press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

maqal110718

لا تكاد تنقضي ساعة إلا وتتناقل وسائل الإعلام خبرا عن أهل الشام وما يتعرضون له من ويلات على يد طاغية الشام فرعون هذا الزمان ومغوله الجدد من دول إقليمية وعالمية، إذ رمانا الجميع عن قوس واحدة، ولم يكن هذا التناقل يوماً من باب التعاطف مع أهل الشام لا قدر الله. أو من باب نقل مأساة هذا الشعب الذي أول ما كُلِمَ بالقريب قبل البعيد، لا ورب العزة. ولا لإظهار حجم التآمر العالمي على المستضعفين والتشهير بالقتلة والمجرمين والمعاونين والساكتين والمتفرجين، أبداً. فذلك حال الإعلام غير المنحاز لجهة دون أخرى. أما والحال هذه التي كان الإعلام بها سهما من كنانة جهة يصوب باتجاه أخرى والتحيز واضح لجهات لم تجعل من الإسلام المنطلق وقاعدة ووجهة النظر في الحياة فقد كان ما ينشرونه من باب أن يعلم القاصي والداني من الشعوب المقهورة المستضعفة من حكام ظلمة مجرمين أتباع للسيد الغربي الكافر أن أي انعتاق من ربقة المجرمين لن يفضي إلا لما آل إليه الوضع في الشام من كوارث ومصائب وصورة نمطية سوداوية. وكأن الأنظمة المجرمة برويبضاتها اتخذت على نفسها عهداً أن تربي شعوبها بأهل الشام ليبقوا جاثمين على صدورهم يسحبون خيرات بلادهم لصالح السيد الغربي!

بل قد يهول المشهد أحيانا ويضخم ويعطى زخماً غير مسبوق لممارسة الحرب النفسية على الشعوب والوصول إلى مآربهم، مما ساهم إلى حد معين في أن البعض لم يعد يهتز له جفن لما يحدث من مآسٍ على امتداد العالم الإسلامي. بل حتى يلومون من يحاول أن يتلمس طعم التحرر من نير العبودية بأنهم هم من جلبوا لأنفسهم هذه المصائب، ويقنعون أنفسهم بفتات العيش والركون لحياة الذل بدعوى عدم القدرة ومفاهيم التخذيل والإرجاف فينعمون بالذل ويقبلونه مقابل ألا ينتقلوا من سيئ إلى أسوأ (كما يظنون)!

وبالعودة لما يحصل في الشام أو فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو بورما وغيرها من بلاد المسلمين المنكوبة نقول ما كان ليكون ذلك لو وجد لهم جميعا راعٍ يرعاهم؛ يذب عنهم ويذود عن حياضهم، إمام جنة «يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ» يحكمهم في ظل دولة واحدة ويجمعهم تحت راية واحدة؛ راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. إذ لا يحمي حماك إلا عيون ساهرة تصل ليلها بنهارها لترد كيد الكائدين ومكر الماكرين؛ الخلافة التي بشر بها الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه والتي لا تكون إلا بتغيير جذري انقلابي لهذا الواقع والسير بالطريق التي أوحى بها الله سبحانه وتعالى الذي يعلم ما يصلح حال المسلمين ﴿أَلاْ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ وتمثلت بالمسلك الذي سلكه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. خاصة بعد أن جربنا واستهلكنا كل ما طرحه علينا عقلنا المحدود من نظم وضعية وقوانين غربية وشرقية استنزفت قدراتنا وأذاقتنا الويلات وعشنا في ظلها في ظلمات بعضها فوق بعض نتخبط في دياجير الفوضى وضنك العيش لإعراضنا عن ذكر الله. فلما آن أوان بزوغ فجرنا من جديد وأزف وقت انكسار قيد الذل والانعتاق من الاضطهاد، كانت النتيجة ما أسلفنا واستنفر الكفر بقضه وقضيضه وتكالب علينا وتداعى...

ولكن سنة الله قائمة ولا بد للمعدن الثمين أن يفتن حتى ينكشف جوهره ويزول عنه ما علق به من شوائب، وكأن الله يُعِدّنا للمهمة التي خلقنا لأجلها فنكون على قدر المسؤولية المنوطة بنا من قيادة البشرية نبراسا يضيء الظلمات ويجلي الظلام ومثالا يحتذى ويتحقق فينا قوله عز من قائل ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾. ولا يكون ذلك إلا بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فمن للمسلمين غير الخلافة؟!! فلنشمر عن سواعد الجد ونعمل بشكل دؤوب لنيل رضوان الله والفوز في الدارين.

قال عز من قائل: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾

كتبه لجريدة الراية: الأستاذ عامر سالم أبو عبيدة بتاريخ 11 تموز/يوليو 2018م

المصدر: https://goo.gl/ejG6un

sham revlotion050718

لا شك بأن ثورة الشام قد وصلت إلى مرحلة حرجة، فبعد أن خسر الثوار مناطق شاسعة كانت بحوزتهم وسيطر النظام وحلفاؤه عليها، بعد موجات من القتل والقصف بكافة أنواع الأسلحة التقليدية والكيماوية وصنوف التنكيل التي لم تشهدها البشرية من قبل، شاركت فيها فلول النظام مدعومة من شذاذ الآفاق من المليشيات الطائفية الحاقدة إضافة لإيران وحزبها اللبناني مدعومة بآلة الإجرام الروسي الجوية والبحرية، وبمباركة رأس الكفر أمريكا عبر سكوتها عن المجرمين بل وتأييدهم من ناحية، وبين الضغط على الفصائل عبر داعميهم ليسلموا المناطق ومنعهم من القيام بأي عمل من شأنه عرقلة هذا المخطط الإجرامي الرهيب من ناحية أخرى، إضافة إلى شرعنة ذلك عبر هيئة الأمم، التي سعت جاهدة للحيلولة دون صدور مجرد إدانة للمجرمين على ما اقترفوه من جرائم القتل والتنكيل والتهجير القسري.

حتى بدا المشهد كئيباً مرعباً، هكذا أراد تصويره المجرمون وعلى رأسهم أمريكا وأدواتها، هادفين من وراء ذلك زرع اليأس في نفوس أهل الشام، ودفعهم للاستسلام للطاغية الذي خاطب الغربَ يوماً بأنه إن سقط نظامه فستسقط آخر قلاع العلمانية في بلاد المسلمين!

لكن أهل الشام برغم كل هذه الآلام والمحن لم يرفعوا الراية البيضاء التي أرادها أعداؤهم، ولم يستسلموا بل سارعت عشائر الجنوب عقب سقوط الغوطة لإصدار بيانات واضحة، ترفض كل أشكال الاستسلام للنظام المجرم أو المصالحة معه، وبدا واضحاً وحاسماً موقف الناس. ولم يقتصر الأمر في الجنوب على المناطق التي تقع خارج سيطرة النظام، بل حتى في المناطق التي تحت سيطرته، فقد تم التصدي لدعاة المصالحة وعرابيها وتصفية بعضهم، وكذلك تم التصدي لبعض المشايخ "الضفادع" ومنعهم من نفث سموم اليأس بين الناس وإبعادهم عن المنابر.

وفي هذه الأثناء استعرت الحرب النفسية التي تشنها الآلة الإعلامية المجرمة عبر أبواقها المتعددة، تساندها قوى الكفر والشر، عبر تصريحات واجتماعات ودسائس، تهدف من وراء ذلك الكيد والمكر بأهل الشام وخصوصاً أهل الجنوب، لما للجنوب من رمزية في الثورة المباركة.

فمن هذه التصريحات ما نُشر عن اجتماع في موسكو أجراه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو مع نظيره في كيان يهود أفيغدور ليبرمان حيث تطرقا فيه حسب ما أُعلن إلى "قضايا حيوية ومهمة" حول التسوية في سوريا، قبل أن يُعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث هاتفياً مع نتنياهو في "بعض جوانب التسوية السورية".وقد أكد مصدر روسي لـجريدة "الحياة" أن "الاجتماع بحث عدداً من القضايا، على رأسها السماح للجيش السوري بنشر آليات ثقيلة في الجزء المحرر من الجولان مؤقتاً"، في تجاوز لاتفاقية فض الاشتباك التي وُقعت بعد حرب السادس من تشرين الأول (أكتوبر) 1973. وأوضح أن "وجود إيران ومليشياتها في سوريا استحوذ على جزء مهم من المحادثات"، كما وأشار إلى أن مشاركة رئيس الاستخبارات العسكرية في كيان يهود تمير هايمن "هدفت أساساً إلى تبادل معلومات استخبارية حول مسلحي المعارضة في جنوب غربي سوريا، وتمركز القوات الإيرانية والمليشيات اللبنانية والأفغانية والعراقية الداعمة للأسد".

كما وتناقلت وسائل الإعلام نبأ تهديد أمريكا للنظام محذرة إياه من أي عمل في منطقة خفض التصعيد في الجنوب، الأمر الذي جعل النظام يغيِّر لهجته بعد أن كان يهدد ويتوعد أهل الجنوب بالحرب إلى توجه آخر مفاده أنه يريد أخذ الجنوب بالمصالحات وليس بالقتال!!

ثم يخرج وليد المعلم نافياً أي اتفاق حول الجنوب ومعولاً على المصالحات!!

وكذلك فقد تعالت أصوات شاذة في أوساط المعارضين تطالب أهل الجنوب بفتح معبر نصيب مع الأردن، تحت حجج واهية، المكر واضح في ثناياها!

إلا أن الحقيقة الثابتة وهي أن أهل الجنوب الذين كانوا شعلة الثورة المباركة، وشرارة انطلاقتها قبل أكثر من سبع سنين، قدموا في سبيلها الغالي والنفيس، متحدّين آلة الإجرام الرهيبة التي مُورست على أهل الشام عامةً وعليهم بشكل خاص، فتراهم اليوم قد أعلنوا موقفهم واضحاً جلياً وهو "أن لا عودة للوراء" فقد حرقوا مراكبهم وليس أمامهم إلا الاستمرار في الثورة حتى انتصارها بإذن الله، وقد أصدرت بالأمس عشائرُ مدينة درعا عاصمة الجنوب بياناً "أوضحت فيه بأن أهل الجنوب باقون علىمسيرتهم وأن من صدحت حناجرهم يوماً "يا الله ما لنا غيرك يا الله" مستمرون بثورتهم حتى النصر، وقد أعدوا أنفسهم لأسوأ الاحتمالات محذرين في الوقت نفسه دعاة المصالحة والمهادنة مرددين مقولة المجاهد عمر المختار "نحن لن نستسلم.. ننتصر أو نستشهد"!

فعلى أهل الشام أن يعلموا بأن ثباتهم على ثورتهم لهو الصخرة التي تتحطم عليها كل المؤامرات مهما عَظُم مكرها وكيدها، وليعلموا كذلك بأنهم قد أذهلوا العالم بصبرهم وثباتهم فترى المجرمين حيارى متخبطين وقد شابت رؤوس أساطينهم.

ولكن من ناحية أخرى فإن للنصر مقوماته وأسبابه، فبرغم الصمود الأسطوري في وجه أمم الكفر قاطبة إلا أن ذلك لا يمنع من الانحراف مع الوقت إذا لم تُتخذ الإجراءات الواقية الكفيلة بالحفاظ على استمرار الثورة طاهرة نقية حتى تصل إلى هدفها المنشود وهو إسقاط النظام وإقامة نظام الإسلام، وهذا الأمر يحتاج إلى قطع كل ارتباط مع هذه الدول المجرمة وأدواتها من حكام المسلمين، فها هم من ادَّعوا صداقة الشعب السوري بالأمس تراهم اليوم يعيدون للطاغية شرعيته ويمدون الجسور نحوه، ويمدونه بأسباب الحياة وهو المتهالك الساقط.

ولا نستطيع تفسير هذا التكالب من المجتمع الدولي على هذه الثورة اليتيمة بهذا الشكل الفظيع، وإقدام دول بحالها، كروسيا وإيران بأمر من أمريكا، على دفع ثمن باهظ بالتضحية بالمال والرجال والسلاح للقضاء على هذه الثورة، لا نستطيع تفسير ذلك إلا أنها حرب سافرة على الإسلام، وعلى الشريعة الإسلامية التي نادت ثورة الشام بإقامتها، لتنهي بها حقبة الحكم الجبري الذي كرّس هيمنة الغرب الكافر، وسام المسلمين سوء العذاب على مدى عقود طويلة.

ولن تستطيع هذه الثورة الوقوف في وجه هذا التكالب الدولي والانتصار عليه، إلا إذا نصروا الله ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ ونصر الله لا يكون إلا بنصر دينه وتطبيق شرعه. ويكون ذلك بتبني مشروع الخلافة التي وعد بها الله عباده المؤمنين وبشر بها سيدنا محمد r، فبها وحدها تحمى بيضة الإسلام وتصان الأعراض والدماء والأموال، وبها تُكف يد الكافر المستعمر عن العبث بخيرات المسلمين ونهبها، وتخفف عن الأمة التضحيات الجسام التي ستدفعها وتدفعها بسبب عدم وضوح الطريق أمام هذه الثورة اليتيمة!

هذا المشروع الذي قدمه حزب التحرير ليكون طوق نجاة يعيد للأمة عزتها وكرامتها ويقودها إلى النصر المبين ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

كتبه لجريدة الراية: عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا د. محمد الحوراني، بتاريخ 4 تموز/يوليو 2018م

المصدر: https://bit.ly/2KMmNP8

maqal290618

ثمة من يداوم التركيز على أن الثورة خرجت ضد طاغية الشام لاستبداله باعتباره سبب الظلم وشقاء الحال؛ وذلك لصرف النظر عن حقيقة المشكلة المتمثلة في الأنظمة والقوانين الوضعية الرأسمالية التي فصلت الإسلام عن الحياة، والتي هي السبب الحقيقي في ضنك العيش وشقاء الحال وليس فقط شخص الطاغية، هذه حقيقة يؤكدها القرآن الكريم؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.

فكان لا بد من الثورة على هذا الواقع الفاسد وتغييره ورفع الظلم بكافة أشكاله؛ وهذا لا يتأتى في تغيّر الأشخاص فقط، فحتى نتجنب التغيير في القشور وحتى لا يبقى الواقع على ما هو عليه فننتقل من ظالم إلى ظالم ومن عميل إلى عميل؛ لا بد من الثورة على مجموعة المفاهيم والأنظمة والقوانين التي أنتجت الظلم وسمحت للظالم باستعباد الناس وعبّدت له الطريق بل وحافظت على وجوده وبقائه في سدة الحكم؛ بعد أن أحاطته بمجموعة كبيرة من الأنظمة والقوانين.

نعم لا بد من إزالة هذه الأنظمة و القوانين الوضعية؛ ووضع النظام الذي أنزله الله عز وجل موضع التطبيق، فهو النظام الوحيد الذي يصلح للبشرية جمعاء، وهو النظام الوحيد القادر على أن يؤمن للناس حياة سعيدة كريمة، قال تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.

والمتتبع لسلوك قيادات الفصائل في مناطق نفوذها؛ يجد أن الواقع لم يتغير بعد الثورة بل ربما ازداد سوءًا، وهم الذين من المفترض أنهم ثاروا على الظلم والظالمين، ولكنهم عندما وصلوا إلى شكل من أشكال السيطرة والنفوذ؛ تجدهم مارسوا الظلم الذي ثاروا عليه وظهر الفساد عليهم بشكل واضح، وما ذلك إلا لأنهم حملوا الأفكار نفسها التي كانت سببا في الظلم؛ وتخرجوا من مدارسها ذاتها، وبهذا يتضح أنه لا بد من الثورة ليس فقط على شخص الحاكم وإنما على مجموعة المفاهيم والأنظمة والقوانين السائدة؛ حتى يتسنى لنا الكلام عن ثورة ناجحة وتضحيات وضعت في مكانها وإلا بقي الحال كما هو وذهبت التضحيات أدراج الرياح.

ثمة متطلبات لا بد من توفرها حتى تصل الثورة إلى هدفها المنشود في تغيير الواقع الفاسد؛ من أهمها، وجود نظام بديل عن النظام الحاكم حتى تؤتي الثورة أكلها، وإلا بقي الواقع في جوهره كما هو مع تغيير في الأشخاص والأشكال فقط، فالثورة في حقيقتها هي فكرة سياسية شاملة لجميع نواحي الحياة؛ يراد إيجادها في المجتمع كبديل عن الأفكار السائدة التي انبثقت عنها القوانين والأنظمة، والتي بدورها أدت إلى الظلم بكافة أشكاله وإلى ضنك العيش وشقاء الحال الذي كان الدافع الأساس للثورة، وبناء عليه كان لا بد من الثورة على مجموعة المفاهيم والقوانين والأنظمة الفاسدة واستبدال مفاهيم صحيحة مستندة إلى عقيدة الإسلام بها، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم﴾.

وبالإضافة إلى النظام البديل الذي يعبَّر عنه "بالمشروع السياسي" لا بد من قيادة سياسية واحدة للثورة؛ قيادة واعية ومخلصة تكون بمثابة الرأس للجسد، فتعدد الرؤوس يمزق الجسد ويهدر طاقاته بل ويجعله يخوض صراعا مع الذات، وهذا ما حصل في اقتتال الفصائل وغيرها من الأعمال التي كانت متناقضة ومختلفة بسبب تعدد الرؤوس وتناقضها واختلافها، ولم يكن هذا التعدد عفوياً بل كان متعمداً، وهذا واضح من سلوك الدول الداعمة؛ التي كانت حريصة على عدم إيجاد رأس واحد للفصائل؛ لتبقيها متبعثرة يسهل القضاء عليها، بل وضرب بعضها ببعض، وإن غياب القيادة السياسية الواعية والمخلصة سهّل على أعداء الثورة تقسيمها إلى مناطق عن طريق الهدن والاتفاقيات التي من أخطرها اتفاق خفض التصعيد؛ هذا الاتفاق الذي جمد الجبهات مما جعل طاغية الشام يستفرد بالمنطقة تلو الأخرى حتى استطاع إحكام سيطرته على العديد من المناطق ومنها الغوطة حيث أمن بالسيطرة عليها محيط العاصمة ثم ها هو الآن ينتقل إلى المنطقة الجنوبية في درعا وريفها ليعيد السيناريو ذاته.

كما أنه لا بد من توحد الفصائل التي تشكل في مجموعها قوة لا يستهان بها؛ لا بد من توحدها حول المشروع السياسي البديل المنبثق عن عقيدة المسلمين، وبذلك تتضح الرؤية المستقبلية لشكل الدولة وأجهزتها وصلاحيات كل جهاز والأنظمة والقوانين الأساسية التي سوف تسير عليها فيرتفع الخلاف وتتوحد الرؤية، وأيضا لا بد من تبني الحاضنة الشعبية لهذا المشروع بعد أن تدرك أن لا خلاص لها إلا بحكم الله؛ ولا نصر إلا بالعمل على تطبيق شرعه كنظام بديل عن الأنظمة الوضعية...

وعندما تتوفر هذه العناصر والأدوات اللازمة والتي هي، المشروع السياسي المنبثق عن العقيدة الإسلامية، والقيادة السياسية الواعية والمخلصة التي يتجسد المشروع فيها، والقوة التي تتبنى هذا المشروع وتحمل على عاتقها نصرته، والحاضنة الشعبية التي تتبنى أيضا هذا المشروع وتطالب بتطبيقه بعد إسقاط النظام، حينها نستطيع أن نقول إن الثورة تسير في طريقها الصحيح وستصل إلى هدفها المنشود، وتكون تضحياتها في مكانها. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

كتبه لجريدة الراية: رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحريرـولاية سوريا الأستاذ أحمد عبد الوهاب بتاريخ 27 حزيران/يونيو 2018م

المصدر: https://bit.ly/2lAtxl6

horan050718

كلما ادعت روسيا أنها تقاتل (الإرهابيين) نراها تقذف حممها على المدنيين!، وتدّعي أمريكا أنها تريد تجفيف منابع (الإرهاب) فنراها تضغط وتضيق على المدنيين! وتدّعي إيران المجرمة وحزبها اللبناني أنهما يقاتلان (الإرهابيين) فنراهما يقتلان المدنيين الأبرياء!! وكذلك النظام المجرم يدّعي قتال تنظيم الدولة و(الإرهاب) فنراه يفتح طريقا لتنظيم الدولة ليقاتل به المجاهدين وليبدأ هو بقصف المدنيين!

حتى المجتمع الدولي إذا أراد أن يتخذ خطوات لمقاتلة (الإرهاب) نراه يشجع أو يسكت عن إرهاب الأنظمة المجرمة بينما يضيق على الشعوب! ما السر في الشعوب؟ السر في الشعوب أن الغرب ينظر للإسلام أنه دين (الإرهاب) وأن المسلمين مهما كانت مواقفهم فهم حاضنة (الإرهاب) لذلك تصب الدول جام غضبها علينا.

لكن أمريكا غاضبة على أهل حوران (الجولان جزء من حوران) لأنهم وقفوا في وجه كل مخططاتها وأفشلوها. كيف لحاضنة حوران أن تقف في وجه مخططات أمريكا تفشلها وتحل عقدها؟ تبدأ المسألة منذ أن تم تحرير خربة غزالة من غير إرادة أمريكا مرورا بتحرير دير العدس وتل مرعي، إلى تحرير تل الحارة، فكل ذلك لم يكن لأمريكا رغبة في تحريره، لكن الحاضنة دفعت لتحريره.

ثم إن أمريكا أرادت أن لا تفتح معركة الموت ولا المذلة لكن الحاضنة أصرت عليها فحمت مقاتليها وتحقق بها نصر المؤمنين وخسارة المجرمين، ثم إن أمريكا أرادت أن تسلم معبر نصيب للنظام المجرم لكن الحاضنة وقفت مواقف البطولة ومنعت تسليم المعبر، ثم إن أمريكا أعادت الكرة ثانية وثالثة لتسليم المعبر لكن الحاضنة رفضت ومنعت ففشلت أمريكا في مسعاها.

ثم إن أمريكا فرضت على فصائلنا المرتبطة بالموك وقف إطلاق النار ومن ثم خفض التصعيد والتوتر فقيدت الفصائل التي امتثلت لها بينما الحاضنة كانت تتحرق لفتح المعارك من أيام داريا والمعضمية إلى قدسيا وبيت جن و حلب و إدلب ومن ثم الغوطة، ولأن الفصائل المرتبطة منعت فتح أي معركة بعدها فإن الحاضنة الشعبية اتخذت موقفا غاضبا من الفصائل وظلت تعمل وتتحرق لإنهاء خفض التوتر وفتح المعارك.

ثم إن أمريكا دفعت النظام المجرم ليبذل جهودا في المصالحات بالاعتماد على الضفادع عملاء النظام لكن الحاضنة دفعت بملاحقتهم ومحاسبتهم والتضييق عليهم واعتقال قسم منهم فخبى صوت المصالحات وفشلت خطة أمريكا بجعل النظام يسترجع حوران بالمصالحات وكل ذلك بسبب موقف الحاضنة بل ولاحقت عملاء النظام واعتقلت عملاء لحزب إيران اللبناني وفشل هذا المسعى وانتهى أثره.

ثم إن روسيا حاولت أن تتصل بشخصيات مدنية وعسكرية في حوران لكسب تأييدهم وطرحت فكرة إرسال شرطة عسكرية روسية تضبط المناطق ومن ثم عرضت تشكيل مجلس عسكري موحد في الجنوب بإشراف حميميم لإدارة الجنوب لكن الحاضنة أعلنت عن موقفها بكل صراحة أن روسيا أشد عداء من النظام المجرم وأنه من يتصل بروسيا فهو ضفدع عميل لها، ففشل هذا المسعى من جديد، ثم إن أمريكا وبعد أن أدركت عجز النظام بعد الغوطة على أن يسترجع شبرا واحدا لانهيار قواه البشرية عمدت إلى الرد على تهديدات النظام لحوران. عمدت لموقف مغاير حيث توعدت النظام بالرد الحاسم إن هو فكر بعمل عسكري في الجنوب. ظنت أمريكا أن الحاضنة ستلجأ لها راكعة بين يديها إن هي حمتها ومنعت النظام عنها. لكن حاضنة حوران أخرجت مظاهرة في درعا عاصمة حوران لترفع لافتة "نحن لسنا في كفالة أمريكا نحن في كفالة الله إن الله تكفل لي بالشام وأهله".

ففشلت جهود أمريكا في خداع الحاضنة بدعوى الحماية من النظام وخابت ولم تتمكن من رهن قرارها. وأكثر من ذلك صدحت حناجر أهل درعا بكلمات الثبات والقتال ومواقف الإيمان، وتجاوبت كل حوران مع درعا وتبنت بيانها، ووقفت موقفها.

ثم إن أمريكا أرادت أن تأخذ حاضنة حوران على حين غرة فحددت موعدا لوقف مساعدات الطحين في حين وضع النظام المجرم تسهيلات ومكافآت لاستلام القمح من حاضنة حوران...كي يسحب القمح من أيديها. لكن الحاضنة وقفت موقفا شديدا بعد أن وعت على ذلك راقبت القمح ومنعت عبوره للنظام ووضعت برامج لخزنه وهددت بمحاسبة كل من يساعد في نقل القمح إلى النظام المجرم. ففشلت أمريكا في هذا المسعى، ثم إن أمريكا بثت أفكارها حول مستقبل حوران والجنوب فطرحت حكما ذاتيا أو شبه ذاتي. لكن حاضنة حوران رفضت هذا الطرح ولم تقبل به، فأدركت أمريكا أن الذي يفشل خططها ومشاريعها هو الحاضنة...حاضنة حوران.

وكعادة أمريكا وعنجهيتها في التعامل طرحت فكرة تركيع الحاضنة ودفعت بها فحرشت عليها كل كلابها من الدول والمليشيات، لكن النظام كلب بلا أسنان فهو يخمش بأظافره ولا يعض بأنيابه... يعوي من بعيد وإن اقترب فهناك من ينتظره ليقتله.

ولن يغير من المعادلة أن روسيا دخلت على خط القتال لجانب حلف النظام المجرم، تقصف وتقتل في الحاضنة، فلولا أن الموقف حرج على النظام لما دخلت روسيا تسانده. أما أمريكا فقد كشفت عن وجهها الحقيقي الذي كان يعرفه الكثير من الناس وينخدع به الكثير من القادة... إذ أعلنت أمريكا تخليها عن الفصائل المرتبطة بها.

وهذا ديدن أمريكا إذ تتخلى عن عملائها عند تمايز مصلحتها، وترمي بهم في نار القتال. بسبب كل هذا أمريكا أرادت تأديب وتركيع الحاضنة. لكن لله حكمة ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ لينجح أهل حوران في مسعاهم الحالي بصد النظام وكسر شوكته عليهم أن ينتبهوا لنقاط قوتهم ويعززوها وهي:

1- أن يخرج من كل قرية خيارها من الثوريين المؤمنين فيستقطبوا الناس إليهم ويدفعوهم ليكونوا حاضنة حقيقية للجهاد والثورة.

2- أن تقوم قيادة الحاضنة في كل قرية بإعلان التعبئة العامة واستنفار الشباب المجاهد فعدد المجاهدين خارج الفصائل أضعاف أضعاف عددهم داخل الفصائل وأغلبهم مخلصون وهم مادة النصر بإذن الله.

3- أن تقوم قيادة الحاضنة بتجميع الصادقين المخلصين من الشباب المجاهد تحت قيادة عسكرية مخلصة، ترتب سريعا أوضاع الجبهات وواقع المجاهدين وتتعامل مع حلف النظام المجرم.

4- أن تبذل الحاضنة للجهاد ولو قل المبذول ليكون الجهاد جهاد أمة والثورة ثورة حاضنة وشعب وأن تعمل كما عودتنا على استيعاب النازحين والتخفيف عنهم ونمد يد العون لهم.

5- أن تأخذ الحاضنة وقيادتها توجهها السياسي لتهتدي للمواقف الصحيحة من خلال إعطائها قيادتها السياسية لحزب التحرير الرائد الذي لم يكذب أهله قط.

6- أيتها الفصائل أما وقد كشفت أمريكا عن خداعها وتخلت عنكم في ساعة الشدة وانتهى ارتباطكم بها، فعودوا إلى صف حاضنتكم وطهروا أيديكم من رجس العلاقة مع أمريكا، قاتلوا في صف أهلكم وأخلصوا لله.

7- أيتها الحاضنة الحبيبة رصوا صفوفكم وأخرجوا الضفادع من بينكم واحذروا فبعد أن انكشف قادة فصائل فرقة العشائر ومن قبلهم قادة جبهة أنصار الإسلام، وغيرهم عليكم أن تنتبهوا «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ».

والله غالب على أمره...

كتبه لجريدة الراية: المهندس كامل الحوراني، بتاريخ 4 تموز/يوليو 2018م

المصدر: https://bit.ly/2Ku6sQ7

maqal130618

لم يختلف حال حوران ما قبل الثورة عن كثير من مناطق سوريا، فقد كانت "حوران الأسد" كما هي سوريا وكما يرغب الشبيحة وأزلامهم أن يسموها، فقد كانت تعيش تحت منظومة متنوعة أمنية وعسكرية واقتصادية، منطقة تعيش في ظل الدولة البوليسية وتطبق فيها كل مخرجات هذه الدولة الوظيفية؛ هذا ظاهرها وكما يرغب الأسد وأزلامه أن يروه منها. وتحت هذا المشهد المصطنع وهذه المشاعر المصطنعة يعيش غضباً يتجاوز عمره الأربعين سنة ضجر من ممارسات أزلام النظام وما يحملون من أفكار وما يطبقون من نظم ويفرضون من قوانين...

حدث طارئ بأنْ يسّر الله أطفالاً ربما في حالة لعب وتقليد ولكن كانوا ضمن دائرة قضاء الله وليقضي أمرا كان مفعولا. فخرج أهل درعا المدينة عن بكرة أبيهم مطالبين بحقوقهم التي لم تتعد الحرية والكرامة، قوبلت هذه المطالب بالقمع والاضطهاد من النظام؛ وسعى النظام جاهدا لاحتواء درعا فعزلها عن محيطها المحلي ابتداء ثم عن محيطها الإقليمي إن صح القول، وأخذ يمارس فيها كل أنواع الفساد، وبما أن الأمر كما قلنا ضمن دائرة قضاء الله وأنه ليقضي أمرا كان مفعولا؛ لم تترك مدن وقرى وبلدات درعا عاصمتها تواجه الأسد وحدها، وفي خطوة واعية ثارت وساندتها بتحركات قطعة واحدة ولم تتركها قاصية ليستفرد الذئب بها فتكون طعاما سائغا له.

مع تحرك حوران كقطعة واحدة ضاعت قوة السفاح وتشتتت ولم تعد قادرة على مواجهة الأحداث التي تطورت بشكل ملحوظ وواضح، حتى شملت كل إقليم الشام بمدنه وقراه وبلداته في ثورة لم يعرف التاريخ أشرف منها، تطورت مبادئها ومطالبها وارتقت يوما بعد يوم رغم المحاولات الكثيرة لتحجيمها باستخدام جل الوسائل المملوكة من إعلام لتلويث فكري وتدمير ممنهج؛ بقيت على حالها ونموها وسنة الله فيها ماضية من تمييز وتمايز وكشف وفضح حتى لازمها اسم الثورة الكاشفة الفاضحة لأنها كشفت أعتى المخادعين والماكرين وأسقطتهم.

تعاقب عليها لأجل احتوائها الكثير فقد تعددت الأستانات وتمخضت عنها المقررات وانساق لها ضعاف النفوس وأراذل الثورة من قادة تعساء باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل، ومن خلفهم حساسين تاجروا بالدين واستنفعوا به لأجل لعاعة لا تسمن ولا تغني من جوع، وكان في صفهم رجالات ادعت أنها من أهل السياسة لا يختلفون عن السفاح بأن باعوا حريتهم لأجل عبودية أمريكا وأشياعها، كانت الثورة على الأرض تقوم بأهم مهامها بالكشف والإسقاط والتمايز.

لعل القول ألا خضوع حصل على الأرض هو ضربُ وهمٍ، فقد نجحت مقررات أستانة في أن تفرض على التشكيلات والفصائل ومررت ليصبح ديدن حديث مدّعي السياسة ليرجوها فيلزموا بها أهل الشام؛ فمنذ أستانة الذل والعار اختلف الوضع العسكري على الأرض اختلافاً جذريا فبدأت مسيرة التقهقر والانحسار... فالمناطق التي كانت تحت سيطرة الفصائل بيعت للداعمين ومقررات مؤتمراتهم؛ فبيع جزء من إدلب والغوطة من بعدها تبعها المخيم وتلاه القلمون وريف حمص الشمالي فلم يبق بمحيط دمشق القريب أي خطر يتهدد وكر الأفعى، لم تسقط المناطق عن عجز عتاد، فالصور والتقارير بعدها أوضحت حجم العتاد، بل سقطت بنقص عدة للفصائل فقد تركت الله والالتجاء إليه وركنت للذين ظلموا فمسهم منهم ما مسهم فسقطوا وأفضوا بأنفسهم إلى هاوية سحيقة حتى يقال فيما بعد إن أمراء وقادة وشرعيين تلاعبوا بدين الله إرضاء للكفرة والظالمين غايتهم مكاسب دنيوية لا تغني شفاعتها عند الله وسيردون بإذنه سبحانه إلى أشد العذاب بعد أن خانوا الله ورسوله وخذلوا المسلمين بفعلهم، فجعلوا للكافرين محط مكر في الثورة وبدأ سرطانهم ينتشر محاولا أن يشمل جسد الثورة كله فيصيبها في مقتل العودة لحضن الظلام كما كانت في سالف عصرها.

ولعل الناظر لسير الثورة المتتبع لتفاصيلها يقول ما أشبه اليوم بالأمس؛ فحوران التي كانت شرارة الثورة منها ومن أرضها انطلقت، عادت للمشهد من جديد، فهل هي عودة على ذي بدء أم أن مسير الظلاميين مستمر بأن يتم دثرها ودفنها في منبتها الأول؟ أم يكون لها كلمة بعد أن مرت على النار التي أشعلتها في نظام أمريكا ثماني سنوات مليئة بالأحداث كشفت الستار عن أدق التفاصيل؛ حوران اليوم يمكن القول إنها وحيدة في صورة المشهد تمارس عليها اليوم تهديدات عدة من كل دول العالم التي تداعت عليها؛ فمن يهود الذين يصرحون بأن لا حرج عندهم من دخول قوات الظلام لمناطق أنارتها الثورة بنورها، إلى العدو الروسي الغاشم وتصريحاته بدخول دببه لمناطق حوران للإشراف والفصل للوصول لتطمين أمريكا بأن لا معارك؛ والكل يعلم كذب أمريكا ودورها في إجهاض الثورة منذ بداية زيارة سفيرها فورد لحماة وسعيه لإجهاض تجمعها حتى الوصول لدورها بتغطية جرائم الأسد الكيميائية وإنقاذه منها، إلى الوصول لتصريحات حكومة الأردن العميلة بأن المعابر وجب أن تتسلمها قوات الأسد وتشرف عليها، حتى الحديث عن دعوات لدخول قوات فصل أردنية مصرية...؛ كمية كبيرة من التصريحات تبث ليس وراءها سوى تشتيت أذهان الناس وجعلهم في حالة ضياع عما يجب عليهم القيام به ومن بعدها تمرير الحل الذي يرونه ويسعون له، يشابه تماما ما كانت تروج له الأجهزة الأمنية زمن الدولة القمعية حين تسعى لتمرير قانون على الناس.

كل الضغوط اليوم تمارس على حوران وأهلها وما أشبه اليوم بالأمس، فهذا كان جزءا من ممارسات نظام الإجرام في بداية الثورة ضدها وكان من أمر الله أن يحدث اليوم من حوران تجاه هذه الضغوط ما حصل بالأمس؛ فقد برق شعاع أمل ليوحد حوران تحت مظلة رأي واحد من قلب درعا البلد، درعا الموت ولا المذلة، درعا الكرامة، فقد خرج أهلها في مظاهرة وتكلم وجهاؤها بكلمات تفهم الأسد ما هي حوران وكيف نضج الوعي عندهم، وما كان من قرى وبلدات حوران أن بادرت الخير مع عاصمتها بالخير فأيدت بيانها وما طرحه وجهاؤها وساندتهم في رأيهم انطلاقاً من التزامهم بحديث نبيهم عليه الصلاة والسلام أن الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية، فلم يتركوا درعا لتواجه وحدها بل التفوا حولها كما بداية الثورة وأظهروا للعالم أن رأينا واحد قد تبلور وأن ألاعيبكم مكشوفة ومسرحيتكم واضحة فارجعوا خائبين خاسرين، فألعابكم مكشوفة وثورة الشام اختصت ببث الوعي بين صفوف المسلمين ولا موطئ قدم لكم اليوم في صفوف الثورة الكاشفة الفاضحة.

وإلى أهلنا في الشام! قد يظن ظان أن الثورة اليوم في أيامها الأخيرة مستخلصا ذلك من حجم المساحة التي تمتلكها، فهذه نظرة قاصرة فالثورة فكرة وفي حال خرجت وتبلورت لم يكن للأرض والمساحة فيها عبرة، فهي قد تستعيد ذلك في لحظات، فالأصل موجود ومقوماته حاضرة وهو أن النصر بيد الله سبحانه لا يحتاج إلا لوقوف على أمره والالتزام بشرعته وحينها يتنزل علينا النصر، فالثورة لم تقم لأجل تحرير أرض وتوسيع مساحتها وفي حال لم يتحقق ذلك فشلت، بل قامت الثورة فكرية لتهدم فكراً فاسداً بكل مقوماته ومخرجاته ومؤسساته لتوجد بديلا عنه فكرا نقيا صافيا يعم الخير من خلاله على جميع المسلمين ويعم الأمن والأمان. ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾.

كتبه لجريدة الراية: الأستاذ عبدو الدلي (أبو المنذر) بتاريخ 13 حزيران/يونيو 2018م

المصدر: https://goo.gl/8HTqqf