- التفاصيل
انعقدت في طهران يوم الجمعة الفائت، السابع من أيلول، قمّة جمعت بين الرئيس التركي أردوغان مع أخيه العزيز الرئيس الإيراني روحاني، وصديقه العزيز الرئيس الروسي بوتين لبحث الأوضاع في سوريا وخاصة إدلب، والخروج بحل تتوافق عليه هذه الدول والتي تُسمى "الضامنة" والتي اجتمعت مرّات سابقة في أستانة وأنقرة، فما الجديد الذي حملته هذه القمّة؟
لقد كانت اتفاقيات أستانة سابقاً تخرج ببيان مُشترك بين هذه الدول شبيهٍ إلى حدٍّ ما ببيان قمّة طهران، وبعد انتهاء مؤتمرات أستانة يشهد أهل الشام تطبيقات لمُخرجات أستانة غير التي تم ذكرها في الإعلام، فقد كان تهجير كلٍّ من الغوطة والقلمون وريف حمص الشمالي ودرعا ضمن مُخرجات أستانة غير المعلنة، وكذلك سيطرة النظام المُجرم على "شرقي السكة" جنوب إدلب.
ورغم أن قمة طهران خرجت بإعلان هدنة في إدلب حسب ما اقترح أردوغان، إلا أن الطيران الروسي بدأ بصبّ حممه على مناطق عدّة جنوب إدلب وشمال حماة، فهل تحمل قمّة طهران مُخرجات غير مُعلنة كسابقاتها في أستانة؟ أم أن القصف الروسي هو ضمن المُخرجات المُعلنة على اعتبار أن بوتين تردد في قبول الهدنة في إدلب؟ وهل يمنع وقوع الهجوم تصريح أردوغان بأنه "لن يقف مُتفرجا حال الهجوم على إدلب"؟ أم أنه زوبعة في فنجان وذر للرماد في العيون؟
عند البحث في بيان قمة طهران تجد أن البيان قد نصّ صراحة على "عزمهم على مواصلة التعاون من أجل القضاء نهائياً على تنظيم داعش وجبهة النصرة وجميع الأفراد والمجموعات والمشاريع والهيئات الأخرى المرتبطة بالقاعدة أو داعش الذين تم تصنيفهم كإرهابيين من قبل مجلس الأمن الدولي، وشددوا على أنه في مكافحة (الإرهاب)، سيكون - للفصل بين الجماعات الإرهابية المذكورة أعلاه وجماعات المعارضة المُسلحة التي انضمت إلى نظام وقف إطلاق النار والتي ستنضم لاحقاً - أهمية قصوى، بما في ذلك فيما يتعلق بوقوع إصابات بين المدنيين".
وُجود هذا النص يؤكد أن القصف الروسي لم يكن خارجاً عن الاتفاق، وأن تركيا لن تمنع ذلك بل هي مُطالبة حسب الاتفاق بمواصلة التعاون مع الدول الضامنة، إضافة إلى أن العمل على تطبيق هذا الاتفاق سيولد الشقاق والنزاع بين فصائل الشام تحقيقاً لبند الفصل المذكور، مما يُنذر باقتتال جديد بين الفصائل تُشارك فيه تركيا تحت مُسمى "القضاء على الإرهاب"، تلك الذريعة التي لطالما استخدمها نظام أسد في حربه على أهل الشام.
كما أن القمة الثلاثية كما في كلّ مرّة يجتمع فيها هذا الثالوث الإجرامي تؤكد على "سيادة الجمهورية العربية السورية على جميع أراضيها" وهذا يعني تماماً أن المُجرم أسد له الأحقية في استعادة كل الأراضي من سيطرة الثوار، بل وكانت هذه القمة قد أثنت على الجهود التي بُذلت في تهجير كلٍّ من الغوطة ودرعا وريف حمص، تحت مُسمّى "الحدّ من العنف في جميع أنحاء الجمهورية العربية السورية والمُساهمة في تحقيق السلام والأمن".
إن هذه القمة ومُخرجاتها تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن النظام التركي جزءٌ رئيس في المنظومة الدولية التي وقفت مع طاغية الشام منذ أكثر من سبع سنوات، وإلا فماذا تعني المباركة والثناء على سيطرة النظام على كثير من المناطق؟ وماذا يعني التعاون مع روسيا المُجرمة في حربها على أهل الشام تحت مُسمّى "محاربة الإرهاب"؟ وماذا يعني السكوت عن القذائف والصواريخ التي تنزل على أهل الشام بالقرب من نقاط المراقبة التركية؟
إن معرفة ما يُخطط وما يُمكر بنا لا يعني أبداً الاستسلام لمُخططاتهم، ولا يعني أبداً اعتباره قدراً لا قِبل لنا بردّه، بل هو ضرورة مُلحة لمواجهته والوقوف بوجهه، فالوعي على مكر الأعداء أول خطوات الانعتاق من التبعية والعبودية لهم، والوعي أيضاً يُحدد للمخلصين طريق سيرهم ومكمن خلاصهم، وهو دافعٌ لهم لمواصلة المسير حتى يتحقق نصر الله الموعود.
فثوار الشام اليوم عليهم أن يُدركوا خطر الدور التركي فلا يطمئنوا لوعوده ولا يُنفذوا أوامره، وعليهم أن يُدركوا غدر الروس وحقدهم على المسلمين فلا يتصالحوا معهم ولا يقبلوا عُروضهم، فها هم المُصالحون في درعا قد وقعوا في شباك ما اطمأنوا إليه، وكانوا ضحيّة غدر الروس ونظام أسد المُجرم، وهذه بداية إظهار الحقد المدفون والإجرام المتأصل فيهم، فأهل الشام أدرى بإجرام نظامهم والعالم أجمع شهده خلال السنين الفائتة.
إن معرفة العدو الرئيس الذي يُحاربنا ومعرفة أدواته تُعتبر أولى مراحل خوض الصراع، فهذا الثالوث الإجرامي ما اجتمع في كل مرّة إلا ليضع اللّبنات في بناء الحلّ السياسي الأمريكي الذي وضعت قواعده في جنيف صيف 2012م، وإن أهل الشام لقادرون بإذن الله على تقويض هذا البناء من قواعده وهدمه فوق رؤوس أصحابه والعاملين فيه؛ وذلك يكون بالعمل بعيداً عن هذه المنظومة الدولية، وبعيداً عن إملاءاتها وقراراتها ومؤتمراتها، والعمل مع القوة القادرة على إنهائهم جميعاً بطرفة عين أو أقل من ذلك، وهو العمل مع الله القوي المتعال، فهو القادر على أن يُنهي هذه المنظومة المُجرمة، والعمل مع الله يتطلب الثقة به والتوكل عليه واتباع أوامره واجتناب نواهيه والتوكل عليه والاستعانة به وحده، وكل هذا يجتمع في الاعتصام بحبل الله والعمل على تطبيق شرعه بتبني مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة الذي فرضه الله على عباده، وطلب النصر منه وحده فهو القادر عليه، وإذا ما نصر الله عباده فلا غالب لهم.
قال تعالى: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
كتبه لجريدة الراية أ. منير ناصر
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
المصدر: https://bit.ly/2Ml2aqj
- التفاصيل
1- إن هدف أمريكا النهائي هو إخضاع كافة الأراضي السورية لسيطرة النظام العميل لها، باستخدام كلا أسلوبي البطش والإجرام، والمكر والخداع. ثم تأديب الشعب المسلم الذي ثار على عميلها، بإذلال الرجال واغتصاب النساء، وتصوير ذلك بالكاميرات، ثم بثه عبر وسائل الإعلام، لإفهام المسلمين في العالم أن هذا هو مصير كل من يثور على أمريكا وعملائها.
2- لا تختلف إدلب وما حولها في نظر أمريكا عن باقي مناطق الثورة التي أعادتها أمريكا إلى قبضة النظام، كحلب والغوطة وحوران، فهي منطقة ثائرة يجب أن تعلن توبتها الصادقة بعد استسلامها للنظام.
3- إن كافة الوعود والتطمينات التي ترِد إلى الشعب المسلم في هذه المنطقة من قِبَل الدول التي تدّعي صداقة الثورة، وخصوصاً تركيا وأمريكا، ومن قِبَل قادة الفصائل المرتبطين بهما، حول نيتهم منع النظام من الهجوم العسكري على المنطقة، لهي جميعها وعود وتطمينات كاذبة، المراد منها تخدير الناس، لأجل استمرار منحهم قيادتهم لهذه الدول ولهؤلاء القادة، لإتمام مهمتهم الكبرى، وهي إعادة هذه المنطقة لقمة سائغة إلى النظام وإنهاء الثورة.
4- إذا شعرت أمريكا أو علمت أنه بالهجوم العسكري من قبل النظام على المنطقة سوف تحدث مقاومة حقيقية من قبل الناس فلن تقرر القيام بهذا الهجوم، لأن النظام بات مهترئاً من الداخل، وسيكون النصر حتماً للشعب الذي سيعلم يقيناً وقبل فوات الأوان من أصدقاؤه ومن أعداؤه، وسيحدد هدفه وسيتوكل على خالقه. ولن يحدث هذا الهجوم العسكري إلا إذا ضمنت أمريكا أن الناس متوكلة على غير الله، وغير جاهزة للمقاومة.
5- لذلك فأمريكا الآن تقوم - عبر أتباعها - بالأعمال السياسية التي تظن أنها ستؤدي إلى تسليم المنطقة بدون قتال، عبر تخدير الناس بالوعود والتطمينات الكاذبة والنبرة العالية التي يظهرها بعض قادة الفصائل، والتي من شأنها أن تصرف الناس عن التجهز النفسي الكامل، وعن إعداد العدة المادية المتاحة للمعركة القادمة، وعن التوكل على الله حق التوكل.
6- ومن هذا المنطلق فواجبنا اليوم تذكير الناس بحقيقة المعركة القائمة، وتذكيرهم بأن الدول حالياً جميعها عدوة لهم وللإسلام،وعلى رأسها يقف النظام التركي العلماني المتآمر على الثورة منذ بدايتها..
ويجب علينا إعلام أهلنا في الشام بأن الله تعالى لن ينصرنا إلا إذا عاهدناه بأننا إنْ هو سبحانه نَصَرَنا فسنقيم دولته ونحكّم شرعه، لا نخاف فيه لومة لائم..
ذاكرين أبداً قوله تعالى:
( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ )
كتبه الأستاذ عبد الحميد عبد الحميد
عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير ولاية سوريا
المصدر: https://www.facebook.com/story.php?story_fbid=149715689272350&id=100027017590527
- التفاصيل
بعد أن أجهز النظام المُجرم على كثير من مناطق الثورة، بات الحديث عن معركة إدلب هو حديث الساعة، والقضية الأساسية التي تُقترح لها الحلول، فتخرج أصوات تُطمئن الناس وتعدهم وتمنيهم بأن إدلب ليست كغيرها؛ فهي بحماية النظام التركي الذي زرع نقاط مراقبته على طول الجبهة بين مناطق النظام ومناطق الثوار، تلك النقاط التي لم تمنع طائرات روسيا من أن تنفذ إجرامها بحق أهل الشام متى تشاء!
وأصواتٌ أخرى ترى أن الحل يكمن في تشكيل قوّة عسكرية مخلصة تستلم زمام الأمور بعد إبعاد القيادات الخائنة، لتبادر هذه القوة بالهجوم، ولكن هذه الأصوات تتغافل عن عمل الضفادع والذي سيتركز في مفاوضة الروس في "حميميم" رافعين شعار "حقن الدماء"، معلنين الاستسلام الكامل وإلقاء السلاح، بينما المُقاتلون منشغلون برد العدوان، كما حصل في كثير من المناطق في الشام...
بالتأكيد إن الحديث عن معركة إدلب أمر عظيم إذ تُعتبر هي آخر قلاع الثورة، وبات الجميع يبحث عن حلّ يُنقذ هذه الثورة مما وقعت فيه من براثن المال السياسي القذر، ومن تسلّط قادة ما نصروا إخوانهم حتى ينتصروا لأنفسهم، رضوا أن يُقتّل إخوانهم وهم يتفرجون بل ويقتتلون فيما بينهم، وارتبطوا بأجهزة المخابرات العالمية والإقليمية والتزموا أوامرها فأوقفوا الجبهات ووقعوا في حفرة الهدن والمفاوضات...
وقبل الحديث عن الحل الذي سينقذ الثورة؛ لا بد من إدراك أن دول العالم لم تتآمر على ثورة الشام لأنها طالبت برغيف خبز أو حقيبة وزارية أو إصلاحات دستورية، بل لأنها ثورة أرادت أن تقتلع النظام العلماني الذي يحفظ مصالح الغرب، وتستبدل به نظام الإسلام، ولأن أهل الشام المسلمين رفضوا التبعية وأبوا الدنية في دينهم، وصدحوا بأعلى صوتهم "قائدنا للأبد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم"، و"لن نركع إلا لله" و"الموت ولا المذلة"، فكان هذا القتل والتدمير والتهجير وكانت هذه التضحيات الجسام التي يستحقها منهم الإسلام العظيم.
ولا بد من إدراك أن ما وصلت إليه الثورة اليوم فيه خيرٌ عظيم، حيث قد تمايزت الصفوف، وسقط كل من ارتبط بالمال السياسي القذر، حتى أولئك الذين رفعوا شعارات الإسلام؛ فقد أوغلوا في دماء المسلمين وفرضوا عليهم الإتاوات ودفعوا الناس لقبول التفاوض والاستسلام، وكذلك أولئك الذين أعلنوا خلافة مزعومة قد تبين أن إعلانهم ما كان إلا لتشويه الخلافة ولإزالة الصورة المشرقة الموجودة في أذهان المسلمين عن الخلافة والخلفاء وخاصة الخلفاء الراشدين؛ وزرع صورة مشوهة بدلا عنها؛ حتى إذا ذكرت الخلافة يتبادر للأذهان الصورة المشوهة فينفر الناس منها ومن العاملين المخلصين لها؛ الذين ما فتئوا يبذلون جهدهم لكشف المؤامرات والتحذير من المال السياسي القذر وخطره، وكشف دور الأنظمة التي ادّعت صداقتها كالنظامين التركي والسعودي وغيرهما...
ولا بد من إدراك أن الأهم من تمايز الصفوف هو تمايز المشاريع؛ المشروع الغربي الذي يحمله جلّ قيادات الفصائل والقوى السياسية؛ ومشروع الخلافة على منهاج النبوة الذي يحمله حزب التحرير، هذا الحزب الذي لم يعتقل الناس ولم يعذبهم بل تعرض شبابه للاعتقال والتعذيب، ولم يجلس مع المخابرات الدولية سواء التركية أو القطرية أو غيرها من مخابرات الدول، ولم يشترك في غرف التآمر "الموك والموم" ولم يدعُ إلى الهدن والمفاوضات بل حذر منها، ولم يشارك في المؤتمرات الدولية بل حذر من خطرها ومن المشاركة فيها، ولم يحرض على الاقتتال الذي حصل بين الفصائل بل على العكس حاول منعه بكل الوسائل المشروعة...
وإذا نظرنا إلى كل المساوئ التي حصلت في الثورة فلن نجد لحزب التحرير يداً فيها، بل سنجده عمل على إزالتها بكل وعي وإخلاص؛ وعي ناتج عن إدراكه لطبيعة الصراع وأهدافه وطريقة تنفيذ هذه الأهداف وأساليب تنفيذها والأدوات المستخدمة في التنفيذ، وإخلاص ناتج عن جعل الإسلام هو محور عمله في عقيدته والأحكام المنبثقة عنها، فهو حزب مبدئي، وهذا يفسر ثباته وعدم تلونه مع متغيرات الواقع، ولهذا حاول الغرب خداعا الاستسخاف بعمل هذا الحزب ﴿إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ﴾ وأطلق ماكينته الإعلامية وكلابه البشرية غير الرسمية لمحاربة هذا الحزب وتشويه صورته والتقليل من شأنه والاستهزاء به...
نعم لا بد من إدراك ذلك كله قبل الحديث عن الحل الذي ينقذ الثورة، حيث يحلم الكثير من الناس أن الحل يكمن بأن تتدخل القوة الإلهية وبشكل مباشر فتقلب الموازين وتحقق الغلبة للمسلمين، والحق أن هذا التدخل ممكن وكائن إن شاء الله ولكنه مشروط، وهذه الشروط كانت للأنبياء والصحابة، وتتلخص اليوم في شروط ثلاثة:
أولها: أن يرفض الناس المشروع المدني العلماني سواء الحليق أو الملتحي، ويتفقون عبر مجالسهم وممثليهم وأفرادهم على تبني مشروع الخلافة على منهاج النبوة الذي أوجبه علينا ربنا سبحانه وتعالى وبشر به رسول الله e؛ وأن يكون هذا الأمر عاجلا فالأمر جلل.
وثانيها: أن تجهر الأمة بهذا المشروع وبكل وسائل الجهر؛ والحقيقة إن الجهر بالخلافة يُعتبر ميثاقاً بين الناس وبين الله، أننا يا رب لا نخشى سواك، فاجعل قوتك سبحانك معنا وانصرنا بنصرك، إن الجهر هو بالضبط معنى ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ﴾.
وثالثها: مطالبة الأمة عبر مجالسها وممثليها وأفرادها بأن تسلّم قيادة الثورة للقادر على تحمّل هذا المشروع قيادة سياسية، وأن يتقدم العسكريون المخلصون لنصرة هذه القيادة السياسية الواعية والمخلصة.
إن تحقيق هذه الشروط بعد الاتكال على الله القاهر فوق عباده، والثقة بوعده الذي لا يتخلّف، والإيمان بأن العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين، إن هذا لكفيل باستحقاق النصر من الله تعالى، وأما اتخاذ موقف الانتظار أو الانخراط في أعمال دفاعية ضمن غرف عمليات لا تتبنى قيادة سياسية واعية مخلصة، فهو تكرار لسيناريوهات الخيانة المتكررة، ووقوع في الفخاخ الظاهرة، وتضييع للتضحيات العظيمة، وهذا ما لا يقبله مؤمن لا يقبل أن يُلدغ من الجحر ذاته مرّتين.
وإنه لمن المؤكد أن الله ناصر دينه لا محالة، وستكون بإذن الله خلافة راشدة على منهاج النبوة كما بشّرنا بها رسول الله e القائل فيما رواه أحمد والطيالسي وغيرهما «...ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ». فوجب العمل لها بكل ما أوتينا من قوة وأن نمتلك كافة الأدوات ونبتكر كافة الأساليب وفق طريقة محددة رسمها رسول الله eحتى تنتقل الأمة الإسلامية بمجموعها من عصر الذل والهوان الذي فرضه الحكم الجبري وما نتج عنه من قتل وفقر وانتهاك أعراض إلى عصر العزة والكرامة وما سينتج عنه من سعادة وهناء في ظل حكم الله عز وجل... وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
كتبه لجريدة الراية الأستاذ منير ناصر بتاريخ 25 تموز/يوليو 2018م
المصدر: https://bit.ly/2LiD67v
- التفاصيل
منذ انطلاقتها المباركة قبل أكثر من سبع سنين، لم ينقطع المكر والكيد بثورة الشام من دول الكفر بشكل عام وأمريكا بشكل خاص، التي شعرت بحقيقة خطر هذه الثورة على نفوذها ووجودها في هذه المنطقة المهمة من العالم، بل لقد شعرت بالخطر يتهدد وجودها في هذا العالم، وذلك لتجلي الحالة الإسلامية بشكل واضح في هذه الثورة، التي كانت انطلاقتها من بيوت الله، كما كانت شعاراتها "هي لله هي لله" و"قائدنا للأبد سيدنا محمد".
وقد أخذ مكر دول الكفر بثورة الشام أشكالاً متنوعة، وكان الهدف منها جميعها ولا يزال هو القضاء على هذه الثورة. ولكن أخطر هذه الأشكال على الإطلاق حتى الآن هو ما نتج عن مؤتمرات أستانة، حيث قُسمت الساحة إلى مناطق سميت زوراً وبهتاناً بمناطق خفض التصعيد، وبرز ثالوث الإجرام الضامن "روسيا وإيران وتركيا"، الذي لم يكن له هدف إلا تنفيذ الخطة كما هي مرسومة أمريكياً، وهي المحافظة على النظام من السقوط، وإخضاع المناطق، الواحدة تلو الأخرى لسيطرته.
فقد كان كل قطب من هذا الثالوث المجرم يضمن الجهة التي تكفّل بها لتنفيذ هذه الخطة الخبيثة، فكانت روسيا وإيران قد تكفلتا بحماية النظام ومدّه بأسباب الحياة ومساعدته على قضم المناطق، الواحدة تلو الأخرى، فقُضمت الغوطة الشرقية والريف الجنوبي لإدلب شرقي السكة والريف الشمالي لحمص وحوران والقنيطرة، بينما كانت مهمة الضامن التركي هي منع الثوار من القيام بأي عمل من شأنه عرقلة تنفيذ قضم المناطق، وتمنيهم بالوعود الفارغة، بل وتخترع لهم أغصاناً ظاهرها زيتون أخضر، بينما باطنها، جحيم ووبال على أهل الشام وثورتهم.
وقد كانت هذه الدول "الضامنة" تكتفي بالمراقبة والتخدير ضمن خطة مبيتة، وخير دليل على ذلك المجزرة المروعة التي حصلت بالأمس في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي والتي راح ضحيتها عشرات المدنيين بين شهيد وجريح، بسبب استهداف الطائرات الروسية للبلدة، والتي تقع ضمن المنطقة التي ضمنها النظام التركي، فأية ضمانة هذه إذا لم تكن تحمي المدنيين العزل؟! لكنها المؤامرة التي باتت مفضوحة للقضاء على أهل الشام وثورتهم.
وقد رأينا كيف تخلت أمريكا عن ضمانة عدم تحرك النظام في الجنوب، بل فقد ذهبت أبعد من ذلك عندما قالت للفصائل بعد أن لجمتهم ومنعتهم من القيام بأي عمل نصرةً للغوطة أو غيرها من المناطق الأخرى، حيث قال المندوب الأمريكي في عمان لقادة الفصائل صراحة لقد تخلينا عنكم، ولن نساعدكم، فواجهوا مصيركم لوحدكم واختاروا كيف تتعاملون مع النظام!
كما قد أدت هذه المؤامرة كذلك لتقسيم الساحة لمناطق عدة، وقد أصبحت فصائل كل منطقة تفكر في نفسها، وكيفية المحافظة على أمانها الذي يهدده النظام وحلفاؤه كل وقت وحين، وبهذا ضاع من قاموس هذه الفصائل الشعار الذي طرحه الناس في بداية ثورتهم وهو "إسقاط النظام" وأصبح كل قائد فصيل يحاول عبثاً الحفاظ على مصالح فصيله الضيقة عله يعيش فترة أطول ويحقق مكاسب أكثر!
أما ما تبيته هذه الدول الضامنة لإدلب، فلا يخرج عن السياق العام الذي انتهجته دول الكفر منذ بداية الثورة، وهو محاولة القضاء على الثورة وإعادة المناطق والشرعية للنظام بغض النظر عن شخصيات وأسماء معينة في النظام، وإنما ضمن إطار فرض العلمانية من جديد على أهل الشام وفرض أنظمة تابعة لرأس الكفر أمريكا. ولكن قد يكون ذلك عبر أعمال سياسية وأخرى عسكرية، وقد ألمح الروس لذلك بأنه لن تكون في إدلب عملية عسكرية واسعة!! وهنا يكمن دور النظام التركي الخبيث من خلال أعمال سياسية، يضغط فيها على الثوار والفصائل، للقيام بأعمال بحجة عدم استفزاز النظام ويكون نتيجتها وقوع الثوار في الفخ الكبير الذي يجعلهم مسلوبي الإرادة وغير قادرين على المواجهة العسكرية وبالتالي "الاضطرار" للدخول في التسوية المشؤومة والملعونة.
فلا بد من التنبؤ لكل هذه الأعمال السياسية والعسكرية التي ستقوم بها كل الجهات المعنية بهذا، وإدراك أن هذه الدول الضامنة، ما هي إلا أدوات بيد أمريكا، لتحقيق ذلك الهدف الأمريكي، في القضاء على الثورة، وهذا يتطلب حكماً عدم الركون إلى وعود الداعمين وخصوصاً هذه الدول الضامنة. فهذه الدول ستتخلى عن الفصائل بعد إنجاز المهمة والقضاء على المخلصين من الثوار وستنسحب من المشهد بمجرد حصول ذلك ولن تأبه بصيحات المدنيين أو نداءات المستغيثين.
لهذا على الثوار وخصوصاً المخلصين منهم التنبه لهذه الأمور وأخذ زمام المبادرة، والعمل بشكل حاسم على قطع الطريق على أمريكا وأدواتها وأذنابها، والعودة بالثورة إلى سيرتها الأولى، ولن يتم ذلك إلا بالعمل على تبني قيادة سياسية واعية، تحمل مشروع الأمة، مشروع الإسلام العظيم، مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ذلك المشروع الذي تهتز لمجرد ذكره صروح الكفر كلها، والسير على ثوابت واضحة معينة وعلى طريقة واضحة محددة على بصيرة، من أجل تحقيق أهدافنا وإقامة مشروع الإسلام العظيم الذي سيعيد لنا عزتنا وكرامتنا، إذ لا عزة لهذه الأمة ولا كرامة لها إلا في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
وننوه أخيراً إلى أن الأمة لم تيأس أبداً ولم يفت الأوان بعد كما يروج المرجفون، فالثورة اندلعت وهزت أركان النظام في وقت لم يكن محرراً بعد ولا شبر واحد من البلاد، فالثورة ليست نزاعاً على بلد أو منطقة، بل هي تغيير فكري شعوري، وهو لا يزال متوقداً في نفوس الناس بحمد الله، والنظام وأعوانه في أضعف حال، ودليل ذلك تصريح المستشار الإيراني منذ فترة بأنه "إذا انسحبت إيران وروسيا فإن (الإرهابيين) سيعودون"، فهذا يدلك على أن عمر النظام في مراحله الأخيرة، فالنصر يحتاج لصدق مع الله يقفه مخلصون لله، يعملون على إعادة منهج الله سبحانه وتعالى إلى الأرض يملؤها قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [سورة الروم: 4 - 5]
بقلم: الدكتور محمد الحوراني
عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا
المصدر: https://bit.ly/2waDhHy
- التفاصيل
ما حصل في تسليم درعا قد يختلف من حيث الشكل لا من حيث المضمون عما حصل فيما قبلها من تسليم للمناطق والسلاح في حزام دمشق والغوطة والقلمون وقبلها حمص المدينة وحلب ثم شرقي سكة القطار فيما يعرف بريفي حماة وإدلب الشرقي ثم ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي.
لقد استطاعت أمريكا وعملاؤها من الدول التي زعمت صداقة الشعب السوري أن يزرعوا عملاءهم في الفصائل بل أوصلوهم إلى قيادتها عبر المال السياسي القذر، فقام أولئك بتخدير المجاهدين وتجميد الجبهات والدخول في هدن ومفاوضات سمحت للنظام باستعادة زمام المبادرة عبر جلب المليشيات اللبنانية والعراقية والإيرانية وجلب سلاح الجو الروسي مما أدى إلى إدخال الثورة في نفق مظلم ومنعرج قاتل من تقطيع أوصالها والاستفراد بمناطقها وحصار أهلها والضغط عليهم بالحصار والتجويع والقصف والتدمير والتهجير، مما يتخذه قادة الفصائل البائعون مبررا للمصالحات وتسليم المناطق بشكل مأساوي مذل اقتلع الناس من أرضهم وهجرهم بعد ما عانوه من القتل والحصار...
وما حصل في درعا كان الأسوأ من حيث تسليم المناطق بسرعة مفاجئة لأهلها والانضمام إلى المجرمين الروس وفيلقهم الخامس رغم أن عوامل الصمود كانت أكبر، إلا أن الخيانة كانت أكبر والسقوط المريع كان أسرع، وإن اختلف المشهد بالشكل فالانضمام للروس لا يختلف عن الانضمام إلى النظام فهم في الإجرام والعداوة شركاء.
ورغم تآمر قادة الفصائل المباعين بالدولار وإدخالهم للشرطة الروسية ورفعهم علم النظام إلا أن الضغط الشعبي كان موجودا ورافضا لهذه الخيانات مما جعل إعلام النظام يصور ويخرج على عجل ويقوم الناس بعد ذلك بتمزيق علم النظام وتكسير صور المجرم بشار وهذا يدل على أن الأمة فيها خير كثير لولا أن أمريكا وعملاءها ركزوا على صناعة القادة العملاء بالدولار وعملوا على محاصرة الناس وإغلاق الحدود الدولية للضغط على الحاضنة الشعبية غذائيا وصحيا وسكنيا حيث وقف الناس على حدود الأردن يستجدون الماء والدواء ولا من مجيب، وكذلك الأمم المتحدة التي أغمضت عينيها عن كل تلك الجرائم وأصمت أذنيها عن الاستغاثات فلم تقم بدورها الإغاثي المزعوم الذي تدعيه في مثل هذه الظروف...
والسؤال الذي يشغل بال الناس اليوم: ماذا بعد درعا وما هو مصير إدلب؟
إن الحل السياسي لا يمكن أن تنجزه أمريكا والدول العميلة لها أو تعلن عنه وهناك بارودة توحد الله وتكبره، لذا لا بد من إنهاء الحالة الجهادية في إدلب والشمال فهناك سيناريوهات عدة؛ فقد يكون بجمع السلاح تدريجيا الثقيل ثم المتوسط في مرحلة لاحقة من قبل تركيا لصالح جيش وطني يرقص على أنغام الأغاني الوطنية الكاذبة التي مل الناس سماعها من قبلُ ليندمج هذا الجيش مع بقايا جيش النظام والقوى التي يقوم الروس بتشكيلها الآن، وقد يصحب هذا السيناريو مطلب إدخال الشرطة الروسية إلى المنطقة بحجة حماية الأوتوستراد وفتحه من باب السلامة مرورا بحلب إلى دمشق ثم إلى معبر نصيب، ومعلوم ما في هذه الخطوة من الخطورة؛ فالروس لم يلتزموا بحماية مكان دخلوه بل كانوا حصان طروادة الذي مكن لقوات النظام من احتلال المناطق وتهجير أهلها وسلبها، وقيادات الفصائل في الشمال لا تختلف كثيرا عن سابقاتها الذين سلموا، فالكل رضع من ثدي واحد وشرب من كف واحدة هي الموك والموم.
ومن المتوقع أن تمارس تركيا ضغطا كالتهديد بالانسحاب فيما إذا حاول البعض أن يعرقل مشاريع الاندماج بجيش وطني ودخول الروس لحراسة الأوتوستراد، بل إن التصريحات التركية حول سحب نقاط المراقبة وإنهاء حالة خفض التصعيد فيما إذا هاجم النظام إدلب، هذه التصريحات التي تتظاهر تركيا أمامها بالعجز وتمهد بها لسحب نقاطها التي حمت بها النظام طوال أشهر سحق الغوطة وريفي حمص وحماة والقضاء على أهل درعا، هذه التصريحات ذات دلالة خطيرة وهي تذكرنا بتصريحات الأتراك حول الغوطة عندما قالوا إنهم مستعدون لاستقبالهم في تركيا فكانت رسالة تهجيرهم، بل إنه من المرجح أن تفتعل تركيا أزمة مع بعض الفصائل لمحاصرة المناطق ومنع المواد الغذائية وسواها بعد سحب نقاطها لكي يلجأ الناس إلى النظام فيكون ذلك مبررا لعودته من باب المصالحات وتقديم الخدمات والتي لا بد لإقامتها من رفع علم النظام على المباني الحكومية وإزالة علم (الثورة) الذي صدعوا رؤوسنا به وبقدسيته التي ستسقط أمام الدواء والغذاء والماء والكهرباء، فالرؤى والمشاريع التي لا تحكمها المبادئ سرعان ما تسقط وتتلاشى ويكون الانهيار الكبير، هذه هي السيناريوهات المتوقعة لإدلب بعد درعا، وتركيا هي حصان طروادة فيها، وهي في المضمون لا تختلف شيئا عما حصل في درعا وما قبلها إلا في الشكل لينتج بعد ذلك الحل السياسي المذل المهين الذي يسعى إلى إنتاج النظام بكل مؤسساته القمعية والعودة إلى حكم الحديد والنار.
وأمام هذا الواقع لا بد للبقية الباقية من المخلصين الذين تجمعوا من كل المناطق في إدلب والشمال، وهم قوة لا يستهان بها، أن يخرجوا من الحالة السابقة ويتركوا القيادات المتاجرة وأن يتوحدوا خلف قيادة سياسية واعية تحمل مشروعا سياسيا حقيقيا؛ خلافة على منهاج النبوة بقيادة حزب التحرير، وقيادة عسكرية محترفة لمواجهة المرحلة المقبلة قبل أن يجهز العدو وعملاؤه وضفادعه على هذه القوة التي تستطيع أن تقلب المعادلة إذا اجتمعت على قيادة سياسية ومشروع ينصر دين الله.
لقد وضح للجميع أن هذا هو الحل السياسي الأمريكي الذي أرادته بطريقة مأساوية ومذلة لأهل الشام لكيلا يفكروا مرة أخرى هم أو غيرهم بالثورة على عملائها بينما سقط عملاء بريطانيا كزين العابدين والقذافي وعلي عبد الله صالح.
وإذا أدركنا ذلك فمن المحزن أن يسير أغلب بني جلدتنا وأهل ثورتنا في هذا المسار الذي يعيدنا إلى حكم الحديد والنار من عملاء أمريكا القدامى والجدد فلا بد من أن نأخذ على يد أبنائنا وأهل ثورتنا من هذا المنزلق الخطير.
كتبه لجريدة الراية الشيخ محمد سعيد العبود بتاريخ 18 تموز/يوليو 2018م
المصدر: https://goo.gl/cYg173