي التاريخ وتعتبر مما حدث لأقرانك لما رفضوا أن يدفعوا الجزية لدولة الخلافة. ولا تقولَنَّ إنك وبلدك أمريكا لستم كأولئك، ولا تغرَّنك قوتك وقوة بلدك.. فلا شك أنّ بلدك قد جرّب قتال أفراد وتنظيمات من المسلمين فولّيتم هاربين.. مع أنكم لم تواجهوا جيشاً مسلماً حقيقياً من جيوش دولة الخلافة الحقيقية، فكيف بكم لو واجهتموه... دعنا نذكرك إذن بالمعاهدة التي وقّعتموها مع والي الجزائر قبل حوالي قرنين من الزمان، وكيف دفعتم الفداء لتطلق دولة الخلافة سُفُنَكم وجنودكم الذين على متنها... أونسيتَ هذا يا من يتغافل عن التاريخ وحقائقه، ويعمي بصره عن حقيقة الإسلام وحقيقة المسلمين، فأنتم تعلمون أن المسلمين لا يُغلَبون، وإن خسروا معركةً فلا يخسرون الحرب، ولا ييأسون من نيل مبتغاهم من عدوهم.. ألا يكفي - يا ترامب - أن المسلمين يحبّون الموتَ في سبيل الله كما تحبُّ أنت وجندُك الحياة؟ فإن كنت قد نسيت فاسأل أرشيف وزارة الدفاع عندك عن عدد القتلى من جنودكم في بلادنا.. واسأل وزارة الصحة عندك عن عدد الجرحى والمصابين.. واسأل المَصَحّات العقلية والنفسية عن عدد المرضى النفسانيين من جندك الذين استطعت أن تنجو بهم من أتون الموت في أفغانستان والعراق.. فهربْتم بهم قبل أن ينكشف كذبكم وخداعكم لشعبكم.. مع أنكم لم تواجهوا جيشاً حقيقياً من جيوش دولة الخلافة الحقيقية.. فكيف بك وبجندك لو واجهتم مثله؟... لا شكّ أن مصيرك سيكون أسوأ من مصير جدك هرقل وجحافل جنوده وجيوشه...
إن الخلافة على منهاج النبوة - يا ترامب - لن تترك لك أدنى فرصة لتأتي بجيوشك إلى أراضي المسلمين، بل سترى جيوشها في عقر دارك - إن بقي لك عقر دار، وإن لم تفعل كما فعل جدك هرقل - ولن تتمكن دولتك بما أوتيت من قوة، وبما لديها من تقدم تقني، وأقمار صناعية، وأجهزة رصد؛ لن تتمكّن من الحيلولة دون أن تمسك دولة الخلافة بحلقومك، وحينها لن يبقى لك لسان تتبجح وتتطاول به على الخلافة، وتتمنى أن لو لم تكن قد خلقت.. نعم، لو كانت الخلافة حقيقية لما تجرأ أمثالك على التطاول عليها للنيل منها والتقليل من شأنها ومن شأن الأمة الإسلامية.. فضلاً عن أن تحاربها وتتفاخر بالسيطرة على أراضيها... فصبراً ثم صبراً.. فبيننا وبينك وعد الله، ولن يخلف الله وعده.
- كتبه خليفة محمد
جريدة الراية: https://bit.ly/2GFEjSJ
- التفاصيل
قامت الحضارة الرأسمالية بمنظومتها الدولية على مبدأ لا يقنع العقل ولا يوافق الفطرة، بل يلبي شهوات القائمين عليه وأهواء الفاعلين فيه، ويزيد في الشعوب المحكومة به الفقير فقراً والغني غنى، ولا يقدم معالجات لمشاكل الإنسان سوى مساحة واسعة من الحريات تجعله في غابة مليئة بالوحوش الضواري يأكل القوي فيها الضعيف.
نعم هذه حقيقة الحضارة الرأسمالية بنظامها الديمقراطي ومبدئها فصل الدين عن الحياة، وإن ما يبدو للناظر بسطحية من تطور تكنولوجي وتقدم علمي وصل إليه البشر في ظل هذه الحضارة لا يعبر عن مكنونها ومضمونها، بل لا يعدو عن كونه ستاراً تغطي به سوءتها، ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب.
وإن تشبيهها بعصر الجاهلية القديمة فيه ظلم لذلك العصر؛ فجاهلية القدم اتخذت المعاصي عادات وأعرافاً وقد لا يعاقَب مخالفها، أما جاهلية الديمقراطية فتشريعات وقوانين ويعتبر مخالفها مجرماً أو إرهابياً أو رجعياً..
جاهلية القدم كان فيها شيء من استقلالية التفكير واتخاذ القرار، فأهل جزيرة العرب بأغلبيتهم وقريش خاصة لم يكونوا عملاء لإمبراطورية الروم أو فارس. أما جاهلية الديمقراطية فلا تنجو بلد فيها من العمالة والتبعية الغبية لأمريكا أو بريطانيا أو للمنظومة الدولية!
وعليه نجد أنفسنا في عصر هو الأقبح، ومعصية هي الأوقح، ومصيبة هي الأشد، وجور هو الآكد؛ ثرواتنا منهوبة، وأرضنا مغصوبة، وفقر ينتشر، وقرار ينكسر، وحكام العمالة يعيثون بأمر أسيادهم في الأرض الفساد!
ولكن فساد الديمقراطية الملموس المحسوس لم يعد يحتاج إلى شرح أو بيان وتوضيح؛ فها هي شعوب العالم الإسلامي والعربي، بل والغربي، تنتفض واحدة تلو الأخرى؛ فمن تونس إلى مصر إلى اليمن إلى ليبيا إلى سوريا إلى إيران إلى فرنسا وغيرهم... وفي كل ثورة أو انتفاضة يحاولون ترقيع خروق مستجدة في حضارتهم ونظامهم.
حتى إذا قامت ثورة المسلمين في الشام عملوا كما عملوا في غيرها ولكن لم تنجح مساعيهم وطار صوابهم، وكنا نرى طائرات سفرائهم ومبعوثيهم تكاد لا تهدأ تنقلهم من مؤتمر إلى مثيله؛ أنطاليا وجنيف وفينّا وأستانة والرياض وأنقرة وطهران وسوتشي، هذه ليست مسميات بلاد في عرف أهل الشام بل هي رموز مؤتمرات ومحطات اتفاق زائف أتعبت الساسة الغربيين، حرصوا في كل مساعيهم تلك أن يرسخوا جاهليتهم ويستروا عورة مبدئهم ويرقعوا خرق حضارتهم، ولكن... اتسع الخرق على الراتق.
نعم، اتسع الخرق على الراتق...
فأهل الشام باتوا واعين تماماً أن أمريكا أوعزت لرجالها أن ينقذوا عميلها وصاحبهم طاغية الشام.
وأهل الشام باتوا واعين أن أدوار المنقذين لطاغية الشام تختلف بين متظاهر بالعداوة له وبين منافح عنه.
وأهل الشام أدركوا كذلك أنهم لم يحققوا هدفهم بعد، فبقاؤهم في ثورة لا يعني أنهم وصلوا لهدف التغيير.
وأهل الشام رأوا من التنظيمات المسلحة والفصائل المقاتلة ما يؤكد لهم أن الديمقراطية بجاهليتها النتنة لا زالت تسري في عقول من يحكمهم، فلم ولن يقبلوا بهذه الأشكال ولو لبست لبوس الدين.
وأهل الشام عرفوا أبعاد الشعارات الكاذبة من أردوغان وأبطال المقاومة وغيره، فلم تعد تنطلي عليهم غدرة (لن نسمح بحماة ثانية، وحلب خط أحمر، وإدلب ليست كغيرها)...
أهل الشام لمسوا بأيديهم حقيقة العداء السافر من الغرب الكافر المستعمر على أمة الإسلام فلم يعودوا يأبهون لتحليلات وأخبار تدعي صداقة الشعب السوري...
"اتسع الخرق على الراتق" هو مثل يضرب في الأمر الذي لا يستطاع تداركه لتفاقمه، ولن تستطيع أمريكا ولا أحلافها وجنودها وإعلامها ودجالوها أن يتداركوا حركة التغيير والصحوة في الأمة، وما يدعيه لافروف في إحدى مقابلاته بقوله: (لولا تدخلنا في سوريا لأصبحت دمشق عاصمة الخلافة الإسلامية) قاصدا بقوله إنه تدارك الأمر، ما هو إلا كذب محض وزعم باطل ووهم مريح...
والثوب الممزق لا ينفع معه رتق بل يحتاج صاحبه إلى تبديله، والبناء المصدّع لا ينفع معه ترقيع بل يحتاج أهله إلى تغييره، وهذا تماماً ما بشرنا به حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فبعد الملك الجبري خلافة على منهاج النبوة بإذن الله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد حاج محمد
المصدر: https://bit.ly/2I7oHd0
- التفاصيل
أشرفت ثورة الشام على إتمام عامها الثامن، ولم تحقق أهدافها؛ ولم تتمكن بعد من إعلان انتصارها، ولا زالت تخشى من تآمر العالم عليها.
لم تعد أهداف الثورة موضع نقاش وجدال؛ بل صارت ثوابت يعرفها الصغير والكبير؛ ويعلمها العدو قبل الصديق، فإسقاط النظام المجرم بكافة أركانه ورموزه وإقامة حكم الإسلام خلافة على منهاج النبوة كما وعد الله وبشر نبيه صلى الله عليه وسلم، فهذه أهداف ثورة الأمة في الشام.
بالتأكيد لا يمكن إقامة حكم الإسلام قبل إسقاط النظام المجرم؛ فهذه حقيقة أولى يعي عليها أهل الشام، فعدم انشغالهم بكيفية إقامة الخلافة لا يعني إلا شيئا واحدا عندهم وهو التركيز على الخطوة الأولى لاجتيازها للخطوة الثانية.
غير أن أهل الشام الذين انتزعوا قرارهم بثورتهم؛ وخرجوا في وجه عدوهم يتحدون قوته؛ يعلنون أنهم استعادوا سلطانهم، وهم عازمون على إسقاط النظام المجرم وإقامة حكم الإسلام؛ شاهدوا بعين الرضا الفصائل تتصدر الثورة وتتولى قرارها، ولحبهم للفصائل وتقديرهم لجهاد عناصرها؛ ترك أهل الشام لها الحبل على الغارب، فاحتكرت الفصائل القرار واستبدت به ثم لاحقا أعادت اغتصاب قرار أهل الشام.
والحقيقة الثانية أن قيادات الفصائل (وهي المنوط بها تحقيق الخطوة الأولى) قد فشلت فشلا ذريعا في قيادة الثورة لإيصالها لإسقاط النظام المجرم، وهذا الفشل لم يكن بسبب غياب القدرة عند فصائلها؛ بل أهل الشام لم يبخلوا بشيء على الفصائل؛ فهم من حبهم للثورة قدموا لها أبناءهم وأموالهم ودورهم وقرارهم، بل لم يكترث أهل الشام بدمار ولا بتهجير ولا بفقر ولا بتشريد؛ بل قدموا كل ما لديهم للثورة؛ وجعلوه في يد قيادات الفصائل التي أساءت استخدام إمكانات الثورة؛ وضيعت الأمانة وأهدرت الطاقات وفرطت بالمسؤوليات ولم ترع الثقة التي وضعت فيها.
والحقيقة الثالثة أن قيادات الفصائل لم تحمل يوما مشروع الأمة؛ ولا همّ الثورة، وإنما حملت همها ومصالحها، فتركيبة الفصائل تشبه إلى حد بعيد تركيبة الأنظمة العربية؛ من حيث إنها لا تملك بناء تقوم هيكليته على أفكار محددة تجعل قرارها باتجاه تحقيق الأهداف التي وجدت لأجلها، وإنما قرار الفصيل هو قرار قائده وبعض من بطانته كحال الحكام؛ وهو يتركز على مصالح القادة الشخصية بعيدا عن مصالح وأهداف الأمة.
وهذا الأمر هو الذي سهل على الدول الداعمة استمالة قادة الفصائل بتحقيق مصالحهم الشخصية؛ لتمسك عليهم أوراقا تضغط بها عند اللزوم كي تجعلهم يسيرون في ركاب مصالحها، فالمجرم بشار كان يتطلع للرحيل منذ الأيام الأولى للثورة؛ ولكن أمريكا لم تربِّه عميلا لينجو بنفسه بل ليحقق مصالحها.
لقد غرقت قيادات الفصائل في مستنقعات الدعم ووحول التمويل وفخاخ الارتباطات، فلم تعد صاحبة قرار؛ بل صارت تنفذ ما يطلب منها؛ وأما ما يطلب منها فهو يقرَّر في مؤتمرات دولية جنيف وأستانة وسوتشي، لقد غدرت قيادات الفصائل بثورة الشام؛ وأسلمت أهلها لمكر الدول تساوم عليهم.
الحقيقة الرابعة أن أهل الشام كانوا يتحاشون أن يروا ثورتهم في مواجهة دول العالم؛ وهم غير مستعدين بعد لمثل هذه المواجهة، لكن الحقيقة أن ثورة الشام طوال ثماني سنين كانت في قلب المواجهة مع دول العالم؛ من أمريكا وروسيا والأمم المتحدة؛ إلى دول الجوار ودول الخليج وإيران وحتى تركيا التي لا تزال تتظاهر بلبوس الحمل الوديع.
والحقيقة الخامسة أن أهل الشام صمدوا وصبروا وثبتوا على ثورتهم فهم لا يزالون يحتضنونها ولا يستبدلون بها غيرها؛ ولكن قيادات الفصائل هي التي اغتصبت قرار الثورة، فينبغي عليهم إن كان عندهم قليل الخوف من الله وقليل حس بالمسؤولية أن يتوقفوا عن اغتصاب قرار الثورة ويتنحوا جانبا، أو يعدوا العدة للجهاد فهذا عملهم ولهذا وجدوا ولهذا لا زال أهل الشام يتحملونهم.
والحقيقة السادسة أن الثورات بالرغم من كونها مكلفة على الأمة؛ إلا أن الأمة رأتها السبيل الوحيد للخلاص من أنظمة الحكم الجبري، ولأن الأمة تدين لربها بدين الإسلام فهي مستعدة للتضحية في سبيله بلا حدود وهي راضية بذلك؛ بل وتتقرب إلى الله به، لكن ولأن الأنظمة المجرمة أحكمت قبضتها الأمنية على القوة الرئيسية في البلاد وهي الجيش؛ لذلك كانت الأمة تشعر بعجزها عن هدم الأنظمة الحاكمة، فلما ولجت طريق الثورات سارت فيها بقوة واندفاع فاسترجعت قرارها المسلوب ولم تكترث كثيراً لحجم التضحيات فهي أمة التضحيات.
والحقيقة السابعة أن دول العالم شعرت بالرعب لما شاهدت الأمة تنتزع قرارها في ثوراتها، فأخذت تدعم قيادات الفصائل حتى تمكنت من جعلها تغتصب قرار أهل الثورة؛ ولتعود الأمة ثانية مسلوبة القرار، فهي اليوم تشاهد الفصائل تصول وتجول تقرر عن أهل الشام كيف تشاء، فاقترفت الاقتتالات وسفكت الدم الحرام وسلمت البلدان وهي اليوم تسعى لتسليم الطرقات وما خفي أعظم.
والحقيقة الثامنة أنه وإن كانت الثورة انحسرت شكلاً في المحرَّر؛ إلا أن في المحرر ملايين المسلمين وهم حاضنة الثورة ولا يرضون بغير إسقاط النظام المجرم وإقامة حكم الإسلام، حاضنة تدربت على الحروب؛ ومارست التهجير وتحملت الحر والقر وشظف العيش، رضيت بالقليل وتأقلمت مع ظروف المخيمات الصعبة، لم تبدل ولم تغير؛ أغلب أهلها من الرجال والشبان، تطمع أعظم الدول أن يكون لديها مثل هذه التركيبة السكانية، نعم فالثورة اليوم لا تزال تمتلك كل الإمكانيات لتنتصر على أعدائها، ولا تزال تملك الإرادة للوصول إلى أهدافها... ولكن ماذا تحتاج الثورة لتنتصر؟
ما تحتاجه الثورة لتنتصر نستعرضه بالنقاط التالية:
1- أن يتكتل المخلصون من المجاهدين الصادقين فيما بينهم على ثوابت الثورة، يحصل هذا في كل بلد ثم في كل منطقة.
2- أن يتكتل القادة المخلصون مع بعضهم ليكونوا القيادة العسكرية التي تقود تكتل المجاهدين.
3- أن يتكتل الوجهاء الثوريون والمؤثرون من الثوار مع بعضهم على ثوابت الثورة في كل بلد ثم يتلاقوا في مناطقهم ليكونوا القيادات الشعبية التي تقود الحاضنة.
4- أن يتوجه الوجهاء الثوريون إلى حواضنهم ليكتلوها حولهم على ثوابت الثورة، ويقودوها لاحتضان تكتل المخلصين المجاهدين.
5- إذا حصلت هذه التكتلات في حاضنة الثورة يكون قد حصل البناء المطلوب في الأمة.
6- أن يقوم تكتل الوجهاء بالطلب من حزب التحرير كي يدلهم كيف يسيرون بأهلهم ليصلوا إلى أهدافهم؛ إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام، وهذا يعني أن يتخذوا حزب التحرير قيادة سياسية للثورة؛ يسير بهم على مشروع الخلافة الراشدة برؤية وبصيرة ويجنبهم مطبات الدول وشراكها.
هذه حقائق عن ثورة الشام أنها قادرة على أن تنتصر بمقدراتها لو تكتلت على ثوابت ثورتها؛ وسارت بتوفيق ربها مؤمنة به مستجيبة لأمره، فالنصر من عنده وهو وعد به، فقال الله سبحانه: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾.
بقلم: الأستاذ أحمد عبد الوهاب
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
جريدة الراية: https://bit.ly/2UW4Lvn
- التفاصيل
إنّ التعامل مع الخُطط الدولية ينبغي أنْ يكون هو الشغل الشاغل للقيادات السياسية الحقيقية التي تتولّى شؤون الأمّة، فلا قيمة لأعمال السياسيين إنْ لمْ تُعنَ بكشف الخطط التي تضعها الدُول المُعادية لهم، ولا مُستقبل للدول إنْ لمْ تُعطِ لهذا الكشف الأهمّية اللازمة.
والإسلام فرض على المُسلمين القيام بالأعمال السياسية المُتعلّقة بهذا الموضوع، قال تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وإلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً﴾، ومواضيع الأمن والخوف تتعلق بالصراع مع الأعداء، وبضرورة الظفر عليهم، وتجنب الفشل والهزيمة، وهذا يحتاج إلى استنباط وتفكير وتحليل، أي يحتاج إلى قُدرات خاصة يتمّ توظيفها لخدمة الدولة والأمّة، يقول الطبري رحمه الله في تفسيره لآية ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ﴾: "الَّذِينَ يُنَقِّرُونَ عَنْ الْأَخْبَار"، ويصفهم بــ: "أُولِي الْفِقْه فِي الدِّين وَالْعَقْل".
والإسلام حدّد الزاوية الخاصة التي يُنظر من خلالها إلى العالم، وهذه الزاوية هي العقيدة الإسلامية، كما حدّد زوايا العمل المُتعلقّة بتحديد الأعداء الرئيسيين، وكيفية مُواجهتهم، والانتصار عليهم.
فالزاوية عندنا هي العقيدة والمبدأ ونشر الإسلام، وأي زاوية أخرى غير ذلك كالقومية أو الوطنية لا تعني إلا الانحطاط السياسي، ولا تؤدي إلا إلى الاستسلام للقوى الكبرى المُستعمرة، كما هو حال الدول القائمة في العالم الإسلامي اليوم.
وبما أنّ النظرة المبدئية هي نظرة عالمية مُنْطلقة من قاعدة إسلامية فكرية سياسية صلبة، فإنّ تتبع الخطط الدولية، وكشفها، أمرٌ لا بُدّ منه لمن يحمل هذه العقيدة، ولمن يرنو إلى حمل دعوة الإسلام إلى العالم، وإنّ ما لا يتمّ الواجب إلا به فهو واجب.
والرسول صلى الله عليه وسلم قدّم لنا أروع الأمثلة السياسية في كشف الخطط والمؤامرات الدولية، وصدّها وإحباطها، فمثلاً عندما جاءته أخبار عن خطة قريش للتحالف مع يهود خيبر لمهاجمة المدينة والقضاء على الإسلام، بادر من فوره إلى اتخاذ إجراءات سياسية عاجلة، فقام أولاً بالتأكد من تلك الأخبار عن طريق العيون والعسس (الاستخبارات العسكرية)، ثمّ رسم في المُقابل خطةً سياسيةً مُحكمة في مُواجهة خطة قريش، وإفشالها، فاتخذ من سياسة السلم والتفاوض مع قريش هدفاً سياسياً مؤقتاً له، وقبل بشروط قريش بالرغم من أنّها مُجحفة، وبالرغم من مُخالفة كبار الصحابة لها، ووقّع معها صلح الحديبية، فكان فتحاً مُبيناً، وحقّق أهدافه المرجوة والمُتمثلة بكسر حلف قريش/خيبر، وفض الشراكة بينهما، وذلك بفصل القوتين الكبيرتين لهما عن بعضهما، ومن ثمّ الاستفراد أولاً بخيبر وسحقها، وإضعاف قريش وعزلها، تمهيداً للقضاء عليها.
والدول الكبرى في هذه الأيام - كما هي حال شبيهاتها في كل زمان - لا تتوقف عن وضع الخطط التي من شأنها إضعاف خصومها، والحفاظ على مصالحها، وبسط نفوذها، وتمرير أجندتها عبر حلفائها وعملائها ووكلائها، فمثلاً انسحاب أمريكا المُفاجئ من سوريا، هو خُطّة سياسية ترمي إلى تحقيق عدة أهداف منها:
1- تثبيت أركان نظام بشار الأسد وتسليمه فيما بعد مناطق النفط والغاز شرق الفرات ليتمكّن من الحصول على التمويل اللازم لتقف دولته على قدميها، وتقوم بأداء الحد الأدنى من الإنفاق على حاجاتها الضرورية، وكأنّ أمريكا التي سيطرت على مناطق شرق الفرات الغنية، وطردت القوى المُعارضة منها، احتفظت بها مُدةً من الزمان ريثما يقوى النظام، ثمّ تقوم بإعادة تسليمها إليه.
2- وضع المناطق الشمالية من سوريا تحت سيطرة تركيا للاستمرار في قيامها بدور الضابط والمُتحكم بفصائل المُعارضة، ومنعهم من القيام بمهاجمة قوات النظام، وإبقائهم في سجن كبير تحت السيطرة التركية، وتهديدهم بين الفينة والأخرى بالقوة الروسية، وإجبارهم على الالتزام بالاتفاقات التي أبرمت بين الدول (الضامنة) وهي روسيا وتركيا وإيران، وتخويفهم من مغبة الخروج عليها.
3- استخدام الورقة الكردية وورقة تنظيم الدولة كتكتيكات سياسية لاستخدامها عند الحاجة في تثبيت رؤيتها، والتلاعب بعملائها، وتنصيب نفسها حكماً على اللاعبين المحليين والدوليين في سوريا.
4 – إضعاف الأدوار التي تقوم بها فرنسا وبريطانيا بعد انسحابها.
5- استخدام ورقة المُعارضة السورية المُرتمية في أحضان تركيا في مُفاوضات مُستقبلية للمُطالبة بإخراج روسيا من سوريا، وإخراج مُعظم قواعدها.
6- تمكين إيران ومليشياتها من الاستمرار بتقديم المُساعدات اللازمة لنظام بشار، وتقليص دور كيان يهود في سوريا إلى الحد الأدنى.
هذه هي أهم أهداف أمريكا في سوريا اعتماداً على قرار ترامب سحب الجنود الأمريكيين من سوريا خلال الأشهر القادمة، وما كانت هذه الأهداف لتتحقق لولا تعاون روسيا وإيران وتركيا والسعودية مع أمريكا، فلا قوة لأمريكا خارج حدودها إلا من قوة عملائها وحلفائها.
فهذه الدول قد تآمرت على الثورة، واشترت الكثير من قياداتها الخونة الذين بدورهم قاموا بتسليم المناطق المحررة للنظام على طبق من ذهب، والحقيقة أنّه لم يصمد النظام، ولم يتمكن داعموه من الروس والإيرانيين من بسط نفوذ المجرم بشار الأسد على الأراضي المُحررة إلا من خلال تعاون قادة الفصائل الذين باعوا نضالات الثوار بثمنٍ بخس، فالذي قام بمُساعدة النظام بالدرجة الأولى ليست روسيا ولا إيران ولا مليشياتها، وإنّما هم قادة الفصائل الذين قبلوا بأنْ يكونوا أدوات رخيصة بأيدي السعودية وتركيا والأردن وغيرها.
لذلك كان لا بُدّ لمريدي التغيير من تبني مشروع الإسلام العظيم بشكلٍ واضح، كما لا بُدّ من قطع جميع علاقات الثوار مع تركيا والسعودية ودول الجوار المُتآمرة ضد الثورة مع نظام الطاغية بشار، وعليهم أنْ لا يتراجعوا عن ثوابت التغيير الحقيقي مُطلقاً، وأهمّها تصميم الثوار على إسقاط النظام بكل أركانه ومؤسساته ورموزه، وإقامة دولة الإسلام على أنقاضه.
كتبه: أبو حمزة الخطواني
جريدة الراية: https://bit.ly/2BpAU7f