- التفاصيل
الرأي والرأي الآخر، الاستقلال، والحيادية، الدقة والمصداقية؛ كلمات طالما أرقتنا بها وسائل الإعلام المرئية منها والمسموعة والمقروءة وكلها تدعي الحيادية وعدم الانحياز في تناولها الخبر وتغطيتها للأحداث.
لا يخفى على أحد مدى تأثير الإعلام وقدرته على برمجة العقول وصياغتها صياغة معينة لتحقيق أهداف محددة؛ وخاصة مع انتشار وسائله المتعددة وابتكار أساليبه المتنوعة في الوصول إلى الهدف المنشود؛ وخاصة عندما تتضافر الجهود لوسائله المتعددة لتوجه سهامها في توقيت واحد نحو هدف معين.
هذا ما حصل مع وسائل إعلام تدعي الثورية والحرص على أهل الشام عندما شنت حملتها المسعورة على حزب التحرير والخلافة بعد المسيرة اللافتة للنظر التي قام بها الحزب في مدينة إدلب بتاريخ 22/4/2018م والتي لم تستطع وسائل الإعلام التغاضي عنها؛ وهي التي طالما أدارت ظهرها لنشاطات الحزب اليومية في شرق المناطق المحررة وغربها منذ بداية الثورة وحتى الآن، وما ذلك إلا لتشويه صورته في محاولة لإبعاد أهل الشام عنه وخاصة بعد أن بدأ يحظى بشعبية بين أهل الشام نتيجة لمواقفه الثابتة وخطاباته الصادقة التي أثبتت صحة رؤيته وصدق خطاباته للقاصي والداني، فحزب التحرير هو أول من حذر أهل الشام من خطر المال السياسي القذر؛ وهو أول من حذرهم من خطر الهدن والمفاوضات؛ وهو أول من حذرهم من خطر المؤتمرات (جنيف و أستانة وغيرها...)؛ وهو أول من دعا إلى كسر الخطوط الحمر؛ وهو الوحيد الذي حمل مشروعاً سياسياً منبثقاً عن عقيدة الأمة الإسلامية (مشروع الخلافة العظيم) بديلاً عن الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي؛ ودعا إلى التوحد على أساسه، وهو أول من بين أنه لا بد من وجود قيادة سياسية واعية ومخلصة، كيف لا وهو بحق الرائد الذي لا يكذب أهله.
وكان لا بد من إيراد بعض الافتراءات التي مني بها حزب التحرير على وسائل الإعلام التي تدعي المصداقية والثورية وذكرها بالاسم حتى يتسنى للجميع معرفة حجم المؤامرة التي تتعرض لها ثورة الشام بشكل عام وحزب التحرير بشكل خاص، فقد أوردت عنب بلدي على موقعها الرسمي في تقريرها الذي أعده طارق أبو زياد ما يلي: "على مستوى سوريا، بدأ نشاط الحزب لأول مرة في مدينة حلب عام 2013، من خلال افتتاح مكتب في المدينة وتنظيم المظاهرات وغيرها من النشاطات". ولو بحث الكاتب قليلاً لعلم أن الحزب بدأ نشاطه في سوريا منذ أواخر الخمسينات، وسجون طواغيت الشام شاهدة على ذلك، ثم أدرج في تقريره مغالطات تضليلية حيث قال: "يملك الحزب إذاعة تبث في الشمال السوري، ويقوم بتقديم البرامج والأخبار معتبرًا الدول أنها ولايات تتبع له، كأن يبثّ خبرًا عن "إمارة إدلب في ولاية سوريا"، حسب توصيف الإذاعة"، وهذا تضليل واضح؛ فالحزب لا يعتبر الدول ولايات تتبع له وإنما هو تقسيم إداري خاص بالحزب ولم يطلق على إدلب كلمة إمارة فهذا افتراء؛ ولا يسعى لأن يقيم الخلافة في إدلب ولا في غيرها من المحافظات وإنما هدفه إقامة الخلافة على أنقاض نظام طاغية الشام، وهذا مدون في بياناته الرسمية بشكل مستفيض.
وأيضا ما حصل في اللقاء الذي بثته قناة الأورينت الفضائية في برنامجها "هنا سوريا" والذي كان موضوعه حزب التحرير وما أحاط هذا البرنامج من إجراءات؛ حيث لم يتم إبلاغي بموعد اللقاء إلا قبل ساعة تقريباً؛ وكان يستلزم علي الوصول إلى الأستوديو قبل اللقاء بنصف ساعة تقريباً، فلم يتبق لي سوى نصف ساعة لأتجهز للقاء بالإضافة إلى مسافة الطريق، كما أنني لم أخبر بأسماء الضيوف ولم أكن أرى الحلقة على الشاشة؛ فلم أشاهد المذيعة ولا الضيوف، حتى الصوت لم يكن واضحاً ولم أسمع المداخلة الأولى نهائياً؛ وباقي المداخلات كانت تصلني جملٌ منها بسبب رداءة الصوت والضجيج الذي رافقه، هذا من الناحية الفنية والتقنية، أما من ناحية نوعية الضيوف فواضح أنها اختارت ضيفين خصمين لحزب التحرير وللخلافة ولم تستطع المذيعة إلا أن تشاركهم في الهجوم على الحزب والتحريض عليه، حيث طلبت بصيغة السؤال من الفصائل أن تجد حلا لحزب التحرير!
تلفزيون سوريا أيضا كان محاربا في برنامجه (ما تبقى) ضد حزب التحرير لمقدمه معاذ المحارب؛ الذي حارب بأسلوب السخرية للتقليل من شأن الحزب ودعوته لإقامة الخلافة الراشدة التي أمر بها الله سبحانه وتعالى وبشر بها رسوله الكريم محمد ﷺ، كما حاول تصوير الحزب أنه جديد على الساحة السورية وأنه يريد إقامة الخلافة في إدلب، وكل ذلك افتراء وتضليل ولكن الصراخ يأتي على قدر الألم، وما هذه الحملة إلا دليل على ثقل الحزب الذي طالما حاولوا التقليل من شأنه بمختلف العبارات.
إن حزب التحرير واضح وضوح الشمس في رابعة النهار؛ واضح في هدفه وواضح في طريقة عمله وواضح في شبابه، كان ولا يزال وسيبقى يعمل بين الأمة ومعها حتى تقام الخلافة الراشدة التي بشر بها رسول الله ﷺ؛ والتي تعيد للمسلمين عزتهم وكرامتهم فتعود الأمة الإسلامية كما كانت خير أمة أخرجت للناس؛ ويعود للمسلمين إمامهم الذي يتقون به من إجرام المجتمع الدولي وأذنابه من حكام المسلمين العملاء.
وأخيرا إن ادعاء الحيادية وعدم الانحياز هو أكبر كذبة مني بها الإعلام، وبهذا فقد مصداقيته التي طالما تغنى بها فلا يوجد إعلام حيادي أو غير منحاز، فوجب على المسلمين عامة وأهل الشام خاصة أن يتحروا الخبر وأن يتبينوا صدقه حتى لا ينطبق عليهم قول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾.
كتبه لجريدة الراية: الأستاذ أحمد عبد الوهاب بتاريخ 2 أيار/مايو 2018
المصدر: https://bit.ly/2rdq4eJ
- التفاصيل
أحمد الصوراني، كاتب وإعلامي سوري
نظم حزب التحرير الإسلامي مسيرة حاشدة بتاريخ 22 أبريل/نيسان 2018، جابت شوارع مدينة إدلب شمال سوريا وتوقفت في ساحة الساعة وسط المدينة، وجاءت هذه الفعالية حسب الموقع الرسمي للحزب بمناسبة الذكرى 97 لسقوط الخلافة الإسلامية التي أعلن رسمياً إلغاؤها في تركيا بتاريخ 3 مارس/آذار عام 1924 على يد مصطفى كمال أتاتورك آنذاك.
ورفعت المسيرة التي شارك فيها المئات من أعضاء الحزب وأنصاره لافتات تدعو لإعادة الخلافة وإحيائها في سوريا من جديد، كما دعا المشاركون لإنقاذ الثورة وتبني مشروع الخلافة وتسليم الحزب قيادة الثورة السياسية معتبرين أن أزمة الثورة السورية تتمثل في قياداتها الحاليين.
هذه المسيرة أدت إلى جدل واسع في الأوساط الإعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث نقلت صفحة إدلب 24 الخبر وصاغته كالتالي: "مناصرو حزب التحرير" في إدلب يخرجون في مظاهرات يريدون خلافة إسلامية".
|
بينما اعتبر البعض أن هذه المظاهرة ستعطي مبرراً لقصف إدلب وجلب آلة القتل الروسية بحجة محاربة الإرهاب والتطرف، معتبرين الدعوة للخلافة هي دعوة لجعل إدلب رقة ثانية.
وفي رد حصري على هذه المخاوف صرح الأستاذ منير ناصر عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في سوريا لـ "نون بوست": "بعض وسائل الإعلام للأسف أراد تشويه مشروع الخلافة الإسلامية وذلك بتقزيمه عبر تقديم الخبر مُحرّفاً، فالحزب يطالب بالخلافة الإسلامية التي تُوجد في جميع البلاد الإسلامية، ويُبدأ بها في أي قطر من أقطار المسلمين تتوفر فيه الشروط الشرعية لإقامة الخلافة والمُدونة في كتب حزب التحرير وكتب الفقهاء".
وفيما يخص التخوف من استهداف إدلب رداً على مطالبة الحزب بالخلافة أضاف ناصر: " إن هذا الاعتبار مستغرب جداً على من ثار على نظام أسد المجرم، وعرف حقيقة الغرب ومواقفه المُخزية طيلة مسيرة الثورة، فالنظام قبل أيام هجّر منطقة الغوطة وبعدها القلمون، ولم يتذرع لجريمته بوجود دعوات للخلافة ولا برفع رايات العقاب أو غيرها".
تأسيس حزب التحرير وجذوره في سوريا
يظن البعض أن حزب التحرير جماعة انشقت عن تنظيم أخوان المسلمين العالمي، إلا أن أعضاءه لطالما نفوا هذه المعلومة، للتباين الكبير بين منهج التحرير ومنهج الإخوان سواءً الفكري منه أو العملي، إذ تميز الإخوان بالمنهج الإصلاحي مع اعترافهم بالحكومات القائمة، بينما تميز التحريريون بالمنهج الإنقلابي على جميع الأنظمة القائمة في البلاد العربية أو الإسلامية لذلك جوبهوا بالقمع والملاحقة من الأجهزة الأمنية أكثر من الإخوان بكثير.
|
تأسس الحزب عام 1953م في القدس على يد القاضي والعالم الأزهري الشيخ تقي الدين النبهاني وانتشر بعدها في بلاد الشام ومنها سوريا حتى أصبح بعد عقود ثاني أكبر تنظيم إسلامي على مستوى العالم بعد الإخوان المسلمين، وله أفرع في أكثر من أربعين دولة عربية وغربية.
دخل الحزب سوريا منذ ستينيات القرن الماضي وانتشر في عدة مدن سوريا منها دمشق وحلب وحمص وحماة وكان من الأحزاب الملاحقة في عهد الأسد الأب والابن، وتعرض لضربة قاسية في آخر عهد حافظ الأسد عام 1999 حيث شنت المخابرات الجوية حملة واسعة استهدفت كوادره وتم اعتقال 900 من أعضائه ومناصريه منهم عسكريين بعد اتهام الحزب بالسعي للإنقلاب على نظام الأسد، ومع انطلاقة الثورة السورية عام 2011 تم الإفراج عن أكثر المعتقلين بتهمة حزب التحرير وبقيت بعض قياداته في سجون النظام إلى يومنا هذا.
حزب التحرير في الثورة السورية
بعد انطلاقة الثورة السورية بعشرة أيام وبتاريخ 28 مارس/ آذار 2011، بثت قناة الإخبارية السورية تقريراً اتهمت فيه حزب التحرير بالضلوع في أحداث الثورة السورية وذلك انخراطاً منه في تحقيق أجندات أمريكية على حد وصف التقرير
ثم بعد أشهر اتهمت الصحف الرسمية للنظام حزب التحرير بإرسال مقاتلين من لبنان للقتال ضد النظام على الأراضي السورية. والواقع أن الحزب انخرط في الحراك الثوري في سوريا منذ بدايته ولكن لم يكن له ظهور علني كحزب سياسي، وإنما شارك أفراده في المظاهرات السلمية وانضموا إلى التنسيقيات في العديد من المناطق وساهم أعضاؤه في تأليب العشائر في درعا ضد النظام بعد أن بدأت المخابرات بقتل المدنيين والتمثيل بجثث الأطفال.
وفي بداية عام 2012 بدأت الرايات السود والبيض بالظهور ضمن مظاهرات نظمها الحزب في ريف حلب الشمالي وحتى برز نشاطه في مدينة حلب بعد دخول الثوار الأحياء الشرقية منها.
يقول منير ناصر: " عندما خرجت الثورة كان الحزب مُوجهاً، وناصحاً أميناً للثورة، وشارك بها باعتباره جزء من هذه الأمة، وهدفنا في سوريا وغيرها من بلاد المسلمين هو استئناف الحياة الإسلامية عبر إقامة الخلافة الراشدة".
توسع مناطق الانتشار في المناطق السورية المحررة
المتابع لمواقع الحزب الرسمية على شبكة الانترنت وخاصة موقع المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا يكتشف أن نشاطات الحزب توسعت بشكل ملحوظ وأن حراكه يشمل مناطق ريف حلب الشمالي والغربي ومحافظة إدلب وأيضاً في محافظة درعا وريف حمص وريف دمشق ما يعني أن للحزب انتشار وقاعدة شعبية لا يستهان بها.
"لم يكن لحزب التحرير جناح عسكري وانما اقتصرت أعماله على الأعمال السياسية والفكرية والنشاطات الدعوية التي تحرض على استمرار الثورة ضد نظام الأسد" |
حزب التحرير وموقفه من تنظيم الدولة (داعش)
أول ما أعلن تنظيم الدولة "الخلافة" عام 2014 ونصب أبو بكر البغدادي خليفة ضمن مناطق سيطرته، لم يعترف حزب التحرير بخلافة التنظيم واعتبرها لم تغير من واقع التنظيم الجهادي شيئاً، فلم يتعد الأمر مجرد الإعلان، في حين بقي التنظيم تنظيماً ولم يتحول إلى دولة ولم تتوفر فيه مقومات الدولة الإسلامية وكان جراء ذلك أن اعتبر تنظيم داعش أعضاء حزب التحرير خوارج أو مرتدين يستحقون القتل ولذلك أقدم على إعدام أحد أعضاء الحزب في مدينة الباب بعيد سيطرته على المدينة .
علاقة حزب التحرير بفصائل الثورة السورية
لم يكن لحزب التحرير جناح عسكري وانما اقتصرت أعماله على الأعمال السياسية والفكرية والنشاطات الدعوية التي تحرض على استمرار الثورة ضد نظام الأسد وعدم عقد الهدن والمصالحات معه والتمسك بثوابت الثورة، وكانت له عموماً علاقات طيبة مع فصائل الثورة حتى أن بعض الفصائل أعلنت تأييدها للحزب ولمشروعه الذي يطرحه من خلال تسجيلات بُثت على الانترنت
ولكن بعض فصائل المعارضة قد تعرضت لكوادر الحزب واعتقلت بعض شبابه، كما حصل أن مجموعة أمنية تابعة لصقور الشام في مدينة أريحا في ريف إدلب قامت باعتقال 3 أعضاء للحزب من المهجرين من الغوطة وقامت باقتيادهم إلى جهة مجهولة، ولم تُعرف التهم الموجهة للموقوفين وقد أصدر الحزب بياناً استنكر فيه عملية الاعتقال مطالباً صقور الشام بالإفراج الفوري عن أعضائه.
ماذا بعد ظهور حزب التحرير في إدلب؟
يتخوف البعض من أن ظهور حزب التحرير في إدلب ومطالبته العلنية بالخلافة ستكون ذريعة للمجتمع الدولي لاستهداف المحافظة التي أصبحت تضم المعارضين والثوار من كافة المناطق السورية بعد عمليات تهجير قسري تعرض لها عشرات الآلاف من السوريين، وهو ما يُعتبر كارثة إنسانية بحق المدنيين في الشمال السوري، إلا أن المجتمع الدولي ومعه روسيا لم يكن لديهم تلك النوايا المعلنة ولم يصدر أي شيء رسمي بهذا الخصوص يؤكد تلك التخوفات التي لم يكن لها وجود إلا بناء على تكهنات اكتسحت وسائل الإعلام المحسوبة على الثورة السورية.
فالحزب ليس مصنفاً كجماعة إرهابية من غالبية الدول العظمى باستثناء روسيا التي حظرت الحزب على أراضيها، وعاقبت كل من ينتسب إليه من المسلمين الروس بعقوبات سجن طويلة الأمد، ولكن رغم ذلك فإن روسيا والمجتمع الدولي لا ينظرون إلى حزب التحرير كخطر وتهديد إرهابي يمكن أن يكون مسوغاً لشن حملة عسكرية على إدلب، يضاف إلى ذلك أن الفصائل المتواجدة في إدلب ما زالت ملتزمة باتفاق خفض التصعيد والذي من شأنه أن يبعد شبح القصف والتدمير عن المحافظة الوحيدة التي تقع تحت سيطرة الثوار في الشمال السوري.
المصدر: نون بوست
- التفاصيل
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصابه بي فإنها أعظم المصائب).
وأي مصيبة أعظم من موتك يا سيد الخلق والبشر.... وأي مصيبة أعظم من انقطاع الوحي والرسالة, وخصوصا أنك خاتم الأنبياء والمرسلين؟
هذه المصيبة العظيمة التي كشفت معدن الرجال ، وأظهرت المواقف المشرفة لمن صدق وثبت ،و كذلك المواقف المخزية لأولئك الذي انقلبوا على أعقابهم وغيروا وبدلوا .
فبعد وفاته صلى الله عليه وسلم ذُهل المسلمون واضطربوا... منهم من أنكر موته عليه الصلاة والسلام, ومنهم من لم يستطع الكلام, ومنهم من لم يستطع الوقوف على قدميه, ومنهم من ثبَّت اللهُ قلبه فاستطاع أن يثبِّت الناس...هكذا كان حال المسلمين.
أما حال الكفار والمنافقين الذين كانوا يتربصون بالمسلمين وبدولتهم الإسلامية, وكانوا يتحينون الفرصة للانقضاض عليها فقد انقلبوا على أعقابهم ، وارتدوا عن دينهم ، و ازداد حقدهم ومكرهم بالإسلام وبدولته
نعم لقد ظهرت المواقف المخزية ممن دخلوا بالإسلام نفاقاً نتيجة الرأي العام الإسلامي الجارف, وهيمنة سلطان المسلمين على المجتمع ، وظهور أفكاره وأنظمته ومشاعره ، لكنهم سرعان ما أظهروا وجههم الحقيقي وكشروا عن أنيابهم ، وارتدوا عن دينهم ، و أصبحوا خطرا عظيما يتهدد دولة الإسلام .
ولكن بالمقابل ظهرت المواقف العظيمة والمشرفة التي كان رائدها أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه, فقد كان رضي الله عنه رقيق القلب سخي الدمع, شديد الرحمة!! لكن هذه المواقف تحتاج إلى شدة وصرامة وحزم..
وقف أبو بكر رضي الله بعد أن ألقى نظرة الوداع على حبيبه وصاحبه رسول الله وقبله على جبينه, ثم وقف خطيباً بالناس بكل ثقة ويقين ، وبكل جرأة وحزم فقال:
(من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت).
وتلا قوله تعالى: ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِين )( أل عمران 144 )
نعم إن الإسلام لا ينتهي بموت أحد حتى ولو كان نبياً ورسولاً, ولا ينتهي بمجرد سقوط منطقة من المناطق ، وقد ظن أعداؤه من قبل أنهم قضوا عليه عندما هدموا دولته ، ولكنهم خابوا في ظنهم فها هم المسلمون يغذون السير لإعادة دولتهم من جديد وقد لاحت تباشير فجرها القريب بإذن الله . لذك يجب التمسك بما جاءت به الرسل وهو " الوحي " الذي لازال بين أيدينا, حتى ولو مات النبي أو قتل, أو سقطت بعض البلاد بأيدي أعداء الله ، ويجب حمل مشروع الإسلام العظيم والتمسك به .
لقد سقطت القدس ودمشق وبغداد وغيرها من البلاد بأيدي الصليبين والمغول , لكن سرعان ما اجتمع المسلمين تحت قيادة ربانية صادقة وواعية, واستطاعوا أن يستعيدوا بلادهم ويطردوا الغزاة أعداء الله, وقد مرغوا أنوفهم بالتراب . فما بال اليوم في ثورة الشام نرى أقواما وضعوا أوزار الحرب والحرب لازالت قائمة, و أعلن بعضهم استلامه واقتنع بما يروجه أعداؤه من هزيمته ، و بعضهم اعتزلوا في بيوتهم أو خرجوا من بلادهم ظناً منهم أنهم في مأمن من أعداء الله وطائراتهم, والله تعالى يقول: (ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا). فالحقيقة التي يجب أن ندركها أننا أمام خيارين لا ثالث لهما :
-إما أن نتخذ المواقف الحازمة المشرفة فنثت على ثورتنا ونجتمع على ما يوحدنا ، وهو مصدر خلاصنا وعزنا " مشروع الخلافة على منهاج النبوة " ، بعيداً عن الارتباطات الخارجية, وبهذا المشروع وحده نستطيع أن نصد الهجمة الشرسة لأعدائنا ونرد كيدهم الى نحورهم , فصون أنفسنا ونحفظ ديننا ، ونبني دولتنا ، ونكون بذلك قد سرنا على خطى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه.
-أو أن نُمكِّن أعداء الله وأعداءنا منا ، ونتنازل عن ديننا ، ونترك أعراضنا وبلادنا مستباحة أمام المجرمين, وعندها ستجري علينا سنة الاستبدال ، وهذا والله خزي الدنيا والآخرة.
قال تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (المائدة 54 )
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية سوريا
عبد اللطيف الحريري أبو جرير
- التفاصيل
رغم أن توقف الاقتتال بين الفصائل وتوجيه البنادق نحو صدر نظام الطاغية ومرتزقته بدلاً من صدور المسلمين هو ضرورة قصوى وواجب شرعي يفرح له كل مخلص إن كان خالصاً لوجه الله، إلا أنني أود الوقوف على النقاط التالية:
أولاً، إن خبر "توقف" الاقتتال قد جاء أمس بعد مئات من القتلى في صفوف الفصائل المتناحرة ممن وقعوا ضحية لمكائد قادة خونة ، سلبهم الداعم قرارهم ، وشرعيين لهم يرقعون، لا يخشون الله لا في دين ولا في عرض ولا في ثورة، إضافة لمن راح ضحية هذه الجريمة من أطفال ومدنيين تقاذفتهم قذائف المتسابقين للسيطرة وبسط النفوذ، في الوقت الذي يسعى نظام الإجرام جاهداً، مستغلاً فصول الاقتتال، لقضم المناطق منطقة تلو أخرى!
ثانياً، رغم كل المحاولات الجادة الكثيرة التي بذلها وجهاء ومشايخ وأهل حل وعقد لإيقاف الاقتتال كان الصد والكبر وغياب الاستجابة من قادة الفصائل، وفجأة وبلا مقدمات ولا سابق انذار يتم الاتفاق على وقف اقتتالٍ ما كان لمخلصٍ واعٍ أن يفتعله أو يعين عليه أو ينخرط فيه، اقتتال لم نر فيه سوى مزيد من بذور الحقد والفتنة التي آن لها أن توأد، ومئات من أبناء أمتنا صاروا تحت التراب نتيجة له، أب لأطفال، وأخ لصغار، وزوج لمن ترملت قبل أن تكمل عامها الأول.
ثالثاً، تذكير الأمة بأنها بيضة القبان وأن الواجب عليها أن تقول كلمتها وتسترد سلطانها الذي سلبته الفصائل فانحدرت بنا من انتصارات وفتوحات إلى هدن كارثية ومفاوضات قاتلة أوردتنا المهالك!
وختاماً، ومن أفئدة أدمتها الخطوب والمحن والجراح النازفة وتسلط الأعداء وأذنابهم على ثورة قضَّت مضاجع أعداء الله أجمعين.
يا أهلنا في شام العز وعنفوان الإسلام:
أما آن لكم أن تبحثوا في أسباب هذا الاقتتال الحقيقية وتجدده في كل مرة؟!
أما آن لكم أن تدركوا أن سبب الاقتتال هو حبل متصل بأعداء الله منقطع مع الله؟!
أما آن لكم أن تأخذوا على أيدي كل خائن مفرِّط لا يجود إلا بتضحيات ثورتنا ودماء أبنائنا؟!
أما آن لكم أن تبصروا طوق النجاة وسبيل الخلاص المتمثل بقطع العلاقة مع من جاهرنا بالعداء ومن لبس ثوب الأصدقاء، ليعود لنا قرارنا وتجمع كلمتنا على مشروع الإسلام العظيم ودولته، لترتفع همم الرجال لتعانق السحاب من جديد سائرين على هدى وبصيرة خلف رائد لم يكذبهم يوماً ولن يخذلهم بإذن الله، بل سيكون، كعهده دوماً، في مقدمة جموع الخير العاملة لإسقاط النظام في عقر داره وإقامة حكم الإسلام، حزب عريق يمد لكم يديه لما فيه عز الدنيا في ظلال خلافة وحكم خليفة، ونعيم مقيم في الآخرة بإذن الله أعدَّه الله لكل ساعٍ لإقامة حكم الله في الأرض، ولمثل ذلك فليعمل العاملون.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية سوريا
ناصر شيخ عبدالحي
عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير - ولاية سوريا
- التفاصيل
كالعيس في البيداء يقتلها الظما *** والماء فوق ظهورها محمول
لطالما جسد هذا البيت من الشعر حال الأمة على مر سنوات طوال حيث كم قدمت وما زالت تقدم من تضحيات ليس إلا لأنها آمنت بربها ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ وتتطلع إلى الانعتاق من ربقة المجرمين أتباع المبادئ الأخرى من رأسمالية وغيرها الذين جروا على العالم ما جروه من ويلات.
وجدت الأمة متنفساً في الأرض المباركة التي قال عنها رسولنا الكريم ﷺ «أَلَا إِنَّ عُقْرَ دَارِ الْمُؤْمِنِينَ الشَّامُ» فقامت ثورة على نظام متغطرس أعمل في جسدها الجراحات على مر عشرات السنوات بمنظومة أمنية وعسكرية مجرمة، فكانت ثورة وليدة خرجت من المساجد وصدحت بشعارات تنبئ بإسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام.
ولما كان هذا النظام المجرم كغيره من أنظمة الجور في العالم الإسلامي، حلقة من سلسلة النظام العالمي وبذرة شر زرعها أسياده في الغرب الكافر وعلى رأسه أمريكا كان لا بد من أن يستنفر الغرب والشرق للإجهاز على هذه الثورة كل حسب الدور المرسوم له، فصنعوا قيادة سياسية علمانية ألحقوا بها القوى العسكرية، وساقوهم لمفاوضات مع المجرمين برعاية المجرمين فصار الجلاد هو الضامن، فانحسرت الثورة ولحقت بها خسائر متتالية وبدأ النزول بعد صعود والهزيمة بعد النصر، فتبين أن الانتصارات التي أحرزت ما هي إلا إحدى اثنتين: إما كرم من الله وأعطية رغم معاصينا وذنوبنا علها تكون موجهاً نحو الطاعة والامتثال لأمره، أو حبلاً من حبال أمريكا مكرت حتى تلفه على رقابنا وتشده في اللحظة المناسبة لتعيد للنظام ما أخذ منه مع تحقيق الهزيمة النفسية للثورة ومن ثم تصفيتها، وفي كلا الحالتين الانحسار تحقق فسلمت بلاد وعباد وعتاد، أعاد للنظام نشوة النصر بعد ذل الهزيمة!!
وبالتشخيص الدقيق للمرض الذي استشرى في جسد الثورة من مال سياسي قذر واقتتال بين الفصائل وهدن ومفاوضات وتسليم البلاد والعباد والعتاد...إلخ، ما كان ذلك ليحصل لو كانت هناك ثوابت تسير الثورة بها ووفقها تحت ظل قيادة سياسية من صلب الأمة واعية مبصرة لطريق النجاة والخلاص.
هذه الثوابت تفرض نفسها كواقع شرعي من باب الحاجة الملحة وليس الترف الفكري،فثورة خرجت على نظام يُفترض أن تسعى لتغييره عن بكرة أبيه وتجتثه من جذوره وتسقطه بكافة أركانه ورموزه وأكثر، ما يعني ذلك المنظومة الأمنية والعسكرية؛ فبهم تتمثل الدولة العميقة وكل ما سوى ذلك إنما هو ترقيع للنظام وإعادة إنتاجه.
وبالتالي فالثابت الأول يجب أن يكون إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه، وبالسياق نفسه يفرض الثابت الثاني نفسه ألا وهو التخلص من نفوذ دول الكفر والانعتاق من التبعية لها وللأنظمة التي تواليها ﻷنها لن تقبل بإسقاط حلقة من سلسلتها فكيف إن كان هذا السقوط مؤذناً بنهايتهم فستجد مكرهم تكاد تزول منه الجبال، وهذا ما حصل فكانت العصا الغليظة (النظام وروسيا وإيران وحزبها في لبنان ومرتزقة المليشيات) من جهة، والعصا الناعمة الملمس (أمريكا وتركيا وقطر و السعودية وغيرها ممن ادعى زوراً الصداقة) من جهة أخرى.
وأما الثابت الثالث فكان إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ وذلك ﻷن الثورة التي خرجت ﻹسقاط النظام فهي بحاجة لتصور البديل عن هذا النظام، وكونها قامت على النظام العلماني الكافر فكيف بها تقبل بغير شرعة ربها وكيف تطلب من الله أن ينصرها إن لم تحقق معادلة ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ وكيف ينصرها على غير طاعته.
هذه هي الثوابت الثلاثة التي لا بد للثورة أن تلتزم بها ولا تحيد عنها قيد أنملة ولا تحتاج بذلك إلا لقيادة سياسية مخلصة واعية على خطط الكفار وأعوانهم وتملك مشروعاً مستنبطاً من كتاب الله وسنة رسوله فتكون الربان الذي يقود دفة السفينة إلى بر الأمان بعد تلاطم أمواج الكفر عليها وتقاذفها بها.
وها هو حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله يقدم نفسه ﻹخوانه قيادة سياسية واعية على الأحداث ومكر الغرب وخططه، مالكة لمشروع تفصيلي يرضي رب العباد، فيا أهل الشام لا تكونوا كتلك العيس واعلموا أن الحل بين أيديكم، فسيروا على بركة الله واعلموا أن الله سبحانه﴿غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ و﴿سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾.
كتبه لجريدة الراية: الأستاذ عامر سالم أبو عبيدة بتاريخ 25 نيسان/إبريل 2018م
المصدر: https://bit.ly/2FeMnWm