press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

 

3333

 

عقدت "لجنة السلم الأهلي" الثلاثاء ١٠ حزيران/يونيو ٢٠٢٥م مؤتمراً صحفياً في مبنى وزارة الإعلام بدمشق تناولت فيه آخر المستجدات المتعلقة بعمل اللجنة، وذلك بإدارة عضو اللجنة حسن صوفان وحضور المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا ووزير الإعلام حمزة مصطفى. واستهل صوفان المؤتمر بإثارة قضية الضباط المفرج عنهم مؤخرا من عناصر النظام البائد، موضحاً أنهم انضموا للعمل العسكري منذ 2021، وكانوا قد سلّموا أنفسهم طوعا عبر الحدود العراقية ومنطقة السخنة ضمن ما يُعرف بحالة "الاستئمان"، وخضعوا لتحقيقات لم تثبت خلالها مسؤوليتهم عن جرائم حرب، وأكد صوفان أن استمرار احتجازهم ليس له مبرر قانوني ولا يخدم المصلحة الوطنية، خاصة في ظل حساسية الأوضاع الأمنية في مناطق مثل الساحل، وشدد على أن الإفراج عنهم يأتي ضمن إجراءات تهدف لتعزيز السلم الأهلي، وليس بديلا عن العدالة الانتقالية.

وتداولت مواقع إعلامية محلية أن الإفراج تم بوساطة القيادي السابق لما تعرف بمليشيا الدفاع الوطني فادي صقر المتهم بارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين في عهد النظام السابق. فيما نشر سقراط الرحية، أحد الموقوفين المفرج عنهم والمتهم بارتكاب جرائم حرب في مدينتي جوبر ومضايا في دمشق وريفها، مقطعا مصورا يشكر فيه فادي صقر لوساطته في الإفراج، ما أثار غضبا شعبيا على مواقع التواصل الإلكتروني.

وقال صوفان إن وجود شخصيات مثيرة للجدل كفادي صقر، وهو قائد مليشيا رديفة لقوات النظام السابق، ضمن هذا المسار يسهم أحيانا في حلحلة العقد الأمنية و(الاجتماعية)، رغم تفهم اللجنة لمشاعر الغضب لدى عائلات الشهداء والضحايا.

لقد أثار هذا المؤتمر الصحفي موجةً واسعة من الغضب العارم في أوساط السوريين، وخاصةً بين ذوي الشهداء والمفقودين وأبناء الثورة، لما تضمنه من مواقف اعتبرها كثيرون ظلماً مركباً واستفزازاً واضحاً لأهالي الضحايا واستخفافاً بتضحيات الثائرين واستهانة بدماء شهدائهم وقفزاً على الوقائع والحقائق الصارخة وتبريرات صريحة لمجرمي الحرب وتطبيعاً مع رموز النظام البائد تحت شعار "السلم الأهلي" و"حقن الدماء". وجاءت حالة الغضب العامة هذه عقب تصريحات صوفان خلال المؤتمر، والتي دافع فيها عن سياسة الإفراج عن عدد من ضباط النظام السابق وعدم محاسبتهم عبر محاكم علنية وفق القانون، وعلى رأسهم فادي صقر، متجاهلاً سجلهم الدموي الحافل، بل ذهب صوفان إلى حد اعتبار بعض هؤلاء شركاء في النصر، معتبراً أن بعضهم ساهم في "حقن الدم السوري" و"التعاون مع قيادة العمليات العسكرية خلال معارك التحرير"، مطالباً من ينتقدهم بتقديم "أدلة موثوقة" على تورطهم في الجرائم، وصدق الشاعر حيث قال: وَلَيسَ يَصِحُّ في الأَفهامِ شَيءٌ * إِذا اِحتاجَ النَهارُ إِلى دَليلِ!

وما إن أعلن صوفان عن تبرئة هؤلاء الضباط حتى عجت الصفحات ووسائل التواصل بتوثيقات مرئية وأدلة تثبت تورط عدد من المفرج عنهم، وفي مقدمتهم فادي صقر وسقراط الرحية، بجرائم قتل وانتهاكات صارخة ضد المدنيين. إلا أن أكثر ما أغاظ الناس كان حديث صوفان أن شخصيات مثل فادي صقر تلعب دوراً في تفكيك العقد، وحل المشكلات، ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها البلاد، وأن العدالة الانتقالية لا تعني محاسبة كل من خدم النظام، والمحاسبة هي لكبار المجرمين الذين نفذوا جرائم وانتهاكات جسيمة، وأن إدماج شخصيات جدلية ضمن مسار المصالحة، يأتي من باب محاولة معالجة الأزمات البنيوية في البلاد، وأن منح الأمان لفادي صقر تم بعد تقدير الموقف العام، وأنه أعطي الأمان من القيادة بدل توقيفه بناء على تقدير المشهد، كوسيلة لمنع سفك الدماء في المناطق الساخنة، ولطمأنة الحواضن المجتمعية.

لقد جاء هذا المؤتمر الصحفي تأكيداً لخط سير الإدارة الحالية للمرحلة الانتقالية وسياستها، سواء بالتعامل مع الفلول أو تغير موقفها من ثوابت الثورة وأهدافها، أو معالجتها لمطالب أهل الثورة بتحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين في سفك الدماء البريئة، ما دفع الكثيرين للقول إنه ليس لأي جهة كانت أن تتنازل عن حقوق الضحايا أو تسامح نيابة عنهم في دمائهم وأعراضهم أو أن تساوي بين الجلاد والضحية، مع تحذير من تفاقم الأمور نتيجة الاستهانة بمشاعر ذوي الشهداء والمفقودين وهم يرون الإفراج عن رموز المجرمين واحداً تلو الآخر، معتبرين هذا الصفح "شراكة في الجريمة".

لقد كان ملف رفع العقوبات ملفاً أمريكياً أوروبياً ضاغطاً على الإدارة الحالية لفرض رؤيتهم للحكم وتوجهه وضبط إيقاعه، بدءاً من "محاربة الإرهاب" إلى علمانية الدولة، إلى خرق سيادتها عبر إبقائها مرتبطة بالغرب وما يقرره لنا من قرارات وما يفرضه علينا من إملاءات، إلى دمج فلول النظام البائد وشبيحته في مؤسسات الدولة تدريجياً تحت ذرائع وشعارات ومبررات واهية شتى.

أما تلميع المجرم فادي صقر وأمثاله على الملأ ودون أي تحرج فيُعد استفزازاً صارخاً لمشاعر السوريين، وخاصةً ظهوره بجانب محافظ دمشق وما يحمله ذلك من دلالات وما يرسله من رسائل. فبدلاً من محاكمة المتورطين وفق قانون تجريم واضح وسريع، يتم اللجوء لمبادرات تخديرية ملغومة باسم الحوار واللحمة الوطنية والسلم المجتمعي والصلح الأهلي، وكأن وقائع 14 عاماً كانت حرباً أهلية وليست ثورة من أعظم ثورات التاريخ!

وإنه لمن المفارقات الصارخة أنه في الوقت الذي يتصدر المشهد حفنة من ذوي التاريخ الإجرامي بحق الثورة وأهلها، لا يزال عدد كبير من حملة الدعوة ومعتقلي الرأي والثوار والمجاهدين قابعين ظلماً في سجون إدلب منذ سنوات، كما لا يزال أيضاً عدد كبير من أهلنا في مخيمات النزوح الذين تقطعت بهم السبل لا يملكون ثمن العودة إلى ديارهم لبناء بيوتهم المدمرة على أيدي من غيروا جلودهم وتبدلت أدوارهم.

إن ظهور فادي صقر وكثير من القادة في عهد النظام البائد في صدارة الداعين للسلم الأهلي، وتأمين الحماية الأمنية لهم، إضافة لكبار التجار ومجرمي الحرب الكبار المعروفين بولائهم ودعمهم للنظام البائد، ممن عادوا إلى دمشق مؤخراً، إضافة للموالين من الشبيحة والفنانين والشخصيات التي ساندت الطاغية الهارب لسنوات طويلة ودعت بصفاقة وفجور للقتل والتدمير، ولا تزال في مأمن ودون محاسبة تحت ذريعة "السلم الأهلي"، كل ذلك يؤجج مشاعر الحقد والغضب عند عموم السوريين وبالأخص ذوي الشهداء والمفقودين.

إن حاضنة الثورة وقوتها التي تستمدها من إيمانها وعقيدتها هي السند الطبيعي بعد الله لأي حكم يريد العزة بالإسلام، أما التنكر لهذه الحاضنة وما قدمته من دماء وتضحيات ظناً أن رضا أمريكا والغرب هو بوابة الخلاص فهو منزلق خطير وشر مستطير سيطال شؤمه وأذاه الجميع لا سمح الله، وقد بين الله لنا في كتابه كيفية التعامل المبدئية مع أعدائنا الذين يتربصون بنا الدوائر.

لقد قامت ثورة الشام لإنهاء حقبة الظلم والظالمين، قامت وبلورت عدداً من الأهداف والثوابت، ليكون العدل والأمن والأمان والطمأنينة ورغد العيش وعزته، حتى ينعم الناس بحياة ملؤها العز والنصر والتمكين، وهذا لا يكون، بعد تحقيق أولى هذه الثوابت، وهو إسقاط النظام البائد، إلا بتحكيم الإسلام عبر دولة الإسلام وأحكام الدين وقوانينه وتشريعاته، عبر نظام منبثق من صميم عقيدتنا، أمرنا به ربنا سبحانه، لا عبر نظام علماني يفصل الدين عن الحياة والدولة والمجتمع، يريد الغرب فرضه علينا، يرضي أعداءنا ويشقينا ويعيدنا للمربع الأول من البؤس والظلم والشقاء والتبعية لأعداء الأمة في مشارق الأرض ومغاربها.

﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾

 

-------

كتبه: 
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

2222

 

 

 

إنّ طيَّ صفحة المعاناة الطويلة التي خلّفها نظام أسد وسنوات القمع والانبطاح وفقدان السيادة يحتاج إلى قيادة مبدئية جريئة، تمتلك من الصلابة ما يؤهّلها لحمل تطلعات ثورة الشام التي انطلقت عام 2011 بشعارات "الموت ولا المذلة"، "لن نركع إلا لله"، و"إما نعيش بكرامة أو نموت".

وما زال تحقيق تلك الأهداف أمراً ممكناً، لا سيما في ظل الطاقة المعنوية الهائلة لأهل الشام، الذين أسقطوا أعتى طاغية في العصر الحديث، ولو استثمرت هذه الطاقة في الاتجاه الصحيح، لما وقفت في وجوههم الصعوبات. يكفي أن نُذكّر بانتفاضتهم العفوية الأخيرة ضد الفلول، حيث خرج ما يقارب نصف مليون ثائر في يوم واحد دفاعاً عن ثورتهم ومكتسباتها. هذه الروح وحدها كفيلة بأن تصنع مستقبلاً سياسياً حرّاً لو وُجِدت قيادة صادقة توظفها لصالح الثوابت، لا لصالح الحسابات الدولية والمصالح الشخصية.

لكن وعلى النقيض من ذلك، نجد انحرافاً متسارعاً في خطابات قيادة المرحلة الحالية، تنزاح يوماً بعد يوم عن جوهر الثورة ومبادئها. فخطاباتها الأخيرة لم تكتف بإعادة تدوير "نظام التطمينات"، بل تجاوزته نحو تبرير الاصطفاف مع أعداء الأمة، على حساب هوية الثورة واستقلال قرارها.

ففي مقابلة نشرتها صحيفة أمريكية يهودية، قال الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية: "سنقيم شراكة أمنية مع (إسرائيل)، لوجود أعداء مشتركين. ترامب رجل سلام، والوحيد القادر على تصحيح المسار في المنطقة". وصرّح لرجل الأعمال الأمريكي جوناثان باس في صحيفة المجلة اليهودية بعزمه على دخول شراكة أمنية مع كيان يهود.

إن مجرد التصريح بوجود "أعداء مشتركين" مع كيان يهود هو انزلاق خطير، يعكس استعداداً للتخلي عن المبادئ العقائدية والثورية، مقابل كسب رضا واشنطن وتل أبيب. هذا الموقف لا يعبّر عن رؤية سياسية جريئة أو واعية، إنما هو تنكر للدماء، وقطيعة مع الموقف الشعبي الذي لم يتنازل يوماً عن حقه في تحرير فلسطين والجولان، ولم يقبل الاحتلال، لا بوعد بلفور ولا باتفاقيات أوسلو، فكيف يقبل بشراكة أمنية مع غاصب أولى القبلتين؟!

لقد كان الناس يعيبون على نظام الأسد الذليل تبجّحه الكاذب بالمقاومة، بينما هو يحرس حدود يهود ويقصف شعبه. واليوم تقف قيادة المرحلة في موضع أشد خطورة، إذ انتقلت من شعار "المقاومة" إلى طرح "الشراكة"، لتفقد الثورة ما تبقى من هويتها السيادية، وتذوب في مشاريع إقليمية مشبوهة تحت لافتات براقة مثل "البراغماتية"، و"المصلحة العامة"، و"إطعام الناس"!

نعم، أهل الشام يحتاجون إلى اقتصاد واستقرار، إلى تعليم وخدمات، ولكنهم لم يقدّموا ما يقرب من مليوني شهيد ليحصلوا على الخبز من سفارة! ولن تبنى دولة مستقلة برهن القرار لقوى أجنبية أو بالتماهي مع مشاريع تطبيعية. كما أن سعياً كهذا، حتى لو تحقق فيه بعض الاستقرار، لا يصح شرعاً، لأنه يقوم على بيع السيادة وإرضاء الأعداء وتضييع دماء الشهداء، والله تعالى يقول: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾.

أما اعتبار أمريكا رأس الكفر راعية للسلام، وترامب رجل سلام، فهو في أقل توصيف ارتهان سياسي خطير، بل انتحار سياسي. فهل نسي أحمد الشرع من دمّر حلب؟! ومن أتى بالروس لحماية الطاغية؟! ومن ساند نظام الأسد عبر الأدوات والأذناب والصنائع؟! ومن دمّر العراق وأفغانستان؟ ومن اعترف بالقدس عاصمة ليهود؟ ومن فرض التطبيع على أنظمة الاستبداد؟!

فمن نسيَ حقد أمريكا فليعد قراءة تاريخ الثورة من جديد، وليتأمل شعارات الجُمع والتي كان أحدها "أمريكا ألم يشبع حقدك من دمائنا؟".

إن منطق "الشراكة الأمنية" مع كيان غاصب لم يقبل به حتى بعض الأنظمة المطبعة، التي رغم توقيعها اتفاقيات سلام لم تدخل في تعاون أمني معلن بهذا الشكل. فكيف بثورة كان عنوانها "التحرير"؟ وكيف بثوار قضيتهم المركزية فلسطين؟

ورغم ضغوط الاحتلال ومكر السياسة، أثبتت تجارب شعوبنا أن التطبيع لا يصنع الاستقرار، بل يخلق فجوة بين الحكام والشعوب. الأردن ومصر مثال، ولم يجنِ المطبّعون غير الغضب الداخلي والاستعباد للخارج.

إنّ المشروع السياسي للثورة يجب أن ينبثق من عقيدة، وينبغي أن يكون على قدر تضحياتها ودماء شهدائها، لا من دهاليز السياسة الدولية والسفارات الأجنبية.

ويجب أن تكون القيادة نابعة من حاضنتها لا من رجال الأعمال، وأن يعاد السلطان للأمة لا للممول، وأن تبنى الدولة على أساس الإسلام لا على مائدة المساومات!

إن الثورة التي خُطّت بدماء الشهداء لا تُختزل في مشاريع أمنية مشبوهة ولا تُختطف لمصالح دولية. فالثورات لا تُختزل، والسيادة لا تُباع، والكرامة لا تُقايَض.

نحن اليوم أمام مفترق طرق: إما أن نعيد ثورتنا إلى مسارها المبدئي الرافض للتطبيع والارتهان، وإما أن نتركها تتهاوى على أعتاب مشاريع أمريكا ويهود الخيانية.

الخلاصة: إن ثورة الشام المباركة انطلقت من درعا لا من واشنطن، وهي بإذن الله ستختم في القدس عقر دار الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، لا في تل أبيب!

--------

كتبه: 
* لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا

 

 

 

 

photo 2025 06 16 21 59 00

مقتطف من مقال في جريدة الراية بعنوان:
شكل نظام الحكم في سوريا بين فرض رب العالمين ومكر المتربصين

ناصر شيخ عبد الحي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

بعد أن منّ الله على أهل الشام بإسقاط أسد المجرم، ها هي الدول الكبرى في العالم وعلى رأسها أمريكا، تسارع في الكيد لهم كي لا تخرج سوريا عن السيطرة، وأن تكون امتداداً لنظام بشار، أي تبقى كما كانت دولة تابعة عميلة وحامية لحدود كيان يهود، فبدأت تلك الدول تضع الشروط والمواصفات لسوريا ما بعد الأسد، مُجْمِعَةً في تأكيدها على محاربة الإسلام، فراحت هذه الدول التي تتقاطر وفودها إلى دمشق تربط ملف رفع العقوبات باستجابة الإدارة الحالية للضغوطات الغربية ورؤيتها لشكل الحكم في سوريا، مدعومةً بإعلامٍ علماني يُسَوِّق أن مستقبل سوريا سيكون دولة ديمقراطية مدنية علمانية تقصي الإسلام عن الحكم والدولة والمجتمع، مع تشكيل حكومة لا تقصي أحداً، ويدّعون زوراً وبهتاناً بأنها مطالب الناس.

 photo 2025 06 18 13 41 26

 

أهلنا الذين صمدوا على مدار 13 عاماً في وجه آلة القتل والدمار وبذلوا الدماء والأشلاء وعظيم التضحيات لا يرون غير الإسلام والحكم بما أنزل الله مستقبلاً لسوريا، ومن أجل هذا الهدف العظيم جاد أهلنا بما يقرب من مليوني شهيد، صابرين ومحتسبين. لذلك، فإنه من الضروري تبيان شكل الحكم في الإسلام لتنتقل القضية من شعار يتوق المسلمون لعودته إلى واقع واضح في أذهانهم ومنضبط في أفكارهم، يبذلون كل جهد من أجل ترسيخه وتحقيقه.

 

 

 

 

 

 

صورة واتساب بتاريخ 1446 12 19 في 11.01.57 e68d9b7f

 

 



في ظل استمرار السلطة الحالية لدمشق بتوزيع صكوك العفو عن كبار المجرمين منذ سقوط نظام البائد وإبقائها على الثوار والمجاهدين في سجون إدلب تستمر عمليات الإستفزاز لأهل الثورة ، وما حصل في الآونة الأخيرة وما لخصه مؤتمر السلم الأهلي الذي أقيم يوم الثلاثاء في العاشر من يونيو 2025 حيث ترأسه حسن صوفان عضو لجنة السلم الأهلي ونور الدين البابا المتحدث باسم وزارة الداخلية ، فكان عبارةً عن إبِر تخديرٍ منتهيةِ الصلاحية ، فما تم الحديث عنه هو ذرائع ومبررات لإطلاق سراح المجرمين والضباط للحفاظ على السلم الأهلي ريثما يتسنّى لحكومة دمشق أن تطبّق العدالة الإنتقالية ، معتقدين بذلك أن يخففوا غضب أهل الدماء والتضحيات الذين لاقوا ما لاقوه من إجرام النظام على مدى سنوات .
وهذا والله ما هو إلا تلاعب بمشاعر من قدّم وضحّى وبذل الدماء والمال والأنفس في سبيل تحكيم شرع الله ومحاسبة كل المجرمين ، واستهانة بدماء الشهداء واستفزازٌ لذويهم وخطوة خطيرة في تقديم اوراق اعتمادٍ يُرضون بها الشرق والغرب.

عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال: ﴿من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس؛ ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس﴾. فإن ما يحصل طبيعيٌ نتيجة ابتعاد السلطة الحالية عن تطبيق شرع الله والتزام أمره وسيرها في ركاب الدول وتنفيذ متطلباتها تحت ذريعة درء المفاسد والمصلحة والسياسة الشرعية وما إلى ذلك من مبررات وهذا والله لخطر عظيم ستتوالى به الأخطاء والنكسات وتكون النتائج لا تُحمد عقباها.

لم تقدّم ثورة الشام ما قدّمته لإعادة تدوير نظام وضعي باختلاف شكل الحاكم ، وإنما خرجت لله ولتحكيم شرعه وكانت معيّة الله مرافقة لنا منذ انطلاقتنا وحتى انتصارنا على نظام المخلوع ولذلك لابد أن نكمل ما بدأنا عليه بإرضاء الله سبحانه وتعالى وتطبيق شرعه وإقامة دولة الإسلام دولة الخلافة الراشدة، بهذا وحده يرضى عنّا الله ، وبهذا وحده نكون أصحاب القرار والسلطان ونحاسب كل من أجرم بحقّ ثورتنا في الداخل والخارج أفراداً كانوا أم دولاً تدعمهم وتقف خلفهم ، وفي ذلك النجاة والفوز المبين .

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
علي معاز

 

photo 2025 06 16 21 55 25



من البديهيات في السياسة أن إقامة الدولة المبدئية تقوم على فكرة عقائدية شاملة لكل نواحي الحياة، على المستوى السياسي والإقتصادي والإجتماعي والتعليمي والثقافي ونظام الحكم والقضاء وتشريع القوانين.
والدولة المبدئية الوليدة لا تكون امتدادا للدولة السابقة لا بجزئيات ولا بكليات، بل تقضي على كل مايمت إلى الدولة السابقة من الرجال والأفكار والأوساط كرجالات الدولة السابقين والأفكار السائدة والأوساط السياسية والإقتصادية و الأدبية والإعلامية وغيرها التي استخدمها النظام السابق لدعمه و ترويجه و تبرير سلوكه. وعلى هذا فالحكومة السورية الوليدة انزلقت بمنهجية تبريرية في إرضاء المجتمع الدولي تحت ذريعة الحاجة والضعف الاقتصادي وعدم القدرة على مواجهة المجتمع الدولي. وتماهت معه بعيداً عن الإسلام وأحكامه وتشريعاته الشاملة مبتغية العزة والقوة عند أعداء الإسلام. قال تعالى:(ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا).
ومن المصائب في إرضاء المجتمع الدولي العفو عن الشبيحة و المجرمين من النظام البائد و تصديرهم كشخصيات محترمة ووجهاء فيما يسمى (السلم الأهلي والعدالة الإنتقالية)، وهي مصطلحات فضفاضة رغم ما ارتكبوه من جرائم قتل وتعذيب ونهب واغتصاب للحرائر لن تمر على أهل الثورة.
والمصيبة الأكبر على الدولة وأهل الثورة أن يتم دمجهم في أجهزة الحكومة بحجة أنهم أهل خبرة ولم تتلطخ أيديهم بالدماء أو لم يرتكبوا جرائم كبرى وكأنه هناك جرائم كبرى وصغرى في قتل المسلمين واغتصاب أعراضهم وتدمير مدنهم.
ونحذر الحكومة السورية الإنتقالية بأن ما تقوم به من التسامح مع المجرمين و العفو عنهم و مصطلح السلم الأهلي والعدالة الإنتقالية ما هو إلا لتدوير نفايات النظام السابق وتطبيقاً حرفياً للقرار (٢٢٥٤) القاضي بنقل السلطة سلميا وهذا يؤدي إلى تقويض الحكم الحالي ليعود النظام السابق بحلة جديدة يعيد فيها جرائمه من قتل وتدمير و سجن واغتصاب وانتقام من أهل الثورة، فالأمر جد خطير، فاتقوا الله فيما أنتم فيه.
قال تعالى :( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ).

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
مصطفى عتيق