press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

1922019maaz

 

إن السياسة هي رعاية الشؤون، وهذه الرعاية تكون دائمًا وفق وجهة نظر معينة. وعلى من يريد أن يتصدى لهذا الشأن العظيم أن يقوم أولًا بتحديد وجهة النظر التي سيرعى بها شؤون الناس. وبسبب غياب الإسلام عن الحكم والرعاية لعقود طويلة لم يعد السياسيون المسلمون العاملون في هذا الحقل يدركون حقيقة وجوهر العمل السياسي في الإسلام، بل جُلُّ من يقوم بذلك يتبنون العمل السياسي وفق مفاهيم الغرب ووفق مقاييسه وتصوراته عن الحياة. فالغرب يحكم العالم حاليًا بمبدئه الرأسمالي ونظامه الديمقراطي، وهذا النظام له طريقة خاصة في ممارسة السياسة وفهم خاص للشأن السياسي.

ولتبسيط الأمر، والاستفادة منه لأكبر قدر من الناس سنجري مقارنة بسيطة بين الفهم السياسي الإسلامي والفهم السياسي الرأسمالي. فأهل الشام الذين قاموا بثورة عارمة لإسقاط نظام الإجرام النصيري العلماني وتغييره وإقامة نظام عادل يحكم بما أنزل الله؛ رأى الجميع النظرةَ الإسلامية الداعمة من قبل جميع المسلمين لهذه الثورة جماعات وأفرادًا كونهم يعلمون أن هذا النظام ليس من صميم عقيدتهم الإسلامية ومحاربٌ فعلي للإسلام. وغاب عن أذهان الغالبية العظمى من المسلمين كيفية تحقيق ذلك، وما الطريقة الناجعة لانتصار الثورة وإسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام. وفي الجانب الآخر رأى الجميع النظرة الرأسمالية الديمقراطية المعادية لهذه الثورة دولًا ومنظمات، وكيف استعملت الدول كل الأساليب القذرة لإجهاض هذه الثورة ومنعها من الوصول لهدفها في إسقاط النظام العلماني في سوريا والذي هو من جنس النظام الدولي. وهنا علينا أن نفهم السبب الذي دفع المسلمين لتأييد الثورة ودفع جميع الدول القائمة في العالم لمعاداتها؟ لقد كانت ثورةُ الشام بادئ الأمر ثورةً على ظلم استفحل ولم يعد بالإمكان السكوت عنه، ومع طول أمد الثورة واستمرارها وتبلور أفكارها وأهدافها، ومن أهمها أن علينا إسقاط هذا النظام واستبدال نظام الإسلام به، أدركت المنظومة الدولية أن هذه الثورة خطر على مبدأها ومنظومتها الفكرية والسياسية بالكامل وفي كل العالم، وذلك لإدراكها الفعلي لحقيقة مبدأ الإسلام. ولا علاقة للجماعات المسلحة التي تشكلت وخرجت من رحم الثورة بهذا العداء، بل إن بعض هذه الجماعات كان لهذه الدول اليد الطولى في إنشائها ودعمها ولاحقًا وصمها بالإرهاب ومحاربتها، لأن فكرة أن يحكم الإسلام تعتبر خطًا أحمر عند أصحاب القرار الغربي لا يمكن تجاوزه، وهم الذين يعلمون جيدًا كم كلفهم هدم دولة الإسلام (الخلافة العثمانية) من جهود عشرات ومئات السنوات، ودماء عظيمة وأموال كثيرة.

إن الغرب الكافر يعرف جيدًا أن الثورة التي خرج بها المسلمون في الشام وغيرها في بداية هذا العقد هي لتغيير المنظومة القائمة في العالم وإحلال نظام الإسلام محلها، ولذلك رأينا هذا التآمر من جميع الدول القريبة والبعيدة، وحتى من ظن الناس بها خيرًا كتركيا بدأ مسؤولوها مؤخرًا يصرحون تصريحات توحي بأن علاقتهم مع نظام أسد لن تمكث وقتًا كبيرًا حتى تخرج للعلن، وأن المهمة التي أناطها المجتمع الدولي المحارب للثورة السورية بتركيا قد اقتربت من نهايتها، وأن النظام التركي قد نجح نجاحًا باهرًا في تضليل المسلمين وإجهاض تحركهم لقلع النظام العلماني الطاغوتي في سوريا.

إن النظرة السياسية الإسلامية تأمرنا كمسلمين بالخروج على كافة الأنظمة التي صنعها الاستعمار في كافة بلاد المسلمين وإسقاطها وتحطيمها وتكسير أضلاعها، وقطع يد الغرب عن التحكم بذرّة من قرار المسلمين وبلادهم لأنهم أعداء محاربون، هم من نصّبوا المجرمين حكامًا، وهم من حاربوا الله ودينه وعقيدته ونظامه في الأرض. لذلك كانت الزاوية التي يجب أن ينظر منها المسلمون في الشام وغيرها هي أن إقامة دين الله بإقامة دولة الخلافة الراشدة هي فرض وفرض عظيم بل تاج الفروض؛ وأن على المسلمين أن يخلعوا ثوب الذل الذي ألبسهم إياه أعداؤهم، فالحرب كانت وما زالت على الإسلام والمسلمين وهذه الحرب لا حلول وسطًا فيها! ولئن قبِل المسلمون بالحل الوسط فإن أعداء الإسلام لا يقبلون: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ). وأن علينا أن نخوض هذه الحرب على كافة المستويات، الفكرية والسياسية والعسكرية، مستعينين فقط بالله ومعتمدين على أنفسنا حتى يرضى عنا الله فينزل علينا نصره وتمكينه.

لكن الإشكالية التي ما زالت تمنع المسلمين من خوض هذا المعترك في الحقيقة نابعةٌ من عدم فهم الإسلام فهمًا دقيقًا يدفعهم لذلك، ومن أساسات هذا هذا الفهم أن نظام الحكم في الإسلام ليس له شبيه بكل الأنظمة الحالية، وهذا يتطلب من حملة الدعوة لإقامة الدولة الإسلامية أن يبذلوا مزيدًا من الوسع لشرح حقيقة وطبيعة نظام الحكم في الإسلام للمسلمين، وتبيان الفرق بين عقيدة ونظام المبدأ الرأسمالي المطبق على المسلمين في كل بلادهم، وعقيدة ونظام الإسلام الذي يجب عليهم تطبيقه لنيل السعادة في الدارين (وسنفرد لذلك مقالات أخرى تبين الفرق بين كلا النظامين وطريقة تطبيقهم في الحياة بإذن الله)، كما أن عليهم -أي حملة الدعوة- شرح وتبيان حقيقة النظرة السياسية الإسلامية والزاوية التي يجب أن ينظروا منها إلى العالم وهي حمل الإسلام وتبليغه إلى الناس كافة، ولا يكون ذلك إلا في ظل دولة إسلامية، خلافة راشدة على منهاج النبوة، وعد الله سبحانه وتعالى وبشرى رسوله ﷺ: (ثُمَّ تَكُوُنُ خِلَافَةٌ عَلَىْ مِنْهَاجِ النُبُوَة).

 

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
أحمد معاز

 

 

1922019dili

 

لم يكن يوم 15 أذار من عام 2011 يوماً اعتيادياً يعيشه أهل سوريا عموماً وأهل حوران خصوصاً في ظل حكم أسد الابن، الذي استلم سوريا التي دمغت باسمهم من أبيه حافظ، ففي تفاصيل هذا اليوم كان الأمر مختلفا لم تعهده سوريا المخابرات عموماً ففي مدرسة الأربعين للبنين في درعا البلد كانت بداية دوران الرحى وتجسد قاعدة "لو دامت لغيرك ما وصلتك"، أطفال من هذه المدرسة إن صح القول فيهم لا يعلم ما الدافع الواضح للفعل الذي قاموا فيه، زينوا جدران المدرسة بعبارات أحق أن يقال فيها أنها خاطبت كل سوري يعيش بين جدران سجن أسد العسكري الكبير الذي يسمى "الوطن".
حدثٌ لم يكن يدرك أهله أنه سيكون منعطفاً كبيراً في سير حياتهم بل وأكثر من ذلك، سيكون بداية خروج الناس من رحم المعاناة التي كانوا يعيشونها كملاحقات وسجون وتسلط واستبداد، لتشمل كل بقعة من سوريا وستكون ثورة ضد النظام الدولي وتسلطه وأنظمته الوظيفية، وأنه سيكون حدث مفصلي في تاريخ البشرية يقلب موازين القوة ويعيد المركزية للمنطقة كما كانت في ماضي القرون.
انطلقت الثورة كردة فعل على ممارسات الأنظمة القمعية على الأطفال -وهذه عادتها وعلى هذا تربت- مطالبة بإخراج أبنائها من ظلمات الأقبية الأمنية في ظن من قبل الظلمة أن التحرك لن يخرج عن حدود المطالبة فقط ليس أكثر، ولكن قوة الحدث كانت أقوى من إرادة الطرفين، ولله أمرٌ قد قدّره وعلى هذا بُني هذا التحرك و سار.
انطلقت الثورة، التي سرعان ما انتشرت وتوسعت دائرتها، حتى شملت كل البلاد التي ذاقت من نفس الكأس في حركة متسارعة، يتغشاها حالة من الوعي السريع، مرت به الثورة بمراحلها، كاشفة عن حقائق كثيرة للناس كان من أبرزها أن نظام أسد الذي يحكمها هو جزء من حلقة أنظمة وظيفية، وُضعت من قبل المتنفذين في العالم، لذلك كان من أبرز سمات هذه الثورة أنها كانت خروج على المنظومة الدولية، فالشيء الطبيعي أن يكون المُدبّر لإنهائها هذه المنظومة من خلال السعي الحثيث للإجهاز عليها وإرجاع الأمور لخط سيرها الطبيعي، فلم تدّخر الجهد ولم تعدم الوسائل وتغاضت عن أعمال تخدم عميلها، فالأمر جد ليس بالهزل؛ شعب تحرك وخرج عن صمته وهدفه هو سلطانه المسلوب من قبل كاراكوزات سياسية مرتبطة.
نتحدث هنا عن حوران التي لم تعد كما كانت في سابق زمان الثورة بشعارات "الموت ولا المذلة" بل حالها اليوم كما كان لما قبل ال2011 وكما يُظهر أعلام هُبل أنها باتت مع القائد الملهم المُفدى، هذا ما يتم العمل على إظهاره في البلدان الثائرة وعلى رأسهم درعا؛ فما هي حقيقة هذه النظرة وما مدى مصداقية هذه الصورة؛ هل رجعت حوران كما كانت؟ أم أن الثورة التي مرت على أرضها تركت أثراً لا يمحى ولا يندثر وأن ظهوره هو مسألة وقت يستعيد فيها المحارب قوته بعد استراحته؟
إن المتتبع لحوران بعد تسليمها -من قبل القادة العملاء والمنظمات المرتبطة والهيئات القذرة- ليرى أن عبارة الثورة فكرة ما زالت متجسدة في ثنايا مدنها وبلداتها وأن هذه الفكرة وُجدت ولن تموت أبداً وأن التغيير أصبح ديدن الناس ولا خنوع ولا ركوع بعد ما مضى، فالعمليات بكافة أنواعها ما تزال قائمة من كتابات تزين جدران المرافق العامة للمدن والقرى والبلدات تتكلم بعبارات تؤكد ما سردنا كـ " يسقط الأسد - الثورة مستمرة - سنعيدها سيرتها الأولى - يلعن روحك يا حافظ" في إشارة واضحة أن روح الثورة ما زال في الجنبات يلفح نسيمه جباه أهل الدم والتضحيات يضاف لذلك عمليات نوعية هنا وهناك تستهدف نقاط أسد الأمنية ومراكز تفتيشه، وتشكيلات يُعلن عنها بين الحين والآخر تشير أن الثورة في حوران لم تنتهِ، بل هي مقبلة على مرحلة جدية تنتقل فيه من جمر تحت الرماد إلى نار تلظى لن تبقي من أسد ونظامه شيء وستتركهم أثراً بعد عين.
وإن أكبر ما يؤكد أن حوران ومن معها من مدن الشام الأبي ستلفظ عن أكتافها غبار السقوط وتعود كما كانت، أن أولياء الدم ما زالوا أحياء يتنفسون هواء الحقد والكره لأسد الذي قتل أبنائهم ويتّم بناتهم فهيهات أن يسكت أولياء الدم عن الضيم.
ويضاف لذلك أن ما ارتكبه نظام أسد من انتهاكات بحق الأعراض لأكبر من أن ينسى أو يُسكت عنه ناهيك عن أن ينتهي، معطيات واضحة أن الثورة لن تنتهي تغفو نعم، تكبو نعم، يستريح المحارب المتعب برهة، ولكن لن يموت ففكرة التغيير تحولت لمفهوم وتجسدت في سلوك ورويت بوقود مهما حاولت نسيانه فلن تقدر عليه.
وأما ما حصل من انتكاسة فهي شيء طبيعي جداً، فمن المحال أن يصل كل غث وسمين للهدف، وبخاصة أن هذا الهدف قد بُذل له وقود أكبر بكثير ممن سقط، ولن يصمد إلا من تتجسد فيه صفات ترضي الله، فلا يغرنكم الزبد فمصيره إلى زوال وسيبقى ما ينفع الناس وهو الذي على يديه النصر والتمكين والفتح والخلاص.
ولتجد مختصر الحال في قوله سبحانه: ﴿أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾.

 

عبدو الدلي أبو المنذر

 

 

1822019eyes

 

تنقلٌ سريع بين الوكالات الإخبارية وقنوات نقل الحدث مروراً بالصفحات المُوالية لنظام طاغية الشام يُنبيك عن بلدٍ يدّعي نظامه الاستقرار في الحكم والإدارة، والقوة في المواجهة لمعارضيه ولكنّه في حقيقته نمِر من ورق أو كما قال الشاعر ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد.
فعلى صعيد وهم استقراره في الحكم وسيادته الوطنية نقلت الدرر الشامية وغيرها من الوكالات أن أذرع النظام في دير الزور متمثلة بكل من "حزب البعث" و"اتحاد الطلبة" و"اتحاد شبيبة الثورة"، أجبرت مئات الموظفين والطلاب على الخروج بمسيرات رفضًا لما أسمته التدخل الخارجي.
ووفقًا لما تداولته صفحات إعلامية؛ فإن المتظاهرين طالبوا -في مظاهراتهم الإجبارية- بخروج القوات الأمريكية والفرنسية والتركية من سوريا، خلال تجمعهم في ساحة عامة بمحافظة دير الزور.
وبحسب المصادر، فإن مؤسسات النظام أجبرت مديري الدوائر والمدارس على إلزام الموظفين والطلاب خلال ساعات الدوام على المشاركة في المسيرة.
هذه الأساليب النتنة وغيرها الكثير يتبعها طاغية الشام وزملاؤُه حكام العمالة وطواغيت النفاق يُروّجون بذلك لشعبية زائفة وشرعيّة لهم كاذبة، فقد باتت الصفحات المُوالية لمليشيا أسد تعجّ بكلمات السآمة ومنشورات العتب لقيادتهم، يوم يتداولون فيه أخبار مواد إغاثية فاسدة توزع على عوائل قتلى عسكرهم، ويوم آخر تغص الصفحات والتعليقات بتحميل الدولة السورية مسؤولية سقوط عمارة في صلاح الدين بحلب وحي الجرمانة بدمشق، وفي زحمة التعليقات والمنشورات السائمة من الطاغية تتصدر الأزمة الاقتصادية والحالة المعيشية الموقف فلو وقفنا في السويداء مثلاً تلك المحافظة التي لم يكن لها موقف مناهض من نظام الطاغية سوى أنهم رفضوا الزج بأبنائهم في جيشه "الباسل"، عنونت شبكة "السويداء 24" الموالية تقريرها الذي نشرته، يوم الأحد من هذا الأسبوع: "ست سنوات وطوابير العيش تحكم أبناء السويداء" تحدثت فيه عن الأزمة الاقتصادية التي تواجه سكان السويداء، من قلة في توفير المحروقات وانقطاع الكهرباء بشكل مستمر.
ونشرت الشبكة صورًا تظهر تجمع الناس ضمن طوابير بشرية طويلة بعدة مناطق في السويداء للحصول على مادة المازوت المُخصّص للتدفئة، في ظل أجواء باردة وكميّات قليلة متوفرة بحجج مختلفة، في مشهد لا يخلوا من إذلال للمواطن السوري البسيط.
وأجرت الشبكة مقارنة بين ماضي المحافظة وحاضرها عبر نشر صور قديمة يعود تاريخها إلى العام 2013، وتظهر تجمع مئات المواطنين أمام الفرن الآلي للحصول على مادة الخبز، إذ شهدت المحافظة حينها أزمة خانقة في توفير مادة الدقيق، وقالت الشبكة بالرغم من مرور السنوات بقي المواطن مرهونًا بطوابير العيش، للحصول على أقل حق من حقوقه كمواطن سوري.
كما اتهمت "الشبكة" الإعلام الرسمي التابع لطاغية الشام بالكذب وتجاهل معاناة المواطنين اليومية، عبر قولها إنه ينقل على شاشته أنّ السماء صافية والعصافير تزقزق، في إشارة على أنّ سوريا لا تعاني من أيّ أزمة تُذكر.
كما نوّهت الشبكة الموالية أنّ الحكومة غير صادقة في وعودها بتحسين حياة المواطنين وأوضاعهم المعيشية.
هذه الأخبار وغيرها الكثير في المناطق التي يسيطر عليها الهرّ المنتفخ كالأسد تشير إلى حالة معيشية مأساوية ومستوى اقتصادي على شفا جرف، فندرة الغاز وكثرة انقطاع الكهرباء ومئات الأمتار من طوابير المازوت وعدم تلبية الخدمات يشهد بذلك.
وعلى صعيد وهم قوّته في مواجهة الثورة المباركة من عسكر وأحلاف ومليشيات فهي ظلٌّ زائل وأمرٌ حائل وغداً كما قال المثل يذوب الثلج ويظهر المرج وينجلي الغبار ويبان أفرس أم حمار ويشهد لذلك أنباء عن تكثيف النظام خلال الأيام الماضية دعوات الاحتياط لتشمل لأول مرة فئة الشباب من مواليد السبعينيات؛ أي قد يصل سن المطلوبين لخدمة الاحتياط 50 عاماً، علمًا أن السن القانونية للدعوة الاحتياطية في سوريا هي 42 عامًا.
كل ما سبق يؤكد توفر عوامل السقوط الداخلية فأيّ دولة أو حضارة لا تسقط إلا بتوفر عوامل سقوطها الداخلية قبل الخارجية فالرذيلة والفحشاء وازدياد المجون والاستهزاء بالدين وكثرة الاعتقالات وقهر الرجال واغتصاب النساء كلها عوامل سقوط داخلية تلاحظ بعين البصر أما عين البصيرة فترقب في أرض الشام أمة حية خذلتها منظومة فصائلية وجمدتها حكومات مرتبطة، لكن آن لها أن تنفض عن جبينها غبار الهوان وتخلع ثوب الخنوع فتكون هي العامل الخارجي لسقوط نظام الطاغية ليس هذا فحسب بل تكون العامل الخارجي الذي يسقط الحضارة الرأسمالية العفنة بنظامها الديمقراطي البائس وتقيم على أنقاضها حضارة إسلامية راقية بنظام الخلافة الرشدة لتعيش في عز الدنيا وثواب الآخرة ورضوان الله عزل وجل.
قال تعالى: "لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ"

 

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
أحمد حاج محمد

 

 

1822018sanaa

 

بينما كانت السماء تنضح ماؤها وسيارتي تسير ببطء لثقل حملها ووعورة الطريق أشار إليَّ لأتوقف! كان شابًا في العقد الثاني من العمر، أخفى معظم وجهه ولكن من نبرة صوته تستطيع أن تُقدّر عمره، أثّر فيه البرد وطول الوقوف على الحاجز، فالشاب من ملاك الشرطة المدنية في جنديرس، ألقى عليّ التحية وطالبني بمهمة للسيارة (إذن تحرُّك). فأجبته بأني لا أملك ما يطلب وأبديت له استغرابي، فلم يُطالبني أحد بمهمة وأنا أقطن هذه المنطقة منذ عدة شهور! فقال لي: إنها أوامر المجلس المحلي في جنديرس. حاولت التعرف على الشاب فلهجته قريبة من لهجتي، من أين أنت يا ابن أخي؟ سكت لبرهة ثم قال: من الحسكة، من قبيلة الجبور. هل هذا ما قطعت كل هذه المسافة لأجله يا ابن أخي؟ تقف على الحاجز لتطالب المارة بالمهمة؟! هزّ رأسه، إنّه المجلس المحلي الذي يصدر مثل هكذا أوامر من أجل أن يُغطي مصاريف موظفيه ومن أجل السرقة، ونحن نقف هنا ويعطونا الفُتات. ثم قال: تفضل يا عم "عوجا".

وصلت إلى بيتي وقد أنهكني التعب، فما كنت أقطعه في نصف ساعة أصبحت اليوم أقطعه بثلاث ساعات بسبب قطع الطريق بين أطمة ودير بلوط. فالمسافة بين القريتين لا تتجاوز ثلاثة كيلو مترات وأنا أسكن بجانب قرية دير بلوط، فيكون زمن رحلتي من وإلى دير بلوط - أطمة نصف ساعة على الأكثر، ولكن أجبرتنا الفصائل اليوم على قطع ما يقارب الستين كيلو مترًا ومواجهة ما بها من عقبات.

تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه البخاري عن خبَّابِ بن الأرتِّ قال: "شكَوْنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسِّدٌ بردةً له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصرُ لنا، ألا تدعو الله لنا، قال: «كان الرجلُ في من قبلكم يُحفَرُ له في الأرض، فيُجعل فيه، فيُجاء بالمنشار، فيُوضَع على رأسِه، فيُشقُّ باثنتين، وما يصدُّه ذلك عن دينِه، ويُمشَط بأمشاطِ الحديد ما دون لحمِه من عَظْم أو عصَب، وما يصدُّه ذلك عن دينِه، والله ليُتمنَّ هذا الأمرَ حتى يسيرَ الراكبُ من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا اللهَ أو الذئبَ على غنمِه، ولكنكم تستعجلون». نلاحظ كيف بشر النبي أصحابه رضوان الله عليهم بأن الله سيفرج عنهم كل ما هم فيه من ضيق، وسيكونون أعزةً من بعد ذل، وأغنياء من بعد فقر، ويأمنون من بعد خوف، وتتمثل هذه البشرى بالطريق الواصل بين صنعاء وحضرموت والذي يبلغ طوله (775) كم. وكان هذا الطريق من أخطر الطرق لانتشار اللصوص وقطاع الطرق والوحوش الضارية، علاوة على ما انتشر عنها من الأساطير مثل أن الجان تسكن على جوانبها! فكان قطع هذه الطريق يكاد يكون مستحيلًا. فقول النبي عليه الصلاة والسلام لخباب: "حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه" هو بمنزلة المستحيل الذي صوّره النبي بأنه سيكون ممكنًا.

تذكرت حديث رسول الله المذكور أعلاه، وتفكرت في الحالة التي أوصلتنا إليها الفصائل المرتبطة المأجورة من جعْل الممكن مستحيلًا! فمنذ مدة قصيرة فقط كانت منظمة آفاد AFAD التركية الداعم الرئيس لما يُسمّى جهاز الشرطة المدنية والمسؤولة عن تخديم مخيمَي دير باللوط والمحمدية لنازحي الغوطة تقوم بإصلاحات على الطريق الواصل بين دير بلوط وأطمة، ويستطيع المارَّة مشاهدة ما كانت تحضره آفاد على الطريق. فبعد زيادة عرض الطريق إلى الضعف وتغيير مساره بحيث يمر من الجهة الشرقية لقرية دير بلوط دون المرور بداخلها، وتجهيز ساحات على جانبي الطريق من الشرق والغرب تدل على تجهيز نقاط تفتيش أو ما شابه، لم يكن أحد يظن أن هذه الطريق سيقطع، ولكن وبعد الحراك الشعبي الرافض لاتفاق سوتشي وبند فتح الطرقات الدولية جاءت هذه الإجراءات من أجل الضغط على القاعدة الشعبية لتمرير هذا الاتفاق المشؤوم.

فأيّ عمالة وأي خيانة هذه التي جعلت من ثلاثة كيلو مترات تكون مستحيلة العبور كاستحالة السفر من صنعاء إلى حضرموت في الجاهلية؟! فبينما كان يسير الراكب في عام 2014 من القامشلي شرقًا إلى درعا غربًا، وبعد أن كانت سيطرة الثورة على ما يقارب 80% من أرض سورية أصبح الحال اليوم -بسبب الذمم الرخيصة والمال السياسي القذر وعدم وجود قيادة سياسية مخلصة تقود الثورة إلى إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام- أن تقلصت مناطق سيطرة الثوار إلى 20% من أرض سوريا وعليها تدور الصراعات الفصائلية المقيتة التي تزيد من معاناة الناس وتبعدهم عن عدوهم الحقيقي نظام أسد وأعوانه.

وبعد أن كان الراكب يسير في كل المناطق المحررة آمنًا مطمئنًا كما سار المسلمون من صنعاء إلى حضرموت بعد تحقيق بشرى النبي صلى الله عليه وسلم، وضعت الفصائل كل أنواع المخاطر على الطرقات! فمن الحواجز الأمنية إلى مراكز الجباية وسرقة الأموال إلى وعورة الطريق، وكل ذلك للتضييق على الناس وكسر إرادتهم. ولك أن تتخيل ما على الطريق من عقبات عندما تعلم أنك تحتاج ثلاث ساعات لتجتاز مسافة 60 كم!

 

أحمد عبد الجواد

 

1322019lukaa

 

دوام الحال من المُحال، وإن لم تتقدم فسوف تتأخر، وإن لم تبادئ النظام بالهجوم وتقض عليه فسيبادئك هو به ويقضي عليك. بذا قضت سنة الله في خلقه، ولا مناص.

ونحن في ثورتنا، عندما كنا أصحاب المبادرة، وكنا نحن المهاجِمين، كان النصر حليفَنا، وسقطت بأيدينا بل تحت أقدام مجاهدينا حصون النظام وقلاعه، واغتنمنا سلاحه وعتاده، ورأى المجرمون منا ما لم يكونوا يحتسبون.

وعندما بعنا قرارنا بالمال الذي ظننا أنه سينصرنا، عُدنا كالدمى تُحركنا بالخيوط من فوق أصابعُ الدول. فأوقفنا جبهاتنا مع عدونا، وحوّلناها إلى ما بيننا، ثم قتلنا أنفسنا وخسرنا ديارنا وأرقنا ماء وجوهنا، وننتظر أن يمُنّ علينا المجرمون بالأمن والأمان، مُضحكين منّا كل لُكَع بن لُكَع!

أين أنتم يا أصحاب: (جعل رزقي تحت ظل رمحي)؟! أين أنتم يا أصحاب: (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة)؟! أيُعقل أنكم تركتم الكتاب والسنة وتمسكتم بشريعة المصلحة والمفسدة؟! أيُعقل أن تعاليم الدول وأوامرها باتت أولى بالتمسك لديكم من أوامر الله ورسوله؟! أتخشونهم؟!! فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين.

اللهم اهدِ إخواننا المجاهدين، وأعنهم على طاعتك ومعصية الكافرين والمنافقين، وأعنّا اللهم على أداء واجب التغيير على كل مخطئ، والنصح لكل مسلم، وهيئ لنا من أمرنا رشدًا.

 

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
عبد الحميد عبد الحميد