- التفاصيل
الحديث:
عن أبي موسى الأنصاري قال: انطلقَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ معَهُ العبَّاسُ عمُّهُ إلى السَّبعينَ منَ الأنصارِ عندَ العقبةِ، فقالَ لَهُ أبو أمامةَ يعني أسعدُ بنُ زُرارةَ: سل يا محمَّدُ لربِّكَ ولنفسِكَ ما شئتَ، ثمَّ أخبِرنا ما لَنا منَ الثَّوابِ؟ قالَ: (أسألُكُم لربِّي أن تعبدوهُ ولا تشرِكوا بِهِ شيئًا، وأسألكم لنَفسي ولأصحابي أن تُؤوونا وتنصُرونا وتمنَعونا مِمَّا تمنعونَ منهُ أنفسَكُم)، قالوا: فما لَنا؟ قالَ: (الجنَّةُ). قالوا: ذلِكَ لَكَ. رواه أحمد والطبراني بسند صحيح.
الشرح:
هذا الحديث الشريف يتناول حدثاً جللاً في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والذي غيّر مجرى الدعوة بحيث انتقلت من طور الاستضعاف إلى طور القوة والتمكين، هذا الحدث هو بيعة العقبة الثانية حيث بايع نفر من مسلمي المدينة المنورة النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة وعلى أن يؤوه هو وأصحابه وينصروه ويمنعوه.
وندب الأنصار سيدنا أبا أمامة أسعد بن زرارة رضي الله عنه كمتحدث باسمهم فقال: (سل يا محمَّدُ لربِّكَ ولنفسِكَ ما شئتَ، ثمَّ أخبِرنا ما لَنا منَ الثَّوابِ؟) وهنا يجب أن نقف وقفة تأمل حيث لم تكن البيعة مشروطة بأي شرط من قبل الأنصار كما كان حال بني عامر بن صعصعة، والذين اشترطوا أن تكون الخلافة لهم من بعد النبي صلى الله عليه وسلم، بل سلموا للرسول الأكرم بلا شروط فقال أبو أمامة: (سل يا محمَّدُ لربِّكَ ولنفسِكَ ما شئتَ) وفي رواية: (يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت) رُوي مرسلاً عن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه.
فبدل أن يشترط الأنصار على الرسول صلى الله عليه وسلم أي شيء طلبوا أن يشترط هو عليهم، وكان طمعهم برضوان الله وثوابه فقال أبو أمامة: (ثمَّ أخبِرنا ما لَنا منَ الثَّوابِ؟).
فاشترط الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم أن يوحدوا الله عز وجل وأن ينبذوا الشرك وأن ينصروه ويحتضنوه هو وأصحابه في المدينة المنورة ويدافعوا عنه كما يدافعون عن أهاليهم وذراريهم. ثم (قالوا: فما لَنا؟) أي ما لنا عند الله من ثواب إن فعلنا ذلك (قالَ: الجنَّةُ.) أي لكم الجنة لا غير، وليس لكم شيء من متاع الدنيا أو مناصب الحكم. (قالوا: ذلِكَ لَكَ) وفي رواية (قال: ربح البيع. قال: لا نقيل ولا نستقيل فنزلت: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) .. الآية.
ومن فوائد هذا الحديث أن أنصار الدعوة الإسلامية والقوة التي ستوصل الإسلام إلى الحكم لا يجوز لها أن تشترط أي شرط على القيادة السياسية صاحبة المشروع السياسي الإسلامي وإلا كانت نصرة ينقصها الإخلاص ويشوبها حب الدنيا والمناصب وهو ما يجعل الدعوة عرضة للمساومات والتنازلات وهو بلا شك لن يمكن للإسلام أن يصل إلى الحكم كما يرضي الله وستبقى القيادة السياسية مهددة من قبل أهل القوة في حال لم ترضخ لشروطها وحتى تكون الدولة الإسلامية متماسكة لا بد أن يخضع أهل القوة للحاكم خضوعاً تاماً وفق أحكام الشرع مع وجوب محاسبته إن حاد عن شروط البيعة ولم يطبق الإسلام.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
أحمد الصوراني
للاستماع إلى التسجيل:
- التفاصيل
أحياناً لا بدّ للعامل في حقل التغيير السياسي من أن يرتفع عن تفاصيل الأحداث اليومية قليلاً، وينظر إلى المشهد الكلي للأحداث بإطاره العام، حتى يستطيع فهم كل حدث مستجد، ويتخذ تجاهه الموقف الصحيح، بناءً على نظرته الشاملة للأحداث.
وحتى نقرأ ثورة الشام القراءة الصحيحة، ونتخذ الموقف الصحيح تجاه أحداثها المختلفة، فيجب علينا الارتفاع قليلاً عن تفاصيلها اليومية، والنظر إليها من عَلٍ، في إطار الوظيفة التي أوكل الله إلى المسلمين القيام بها في هذه الحياة الدنيا، وسيحاسبهم عليها يوم القيامة.
فلقد خلق الله ما في هذا الكون من أجرام ونجوم وكواكب ومخلوقات، ووضع لها أنظمتها وقوانينها، وأجبرها على السير عليها، ما عدا الإنسان فقد ميزه الله، وبعث له عبر أنبيائه ورسله بالقوانين التي تصلح له وتصلحه، وأمره بالسير عليها، وربط انصياعه لهذه القوانين بالفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، وربط حيده عنها بالشقاء والخسران في الدارين.
وكان خاتم الأنبياء محمداً ﷺ. فقد ختمت رسالته الرسالات، ونسخت شريعته جميع الشرائع السابقة. والبشر جميعهم اليوم ملزمون باتباع دينه، والانتظام بما جاء به من أنظمة وقوانين، حتى لا يبقوا نشازاً في هذا الكون، ويسيروا بانسجام مع بقية خلق الله، خاضعين جميعاً في سيرهم لأحكام الله.
ورغم أن الله تعالى منع إكراه الناس على اعتناق عقيدة الإسلام، إلا أنه أمر المسلمين أن يَحكُموا غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى بأحكام الإسلام. فالواجب الشرعي على المسلمين في كل زمان هو أن يُخضعوا جميع من عداهم من البشر إلى أحكام الشريعة الربانية، بعد خضوعهم هم لها أصلاً، دون أن يكرهوهم على اعتناق دين الإسلام.
ولأن تحاكم المسلمين إلى الشريعة بدايةً، وحُكم جميع الناس بها في مرحلة تالية، لا يمكن أن يتِمّا إلا بدولة تتبنى العقيدة الإسلامية أساساً لها، وتطبق أحكام الإسلام على من يخضع لسلطانها، وتعمل على حكم العالم بالإسلام عبر الدعوة والجهاد، وهي عين دولة الخلافة، فالواجب الأول على المسلمين في حال غيابها هو العمل الجادّ لإيجاد نواة هذه الدولة في أول بلد تتوفر فيه شروط إقامتها، ثم العمل على توسيع رقعتها لتضم العالم الإسلامي بدايةً، ولتشمل في النهاية جميع أرجاء المعمورة.
ولأن أهل الثورة السورية قد انكشفت على أيديهم وفي بلادهم حقيقة الصراع الدائر بين أبناء الأمة من جهة وبين مستعمريها من دول الغرب وأذنابهم حكام المسلمين من جهة أخرى، بعد أن رفع الثائرون راية الإسلام، وطالبوا بتحكيم شريعته، وقدّموا في هذا السبيل ما قدّموا من تضحيات، فهم الأقرب إذا تابعوا المشوار لأن تقام الخلافة على أيديهم، وهم الأَوْلى بأن يحظوا بشرف إقامة نواتها في بلادهم.
والشروط الثلاثة الواجب تحقيقها في أي بلد حتى يصبح جاهزاً ليكون نواة للدولة الإسلامية، بعد امتلاكه الحدّ الأدنى من المقومات المادية المطلوبة لقيام هذه النواة، هي أولاً: وجود الحزب السياسي المبدئي المؤهل لقيادة الأمة بما يحمله من فكر سياسي صحيح، وما يطرحه من المشروع السياسي الإسلامي الواضح المتكامل للدولة الإسلامية. وثانياً: توافر الحاضنة الشعبية في البلد لهذا المشروع السياسي وحَمَلته، وارتقاء الناس ليس إلى مستوى قبول قيام هذه الدولة على رقعة بلادهم فحسب، بل إلى مستوى الاستعداد للدفاع عنها والتضحية في سبيلها بعد قيامها. وثالثاً: توافر القوى العسكرية التي تتبنى هذا المشروع وتتوحد على أساسه، وتنصر حَمَلَته وتسلمهم قيادتها السياسية، وتسير بانسجام مع قيادتها السياسية وحاضنتها الشعبية لإقامته على الأرض.
وفي سوريا نرى أن الشرطين الأولين، وهما الحزب المبدئي صاحب المشروع، والحاضنة الشعبية لفكرة دولة الخلافة قد وُجدا، ولم يبق إلا الشرط الثالث، المتمثل باتخاذ قادة الفصائل العاملة قرارهم بقطع ارتباطاتهم بالخارج من أعداء الثورة، والتوحّد جميعاً على مشروع الخلافة الذي يقدمه حزب التحرير، والمضي قدماً معه وبقيادته السياسية ومع الحاضنة الشعبية نحو إسقاط النظام وإقامة دولة الإسلام.
أما عن المقومات المادية التي يجب أن تكون متوافرة أصلاً بالحد الأدنى في البلد الذي ستقوم فيه الدولة النواة، فنعتقد أن سوريا بما تمتلكه من موقع جغرافي متميز، ومساحة تفي بالغرض، وما حباها الله به من موارد طبيعية مختلفة ونفطٍ وثروات معدنية، وزراعة توفر لها الأمن الغذائي، وشعب نشيط مبدع خلّاق بخبراته المتنوعة، نعتقد أن سوريا بمقوماتها تلك صالحة بحق لأن تكون نواة لدولة الخلافة القادمة.
وأما عن الفارق القائم بين قوانا العسكرية وقوى أعدائنا فيجب أن نذكر أنه لم يكن نصرنا نحن المسلمين يوماً على أعدائنا بكثرة عدد ولا عتاد، وإنما كان إيماننا على الدوام هو عدتنا وعتادنا. وعندما أعجبتنا كثرتنا لم تغن عنا من الله شيئاً. فإذا أخذنا بقوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ حق الأخذ، وأفرغنا وسعنا في السعي بكافة السبل المشروعة للحصول على السلاح شراءً وتصنيعاً، وتوكلنا على الله واستنصرناه، فإن الله ناصرنا على جميع من عادانا. علماً أن ما بين أيدينا من سلاح حالياً كافٍ لتحقيق النصر إن نحن نصرْنا الله.
لكن الغرب وهو يعي جيداً هذه المعادلة، قد عمل جاهداً على وضع العقبات والعراقيل أمام قيام هذه النواة في الشام، وركّز جهده على إعاقة تحقيق الشرط الثالث، واستطاع إلى الآن منع قادة فصائل الثورة من التوحد حول المشروع السياسي الذي يقدمه حزب التحرير. لقد استطاع الغرب ذلك عبر ربطهم بدوله مباشرة أو بالأنظمة العميلة التابعة له عبر المال السياسي القذر، وأنساهم فكرة إسقاط النظام، بل وجعلهم يضفون الشرعية عليه، عبر إدخالهم في دوامة الهدن ومتاهة المفاوضات، وجرّهم إلى المؤتمر تلو المؤتمر، بدءاً من الرياض ومروراً بالأستانة وانتهاءً بجنيف و سوتشي.
إن هذا أخطر ما فعله الغرب لمنع الثورة من الوصول إلى هدفها، وهو مصادرة قرارات قادة فصائل الثورة ومنعهم من اتخاذ القرار الصحيح بتسليم قيادتهم السياسية إلى حزب التحرير، حيث استطاع الغرب بذلك جرّ الثورة من مأزق إلى مأزق وهو يقودها في طريق القضاء عليها... فأين أهل الثورة من واقعها الحالي؟! وهل هم راضون عن تلاعب قادة فصائلها بها؟! وكيف ينامون مطمئنين وأولئك يسيرون بهم وبثورتهم إلى مصير مظلم؟! ثم هل خرج أهل الثورة فيها وقدموا مئات آلاف الشهداء من فلذات أكبادهم كي يعتلي صهوتها التافهون من أذناب أعدائها ويقودوها إلى حتفها المؤلم في قبضة النظام من جديد؟!
إن الحقيقة المُرّة تقول: إذا تخلى أهل الثورة في الشام عن الهدف الذي خرجوا لتحقيقه، وهو إسقاط النظام وإقامة نواة دولة الإسلام، ولم يقوموا بواجبهم في توجيه قادة الفصائل المخطئين ومحاسبتهم وأطرهم على الحق أطراً، فإنهم يعرّضون أنفسهم إلى خطر عظيم لن ينتهي بقتل الرجال وانتهاك الأعراض في الدنيا، بل سيمتد عقابهم إلى الخزي والندامة والعذاب العظيم في الآخرة، وستجري عليهم سنة الله في الاستبدال، وسيأتي الله بقوم آخرين يتمسكون بحبله المتين، وينصرون الله فينصرهم الله، وما ذلك على الله بعزيز.
ورغم أن أهل الشام اليوم على حافة خطر عظيم، لكنهم في الوقت ذاته أمام فرصة تاريخية عظيمة، وهي أن تقام على أيديهم وفي بلادهم نواة دولة الإسلام التي ستقرر مصير الأرض، وتخلص البشرية المنهكة من ظلم الرأسمالية المتوحشة... والكرة اليوم لا تزال في ملعب أهل الشام، وزمام المبادرة لا يزال في أيديهم... فهل يفعلها أهل الشام؟ أم أنها سنة الاستبدال؟!
كتبه لجريدة الراية: أ. عبدالحميد عبدالحميد، رئيس لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 3 كانون الثاني/يناير 2018م
المصدر: http://bit.ly/2EHe9Mf
- التفاصيل
يحكى أن زعيمي دولتين اجتمعا وخرجا بمؤتمر صحفي قالا فيه: اتفقنا على إبادة مليون شخص وطبيب أسنان، فما كان من الحضور إلا التساؤل باستغراب ولماذا طبيب الأسنان؟!
بهذا الأسلوب استطاع الزعيمان أن يصرفا نظر الحضور عن لبّ الموضوع إلى هامشه، وهو ما يُعرف بالتضليل السياسي، الذي طالما استخدمه الغرب الكافر لننشغل بالقشور عن عظائم الأمور. ولعلّ أبرز مثال الآن هو ثورة الشام؛ إذ بلغ التضليل السياسي بالتزامن مع التآمر العالمي حدّاً غير مسبوق، فصاروا يُراوحون بين من يُريد بقاء طاغية الشام أسد ومن يقبل بفترة انتقالية بوجوده أو يشترط عدم وجوده، ليصوروا لنا أن مشكلتنا ببشار وليست بالنظام، كل ذلك لأنهم استشعروا قرب استيقاظ المارد الإسلامي، فلم يألُ الكفار وأذنابهم جهدا في إلباس ثورة الشام ثوب العلمانية البالي، فهل هي حقاً كذلك؟!!
يطلق مصطلح العلمانية للتعبير عن فصل الدين عن الحياة، وقد أتى هذا الفصل كحل وسط للصراع بين الكنيسة التي تثبت حقها الإلهي أن تحكم باسم الرب، وبين الملاحدة الذين ينكرون وجود الله ويعتبرون الدين أفيون الشعوب، فجاء هذا الحل الرضائي ليثبت الخلق لله والأمر للبشر، فالله خلقنا وكفى، أي ترك لنا أن نعيش كما نريد لا كما يُريد هو!! فأطلقوا العنان للغرائز وانحدروا إلى ما دُون البهيمية فكثر الخبث و الفساد في البر والبحر، وتشهد بذلك إحصائياتهم عن عدد الجرائم والتفاوت الطبقي الشديد والقائمة تطول...
وظهرت النفعية والرابطة المصلحية وبُنيت المجتمعات على أفكار مُدمّرة وهدّامة من مثل (الدين لله و الوطن للجميع) و(الغاية تبرر الوسيلة) و(دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله) فعاشوا في ظلمات بعضها فوق بعض، مكبين على وجوههم يتحقق فيهم قوله تعالى ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾.
هذه هي العلمانية وهذا هو واقعها، ومن رغب بها فليذهب إلى طاغية الشام أسد الذي لطالما افتخر بأنّ سوريا آخر قلاع العلمانية.
أمّا ثورة الشام فقد خطّت مسارها من أول لحظة وأعلنت هويتها بشعاراتٍ مقصودها العيش في ظل أمجاد الإسلام التليدة والموعودة، فصرخت "هي لله" و"قائدنا للأبد سيدنا محمد" مُتخذينه - صلوات ربي وسلامه عليه - أسوة في جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية...
وحتى من انبرى للذود عن حرمات أهل الشام بعد أن أوغل الطاغية بدمائهم، فإنّما خرجوا للجهاد في سبيل الله وشكّلوا جماعات وفصائل سموها بأسماء إسلامية، وهكذا حتى ترسخت ثوابت الثورة فكانت إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه، وقدمت في سبيل ذلك الغالي والنفيس، ومن يطلب الحسناء لم يغله المهر، فكان أن اجتمع على أهل الشام القاصي والداني والقريب والبعيد، كلٌّ يؤدي دوره المرسوم له؛ فالرأس واحد؛ أمريكا، والهدف واحد؛ الحفاظ على نظام أسد العميل لها وقطع الطريق على المشروع الإسلامي، والأدوات واحدة؛ ملمس الأفاعي الناعم تركيا و قطر و السعودية و الأردن، والوجه الخشن روسيا و إيران وحزبها في لبنان.
فالجهود الضخمة من مؤتمرات ومؤامرات تصب الآن في تثبيت النظام بمؤسستيه الأمنية والعسكرية وبحث صياغة دستور وتهجين المعارضة المحسوبة على الثورة مع (المعارضة) التي صنعها النظام مترافقاً ومسبوقاً بتصريحات تحصر العداوة (بالإرهاب) الذي أطلقوه على الإسلام.
فهل بعد كل هذا يأتي من يقول عن ثورة الأمة في الشام إنّها علمانية؟! فهذا أحدُ اثنين؛ إما جاهل مخدوع أو خائن عميل.
فيا أهل الشام، يا من خرجتم من المساجد وأيقنتم أن النصر بيد الله وأنه يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء: لا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، اثبتوا على ثوابتكم وأكملوا طريقكم فإنما النصر صبر ساعة واعلموا ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾، واحذروا ﴿وَلا يسْتَخِفَّنَّك الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ﴾.
كتبه لجريدة الراية: عامر سالم أبو عبيدة، بتاريخ 27 كانون الأول/ديسمبر 2017م
المصدر: http://bit.ly/2lepgDa
- التفاصيل
- سرَت في الآونة الأخيرة عدوى الإعلان عن رفض مؤتمر سوتشي المُقبل وتجريم الذهاب إليه من قبل كثير من الجهات والمجالس والشخصيات والهيئات السياسية، وهذا بحدّ ذاته أمرٌ جيد، يدل على اهتمام متعاظم بالشأن العام، وإدراك خطر قبول دعوة لمؤتمر يوجهها من يقتل بيده أهلنا في الشام ويمنع النظام من السقوط، ثم يريد أن يحصل على غطاء شعبي لما قام به من إجرام، بأخذ التفويض عليه من أبناء الأمة في الشام.
- أما غير الجيد في الموضوع، بل والكارثي، فهو أن أغلب هذه الجهات والمجالس والشخصيات والهيئات السياسية قد قرنت رفضها لمؤتمر سوتشي بتمسّكها بمؤتمرات جنيف وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، معلنة الاتفاق على ما خرج به المؤتمرون في الرياض، وغاضّة الطرف قليلاً عن مؤتمرات آستانة.. فهل رفض سوتشي يستقيم مع قبول الرياض والآستانة وجنيف؟!
- أليس الداعون إلى سوتشي، وهم المجرمون الروس، هم أنفسهم الداعون إلى الآستانة؟! وهم الضامن لما أسموه خفض التصعيد، ثم يطيرون هم والنظام لهدم المنازل فوق رؤوس أصحابها صبيحة كل يوم؟!
- بماذا يختلف المجرمون الروس عن المجرمين الأمريكان الذي دعوا إلى مؤتمرات جنيف، وهم الذين يقفون خلف النظام منذ سبع سنين، وقد استقدموا كل زنادقة الأرض - ومنهم الروس والإيرانيون - ليمنعوا النظام من السقوط؟! أقول: بماذا يختلف الروس عن الأمريكان حتى ترفض دعوة هؤلاء وتقبل دعوة أولئك؟!
- إذا كانت مشكلتكم مع سوتشي أنه سيبقي على شخص المجرم بشار في الرئاسة، فهل أصبحت قضيتكم كلها هي شخص الرئيس، ونسيتم النظام المجرم نفسه بجيشه وأجهزة أمنه، التي أقرّ المؤتمرون في جنيف بالحفاظ عليها؟!
- أيها السادة الذين يتكلمون في السياسة.. لو كانت قضية شعبكم هي فقط تغيير رئيس الدولة لما كانت تستحق كل تلك التضحيات التي قدمها في هذا السبيل، لكن طالما أن هذا الشعب الثائر قد قدم كل هذه التضحيات عبر السنين السبع الماضية، فاعلموا أن قضيته أكبر من تغيير عميل والإتيان بأي عميل آخر، وهي أكبر حتى من تغيير نظام والإتيان بأي نظام آخر..
- إن قضيته إن لم تعلموا، وهي التي ينتقم منه المجرمون لأجلها منذ سبع سنين، لهي قطع أيادي ونفوذ جميع الدول المستعمرة عن بلادنا وأعراضنا وخيراتنا، وإقامة نواة الدولة التي ستحرر بلاد المسلمين بدايةً من رجس الرأسمالية العفنة بقيادة أمريكا، ثم تنتقل لحكم العالم، جميع العالم، بالإسلام.
- هذه هي القضية العظيمة لشعبكم العظيم، فاعلموها واحترموها، ولا تبخسوها حقّها.. وإذا أردتم تمثيلها فمثّلوها بصدق، وإذا أردتم الدفاع عنها فدافعوا عنها باستماتة.. لكن أن تحفظوها من مكر الروس في سوتشي، ثم تلقوا بها وجميع منجزاتها ومكتسباتها وتضحياتها في حضن الأمريكان في الرياض والآستانة و جنيف، فإن هذا لهو البلاء العظيم..
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
أ. عبد الحميد عبد الحميد
رئيس لجنة الإتصالات المركزية لحزب التحرير - ولاية سوريا
- التفاصيل
منذ أن أسقط الغرب الكافر مظلة المسلمين التي كانوا يستظلون بها عام 1924م، وهو يسعى لمنع أن تقوم لهم قائمة من جديد، فقد عمد من حينها إلى وضع كانتونات سياسية هيأ لها كل أسباب الحكم فوضع نظم عيشها لتكون أسباب تأخر نهضة الأمة الفكرية والثقافية والسياسية، ولم يكتف بذلك فقد كان يسعى دائما لركوب أي حالة نهضوية مشاعرية إسلامية كي لا يحصل ما لا يحمد عقباه، وبقي الحال على ما هو عليه ردحا من الزمن؛ المسلمون في حالة من ضياع الهوية، والخريجون من مدارس وجامعات الأنظمة فاقدون لأرضيتهم الصلبة التي يجب أن يقفوا عليها، كل هذه أسباب بشرية محضة وضعوها لأجل منع يقظة المسلمين من كبوتهم.
بل وزاد حال المسلمين سوءاً كونهم يعيشون تحت مظلة هذه الكانتونات من قمع وترهيب وضياع في غياهب السجون وتضييق عيش إلى غير ذلك، ليس إلا لإيهام من خلفهم بأنه هكذا سيكون مصير الحالمين بالتغيير، ومرت على المسلمين عقود وهم على هذه الحال،فراجت بينهم أمثال تدعوإلى الركون للظالمين والعيش تحت سياط الجلادين من مثل (الحيطان لها آذان، امشي الحيط الحيط وقل يا ربي الستر) حتى ظن الكثيرون أن هذه الأمة لن تنهض أبدا، وأنها ألفت عيش الذل واعتادت على فتات موائد المتصدقين!
بذل الغرب الكافر كل إمكانياته وطاقاته لأجل ذلك ولم يدخر وسعه لتحقق أهدافه كي يضمن أن لا تقوم للأمة قائمة؛ ولكنهم وكعادتهم اعتمدوا أسباباً بشرية وتغافلوا تدبيرخالق الكون والإنسان والحياة، وأن كل ما حدث ليس إلا أسباب لانتفاضة الأمة على جلاديها والمطالبة بحقوقها. فكان ما حدث في تونس و ليبيا و اليمن و مصر... إلا أن الغرب تدارك هذه الثورات واستطاع احتواءها بخداع المسلمين بأن غير وجوه الأنظمة القائمة، فهدأت العاصفة وشعر الغرب المستعمر بالراحة ولكن الله أتاهم من حيث لم يحتسبوا،حيث لم يكن بحسبانهم بعد ما حققوه أن تقوم ثورة بمكان آخر لا يستطيعون احتواءها وتحجيمها.
ففي شهر آذار/مارس من عام 2011 اندلعت ثورة الشام وكانت حالها بداية كحال أخواتها قائمة على الفطرة وعلى مشاعر مفتقدة الهوية،فنادت بما يحتاجه الناس من حرية وكرامة إنسانية وحسن عيش.
إلا أن مبادئ الثورة الشامية المباركة تبلورت بعد أن زاد وعيها مع السنين، فلم تعد مطالبها كما كانت بل برزت مطالب أخرى من مثل إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه والتخلص من نفوذ دول الغرب الكافر وإنهاء نفوذها في بلاد المسلمين.
هكذا رسم ثوار الشام مبادئ خلاصهم واعتمدوها شكلا للدولة البديلة عن نظام السفاح عميل أمريكا أسد؛ لكن أهل الكفر مجتمعين حاولوا وبكل الوسائل فرض مشروعهم العلماني من خلال أدواتهم التي صنعوها ككتل سرطانية في جسم الثورة من سياسيين وعسكريين، محاولين عن طريقهم حرف هذه الثورة واحتواءها، فبدأ غيظ صدورهم يظهر بمالهم السياسي المسموم ومؤتمراتهم الموبوءة من جنيف ابتداء حتى أستانة و الرياض
و سوتشي وجنيف مرة أخرى التي وصل عدد اجتماعاتها إلى ثمانية، تقود جميعها لنفس الغرض والغاية وهو ضرب التضحيات بعرض الحائط وإفشال الثورة.
فمؤتمر جنيف 8 المعقود الذي عقد بين ممثلي السفاح ومعارضة أمريكا يأتي في ظل حالة الله يعلمها لثوار الشام؛ حيثالمجازر فاقت التصور والخيال وانتهاكات أعراض تقشعر منها الأبدان، وتهجير لمناطق بأكملها وتغيير ديموغرافي وشتات يعيشه أهل كثير من المناطق، ويأتي في ظل فزع مناطق مما قد يحصل لهم في حال دخلت قوات أسد لمناطقهم، يُعقد في ظل معارضة سياسية لم يبقيسترها حتى ورقة التوت، معارضة لا يصح القول فيها أنها مرتمية في حضن أمريكا بل هي مطية لأمريكا تأتمر بأوامرها.
ولعل الناظر بسطحية لواقع ثورة الشام يرى أنه لا مفر مما رسموه لنا إلا السمع والطاعة لهم حتى يأذن الله بالفرج؛ ولكن النظرة للواقع لا تكون دون نظرة إيمانية فهي الأصل؛ فالله سبحانه وعد المؤمنين بالنصر ولو بعد حين، فعنده مقاليد الأمور وهو يغير الحال بين طرفة عين وانتباهتها؛ ولكن لله شروطا لذلك فلا بد أن نكون مع الله ليغير حالنا، ولا بد أن نؤمن أن النصر هو من الله وحده فهو رب الأسباب وموجبها، ولا بد أن نستيقن بنصره وأن كل أمر من عنده هو ليقضي أمراً كان مفعولا.
فيا أهلنا في الشام اقترب موعد مرور سبع سنوات على ثورتنا المباركة ونسأله سبحانه أن تكون ثورة أمة ونسأله سبحانه أن تكون من السبع الشداد وأن يكون ما بعدها عام الغوث والعصر والخيرات، فما المطلوب إلا الثبات على الأمر والعزيمة على الرشد وأن نرفض أي أمر يخالف أمر الله ولو بذل لأجل ذلك الكثير حتى نكون مع الله فيتنزل علينا نصره سبحانه ونكون من الفائزين بدنياه وآخرته.
ونعوذ بالله أن نركن للذين ظلموا فتكون عكس ذلك فندْبر عن الله فيدبر عنا ونعيش في ضنك دنيا وعذاب آخرة. ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: ١٢٤].
كتبه لجريدة الراية: منذر الدلي، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 20 كانون الأول/ديسمبر 2017م
المصدر: http://bit.ly/2kntcBY