- التفاصيل
تقوم الثورات عادة لتغيير الواقع السيئ إلى واقع أفضل، من أجل ذلك تقدم الشعوبُ الكثيرَ من التضحيات، وفي حال التفاف أصحاب المصالح على هذه الثورات وإفشالها فإن روح الثورة تبقى موجودة لتعيد شحن الشارع بهدف التحرك من جديد. هذا ما حدث في أوروبا نهاية القرن الثامن عشر وخلال القرن التاسع عشر، فقد حصلت عدة ثورات متتالية أدت في النهاية لتحقيق مطالب الشعب بالتغيير، منطلقها كان الثورة الفرنسية عام 1789م، حيث قامت ضد الدكتاتورية الحاكمة المتمثلة بالملك وأتباعه من طرف، والكنيسة الكاثوليكية من طرف آخر. حيث عاش الشعب الفرنسي تحت نير الظلم و الفقر، ورغم فشل الثورة الأولى، فقد تحرك الشعب الفرنسي في ثورة عام 1830م التي أطاحت بالملك وعدّلت السلطة إلى سلطة ملكية دستورية. كانت هذه الثورة شرارة لعدة ثورات حدثت في أوربا: بلجيكا، وبولندا، وانتفاضة سلمية في سويسرا، ومجموعة من الانتفاضات في الدويلات الإيطالية. لم تتوقف حدود الثورات في أوروبا بل امتدت إلى البرازيل، ولكن قلة الوعي عند الجماهير ووجود ثورة مضادة بقيادة كل من بريطانيا والنمسا أدت لفشل هذه الثورات والانتفاضات.
إلا أن الثورات لا تموت؛ حيث كان عام 1848م عامَ الثورات التي سمّيت بربيع الشعوب، خلاله انتفضت غالبية شعوب أوروبا ضد حكامها، سواء عبر ثورات شاملة أو انتفاضات سلمية، ابتداء من فرنسا ثم الدويلات الألمانية والدويلات الإيطالية وهولندا وبلجيكا والدنمارك وإيرلندا والسويد وبولندا وأوكرانيا وسويسرا والثورات في الإمبراطورية المجرية وغيرها من الدول الأوروبية الصغيرة، ولم تقف حدود هذه الانتفاضة في أوربا بل وصلت أصداؤها إلى العديد من دول العالم. بعض هذه الثورات كان هدفها إسقاط النظام الملكي وتبديله بالمبدأ الرأسمالي، وبعضها كان بهدف الوحدة الوطنية، وأخرى من أجل الاستقلال عن الدول المستعمِرة. حققت بعض هذه الثورات أهدافها وبعضها الآخر فشل، لكن هذه الثورات كانت بريقَ أمل، مما جعل الشعوب تعيد الكرّة مرة بعد أخرى، الأمر الذي أدى في النهاية إلى الوصول إلى الدول الأوربية الحديثة التي يسودها المبدأ الرأسمالي، مع ما نشاهده من تطور تكنولوجي ورخاء اقتصادي.
لقد كان السبب في تأخر الشعوب الأوربية في التخلص من الأنظمة القديمة، أن الشعوب لم يكن لها مشروع واضح ومبلور تهدف لتحقيقه، بل كانت ثورات نابعة عن غضب من الحكام، وأحلام كبيرة في الحرية والعيش الرغيد. في كل ثورة كان وعي الشعوب يتقدم درجة نحو الأمام، حيث إن التضحيات الجسام أرغمتهم على التفكير في مخرج، الأمر الذي أدى إلى الوصول للمبدأ الرأسمالي الوضعي الذي لم يحقق لهم الرخاء الحقيقي إلا بعد أن خاضت شعوب أوروبا حربين عالميتين، تم بعد كل منهما تعديلات كبيرة على المبدأ حتى وصلوا إلى ما هم عليه اليوم.
تُعلّمنا ثورات الشعوب الأوربية أن الشعوب ستبقى منتفضةً حتى تحقق أهدافها، وأن القمع العسكري والمكر السياسي للأنظمة الحاكمة لن تنجيهم من غضب الشعوب، وإنما تؤخر سقوطهم قليلًا، كما أننا في بلاد المسلمين اليوم نرى إرهاصات موجة جديدة من الثورات بعد فشل ثورات عام 2011م، وهي ثورتا السودان والجزائر، والتي من المرجح أنها ستمتد قريبًا للكثير من البلدان الإسلامية بهدف إسقاط الأنظمة العميلة الحاكمة والتخلص من النفوذ الاستعماري. لكننا أيضًا يجب أن نأخذ العبرة من تجربة الأوروبيين بحيث نحمل مشروعًا كاملًا نهدف فيه لإسقاط النظام وبناء نظام جديد، وأن لا نعتمد فقط على كراهية النظام القديم. في ذات الوقت إننا لسنا بحاجة إلى استيراد نظام وضعي جاء كردّ فعل على ظروف معينة في زمان ومكان محددين، ولا يزال مشرّعوه يعدّلونه تَبَعًا للمتغيرات! ورغم أنه حقق لشعوب أوروبا الحرية والرخاء الاقتصادي، إلا أنه دمرهم اجتماعيًا وأخلاقيًا، وهو اليوم يهدد السلامة البيئية على مستوى العالم، إضافة إلى أن نظامه المالي على وشك الانهيار مما سيجلب الكوارث للبشرية جمعاء ما لم يتم تبني نظام جديد. وقد أكرمنا الله عز وجل خالق السماوات والأرض بنظام الإسلام، فلو سعينا لإسقاط هذه الأنظمة وتطبيقه في دولة واحدة على رأسها خليفة منتخب يحكمنا بكتاب الله وسنة رسوله، لوفرنا على أنفسنا عناءً طويلًا لسلاسل متتالية من الثورات لن توصلنا إلا إلى ذات النتيجة، ولحققنا أهدافنا بالعيش الكريم مع الفوز برضوان الله عز وجل في الدراين.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
مصعب الرشيد الحراكي
- التفاصيل
في الذكرى الثامنة لانطلاق ثورة الشام في 15 من آذار 2011. وتحت شعار "نجدد عهد ثورتنا ونؤكد على ثوابتها بإسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام": خرجت مظاهرة نظمها شباب حزب التحرير في بلدة أطمة - بريف إدلب الشمالي. كذلك خرجت عشرات المظاهرات الشعبية عقب صلاة الجمعة، في العديد من المناطق المحررة، في مدن إدلب ومعرة النعمان وخان شيخون وسراقب وبنش وسرمدا وبلدتي سرجة واحسم وقرى حزارين وسفوهن وكفرعويد والفطيرة وعزمارين، وأكد المتظاهرون على استمرارية الثورة، واستعادوا شعارات وأهازيج الثورة بترديد هتافات عام 2011، للتأكيد على تجديد العهد بالثورة. ومن اللافتات التي رفعها المتظاهرون.. لا كرامة لشعب يتخلى عن ثورته، نحن شعب لا يستسلم ننتصر أو نموت، ثماني سنوات وعلى عهد الشهداء سائرون".
- التفاصيل
تعيش أمة الإسلام اليوم لحظات عصيبة، يغلب عليها حالات التوتر المنهكة لقوتها، تقف عند سكة المعاناة متعبة، تنتظر قطار إسلامها أن يبعث من جديد، تعيش اليوم حالة مخاض قبل عملية الولادة التي تحمل مشاعل النور وتمحو آثآر الظلام، ظلام متبقٍ من أنظمة قالت لله لا وللكفر نعم، ولكن هيهات هيهات أن تبقى هذه الأنظمة وتتمدد، فرب السماوات والأرض سيقلب الموازين ويدحض أنظمة الكفر عما قريب بإذنه ومشيئته. ولكن لا بد لهذه الأمة من ابتلاء ولا بد من تضحية حتى يرتسم خيط النصر على سماء فجر هذه الأمة، وحتى يخرج من بين ركام اليأس الثلة الصادقة الصابرة الموعودة بوعد ربها و بشرى نبيها لتقطف ثمار ثورة ضحت بفلذات أكبادها من أجل الانعتاق من العبودية للأنظمة، والعيش في كنف الإسلام العظيم.
إنه ومما لا شك فيه أن هذه الأنظمة اليوم هي أنظمة فرضت نفسها على الأمة غصبًا بالسيف والدم، إما أن تعيش وأنت صاغر ذليل وإما أن تموت جوعًا وبردًا! الأمة تلتحف السماء وتفترش الأرض، و الأنظمة في كوكب منفصل عن كوكب رعاية الناس! والحقيقة أن القضية الأساسية للشعوب لا تكمن في شخص الحاكم أو الرموز الموجودة في سدة الحكم، بل هم مجرد أدوات لتحقيق فكرة، كسائق الدبابة عندما تنتهي مهمته أو يموت يأتي شخص آخر ليكمل المهمة ويضع خبرته لقيادة الآلية، وفي خضم الواقع الذي تعيشه اليوم عامة الناس فقد أثبت الواقع فساد الأنظمة السائدة على بلاد المسلمين، ودليل ذلك تحركات الشعوب ضدها، فحركات الأمة على النظام -وإن كانت ليست على بيّنة من أمرها بتحديد هدف تسير نحوه- إلا أنها تعي أن المشكلة بالنظام القائم، ولكن افتقادها لأحد أهم ركائز التغيير: الهدف الواضح المبلور وتبني المشروع البديل من أجل تطبيقه ريثما ينتهي النظام الذي ثارت عليه هو ما يؤخر وصولها إلى ما تريد.
إن ثورات الربيع العربي أكدت وتؤكد لنا دائمًا أن الأنظمة وقوانينها يجب أن تكون الضربة القاضية للشعوب، كونها فرّقت الشعوب وأشعلت نار الفتنة بينهم، وأفقرت الناس وصرفت نظرها إلى ممتلكات الأمة من مياه وثروات ومعادن على وجه السلب والنهب! وما يدمي القلب أكثر هو جمع المال وإرساله للغرب الكافر لينعش به اقتصاده ويقوّي به دوله، بينما المسلمين يسكنون المخيمات ويهاجرون من أرضهم إلى أرض أخرى، ويحرقون أنفسهم ليس انتقامًا من شخص ما، بل هرب من واقع اقتصادي بائس فرضه عليهم النظام القائم عليهم. وقد أكدت ثورات ما سمي بالربيع العربي -التي ستزهر ذات يوم وسيفوح عطرها بإذن الله- أن الحكام بمجملهم ليسوا إلا أشخاصًا يحرسون النظام ويطبقون قوانينه وأحكامه؛ فقد سقط مبارك، ومات القذافي، وقتل عبد الله صالح، وهرب زين العابدين، إلا أن الداءَ لا يزال موجودًا -إذ إن التغيير الذي حصل كان للوجوه فقط- والفسادَ لا يزال يدور بين الشام وأرض الزيتونة ومصر الكنانة وليبيا قاهرة الطليان.
إن الله تعالى أكرم المسلمين بالنظام الإسلامي الذي أنزله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين، وهو النظام الجدير بالتطبيق لأن مصدره الوحي، وحي الخالق الذي يعلم ما يصلح عباده وما يفسدهم؛ ولأنه حين طُبق رفع الناس إلى حياة كريمة ملؤها السعادة والطمأنينة والرخاء، ووقائع التاريخ تثبت ما نقوله. ولقد صنع هذا النظام الفريد من نوعه دولةً قوية ذات جيش مهيب لم يشهد له التاريخ مماثلًا إلى الآن في قوته أو في الأسس التي قام عليها، فإن أوذي أهل الشام زأر لهم أهل اليمن، وإن ظلم المسلمون العرب هبَّ لنصرتهم المسلمون الأعاجم من ترك وكرد وشركس، وما ذاك إلا لأن المبدأ الذي اعتنقوه جعلهم إخوة تربط بينهم العقيدة الإسلامية. أما أنظمة اليوم فقد جلدت ظهورهم وأدمت أجسادهم وانتهكت حرماتهم، وفرقتهم بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان، عربي وتركي، وسوري ومصري، وأبيض وأسود!
لذلك: وجب على المسلمين اليوم أن يصبوا أغلب قوتهم ويصرفوا مجمل وقتهم ويفرغوا المزيد من طاقاتهم للعمل لإعادة النظام الإسلامي إلى الحكم من جديد، وما الدماء التي تسيل كل يوم -وآخرها دماء المسلمين في نيوزيلندا- إلا إشارة لكل إنسان مسلم أنه وبغياب دولتك يُنتهك عرضك وتسرق ثروتك ويشتم دينك… فهل ترضين بهذا يا أمة الإسلام؟!
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
أحمد إبراهيم الحسن
- التفاصيل
يلحظ المتتبع للأحداث على أرض الشام كيف توجهت الأنظار في الآونة الأخيرة تجاه شيوخ القبائل والعشائر وذلك من أجل تمرير وتنفيذ المخططات والاتفاقات الدولية التي تهدف لإنهاء الثورة من خلال تنفيذ الحل السياسي الأمريكي الذي عجزت الفصائل العسكرية عن تنفيذه بمفردها فكان لا بد من إيجاد رديف للقوة العسكرية المرتبطة، هذا الرديف يجب أن يكون يمثل القاعدة الشعبية، ولا خير من القبائل والعشائر لتقوم بهذا الدور، خصوصاً أن غالبية المناطق المحررة ذات طابع عشائري.
فبدأ النظام التركي العمل على إيجاد هذا الرديف، وبالفعل وقبل أن يقوم بحملته (غصن الزيتون) تم عقد مؤتمر القبائل والعشائر في أنقرة بتاريخ10 أيلول 2017م، ومهّد هذا المؤتمر لعقد المؤتمر الأول للقبائل العربية في إسطنبول وذلك في 12/12/2017 حيث حضر ممثلو ما يقارب الستين قبيلة وعشيرة لذلك المؤتمر.
وقبل عقد هذا المؤتمر في إسطنبول شكلت ما تسمى حكومة الإنقاذ بتاريخ 03/11/2017 فقامت بتشكيل مجلس شورى للقبائل والعشائر بحيث تحصل الأخيرة بموجب هذا المجلس على دعم القبائل والعشائر وإضفاء شرعية على الحكومة وتأييد من القاعدة الشعبية واستيعاب باقي الشخصيات والرموز العشائرية التي لم تكن موجودة في مؤتمر إسطنبول، وهذا ما حدث بالفعل حيث أعلنت حكومة الإنقاذ وبتاريخ 26/06/2018 عن تشكيل مجلس شورى القبائل والعشائر السورية في الداخل السوري المحرر.
وكثرت في تلك الفترة التشكيلات للمجالس القبائلية والعشائرية، نذكر منها تشكيل مجلس قبيلة بني خالد تلاه تشكيل مجلس قبيلة العكيدات ومن ثم تشكيل مجلس قبيلة طيء ومجلس قبيلة النعيم ومجلس قبيلة البوشعبان ...إلخ
وكان الهدف من تشكيل هذه المجالس للقبائل كلاً على حدة هو إيجاد تمثيل لها ضمن المجلس الأعلى للقبائل والعشائر في تركيا أو في مجلس شورى القبائل والعشائر في الداخل المحرر؛ وكان آخر هذه المؤتمرات المؤتمر الذي عقد في قرية سجو في ريف حلب الشمالي بتاريخ 12/12/2018 بحضور الائتلاف الوطني. وحمَل المؤتمر شعار "يدا بيد لتحرير سوريا من نظام الأسد والتنظيمات الإرهابية وتحقيق السلم الأهلي ووحدة سوريا أرضاً وشعباً".
ودائماً يكون دور شيوخ العشائر والقبائل والوجهاء في مثل هذه المؤتمرات هو التقاط بعض الصور التذكارية على هامش المؤتمر وتناول وجبة الغداء التي يتم تجهيزها على شرف الحضور، وأصبحت لدى الجميع شبه قناعة بأن حضورهم في أي اجتماع هو من أجل إعطاء شرعية لصاحب الدعوة ولا دور للقبائل وشيوخها سوى ذلك!
وإذا عدنا قليلاً في التاريخ نجد أن للقبائل والعشائر دورا بارزا ومهما حيث كانت القبائل والعشائر هي وجهة النبي عليه الصلاة والسلام لطلب نصرتها من أجل نصرة دين الله سبحانه وتعالى، والمتتبع لسيرته صلى الله عليه وسلم يجد كيف كان يتقصد القبائل في مواسم الحج عندما تخيِّم حول مكة، فبدأ عليه الصلاة والسلام بعرض نفسه على القبائل في السنة الرابعة للبعثة، واستمر في عرض الدعوة على القبائل في مواسم الحج مستفيداً من تجمعهم، حيث تأتي القبائل إلى مكة للحج وتحصيل المنافع من تجارة وغيرها، وفي كل موسم يجدد الدعوة لهم، فكان يأتيهم قبيلة قبيلة يعرض عليهم الإسلام، ومن تلك القبائل التي دعاها عليه الصلاة والسلام: بنو عامر بن صعصعة، ومحارب بن خصفة، وفزارة، وغسان، ومرة، وحنيفة، وسليم، وعبس، وبنو نصر، وكندة، وكلب، والحارث بن كعب، وعذرة.
وفي موسم حج عام أحد عشر للبعثة التقى الرسول صلى الله عليه وسلم بنفر من شباب يثرب من قبيلة الخزرج، وكانوا من العقلاء فاستجابوا لدعوته ودخلوا في الإسلام، فكانوا سفراء إلى قومهم وكان الأوس والخزرج أنصار الله ورسوله، وشتان بين دعوة القبائل لنصرة دين الله وبين دعوتها لتعين أعداءها على الحفاظ على النظام العلماني الكافر وتثبيت أركانه كما يجري اليوم!!
ولقد تنافست القبائل في عهد النبوة وبعد فتح مكّة في العام الثامن للهجرة، وانتهاء غزوة تبوك، وسقوط آخر معاقل المقاومة لدولة الإسلام، وظهور نتائج الصراع بين الحق والباطل، بادرت قبائل العرب إلى الإسلام، وأقبلت الوفود إلى النبي عليه الصلاة والسلام من كل حدبٍ وصوب، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً﴾ حتى ازداد عدد تلك الوفود في ذلك العام على الستّين وفداً والتي كان منها وفد بني تميم الذي يعتبر من أبرز الوفود التي جاءت إلى المدينة في ذلك العام، وذلك لمكانتها بين قبائل العرب، وسمعتها في مجال الأدب والخطابة والشعر، وفد نجران، وفد عبدالقيس، وفد بني حنيفة، وفد الحميريّين من أهل اليمن، وفد طيء، وفد بني عامر، وفد بني سعد بن بكر، وفد المراديين، وفد كندة، وفد قوم جرير بن عبد الله البجلي، وفد ثقيف، وفد تميم الداري، ووفود أخرى كثيرة... كل هذه القبائل جاءت لتنال شرف الدفاع عن هذا الدين وحمل رايته.
فرفع الإسلام شأن تلك القبائل وبقي ذكرها مقروناً ببقاء هذا الدين، فعندما يذكر العهد الأول للإسلام لا بد من ذكر تلك القبائل التي آوت ونصرت وجاهدت في سبيل الله. وإن كانت القبائل اليوم تبحث لنفسها عن مكان فعليها أن تسير على خطا أسلافها في نصرة دين الله سبحانه وتعالى وذلك بتبني مشروع الخلافة على منهاج النبوة الذي يعمل له حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله، فإذا سأل سائل لماذا الخلافة؟ نقول: لأنها فرض رب العالمين، فإذا سأل لماذا حزب التحرير؟ فنقول: لأن العمل لهذه الفريضة لا يكون فردياً بل لا بد من أن يُعمل لهذا الفرض بشكل جماعي، قال تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ والجماعة الوحيدة التي تعمل لإعادة الحكم بما أنزل الله بطريقته الشرعية هي حزب التحرير، فإذا قال إن إقامة الخلافة ضرب من الخيال! نقول: قال الباري سبحانه وتعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾.
اللهم اجعلنا من شهودها وجنودها برحمتك يا أرحم الراحمين
بقلم: الأستاذ أحمد عبد الجواد
جريدة الراية: https://bit.ly/2UM6gwq
- التفاصيل
مع دخول ثورة الشام عامها التاسع، ووصول الواقع الميداني إلى حالة يرثى لها من فقدان الثوار للمناطق المحررة وانحسارهم في رقعة جغرافية لا تتجاوز 10% بعد أن كانوا يسيطرون على حوالي 80% من سوريا، يضاف إلى ذلك ارتهان قيادات الفصائل لقيادات سياسية معادية للثورة، أصبح من الضروري دق ناقوس الخطر والتحذير من ضياع تضحيات الملايين من المسلمين في سوريا والذين ضحى كثير منهم بأرواحهم وأهليهم وممتلكاتهم في سبيل انتصار هذه الثورة المباركة.
نعم إنها ثورة مباركة رغم تشكيك البعض بوجود بركة فيها مع ما آلت إليه الأمور من خسارات جسيمة تعرضت لها بأيدي أبنائها الذين تصدروا للقيادة فلم يحسنوا التدبير. كيف لا تكون مباركة وقد مضت 8 سنوات من المكر الكُبَّار والحشد الدولي للقضاء عليها مع وجود معاول هدم داخلية لا يستهان بها تعيش بين حاضنة الثورة وتسعى لتمزيقها من الداخل لكنها رغم ذلك صمدت؟! كيف لا تكون مباركة وقد كشفتْ كلَّ العملاء والمتآمرين من حكام المسلمين والدول الغربية المدعية صداقة الشعب السوري مرورًا بما يسمى "حزب الله" ومحور الممانعة الكاذبة الذي تغنى نظام أسد بكونه جزءًا منه لعقود؟!
كيف لا تكون مباركة وقد كشفت كثيرًا من علماء البلاط والسلاطين الذين طالما وثق الناس بهم وبعلمهم وفتاويهم لتتساقط كثير من مواقفهم بداية الثورة أمام إغراءات الحكام الخونة الذين اشتروا ذممهم حتى غدوا في صف الظالم متهِمين الشعوب بالمفتنين والمشاغبين! كيف لا تكون مباركة وما زالت جذوتها المشتعلة تلهم الشعوب الإسلامية في المنطقة للتحرك ضد الطغاة وليس الجزائر والسودان عنا ببعيد؟ كيف لا تكون مباركة وقد أظهرت عِظَم العقيدة الإسلامية التي يحملها أهل الشام ومواقفَهم المشرفة التي سيكتبها التاريخ بماء من ذهب، ومطالبَهم الواضحة في إعادة الإسلام للوجود من خلال دولة إسلامية تجعل الإسلام المصدر الوحيد للتشريع وتنبذ أي شكل من أشكال الدولة الديمقراطية أو العلمانية.
ولكن كونها مباركة لا يعني أنه ليس فيها دخن، وليس فيها مخالفات شرعية اقتضت ألا يتنزل النصر بعدُ وأن يتأخر تحقيق مطالب الشعب. وكان الخلل من هذه الناحية في عدم وجود قيادة سياسية إسلامية مخلصة توجه جماهر الأمة وتضبط تحركاتها بالحكم الشرعي وتضع ثوابت واضحة للثورة تصل بها إلى بر الأمان. والذي نراه أنه لابد من أن تعطى قيادة الثورة السياسية في سوريا لحزب التحرير لأنه جدير بها فقد ثبت وعيه وثباته لكل منصف. كما أنه يحمل مشروعًا سياسيًا إسلاميًا مفصلًا لجميع أركان الدولة من دستور وتفصيل أجهزة الحكم والإدارة والنظام الاقتصادي والاجتماعي ونظام العقوبات والقضاء مرورًا بمناهج التعليم، فهو يملك هيكلية واضحة للدولة ومؤسساتها، ولديه مجموعة كبيرة من السياسيين ورجال الدولة القادرين بإذن الله على بناء نظام دولي جديد يقف أمام عنجهية وتغطرس أمريكا ويضع حدًا لهيمنتها على بلاد المسلمين.
قال تعالى: (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَیَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَیُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِینَهُمُ ٱلَّذِی ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَیُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنࣰاۚ یَعۡبُدُونَنِی لَا یُشۡرِكُونَ بِی شَیۡـࣰٔاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ فَأُو۟لَـٰۤئكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ).
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
أحمد الصوراني