press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

art191017

• ويبقى التاريخ المصدر الحافل بالدروس والعبر.. فهل من دارس للتاريخ ومعتبر؟!

• يُروى أن تيمورلنك لمّا أراد احتلال دمشق سنة /803/ هـ، وفشل في اقتحامها، عَرَض على أهلها تسليم المدينة ولهم الأمان! وخُدع بذلك قاضي قضاتها ابن مفلح الحنبلي، الذي راح يخذّل الناس عن القتال بحجة حقن الدماء وحفظ الديار! بل ويثني على تيمورَ ودينه! وغلب رأيُه على من خالفه، فنادى في الناس: "إنه من خالف ذلك قُتل وهُدر دمه".. فكفّوا عن القتال! وسُلّمت دمشق إلى تيمورلنك! الذي ما لبث أن ألزم أهلها أن يُخرجوا إليه ما لديهم من السلاح جليله وحقيره! وحلّ بأهل دمشق من البلاء ما لا يوصف من قتل واغتصاب وحرق وتنكيل!

• وحديثاً في نيسان من عام /1993/ م، وبعد أن طلبت الأمم المتحدة من مقاتلي مدينة سربرنيتشا المسلمين في البوسنة تسليم أسلحتهم خلال حربهم مع الصرب! مقابل ضمان أمن مدينتهم من قبل الكتيبة الهولندية التابعة لقوات حفظ السلام! واستجاب لها المقاتلون المدافعون عن المدينة وسلّموا أسلحتهم! فبعد ذلك دخلت القوات الصربية المدينة على مرأى ومسمعٍ من الجنود الهولنديين، وعزلوا الذكور ما بين /14/ و/50/ عاماً عن النساء والشيوخ والأطفال! وقتلوا الذكور الذين بلغوا ثمانية آلاف، وساقوا النساء إلى معسكرات الاغتصاب الجماعية!

• واليوم، وبإدخال القوات التركية إلى الشمال الغربي المحرر، هاهو نفس المشهد المؤلم يريد أن يتكرر، ويريد الأعداء الإيقاع بأهل الشام خداعاً بعد أن أرهقوهم قتالاً ومغالبةً، ويقوم "أبناء مُفلح"، شرعيّو المصلحة والمفسدة، وعرّابو التنازل والاستسلام، بنفس الدور الذي لعبه شيخهم قاضي القضاة الحنبلي.. فهل تنطلي هذه الخدعة على أهل الشام الثائرين، فيقبلون بوصاية النظام التركي الذي يتاجر بهم وبثورتهم منذ سبع سنين، وقد بعث بقواته أخيراً للقضاء على ثورتهم، وإعادتهم أذلاء خانعين إلى قبضة النظام؟!

• إن أي متابع منصف لمجريات الأحداث، منذ بداي الثورة وإلى الآن، ليدرك يقيناً أن الثورة لم تؤتَ من قبل من يُظهرون عداوتها، بل أُتيتْ من قبل من يدّعون صداقتها، وعلى رأسهم النظام العلماني في تركيا، الدولة العضو في حلف الناتو بقيادة أمريكا.. تركيا التي على أرضها اشتُريت ذمم القادة وبيعت الثورة، ومن قاعدتها العسكرية (إنجرليك) أقلعت الطائرات الحربية الأمريكية، ومن ممراتها المائية (البوسفور والدردنيل) عبرت السفن الحربية الروسية، وعلى حدودها وتحت جدارها العازل تم قنص المئات من النازحين، وأخيراً تجتمع مع الروس والإيرانيين في آستانة وتتعهد لهم بمنع الثوار من إطلاق النار على النظام، وتدخل بقواتها إلى الداخل لتحقيق ذلك! فهل لا تزال مَنْ هذه أفعالها صديقةً للثورة في عيون "أبناء مُفلح"؟! أم أنها الخيانة الصريحة؟!

• لقد آن لكل عاملٍ في هذه الثورة، مدني أو عسكري، له ذرةٌ من تأثير، أن يرى الواقع كما هو، بعيداً عن الأوهام والآمال، ويدرك أن وظيفة أردوغان لم تكن إلا احتواء ثورتنا العظيمة، عبر فتح بلاده بدايةً للنازحين، ومستشفياته للجرحى والمصابين، وإدخاله إلينا الخيام والأكفان وأكياس الطحين، وذلك كله لذر الرماد في العيون، وإيهامنا بأنه صديقنا وصديق ثورتنا، وإغفالنا عن حقيقة دوره الخبيث الذي يخدم به سيدته أمريكا، في الإجهاز على الثورة، عبر الانتشار العسكري لقواته في الداخل المحرر، ثم تحجيم الفصائل تدريجياً، وسحب السلاح جميعه من يد الثائرين بدءاً بالثقيل، وضرب من يبقى من المخلصين، وإعادتنا عرايا إلى النظام المجرم، ليكمل مهمته الأمريكية بتأديب الثائرين، عبر قتل الرجال واغتصاب النساء..

• وكذلك فقد آن لثوارنا أن يعوا حقيقة اللعبة، ويعلنوا رفضهم الصريح لكلا الخيارين الخاطئين، الذين تحاول وسائل المكر العالمي حصر خياراتهم فيهما، وهما إما أن يدخل الروس والإيرانيون، وإما أن يدخل الأتراك! وبالتالي فيجب علينا ـ كما يقول "أبناء مُفلِح" ـ اختيار أقل الضررين وأهون الشرين، وهو دخول الأتراك! نعم، يجب على الثوار والمجاهدين رفض هذين الخيارين جملةً، واختيار الطريق الثالث، وهو التوحد في كتلة عسكريةٍ واحدة، خلف قيادة سياسية صادقة حكيمة، قادرة على قيادتهم نحو إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام.

• فهل ينتهي "أبناء مُفلِح" من الشرعيين عن شرعنتهم لجرائم المجرمين؟! أم أنهم في غيهم سادرون؟!

 

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
عبدالحميد عبدالحميد
رئيس لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير - ولاية سوريا

alraiah181017

أصدر حزب التحرير/ ولاية سوريا كتابا مفتوحا بعنوان "كتاب مفتوح من حزب التحرير/ ولاية سوريا إلى قادة فصائل الثورة السورية"، وكان أهم ما جاء فيه النقاط التالية:

أولا: أطلق حزب التحرير/ ولاية سوريا صيحة مدوية يريد من خلالها لفت أنظار قادة الفصائل إلى ما آلت إليه ثورة الشام بعد سبع سنين من التضحيات الجسام، مخاطبهم بحديث النذير العريان الذي قال فيه ﷺ مخاطبا الصحابة الكرام أنه ينذرهم عذاب الله وحاله حال النذير العريان الذي ينذر قومه خطرا محدقا بأهله وهو لهم ناصح أمين وحريص حزين يخاف عليهم صولة أعدائهم.

ثانيا: إن ما وصلت إليه ثورة الشام من مهدها في درعا وغوطتها في دمشق إلى عروسها في حمص وقلبها النابض في حلب وإلى ما جرى في شرقها والحالة التي وصلت إليها إدلب اليوم لحالة تدمي القلوب "ففي درعا أعيدت أقدام الثائرين إلى الأغلال وأرغمت معركة الموت ولا المذلة على التوقف" و"في الغوطة استعاد النظام المبادرة وأخذ يضغط ويقصف في ظل التناحر الدائم بين فصيليها جيش الإسلام و فيلق الرحمن" و"في ريف حمص الشمالي يمنع المخلصون من فتح الجبهات المؤثرة ويعزف المرجفون على وتر المناطقية في ظل استياء الوضع وتدهوره ثوريا وشعبيا" و"في الشرق يقضم النظام من جهته المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة تباعا بعد أن عبر التنظيم عن فهمه المشوه للخلافة وللإسلام ويستعد للرحيل من دون أن يأسف عليه من أبناء منطقته أحد"، "وأما مناطق درع الفرات فقد دجن الأتراك فيها الثائرين وقتلوا الثورة ويستعدون لقتلها كذلك في منطقة ريف حلب الغربي وإدلب التي أصبحت ملاذاً للثائرين وحصن الثورة الأخير الذي يريد الغرب الكافر أن يصبغها بصبغة (الإرهاب) ولا تعلم للقائمين عليها توجها ولا تتبين لهم مرادا". وقد تطرق الكتاب إلى الحالة التي وصلت لها مدينة إدلب وتحدث عن المتناقضات الموجودة فيها وعدم تصور واضح لقيادة المرحلة، وقد جاء فيه "فقد رأينا ما وقعت فيه هيئة تحرير الشام من شراك فخ لم تعد قادرة على الخروج منه بعد أن استدرجت لقتال حركة أحرار الشام وهيمنت على أغلب الشمال الغربي المحرر وراحت تناور بين خيارين خاطئين تظن أن لا ثالث لهما فإما أن تنهج نهج تنظيم الدولة في الفهم والتطبيق المجتزأين الخاطئين لأحكام الإسلام فتنفر الناس من مشروع الإسلام العظيم وتعُدُهم لأي مشروع علماني قادم وأي قوة محتلة بالورود بعد أن تذر الأرض من ورائها تلالا من الركام والخراب وإما أن تخضع للإملاءات كما خضع غيرها وتخلع عنها كل ستر وتبيح الأرض والعرض للعلمانيين والمرتزقة من أذناب الغرب أولا وللنظام تاليا بدعوى حفظ إدلب من المصير الذي آلت إليه كل من الرقة و الموصل".

وقد تناول الكتاب فكرة الإدارة المدنية بما يلي "وما طرح الإدارة المدنية في الآونة الأخيرة إلا محاولة منها لإيهام الغرب أننا أصبحنا حملانا وديعة ولم نعد إرهابيين وما هي في الحقيقة إلا خطوة جديدة على سبيل إعادة الثائرين إلى سجن النظام بعد إشغالهم بهذه الفكرة على هدفهم الأساسي الذي تبلور واتضح خلال العامين الأولين من الثورة ألا وهو إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام"، وأما عن الدعوة التي أطلقتها الدول الداعمة على لسان ما يسمى «المجلس الاسلامي» فقد جاء "نقول ما هذه الدعوة إلا محاولة التفافية جديدة - من قبل المهزومين من الداخل والمضبوعين بالغرب والذين يخشون أن تصيبهم دائرة - على المشروع الإسلامي للثورة لمنعها من القيام وعلى النفس الإسلامي الذي لا زال قائما في الثورة لإنهائها وإيقاظا لفكرة الاصطفاف والاقتتال الداخلي بين الفصائل من جديد".

وقد وجه الكتاب رسالة عتاب إلى الثائرين وقادة الفصائل وقد جاء فيه "فهل لهذا خرجتم يا قادة الفصائل؟! أبعد ألف ألف شهيد ومئات آلاف الجرحى والمعاقين والمعتقلين وأكثر من عشرة ملايين مهجر وعشرات آلاف المباني المهدمة ومثلها من المدارس والمشافي والأسواق المدمرة... أبعد كل هذه التضحيات تعودون إلى النظام المجرم أذلاء خانعين؟ ليلهب ظهور الأحرار بسياطه من جديد ويسوق حرائرنا إلى معتقلاته من جديد؟! فتنقضون غزلكم بأيديكم من بعد قوة أنكاثاً".

ثالثا: وأما عن الأسباب التي أوصلت الثورة إلى ما هي عليه الآن:

1- المال السياسي القذر الذي استخدمه الغرب كي ينفذ من خلاله إلى ضعاف النفوس من قادة الثورة وتحويلهم من ثائرين على الظالمين وأصحاب قضية مصيرية إلى أدوات تنفذ مشاريع الغرب في الداخل.

2- الشرعيون الذين استخدموا قواعد شرعية في غير موضعها ليبرروا لقادتهم سوء أعمالهم فشرعنوا للاقتتال الداخلي ونسوا حرمة الدم، وأجازوا أن يكون للكافرين على المؤمنين سبيل بفتاوى لا ترضي الله ولكن ترضي قادتهم وكبراءهم، واستدلوا بقواعد استدلالا في غير مكانه كقاعدة "الغاية تبرر الوسيلة"، وتوهموا أن مصالح المسلمين تتقاطع مع مصالح الدول الكافرة وأجازوا التحالف مع الشيطان لمواجهة شيطان مثله.

رابعاً: وقد قدم الكتاب حلا لما يجري في ساحة الشام من وجهة نظر شرعية، وقد تلخص هذا الحل في الأمور الآتية:

1- تحديد ثوابت الثورة بشكل واضح كي لا ينحرف المسير.

أ- إسقاط النظام بكافة أشكاله ورموزه.

ب- التحرر من نفوذ الاستعمار بشكل كامل كي يكونوا أصحاب القرار السياسي داخليا وخارجيا.

ج- إقامة دولة الخلافة التي بشر بها نبينا الكريم ﷺ.

2- فك الارتباط بجميع الدول ونبذ المال السياسي القذر.

3- نبذ الفرقة والاقتتال الداخلي والاجتماع على مشروع سياسي مستنبط من الكتاب والسنة الذي يقدمه حزب التحرير لثورة الشام.

خامساً: وأما عن أسباب توجيه هذا الكتاب لقادة الفصائل فنقول: إن قادة الفصائل هم من أوصل الثورة إلى ما وصلت إليه وهم الذين تصدروا المشهد السياسي عن طريق حضور المؤتمرات كأستانة وغيرها... وتصدروا المشهد العسكري للثورة فأصبح بيدهم قرار فتح الجبهات وإغلاقها فأصبحوا بذلك المسؤول الأول عما آلت إليه الأمور.

سادساً: وقد تباينت ردود الأفعال حول ما تضمنه هذا الكتاب فعلى المستوى العسكري هناك من اعتقل شباب الحزب على أثر تسليمهم هذا الكتاب كفيلق الرحمن في الغوطة، ومنهم من أثنى على هذا الطرح واعتبره المخرج الوحيد لما آلت إليه الأمور، ومنهم من تجاهل هذا الكتاب وكأن الأمر لا يعنيه!

وأما عن المستوى الشعبي فقد سارع الكثير من الوجهاء إلى تصوير فيديوهات يتبىنون فيها هذا الطرح ويطالبون من خلالها قادة الفصائل بتبني هذا الكتاب.


 كتبه لجريدة الراية: أسامة الشيخ، بتاريخ الأربعاء 18 تشرين الأول/أكتوبر 2017م
المصدر: http://bit.ly/2xOscjl

alrauah111017

يتطور المشهد السوري يوما بعد يوم ويختلف حال الكثيرين عما كانوا عليه فيما مضى من سالف الأيام، وتسقط أقنعة كانت تلبس على الناس أمور دينهم، ويكشف عن مخططات كانت تُخط لأجل ضرب ثورة الشام في مقتل، ويتداعى على أهل الشام أسود الناس وأحمرهم لأجل قتل مولودهم الذي رعوه بالدم والعرض...

فمنذ أن صدحت الحناجر في عام 2011 والمشهد الشامي يختلف كل يوم عن سابقه؛ تظهر جماعات وفئات وتشكيلات وممثلون سياسيون، ويبرز متسلقون ويتقدمون لأهل الشام بخطاباتهم الرنانة مدعين حرصا عليهم وخوفا على ثورتهم وسعيا لضمان تضحياتهم، ولكن رعاية الله وحكمته اقتضت أن تستمر الثورة لسنوات حتى يظهر زيف المدعين وتسقط أقنعتهم، فتراهم اليوم يهرولون لصالونات السياسة في دول الغرب الكافر ضاربين عرض الحائط بكل ما كانوا يدعون لتكشف الوجوه عن حقيقتها بأن ليس ما قامت به إلا لأجل لعاعة من الدنيا والسبيل لذلك دماء المسلمين وأعراضهم.

حالة من التوهان عاشها المشهد الشامي وألبس عليه أمر دينه بعد الجهد الذي بذله الغرب الكافر لأجل أن يحصل هذا التوهان، فثورة الشام بقيت عصية على الاختراق وسائرة تتبلور فكرة ثورتها عما ترغب به وتضحي لأجله، وكادت أن تُسقط النظام بكافة أركانه ورموزه وأن تنهي نفوذ المستعمرين في بلاد المسلمين وأن تقيم حكم الله، وكان الأمر سائراً على هذا المنحى حتى ظهر "عمرو بن لُحَي" في الشام هذه المرة بسنةٍ سيبوء بإثمها حتى يوم القيامة وسيعذب عذاباً لا يعذَّبُه أحدٌ من بعده، عمل بها فشرع وأباح لتشكيلات عسكرية تشكلت لتذب عن أهل الشام وتدفع عنهم الصائل، أباح لهم تحت مسميات إما "الغاية تبرر الوسيلة" فكان ميزانه النفع مهما كانت التضحية، وإما "تقاطع المصالح" متغافلا أن المعطي ليس جمعية خيرية، أو تحت "صلح مع الشيطان" متغافلا أن الشيطان يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا، حتى وصل لدرجة تحريف عقيدتهم، فقال لهم مصلحتكم أن تأخذوا من عدوكم لتدفعوا مفسدة صائل عليكم، متناسيا أن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله، ألبس على الناس وخطب خطاب الحريص إما بجهل مركب موجود عنده وإما عن مكر عنده ليخدم من تجمهر للقضاء على أهل الشام وثورتهم.

فبعد تبلور ثوابت الثورة لأهل الشام سنت سنة جواز أخذ الدعم من باب أعذار واهية ضعيفة، فبدأ من حالها انحراف بوصلة الثورة عن قبلتها الصحيحة، فبدأ الخمول يدخل ميدان أعمالها العسكرية حيث إن جل الأعمال العسكرية من حينها كانت تحت مشورة وتوجيه غرف العمليات إلا ما رحم ربي منها، وكانت نتائج هذه الأعمال شهداء تسقط ونقمة شعبية للحاضنة تزداد، وهذا كان الهدف؛ لأجل أن ينفر الناس ممن احتضنوهم وبالتالي حدث أول ثلم في جسد الثورة...

فليس ما حصل من التفافات على أعمال مخلصة واقتتال بين التشكيلات وصراعات إدارة المناطق وانتكاسات الجبهات وفتح أعمال غير مجدية وذات فعالية ناجعة وسقوط كثير من المناطق بيد قوات أسد وزبانيته، ليس إلا نتيجة للمال السياسي المسموم الذي غزا الثورة كما الطاعون فأصابها بالوهن والجمود.

تلا هذه الحالة من التدهور العسكري تدهور أمني؛ فأصبح الكثير ممن يخالفون توجهات غرف العمليات مهدَّدين؛ إما بالخطف والتغييب بأماكن اعتقال مجهولة، وإما تصفيات جسدية واغتيالات، وكل ذلك ليس إلا لإظهار ضرورة النظام ووجوده وحرف أنظار الناس إليه، ولم يختلف الواقع الإنساني عن سابقيه؛ فحالات القصف المركز واستخدام الأسلحة الفتاكة كانت سابقة لأي اتفاق وقف إطلاق النار بغية دفع الناس لتزداد مطالبهم باستمرار الهدنة لوقت غير معلوم حتى يعتاد الناس على واقع الهدنة عند مقارنته مع القصف الذي كانوا يعيشونه وبالتالي يكونون هم الممانعين لأي عمل قد يحصل!

كل ذلك كان يترافق مع ظهور مرتزقة مأجورين أخذوا على عاتقهم بيع التضحيات على طاولات المفاوضات كما بيعت كل قضايا المسلمين عليها، فسقط القناع عنهم وعن مرادهم وأنهم لم يخرجوا من ربقة النظام لينصروا شعبا مظلوما طالب بحقوقه وباستعادة سلطانه وإنما ليكونوا مأجورين ويتحملوا كبر هذا البيع، وظهروا على الناس بحجج أن ما دفعهم لذلك إلا رفع المعاناة عن أهل الشام وضمان عدم حصول المزيد عليهم.

مشهد على الساحة الشامية لم يعد يخفى على أحد؛ من تشكيلات غزاها المال المسموم فكبلها وضبط توجهها، إلى أوضاع أمنية مزرية وإنسانية لعب عليها العالم كله لأجل منفعته، إلى مرتزقة سياسيين كشفتهم ثورة الشام وفضحتهم وأظهرت السبب الحقيقي لخروجهم من حضن النظام بأنه ليس إلا لركوب موجة الثورة عسى أن يرضوا أسيادهم ويوجهوها كيفما يشاؤون.

بعد ما تم ذكره من حال الساحة الشامية وما حصل عليها من انحراف للبوصلة بعد السنة الثانية للثورة كان نتيجته أناساً لا يتقون الله، أفتوا وسمحوا وصرحوا بجواز قبول أسّ المشكلة ألا وهو المال المسموم سواء بعلل "الغاية تبرر الوسيلة" فأباحوا للمسلم الحرامَ ما دامت غايته لله! أو "تضافر وتعاضد مع الشيطان" متغافلين أن الشيطان يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا، وقالوا بـ"تقاطع المصالح" وعموا عيونهم أن الغرب الكافر ليس جمعيات خيرية غايتها رفع الظلم عن الشعوب حتى وصل بهم الغي أن أوجدوا دينا جديدا غير دين الله، فقالوا بأن من مصلحة الثوار أن يأخذوا من الداعمين ليردوا مفسدة الأسد وجيشه! بالتالي جعلوا الكثير على أرض الشام وسيلة لذلك ليبعدوهم عن أهدافهم وغاية ثورتهم... وبالتالي جروهم لساحة الصد والإعراض عن ذكر الله بأن لا يرضوا في سبيل خلاصهم إلا الحلال الطيب، فأصبحت حالتهم رغم توافر كل الإمكانيات عيشة ضنكى وحالة تدمي القلوب وتذرف لها العيون دما.

فلا نصر مع كل هذه المعاصي والمخالفات ولا فتح بمال حرام ولا عزة عند أعداء الله والصادين عن سبيله فالله سبحانه حصر النصر عنده ولن يكون إلا ضمن دائرة طاعته لأن الله طيب ولن يقبل إلا الطيب والخالص لوجهه الكريم فما دون ذلك إلا احتطاب بليل فلا نصر بيد الصادين عن سبيل الله ولا عزة وتمكين.

فيا أهل الشام! خذوا على أيدي أبنائكم ليعيدوها سيرتها الأولى، وارسموا لهم بوصلتهم التي تاهوا عنها بأن يرجع هدفهم إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه، وأن يتخلصوا من نفوذ الغرب الكافر في بلاد المسلمين، وأن يكون جل غايتهم وعملهم سعياً لإقامة حكم الله والذي لن يكون إلا بطوق نجاة تلزمونهم إياه؛ مشروع سياسي مستنبط من كتاب الله وسنة نبيه الذي يقدمه لهم إخوانهم في حزب التحرير، يكون لهم درعا بوجه المشاريع العلمانية التي تحاول أمريكا إلباسهم إياها ليكون ثوب ذل لهم في الدنيا وسؤالاً وعذاباً عليهم يوم القيامة، فهذا همهم منذ أن أعلن أهل الشام ثورتهم.

يا أهل الشام! قولوها لأبنائكم أنكم ما ألقيتم لهم بفلذات أكبادكم وما ضحيتم بالغالي والنفيس إلا لأنكم قادرون وعلى استعداد أن تكملوا معهم مشوار التضحيات حتى يتحقق النصر والتمكين. وقولوها لهم أنهم إن بقوا على حالهم فإنكم مستعدون للتغيير عليهم كما غيرتم على من قبلهم، فالسلطان سلطانكم وستستعيدونه بإذن الله ولو بعد حين.


 كتبه لجريدة الراية: عبدو الدلي، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 11 تشرين الأول/أكتوبر 2017م
المصدر: http://bit.ly/2hznbA8

art161017

أسدل الستار على مشهد دخول النظام التركي إلى محافظة إدلب؛ وانتهى الجدل حوله مع دخول أول وفد استطلاعي يزور مناطق التموضع منذ أكثر من أسبوع تحت حماية هيئة تحرير الشام؛ التي طالما أعلنت رفضها التام واستعدادها لمحاربة الجيش التركي في حال وطأت قدماه الأراضي المحررة التي تسيطر عليها، فكان لا بد من تجميع أجزاء الصورة المفقودة علها ترسم لنا ملامح المستقبل ولو بشكل مرحلي؛ ولا بد من الاستناد إلى الحقائق لنأمن بذلك العيش في الأوهام.

لا شك أن النظام التركي هو كباقي الأنظمة في العالم الإسلامي؛ نظام قام على أنقاض الدولة الإسلامية التي أسقطها الغرب الكافر؛ وقسمها إلى دويلات هزيلة جعلها مزارع له، ونصب على كل مزرعة ناطورا يحارب كل من يعمل لعودة الخلافة من جديد؛ ويحافظ على تقسيم البلاد الإسلامية باسم الوطن والوطنية؛ ويطبق أنظمة الكفر باسم التحرر والحرية.

ومن هذا المنطلق نستطيع أن نرى بوضوح حقيقة النظام التركي ونستطيع أن نفسر سلوكياته نحو ثورة الشام؛ والتي تصب في بحر المصالح الغربية؛ مع محاولة تحقيق بعض مصالحه والتي لا تتعارض مع مصالح أسياده، فكان استقبال النازحين من براميل الموت والضباط المنشقين ودعم الثورة بالعدس والطحين إحدى أساليبه لذر الرماد في العيون؛ لتسهل عليه مهمة الإجهاز على ثورة الشام بادعائه الوقوف إلى جانبها، ومن ثم أطلق تصريحاته الشهيرة الرنانة التي لامست مشاعر أهل الشام ومعاناتهم بأنه لن يسمح بحماة ثانية؛ لنجد فيما بعد تحول أرض الشام كلها إلى حماة، بالإضافة إلى تصريحه الشهير أنتم المهاجرون ونحن الأنصار لنجده يقنص ويقتل (المهاجرين) على حدود (الأنصار) ليصل العدد إلى أكثر من خمس مائة قتيل بين طفل وامرأة وشاب وكبير، وبنى جدار فصل عنصري ليحول المناطق المحررة إلى سجن كبير ضاربا عرض الحائط كل معاني الإسلام بل وكل معاني الإنسانية، كما جعل من قاعدة أنجرلك منطلقا لطائرات الموت التي لم تفرق بين صغير وكبير وبين رجل وامرأة، ليس هذا فحسب بل شاركت طائراته في قتل أهل الشام باسم محاربة الإرهاب، وسمح للطائرات الروسية باستخدام مجاله الجوي لتصل إلى أقصى المناطق الحدودية، بالإضافة إلى دوره في تسليم حلب وما تخلل ذلك من قتل الآلاف وتهديم البيوت فوق رؤوسهم؛ وهذا ما صرح به النظام الروسي، كما أنه مارس ضغوطه على الفصائل للذهاب إلى آستانة وعقد ما سمي اتفاق خفض التصعيد تحت رعاية النظام الروسي وبمباركة أمريكية، وها هو الآن يكمل دوره في تصفية الثورة اليتيمة استعدادا لتسليمها على طبق من ذهب لطاغية الشام. هذا بعض ما ظهر من سلوكياته وما خفي أعظم، فهل بعد كل هذا نستطيع أن نضع مصير ثورة ضحت بكل شيء بين يديه؟؟!!! وهل لازال خافيا على أحد أين يتجه مصير الثورة؟ وأخيرا أقول أن النظام التركي لم يتدخل وهو يرى مئات الآلاف من الشهداء تساقطت على مدى سبع سنوات ولم يحرك ساكنا بل اكتفى بإطلاق التصريحات الرنانة المخادعة وهو الآن يدعي أنه يدخل إلى المناطق المحررة من أجل حماية المدنيين وستكشف ثورة الشام كذبه ولو بعد حين.


أحمد عبد الوهاب
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير / ولاية سوريا

 

alraiah0410171

انطلقت معركة حماة الأخيرة تحت اسم أطلقه الناشطون "يا عباد الله اثبتوا"، وقد بدأت المعركة دون الإعلان عن انطلاقها خلافاً لما اعتادت عليه الفصائل من إعلان انطلاق المعارك، وكذلك كانت حسابات الفصائل الرسمية صامتة لا تتبنى أي إنجاز عسكري هنا أو هناك، إلا أن توقيت هذه المعركة يأتي بعد انعقاد مؤتمر أستانة 6 بتاريخ 15/9/2017م، حيث تم التوصل إلى منطقة "خفض توتر" في إدلب، لينتهي بذلك مسار تلك المناطق بشكل تام، في حين ظلّ ملف المعتقلين والأسرى موضع خلاف بين الأطراف المجتمعة في العاصمة الكازاخستانية، على أن يُطرح للبحث في الجولة المقبلة.

وما هي إلا أيام على انطلاق المعركة حتى بدأت تتكشف أسماء الفصائل المُشاركة في هذا العمل العسكري، وتتكشف النتائج المُحزنة لهذه المعركة، وبعد أن كانت قلوب الناس تهفو إلى انتصار عسكري على النظام المجرم، وانتصار سياسي على المجتمعين في أستانة، بعد هذا بدأت التساؤلات تُراود أهل الشام، فهل هذا العمل مُخططٌ له فقط لإلهاء الناس بمعارك خُلّبيّة؟ أم أن العمل فشل طبيعياً كأيّ عمل عسكري مُعرّض للنجاح أو الفشل؟ وهل هذه المعركة كانت لإقناع الناس بأنه لا طاقة لنا اليوم بأسد وجنوده؟ أم أنّها جولة في خضمّ معركة تستمرُّ حتى إسقاط النظام؟

وما هي إلا أيام على سكوت البنادق على جبهة حماة حتى بدأ الطيران الروسي يصب حممه على المناطق المحررة، حتى تلك التي لم يكن قادراً على استهدافها لقُربها من الحدود التركية، فبعد اجتماع بوتين بأردوغان في قصره يوم الخميس 28/9/2017م بدأت الطائرات الروسية تُنفذ غاراتها الحاقدة على أهل الشام مستخدمة الأجواء التركية كما حصل في بلدة حارم، وأوقعت العديد من المجازر التي راح ضحيتها المئات من المدنيين، إضافة إلى استهداف الطيران الروسي لمقرّات عسكرية لفصائل شاركت في أستانة، كما حصل عندما قصفت مقرّاً لفيلق الشام في تل مرديخ، وتبقى التساؤلات من غير أجوبة واضحة لا عند المُشاركين في أستانة ولا عند الرافضين المشاركة، تُرى لماذا يستهدف الطيران الروسي المدنيين؟ أليس من المنطق أن يعمل الروس على إقناع الناس أنهم حمامة سلام وليسوا جزّارين كما اقتنع بذلك من شاركهم المؤتمرات في أستانة؟ ثمّ لماذا تَقصف مقرّات الفصائل التي شاركت في أستانة، وقد شاع أنها تسلّمت خريطة بمقرّاتهم تجنباً لقصفها؟ أم أن الفصائل لم تُنفذ ما تمّ الاتفاق عليه سرّاً في أستانة فتمّت مُعاقبتها؟ ثم ماذا عن تركيا؟ كيف تسمح للروس باستخدام مجالها الجوي لقصف الناس؟ أم أن النظام التركي أصلاً هو مُتآمرٌ على الثورة لكنّه يدّعي صداقتها زوراً؟

كثيرة هي الأسئلة التي برزت في الآونة الأخيرة، فبعد اشتداد القصف ووقوع العديد من المجازر، انقطعت فجأة الطلعات الجوية باتجاه الشمال، بعد اشتعال معارك البادية مع تنظيم الدولة الذي استطاع أن يُحرز كثيراً من التقدم على حساب نظام أسد، فهل توقّف القصف ليقوم الروس بمهمتهم في الطرف الشرقي فيصبّوا حممهم على دير الزور؟ أم أن هناك اتفاقاً استطاعت المعارضة التوصل إليه مع الروس لوقف القصف على إدلب وريفها؟ وهل المعارضة التي استهدفها الطيران الروسي بعد حضورها الأستانة قادرة على إقناع الروس بتوقفهم عن القصف؟ أم أن روسيا هي من عاقبت الحاضنة الشعبية على احتضانها من تصفهم بـ(الإرهابيين) كما كان يفعل نظام أسد منذ انطلاق الثورة؟

أودُّ هنا أن أذكر عديداً من الحقائق علّها تُجلّي الصورة عن هذه التساؤلات وتضع القارئ في صورة ما يجري، فإن فهم الأحداث التي تجري في العالم لا بدّ أن يكون من وِجهة نظر الإسلام، والقرآن الكريم قد قرّر لنا حقائق عن أعدائنا لا بدّ أن تكون مُعيناً لنا لتجلية الصورة وانقشاع الغبش، فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾، وقال أيضاً: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾، فهذه حقيقة أعدائنا، فهم لن يقبلوا بالتنازلات الشكلية التي يُحاول البعض أن يسترضيهم بها، وما تحمله صدورهم من حقد وغلٍّ على المسلمين لهو أكبر مما نراه يصدر من أقوالهم وأفعالهم، وعلى هذا فيجب الحذر من الانجرار في دهاليز مكرهم، والحذر من الوقوع في فخاخهم ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ﴾.

والحقيقة الأخرى عن أعدائنا هي أنهم لا عهد لهم ولا ذمة، وقد كان هذا جليّاً عند أهل الشام عندما قامت بعض الفصائل بتوقيع هدن مع النظام المجرم، فقد شاهدوا غدر النظام، وهم قبل ذلك يعرفونه فهو النظام الذي سامهم سوء العذاب، فاعتقل أبناءهم وكمّم أفواههم وقتّل شبابهم وأفسد عليهم عيشهم، كيف لا وقد خرجوا بصدورهم العارية يبغون إسقاطه بكل أركانه ورموزه، وما الروس اليوم إلا نسخة مُكبّرة عن النظام، وواجهة مُصغّرة عن المجتمع الدولي الذي تتزعمه رأس الكفر أمريكا.

وأخيراً فإن القاصي والداني والصغير قبل الكبير بات يعلم أن إسقاط النظام لا يكون إلا في دمشق، مع ضربات تُلهيه أو تُوجعه في الساحل، وأن كلّ معركة لا تهدف لذلك فهي معركة تُضيع الجهد، وتهدر التضحيات، وأن الهدن مع النظام تُعطيه الوقت لمزيد من المكر والتخطيط للانقضاض على أهل الشام وإنهاء ثورتهم، وأن المُستهدف من كل هذا المكر هم أهل الشام، عامّتهم، فهم الخاسر الوحيد إذا ما قُضي على ثورتهم، وكذلك هم الفائز الوحيد إذا ما انتصرت ثورتهم، وهذا يتطلب منهم أن يستعيدوا سلطانهم فيأخذوا على يد القادة الذين انحرفوا عن الهدف وضلّوا الطريق، فيُعيدوهم إلى جادة الصواب وطريق الحق فيفوز الجميع برضا ربّ العالمين ﴿وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.


 كتبه لجريدة الراية: منير ناصر، بتاريخ الأربعاء 4 تشرين الأول/أكتوبر 2017م
المصدر: http://bit.ly/2yUPtNn