press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

alraiah291117

تسارعت الأحداث المتعلقة بالشأن السوري، كأن الجميع على عجل، خائفين من ضياع فرصة سنحت لهم لفرض حلولهم على أهل سوريا، فيجتمع رئيسا أمريكا و روسيا في فيتنام يوم 11/11/2017 ويصرحان بأنه "لا حل عسكرياً للصراع في سوريا" مخاطبين بذلك الثوار ليضعوا أسلحتهم ويستسلموا، ولكنهما يستخدمان كل قواهما العسكرية المباشرة وغير المباشرة لفرض الحل على أهل سوريا! ويطالبان "كل أطراف الصراع السوري بلعب دور في عملية السلام بجنيف"، أي يطالبان الشعب السوري بالاستسلام والقبول بما تفرضه أمريكا ومن معها. فالتحرك الروسي يسير بموافقة أمريكية.

فتقوم روسيا وتدعو لمؤتمر "شعوب سوريا" في سوتشي يوم 18/11/2017 ولكنها فشلت في عقده، ما سبب لديها غصة، فحولت اسمه إلى "الحوار الوطني"، ولتحقيقه دعت تركيا وإيران لمساعدتها، فاجتمع رؤساء هذه الدول في سوتشي يوم 22/11/2017 ليعلن بوتين أن نظيريه "أردوغان وروحاني أيدا المبادرة الروسية الخاصة بعقد المؤتمر السوري العام للحوار الوطني...". وأردوغان وروحاني أعلنا دعمهما لبوتين. وبذلك عززت أمريكا التحرك الروسي بأوليائها في تركيا وإيران بقصد إنجاح هذا التحرك الذي يصب في الحل السياسي والذي سعت لتحقيقه منذ اليوم الأول بقصد إجهاض الثورة والحفاظ على النظام السوري العلماني التابع لها.

وقال بوتين: "روسيا وإيران وتركيا تواصل العمل الوثيق على تعزيز نظام وقف الأعمال القتالية، والتطبيق المستدام لخفض التصعيد، ورفع الثقة بين أطراف الأزمة... قمنا برسم الخطوات ذات الأولوية الخاصة بتفعيل الحوار السوري الشامل بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254... وجمع جميع الممثلين عن مختلف الأحزاب السياسية والمعارضة الداخلية والخارجية والطوائف العرقية والدينية حول طاولة المفاوضات... المؤتمر سينظر في القضايا المحورية للأجندة العامة في سوريا من بينها في الدرجة الأولى تلك التي تتعلق بوضع معايير لهيكل الدولة السورية المستقبلية وتبني دستور جديد وعلى أساسه إجراء انتخابات بمراقبة الأمم المتحدة... أشرنا إلى تمسك القيادة السورية الذي تم تأكيده لنا بمبادئ الحل السلمي للأزمة السياسية واستعدادها لإجراء الإصلاح الدستوري وانتخابات حرة بإشراف من قبل الأمم المتحدة... وإن المفاوضات يجب أن تكون مباشرة ودون شروط مسبقة ومبنية على قرارات مجلس الأمن الدولي السابقة". فيعلن أن المجرم أسد باقٍ الآن فسيجري إصلاحا دستوريا وانتخابات حرة! وقرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي اتُّخذ مرجعية يخلو من أية عبارة تتعلق بمصير القتلة أسد وزمرته، وهو قرار أمريكي بحت، حيث قدمته أمريكا لمجلس الأمن يوم 18/12/2015 فتبناه المجلس بالإجماع. وما اتفق عليه في سوتشي هو تماما ما ورد في القرار الأمريكي رقم 2254. فحكام روسيا وتركيا وإيران ينفذون قرارات أمريكا. ومع ذلك يبقى شك في نجاح روسيا بعقد مثل هذا الحوار.

وقبل انعقاد مؤتمر سوتشي بيومين، دعا بوتين الطاغية بشار أسد ليعلمه بأنه الآن باق حتى إشعار آخر، لأنه قال إن "أسد مستعد للعمل مع كل من يريد السلام والاستقرار في سوريا"، وقال إنه "سيتشاور مع الرئيس الأمريكي ترامب غدا"، وجاء الغد ليقول ترامب مبديا فرحه: "أجرينا مع الرئيس بوتين مكالمة رائعة وتحدثنا عن سوريا، وهذا مهم جدا،... استمرت ساعة ونصف... بحثنا بشكل جاد جدا إحلال السلام في سوريا". فترامب يبارك لبوتين لقاءه عميل أمريكا أسد وطمأنته أنه باق الآن! فنرى التحرك الروسي لا يجري إلا بعد التشاور مع أمريكا، علما أن "أمريكا اعتمدت استراتيجية جديدة بخصوص سوريا لا تشمل استبعاد بشار أسد عن السلطة وتقترح تعاونا وثيقا أكثر مع روسيا بما في ذلك المجال العسكري" حسبما أفادت صحيفة "ديلي بيست" الأمريكية يوم 7/7/2017. وأكد ترامب ذلك في لقائه بوتين في فيتنام "باتفاقهما على مواصلة التنسيق العسكري بينهما في سوريا..."

ومن جانب آخر قامت أمريكا بواسطة عميلتها السعودية فجمعت المعارضة السورية في الرياض من منصات الرياض والقاهرة و موسكو والمستقلين لتشكل منهم وفدا جديدا ليفاوض النظام الإجرامي مباشرة في جنيف. وقد استقال حجاب رئيس الهيئة العليا للمفاوضات محتجا على عدم دعوته إلى الرياض واستقال معه ثمانية آخرون، فاستغنت عنهم أمريكا لأن عندها الكثير من أمثالهم، فكلهم يلهثون وراء أمريكا لتمنحهم منصبا أو حفنة دولارات أو تكسبهم شهرة زائفة على حساب دماء الشهداء.

فأمريكا إذن على عجلة من أمرها لفرض حلها السياسي، وقد رأت مدى نجاعة استخدام روسيا وتركيا وإيران في تطبيق خطتها، وأن بعض الفصائل المحسوبة على الثورة قد سارت في ركب عملائها والأخرى محيدة أو مجمدة غير متحركة تنتظر مصيرها، وأوجدت رأيا عاما مضللا كأن الثورة انتهت والكل استسلم وما بقي إلا جيوب ستنظف! حيث صورت هزيمة تنظيم الدولة بأنها انتهاء الثورة والانتصار على الثائرين، وكأن هذا التنظيم هو الذي بدأ الثورة! علما أنه كان دخيلا ووبالا عليها، وتتعمد أمريكا ومن معها على جعل الناس ينسون أن صاحب الثورة هو الشعب السوري، فهو الذي فجّرها وسيّرها سلميا، ولكن النظام الغادر ألجأها إلى حمل السلاح ليبرر قتاله لشعبه ويستخدم سلاحه الفتاك الذي لم يستخدمه لتحرير الجولان أو فلسطين، وإنما يستخدمه لإرهاب شعبه وإذلاله حتى يبقى جاثما على صدره، مدركا أن أمريكا راضية عنه لشدة تبعيته لها، وستهيئ له من يعينه على شعبه المنتفض من أعداء المسلمين، روسيا ومن أصحاب التشيع الأعمى ومن أتباعها في تركيا والسعودية لخداع الثوار واحتوائهم.

وما دامت هذه الثورة ثورة شعب أبيّ، فمهما تساقط منها ووقع في أحابيل أمريكا وأوليائها فإنها ستبقى متوقدة، وهي جزء من ثورة الأمة المشتعلة التي لن تنطفئ حتى تسقط كافة الأنظمة العلمانية التي أقامها المستعمر، وحتى تحقق مشروعها فتقيم خلافتها الراشدة على منهاج النبوة. فالشعب السوري لم تنكسر إرادته ولم يدخل قلبه الخوف وقد كسر حاجز الخوف، فلم يعد يخاف النظام المتوحش، وازداد وعيه، وأدرك أنه قد جرى التآمر على ثورته وحدثت أخطاء يجب تلافيها ونواقص يجب إتمامها، وأهمها عدم وجود قيادة سياسية واعية مخلصة تضبط كل الثائرين وتوجههم وتكون مسموعة الكلمة، وإن كانت هي موجودة وحاضرة ألا وهي حزب التحرير وقد قبل البعض بقيادته، وهو يعمل لجعل الجميع يقبل بها ويصغي له ولتوجيهاته وتحذيراته. ومهما يكن فإن الأمة في النهاية سوف تتخذه قائدا لها وتنتصر بإذن الله، وقد تعرت كافة الحركات والأحزاب الأخرى، وثبت أنه هو الصادق المخلص الثابت الواعي سياسيا وفكريا. والأيام دول، وستكون له الدولة بإذن الله مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾.


 كتبه لجريدة الراية: أسعد منصور، بتاريخ الأربعاء 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2017م
المصدر: http://bit.ly/2j25TNo

slslh291117

أفكار سلبية هدمت الأمة: خوف الفتنة

 

هذه المقولة بدأت تظهر في الأمة بعد موقعة الحرة التي ارتكبتها جيوش يزيد في المدينة المنورة؛ فبدأ بعض العلماء يسكتون عن جور الحكام، ويسكتون عن السلطان المتغلب؛ ويسكتون عن تقطيع وتمزيق أوصال الأمة الإسلامية إلى دويلات بحجة حقن الدماء وخوف الفتنة؛ ثم تكرست هذه المقولة بعد الممارسات التي ارتكبها الحجاج بعد ما يسمى بثورة القراء والتي راح ضحيتها كثير من القراء والعلماء وعلى رأسهم سعيد بن جبير. علما أن الدماء التي أريقت بعد تقطيع أوصال الأمة الإسلامية، ونتيجة السكوت عن جور الحكام وظلمهم، والرضى بالحكام المتغلبين؛ هذه الدماء كانت أكثر بمئات المرات من الدماء التي كانت ستراق لو بذلت ضد حصول ذلك كله، فيما لو قامت الأمة بواجبها والتزمت حكم ربها.

فالفتنة هي في القعود عما أوجبه الله، وفي الرضا بما يخالف شرع الله ، وفي التقصير بواجب الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر وعدم العمل من أجل إزالة المنكر وتغييره بمبررات عقلية وبداعي خوف الفتنة. والله تعالى يقول: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) [التوبة: 49]... وإننا لنعجب من كثير من العلماء كيف مروا على هذه الآية ثم يقولون بعدها لتبرير السكوت على المنكرات،إنما نسكت خوف الفتنة، وخوف إراقة الدماء.

وفعلا كما قال الله تعالى (أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا)؛ ذلك أن أكبر فتنة يسقط فيها العلماء، هي السكوت على المنكر، وعدم السعي لتغييره وعدم اتخاذ إجراءات عملية لإزالة هذا المنكر باليد أو اللسان كما أوجب علينا الله عز وجل.

فكم من عالم مثلا لم يقاتل المجرم مصطفى كمال حين ألغى الخلافة الإسلامية، ولم يستنفر الأمة لقتاله خوف الفتنة، وإراقة الدماء؛ علما أن الدماء التي أريقت بسبب عدم وجود خليفة للمسلمين كانت أضعافا مضاعفة عشرات المرات للدماء التي كان من الممكن أن تراق فيما لو استنهض هؤلاء العلماء همم الأمة ضد مصطفى كمال حين ألغى الخلافة الإسلامية.

وفي ثورة بلاد الشام اليوم تتكرر المأساة ذاتها؛ فهناك مئات المشايخ والعلماء وهم ليسوا من أتباع السلاطين وليسوا عملاء لهم؛ ونيتهم حسنة؛ ولكن طريقة تفكيرهم جعلتهم عملاء غير مأجورين؛ بل عملاء بحسن نية؛ فمن حيث لا يشعرون خدموا نظام الإجرام خدمات جليلة، وخدموا مجانا دول الكفر خدمة تدفع عليها هذه الدول ملايين الدولارات؛ ذلك أن هؤلاء العلماء والمشايخ قاموا اعتمادا على مفهوم خوف الفتنة بما حذر الله منه من التثبيط ومنع الخروج على الحاكم الذي يحكمنا بغير ما أنزل الله، وعملوا فيما بعد على قتل روح الثورة في نفوس الناس وتخذيلهم ومنعهم من العمل للتغيير كما أمر ربنا جل وعلا.

وهناك صنف آخر ممن يدعي العلم رفض أن تعلن الثورة عن تبني مشروع الإسلام و أن ترفع شعارات إسلامية تنبثق من عقيدتنا بذريعة خوف الفتنة وضرورة المحافظة على النسيج الوطني المتعدد للمعارضة حتى تكون مقبولة دوليا. والسبب في تثبيطهم وتعويقهم وعدم قيامهم بما أمرهم الله به من وجوب الأخذ على يد الظالم، بل والوقوف مع الظالم ضد المظلوم؛ نقول السبب في ذلك كله من وجهة نظرهم هو: خوف الفتنة، لينطبق عليهم قول الله تعالى : (أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا).

سقطوا في الفتنة حينما رضوا بأن يسكتوا عن المنكر؛ وسقطوا في الفتنة حينما منعوا الناس من العمل للتغيير، وسقطوا في الفتنة حينما جعلوا سقف تغييرهم ما ترضاه دول الكفر ومنظمات الإجرام الدولية، وسقطوا في الفتنة حينما رضوا أن يكونوا مع القاعدين عن العمل لإقامة الخلافة الإسلامية؛ وسقطوا في الفتنة حينما وقفوا إلى جانب الظالم ضد المظلوم.

وكانت النتيجة الطبيعية أن الدماء التي أراقها نظام الإجرام البعثي في سوريا كانت أضعافا مضاعفة للدماء التي كانت ستراق لقلع النظام فيما لو وقف هؤلاء المشايخ مع الأمة واصطفوا إلى جانبها في سعييها إلى التغيير وإلى العمل على إقامة الخلافة الإسلامية الراشدة على منهاج النبوة التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
أ‌. معاوية عبد الوهاب

arbaoun211117

الحديث:



قال ابن إسحاق "وحدثني الزهري أنه أتى بني عامر بن صعصعة، فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه فقال له رجل منهم يقال له بيحرة بن فراس: والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب. ثم قال له: أرأيت إن نحن تابعناك في أمرك ثم أظهرك الله على من يخالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال: (الأَمْرُ للهِ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ). قال: فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا! لا حاجة لنا بأمرك فأبوا عليه". ابن كثير في البداية والنهاية، الجزء الثالث، فصل في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على أحياء العرب.

 

الشرح:



هذا الحديث يتناول الفترة التي عرض فيها النبي صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل الوافدة منها إلى مكة أو القبائل التي كانت خارج مكة، وكان هدف النبي صلى الله عليه وسلم من تحركاته هو أن تدخل تلك القبائل في دين الله وأن تنصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إن كانت أهلاً للنصرة والمنعة فتحتضن الدعوة التي لاقت أبواباً موصدة في مكة المكرمة.

وحديث الباب يتحدّث عن زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لقبيلة بني عامر بن صعصعة والحوار الذي دار بين قادة هذه القبيلة والرسول الأكرم عليه أفضل الصلاة والسلام.
بعد أن عرض النبي صلى الله عليه وسلم عليهم دعوة الإسلام قبلوا ذلك ولكن كان عندهم تحفُّظ فيما يخص البيعة على الحكم والتزام طاعة النبي صلى الله عليه وسلم كحاكم وأن يكونوا جنداً في جيش دولته الناشئة، فما المقابل الدنيوي لتلك التضحيات الجسام التي ستُقدمها القبيلة فتحارب الأسود والأحمر والعالم كلّه لأجل الدفاع عن دولة النبي صلى الله عليه وسلم؟.. لذلك قالوا: (أرأيت إن نحن تابعناك في أمرك ثم أظهرك الله على من يخالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟)، أي بعد أن نبايعك على الحكم وانتصارك على كل أعدائك ونحن نشاركك هذه الانتصارات فإذا توفاك الله أيكون لنا الخلافة من بعدك؟ .. فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم واضحاً صريحاً وهو الذي لا ينطق عن الهوى: (الأمر إلى الله يضعه حيث شاء) أي لا، فمسألة الحكم ليست بالتعيين أو العهد أو الوراثة بل الأمر شورى بين المسلمين وانتخاب من عامة الأمة ضمن مشيئة الله وإرادته وحكمه الذي أوحى به إلى نبيه.

كان بإمكان النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبل إن كان تفكيره مبنياً على فقه المصلحة والمفسدة الذي يجعله البعض الآن هو فقه المرحلة والفقه الذي يتماشى مع الواقع وصعوباته! فالنبي صلى الله عليه وسلم مُطارد ومضطهد من قريش ووضع المسلمين صعب للغاية بعد سبع سنين من الدعوة العلنية التي لاقى المسلمون بسببها التضييق والحصار والتعذيب على أيدي جلاوزة قريش، أفلا تكون هذه فرصة ذهبية يجب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتنمها، فبني عامر سيُؤمنون به ويُنصِّبونه حاكماً عليهم يحكمهم بالإسلام وليس بالكفر وهم مُستعدون للجهاد تحت رايته ولنصرته وأصحابه ولحرب الأسود والأحمر ... كل ذلك لكن مع شرط صغير تافه وهو أن يكون لهم الحكم من بعده!! ثم أليس باستطاعة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن يتمكن وتتوسع رقعة دولته وبعد أن يقوى إيمان بني عامر أن يُقنعهم بالتخلي عن هذا الشرط وأنّه مُخالف لمُراد الله أو أن يخبرهم بأن هناك نسخ لهذا الحكم مثلاً.

كل ذلك لم يكن، كيف والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى وفعله وقوله تشريع وليس اجتهاد كما يظن البعض، نعم إن شرط بني عامر يدلّ على عدم صدقهم في النصرة فعيونهم إلى الدنيا وكرسي الحكم وميزاته ولم تكن نيتهم خالصة لله وحده ولنصرة هذا الدين بحق.

ويدل على ذلك جوابهم القبيح حيث قالوا: (أنهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك) أي سنُقتل من أجلك ونضحي من أجل أن يُظهرك الله وتتمكن في الأرض ثم تكون الخلافة لمن لم يُضحِّ مثلنا؟! فأبوا عليه وأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يلتزم بشرطهم المُخالف للوحي.

فالمسألة ليست بمقدار التضحية لتولي مناصب الحكم بل هي توفر شروط معينة دلّ عليها الوحي لتولي الحكم والخلافة وليس فيها شرطٌ يتعلق بقضية التضحية بل الشروط تركز على قدرة وجدارة وكفاءة الشخص لتولي المنصب، وشروط انعقاد الخلافة على الصحيح هي سبعة: أن يكون الخليفة مسلماً. ذكراً. بالغاً، عاقلاً، عدلاً، حراً، قادراً من أهل الكفاية.

 

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
أحمد الصوراني

للاستماع إلى التسجيل:

alraiah221117

سؤال طالما راود الكثير من متابعي الأحداث المتعلقة بثورة الشام المباركة؛ وخاصة وسط زحمة الطروحات على الساحتين الإقليمية والدولية؛ وكثرة المبادرات والمؤتمرات الدولية، ووسط الأمواج المتلاطمة التي تتقاذف سفينة الثورة وعدم وجود ربان لها وفقدان البوصلة أو انحرافها.

لقد حرص الغرب الكافر منذ بداية الثورة على الإبقاء على تشرذم الفصائل وتمزقها؛ وجعل منها كيانات مستقلة بعد أن ربطها بماله السياسي القذر؛ هذا المال الذي حولها إلى فصائل وظيفية تؤدي أعمالا محددة ضمن خطوط حمراء فقدت على إثرها إرادتها وقراراتها الذاتية؛ ساعده فيما بعد على تحويل الصراع عن عميله طاغية الشام وإشغال الفصائل بنفسها واستنزاف طاقاتها، وانتهى بها الحال إلى عقد هدن مع عدوها المفترض (طاغية الشام) واقتتالها فيما بينها، وخوضها تصفيات دورية ليس آخرها ما حصل من اقتتال بين هيئة تحرير الشام من جهة وحركة نور الدين الزنكي من جهة أخرى والتي لا زال يدفع أهل الشام ثمنها غاليا من دماء أبنائهم واستمرارا لمعاناتهم، وليتحول اهتمامها إلى بسط النفوذ والسيطرة على مصادر المال من معابر داخلية وخارجية داخل المناطق المحررة إضافة إلى فرض ضرائب على المحال التجارية والسيطرة على مصادر الدخل.

فالثابت الوحيد عند قيادات الفصائل هو الاقتتال فيما بينها مع التغيير في الأشكال؛ فأزيحت فصائل لها وزنها عن الساحة كحركة أحرار الشام و جند الأقصى وجيش المجاهدين و حركة حزم وغيرها؛ ثم ما لبث أن اشتعل فتيل الاقتتال من جديد ولكن هذه المرة مع حركة نور الدين الزنكي، وبهذا يتبين أن الاقتتال بين الفصائل وكأنه قدر محتوم ليس فقط في ثورة الشام ولكن في أماكن متعددة من بلاد المسلمين من أفغانستان إلى العراق و فلسطين وصولا إلى ليبيا وغيرها من المناطق الأخرى، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الجهة التي تتحكم في قرارات الفصائل العسكرية بعد أن سلبت إرادتها هي جهة واحدة اختلفت في الشكل واتفقت في المضمون؛ لتلعب اللعبة نفسها في أماكن مختلفة وبأدوات مختلفة من دول عميلة ومنظمات تابعة تؤدي الأدوار نفسها لتصل إلى النتيجة نفسها، تدمير ذاتي للفصائل بعد أن تنهي دورها المرسوم لها بعناية فائقة دون أن تشعر؛ بحسن نية أم بسوئها لا فرق في ذلك، وكان من أهم الحبال التي قيدت فيها الفصائل في جميع الأمكنة ومنها أرض الشام هو حبل الدعم والمال السياسي القذر؛ بالإضافة إلى الإبقاء عليها مشرذمة ذات رؤوس متعددة ليسهل على الغرب تفكيكها والقضاء عليها بضرب بعضها ببعض تحت ذرائع متعددة، ثم إن التزام قيادات الفصائل بالخطوط الحمراء جعل من القتال ضد طاغية الشام حالة عبثية تراق فيه دماء المسلمين لتحصيل مكاسب ثانوية؛ على فرض اعتبارها مكاسب؛ مع الكم الهائل من التضحيات على كافة المستويات، وهذا الأمر بات يدركه الجميع، مما أوجد حالة من النقمة الشعبية على قيادات الفصائل وهم يرون التوتر ينخفض تدريجيا مع طاغية الشام ويعلو بين الفصائل، كما يرون اجتياح بعض الفصائل للمناطق المحررة التي يسيطر عليها الفصيل الآخر في الوقت الذي تعيش فيه المناطق المحسوبة على طاغية الشام بأمان تام كجزيرة آمنة وسط بحر مسجور من المناطق المحررة، هذا على الصعيد العسكري،

أما على الصعيد السياسي فالتغيير حاصل في الأساليب وليس في الأهداف، فالغرب الكافر يسعى منذ انطلاقة ثورة الشام المباركة إلى هدف وحيد وهو القضاء على هذه الثورة اليتيمة، ويتبع في ذلك أساليب مختلفة تجلت في كثرة الطروحات والمبادرات وكم هائل من المؤتمرات واللقاءات؛ التي أثارت عاصفة من الغبار أعمت الكثير من العيون عن رؤية هذا الهدف مما جعلها توجه أنظارها إليه كمخلص لأهل الشام وموجد لحل يخرج الناس من وسط الموت الجماعي والممنهج الذي يقف هو خلفه ويدعم مرتكبيه في مفارقة عجيبة تدل على انعدام للوعي؛ وواقعية سياسية مقيتة تجعل من الغاية تبرر الوسيلة منهاجا؛ ومن التنازلات سلما للنجاة، حتى بات الحديث عن رحيل قاتل الأطفال والنساء والشيوخ أمراً من الماضي؛ وذلك بضغط ممن زعم دعم ثورة الشام للقضاء على طاغيتها، وبات الحديث عن توحيد المنصات أمراً لا مفر منه، وأصبحت المشاركة في حكومة يقودها طاغية الشام مع تغييرات دستورية وانتخابات شكلية صلب العملية السياسية ومحور الحل السياسي!!

إنه ومع هذه الحال التي وصلت إليها ثورة الشام لا يسعنا إلا أن نقول إنها تسير بخطاً سريعة نحو الهاوية، وللأسف بيد أبنائها الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعا فكان لزاما على أهل الشام أن يدركوا المخاطر التي تحيق بهم وأن يسارعوا إلى تجنبها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، فدماء مئات الآلاف من الشهداء على المحك وسنُسأل عنها يوم القيامة، والخروج من هذا الوضع يتطلب منا خطوات واسعة سريعة تنهي مصادرة القرارات بقطع حبل الدعم الذي قيدت به الجهات الداعمة قيادات الفصائل؛ والاعتصام جميعا بحبل الله المتين خلف قيادة سياسية واعية ومخلصة؛ تقود سفينة الثورة وتصحح مسارها حتى تصل بها إلى بر الأمان بما يرضي الله عز وجل؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة، وهذا الحل يتطلب منا إيمانا صادقا بأن النصر من عند الله وليس من عند الغرب الكافر، وبأن الله عز وجل ناصر دينه ولو بعد حين، وبأنه وعدنا ووعده الحق فقال عز من قائل: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.


 كتبه لجريدة الراية: أ. أحمد عبدالوهاب، رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2017م
المصدر: http://bit.ly/2B1Ab9C

art191117

حينما فقدت الأمة الإسلامية إدراكها بأن مفاتيح التغيير بين يديها وأن حياتها هي ما تصنعه بنفسها وليس أمرا يهبط من السماء، هنا بدأت روح الانحطاط الفكري تلوح في أفق الأمة الإسلامية؛ حتى انعكس على علمائها أنفسهم فظهرت بينهم فكرة الاعتزال والركون إلى الوحدة، وتركوا الأمة وشأنها واعتزلوها ولزموا بيوتهم وصار يدور على ألسنتهم قوله عليه الصلاة والسلام عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قلت: (يا رسول الله! ما النجاة؟ قال: أَمْسِكْ عليك لِسانَكَ، ولْيَسَعْكَ بَيْتُكَ. وابْكِ على خطيئتك)، أخرجه الترمذي.

ويفهمونه فهما خاطئا ضاربين بهذا الفهم الخاطئ عرض الحائط جميع الآيات والأحاديث التي توجب الخلطة بالناس ووجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووجوب الأخذ على يد الظالم، ومتناسين قوله عليه الصلاة والسلام: (كلاَّ والله، لتأمُرُنَّ بالمعروف، ولَتَنْهَوُنَّ عن المنكر، ولَتأخُذُنَّ على يَدِ الظَّالم، ولَتَأطِرُنَّهُ على الحق أطْرًا، أو لَتَقْصُرُنَّهُ على الحقِّ قصراً)، رواه أبو داود. ومتناسين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المسلم الذي يُخالط الناس، ويَصْبِرُ على أَذاهم خير من الذي لا يخالط الناس، ولا يَصْبِرُ على أذاهم)، الترمذي.

كما ظهر لديهم فهم خاطئ لقوله تعالى: (يا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) [المائدة: 105]، فصار أحدهم يستدل بهذه الآية على اعتزال أمر الأمة وترك شؤونها وعدم الاهتمام بما يدور حوله وحول الأمة أو في داخلها من أحداث ومصائب. علما أن الآية فهمها خلاف ذلك قطعا؛ فقد جاء في سنن أبي داود عن قيس بن أبي حازم - رضي الله عنه - قال: قال أبو بكر، بعد أن حَمِد الله وأثنى عليه: يا أيُّها الناس، إنكم تقرؤونَ هذه الآية وتَضَعونَها على غير موضِعِها، (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفُسَكُم لا يضُرُّكم من ضلَّ إذا اهتديتم) [المائدة: الآية 105]، وإنما سمعنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يَديه، أوشَكَ أن يَعُمَّهُم الله بعقاب). وإني سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ما من قوم يُعْمَلُ فيهم بالمعاصي، ثُمَّ يَقْدِرُونَ على أنْ يُغَيِّرُوا ولا يغيرون، إلا يوشِكُ أن يَعُمَّهُم الله بعقاب).

كما جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 358) عن أبي أمية الشعباني قال: سألت أبا ثعلبة عن هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)، فقال أبو ثعلبة: لقد سألت عنها خبيرا، أنا سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلا فقال: (يا أبا ثعلبة مروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر فإذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة ورأيت أمرا لا بد لك من طلبه فعليك نفسك ودعهم وعوامهم فإن وراءكم أيام الصبر صبر فيهن كقبض على الجمر للعامل فيهن أجر خمسين يعمل مثل عمله)، قال الذهبي: صحيح. وهذا الحديث بالذات أخذ منه المسلمون وسطه وتركوا أوله وآخره والذي هو مرتبط به لا ينفك عنه فقد أخذوا منه قوله عليه الصلاة والسلام (فإذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة ورأيت أمرا لابد لك من طلبه فعليك نفسك ودعهم وعوامهم) وتركوا قوله عليه الصلاة والسلام قبله (مروا بالمعروف و تناهوا عن المنكر) وقوله عليه الصلاة والسلام بعده (فإن وراءكم أيام الصبر)، أي عليكم أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر فإن لم يستجب لكم فاقبضوا على دينكم واصبروا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فمعنى قوله دع عنك أمر العامة أي لا تصبح مثلهم في التراخي والتهاون في هذه الفريضة بل الزمها ولو لم تقم بها إلا أنت واصبر عليها.

وقد كان لهذا الفهم الخاطئ للشرع أثره السيء على حياة المسلمين، حيث أنه سقطت الخلافة ولم تتحرك الأمة لاسترداد سلطانها ولم تتحرك الأمة لإعادة الإسلام إلى الحياة، ولم تقم بأية حركة ضد ما فعله المجرم مصطفى كمال - اللهم إلا حركات فردية - ولم تتحرك الأمة بمجموعها ضد هذه الجريمة النكراء، وكأن الأمر لا يعنيها ولا يهمها، بل إن بعض أبناء الأمة كان مطية لدول الكفر وشريكا لها في هذه الجريمة النكراء، وكأن التي هُدم صرحها ليست دولتهم وكأن التي طُمست معالمها ليست خلافتهم.

 

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
أ. معاوية عبد الوهاب